ردا على مقال نجاح بدران "جانبتِ الصواب وتستحقي العقاب" بقلم : أبو سمرة المقدسي
تاريخ النشر : 2008-07-19
ردا على مقال نجاح بدران
"جانبتِ الصواب وتستحقي العقاب"
بقلم : أبو سمرة المقدسي
قرأت مقالكِ المنشور يوم 18 تموز فشعرتُ في نفسي أنك استخدمتِ أسلوبا هجوميا في الكتابة بكلمات بعيدة عن اللياقة والكياسة . لحظة من فضلكِ فمن ينتقد الآخرين وجب عليه أن يستخدم أسلوبا يليق بالكاتب أولا، وبمن يوجه إليه الكلام ثانيا، وبالقراء ثالثا ، وبهذا يتم الحفاظ على مشاعر الجميع. لقد جانبتِ الصوابَ بعنوان فيه أربع كلمات جميلات متبوعات بلفظ " وقح " (... يكذب ) فاستعمالكِ لهذه الكلمة يوجب لكِ التوبيخ قبل كل شيء. ويأبى قلمي جمع كلماتكِ الأربعة مع الكلمة الخامسة الوقحة . بقليل من الأدب، أدب الكلام وأدب اللغة العربية الغنية بالألفاظ الراقية ، كان بإمكانك أن تقولي ( جانب الصواب ) على سبيل المثال فيتحقق ذات الهدف ولكن بأسلوب أدبي راقي ، وباستخدام جانب الصواب تكوني أنتِ نفسكِ قد جانبتي الصواب وظلمتي الرجل القائد الرائد الذي قدّم حياته وسعادته في سبيل العروبة وفي سبيل فلسطين ، ونذر نفسه لخدمة القضايا العربية وما أكثرها ، وكان بإمكانه أن يساير تيار الزعامات العربية بأن يسير في نهجه طريقا مسالما للعدو والصديق ، متناغما مع من سبقه على درب الزعامات مهملا الثغور منشغلاً ببناء القصور، وعلى دينه وعروبته ليس بغيور، وعلى احتلال وطنه صبور، كل همه البحث عن الملذات والفجور، يجول الدنيا مبذرا أموال الشعب المحروم من الأجور والفطور.
على عكس كل ذلك ، سلك سماحة الشيخ حسن نصر الله - أطال الله عمره وحماه من النائبات والمؤامرات والهجمات ، ولا أكشف سِرّاً بأن العدو أهدر دمه منذ توليه رئاسة حزب الله وزاد في طلبه بعد حرب عام 2006، واستخدم أحدث أساليب الاستخبارات وجمع المعلومات بالأقمارالتجسسية والعيون الأرضية وأجهزة الرصد الالكتروني على مدار الساعة . حماك الله يا شيخ المقاومة الإسلامية ورائدها من كل سوء ، وأعمى عيون أعدائك عنك ، فأنت قائدنا ما دمت على درب الجهاد سائرا ، وأنت أول من كتب الله النصر المتواضع على يديه في العصر الحديث، وبسببك نام ثلث سكان إسرائيل في الملاجئ لأكثر من شهر من الزمان. وأنت الذي أثلجت صدور العرب ورفعت من معنواتنا ، والعدو يصرخ ويولول ويغير قياداته وقادته ويتململ مستنجدا بأهل الدراية والخبرات العسكرية القديمة يبحث عن نصر ولو بذر الرماد بالعيون ، فكانت لجان التحقيق ، وكان تبادل الاتهام والاستقالات بين قادته، وطالب شعب العدو ولأول مرة في تاريخ حروب إسرائيل بالإطاحة برئيس الوزراء بعد رئيس الأركان ووزير الدفاع!!

مهلا أيتها الكاتبة لأرد على كلامك ، فالأولوية تقضي أن أعطي سماحة الشيخ حقه من الوصف بما تحقق من الأمجاد،.سأبقى مقصرا لإعطائه ما يستحق، وقد أعطانا سماحته كل وقته وحياته وسعادته منذورة للجهاد وخير العباد. فليسلم لنا قائدا ومعلما ونموذجا يحتذى به .
لا أغالي بما قلت فأنا أستمد طاقتي وكلماتي من حجم وعمق المآسي والهزائم التي ذقنا طعمها ، وعايشتها شخصيا بجسمي وجلدي وعقلي فقد سرت حافي القدمين في عام ثمانٍ وأربعين ورأيت هزيمة النكبة بأم عيوني وسمعت الوعود والرعود تقول كلها أسبوعين ويأتينا المدد من سبع جيوش جرارة يا خسارة. وعايشت حرب 56 حاملا للسلاح وقدمت ما أمكن والمتاح ، وشاركت في تاليتها حرب الأيام الستة التي هزمت أربع جيوش عربية تدعمها دول الجوار والحبل على الجرار ، والنفط العربي يسيّر دباباتهم وطائراتهم لتضربنا وتدفننا في تراب الذل والهوان والخنوع والحرمان، وحاولت الزعامات إزالة آثار العدوان بعمل دبلوماسي سياسي ، كأسلوب بدجيل للجيوش الحربية في الميدان ، ظنا منهم أنه أجدى وأنفع لاستعادة الأوطان ، ومضت السنين والأيام وما زال الاحتلال يربض على الأرض والإنسان .
سأرد على مقالك المبني على طرحك سؤالا على لسان سماحة الشيخ حسن (كل هالحرب قامت علشان سمير القنطار) وفي مناسبات أخرى قال أن الحرب قامت دفاعا عن لبنان ومن أجل لبنان ولحماية لبنان من العدو الغاصب لفلسطين؟ وإليكِ جوابا على السؤال لتقتنعي به !!!
نعم ، قول سماحة الشيخ صحيح في جميع الحالات ولا تناقض بينها ، فالحرب الأخيرة قامت من أجل تحرير الأسير سمير قنطار الذي رفض العدو الإفراج عنه ، لأن بقاء المقاتل والمناضل سمير في سجون العدو والذي استثناه العدو يجعل أهداف تحرير الأسرى غير مكتملة ، ووجب خوض جولة أخرى بخطف أسرى لإجبار العدو على مبادلة أسراه بسمير القنطار ، فكانت عملية خطف الأسرى يوم 12 تموز 2006 في عملية عسكرية دقيقة التخطيط وبطولة التنفيذ وتكللت بالنجاح ، ومني العدو بالخسران المبين عندما عبر الحدود بدبابة متقبا الخاطفين فتدمرت الدبابة وتناثرت جثث طاقمها . إنها عملية ناجحة بكل المقاييس العسكرية وهي من أجل تحرير الأرض والإنسان سواء كان سمير أم غيره ، ومن أجل الدفاع عن لبنان ، ومن أجل تلقين العدو درسا لا ينساه . ولى زمن الهزائم العربية ، وولى زمن التبجح الإسرائيلي بأن جيشهم لا يقهر، وأنه يستطيع شن عمليات عسكرية ضد أي دولة عربية عبر الحدود المجاورة وعبر الفضاء العربي كاملا . كانت الأمة العربية تبحث عن قائد يخلصها ، ويمنحها بداية انتصار عن طريق الجهاد والعمليات العسكرية والصمود والتحدي للغطرسة الإسرائيلية التي أبت على نفسها إلا أن تعلن الحرب على لبنان أو تسليم الأسرى خلال أربع وعشرين ساعة ، وبالطبع واجه حزب الله بقيادة سماحة الشيخ بأن الأسيرين لن يسلما لإسرائيل إلا بتفاوض غير مباشر وبالإفراج عن سمير القنطار. أعلن العدو الحرب ليحقق إسترجاع الأسرى وتدمير قوة حزب الذي مرّ شرف إسرائيل في الأوحال ، فكانت البطولة الدفاعية من جانب قوات حزب الله الذي وقف وحيدا في ميدان المعركة يلسع قوات العدو في البر والجو والبحر . فتدمرت دبابات الميركافا وعجز عن سحبها من ميدان المعركة خشية من الصواريخ المضادة للدبابات ، وأسقطت الصواريخ ضد الجو الطائرات العامودية فامتنع العدو عن استخدامها في المعركة ، وسحب أسطوله من المياه التي كانت تصول وتجول قبالة بيروت بعد إصابة مباشرة لمدمرته بصاروخ أرض بحر، وتم تتويج الانتصارات برشقات متلاحقة من الصواريخ أرض أرض من مختلف العيارات والمديات على أهداف عسكرية ومدنية ردا على قصف الطيران المعادي للأبنية والأحياء السكنية . ولم يحقق العدو أهداف الحرب التي خاض وهي تدمير قوات حزب الله وتخليص الأسيرين .

فكانت أمريكا تمدد الحرب أسبوعا بعد أسبوع حتى جاوزت الخمسة أسابيع ولم يهتز جفن المقاتلين الأشداء وقائدهم الأمين الذي أصاب ولم يخطئ ، والذي ضرب المثل عمليا واضحا جليا لنا أمة العرب ، إنها حرب مسئولة من قائد مسئول ومقاتلين أشداء وهبوا أنفسهم للشهادة فكتبت لهم الحياة في الدنيا وفي الآخرة . رحم الله الشهداء ، الذين سقطوا في ساح الوغى في سبيل الله والأوطان .

وبعد هل أجبتكِ أيتها الكاتبة المبتدئة ، بعقلية غربية ، وتقولين كما قالت ماري أنطوانيت بلا تشبيه بينكما ، ما يوكلوا بسكويت إذا ما عندهم خبز .
أما التحليل النفسي الذي بنيتيه على عدة جمل وأسطر لا يعدو كونه تلصيق شخصية وهمية على هوى الكاتب مهما كان فطحل زمانه ، وأسلوبك يا نجاح بادعائكِ أنكِ رسمتِ صورة لفكر منذر هو في الواقع أقرب إلى التلفيق والتلصيق ، وقد جانبتِ كل الصواب .
أبو سمرة المقدسي
[email protected]