المحادثات النووية في جنيف..منعطف للسلام أم مقدمة للحرب..؟ بقلم : واصف عريقات
تاريخ النشر : 2008-07-19
المحادثات النووية في جنيف..منعطف للسلام أم مقدمة للحرب..؟ بقلم : واصف عريقات


المحادثات النووية في جنيف..منعطف للسلام أم مقدمة للحرب..؟؟؟
بقلم : واصف عريقات
خبير ومحلل عسكري

اشترطت امريكا بأنها لن تتحادث مع طهران قبل أن تقوم الأخيرة بتعليق تخصيب اليورانيوم، ومع أن ذلك لم يحدث فقد أبدت الولايات المتحدة رغبتها بالمشاركة في اجتماع جنيف، الذي سيعقد السبت 19 تموز 2008 بين كبير المفاوضين النوويين الايرانيين" سعيد جليلي" والممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي "خافيير سولانا" وبحضور المساعد السياسي لوزيرة الخارجية الامريكية "وليام بيرنز"، وعلى الرغم من وصف وزير الخارجية الايراني "منوشهر متكي" بأن الحضور الامريكي فرصة لأن يقوم مندوبهم بالاستماع مباشرة الى مطالب ايران في هذا الاجتماع، الا أن ايران لا تخفي بعض الحذر من تحركات الولايات المتحدة في الدفع ولأول مرة بممثل عالي المستوى لاجراء المحادثات في جنيف بالاضافة الى رغبتها في فتح مكتب لها في طهران، وهذا ما أشار اليه" سينان أوهان" مدير مركز العلاقات الدولية في أنقرة الذي زارها وزير الخارجية الايراني بعد زيارته لسوريا، وفسر "أوهان" هذه الزيارات بأن ايران تتوقع هجوما من امريكا واسرائيل، ولذلك فهي تسعى بكل الطرق والوسائل للدفاع عن نفسها وطرح وجهة نظرها وتحاول اللجوء لجيرانها للتدخل في هذا الأمر، لاسيما وأن تركيا تلعب دور الوسيط بين سوريا واسرائيل، وهذا أعطى دفعة قوية وثقة كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة في أن تتمكن أنقرة من تحقيق نتائج طيبة فيما يخص ملف ايران النووي.

الحذر الايراني من الاجتماع والاندفاع الامريكي لم يأت من فراغ، ولا بد أن الايرانيين استحضروا في الذهن شواهد من التاريخ ، ففي اوكتوبر 1956 بحث مجلس الأمن مشكلة قناة السويس، وانتهت الاجتماعات فيها الى مبادىء ستة استهدفت الوصول الى حل سلمي لهذه المشكلة، في نفس الوقت كانت هناك اجتماعات تعقد في مكتب"داغ همرشولد" السكرتير العام للامم المتحدة وشارك فيها"الدكتور محمد فوزي" وزير خارجية مصر، و"سلوين لويد " وزير خارجية بريطانيا، و"كريستيان بينو" وزير خارجية فرنسا، ولم تكن هذه الاجتماعات التي تعقد في مكتب السكرتير العام للامم المتحدة وبحضوره هي المفاوضات التي دعا اليها مجلس الأمن لكنها اجتماعات استكشافية، كما ترك المجال ل"داغ همرشولد"مهمة تحديد الاجتماعات اللاحقة، ولم تمضي
أيام حتى تلقت الحكومة المصرية رسالة من السكرتير العام للامم المتحدة يقترح فيها جنيف للاجتماع الذي سيعقد يوم 29 اوكتوبر، وافقت مصر على الاجتماع وتلكأت بريطانيا(التي كانت تخشى قوة مصر العسكرية) وفرنسا (اليائسة من موقفها في الجزائر)، وتهربتا من اجتماع جنيف وذهبتا في نفس الموعد للاجتماع مع اسرائيل في صحراء سيناء، ولم يكن الهدف حل مشكلة قناة السويس ، بل تدمير مصر تدميرا كاملا ، وظهر للعيان أن الهدف لم يكن أمر قناة تمر في مصر، وإنما كان الأمر مصر كلها.
وهناك شاهد آخر ومن جنيف أيضا، فعشية حرب الخليج الثانية عام 1991 ، دارت اجتماعات بين "طارق عزيز" وزير خارجية العراق آنذاك( والذي كان يقود المحادثات مع الامم المتحدة والولايات المتحدة )مع وزير الخارجية الامريكي الاسبق "جيمس بيكر"، وخلال هذه الاجتماعات صدرت رسالة تحذر من حتمية الحرب، وجهها الرئيس "جورج بوش" الأب للرئيس "صدام حسين" رفض طارق عزيز قبولها، ووقعت الحرب.

الحذر الايراني أيضا يعززه تصريح رئيس الوزراء الايطالي" سيلفيو برلسكوني" الذي أعرب عن قلقه من برنامج ايران النووي وقال :"انه لا يمكن منع اسرائيل من توجيه ضربة الى ايران"، فهل تأتي زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي "ايهود باراك" ورئيس هيئة الاركان "جابي أشكنازي" والقادة الآخرين الى الولايات المتحدة خلال هذا الشهر في هذا السياق..؟؟؟

صحيح أن الاجتماع في جنيف ولكن القرار في واشنطن، فهل ستأخذ واشنطن بتوصيات قياداتها العسكرية بخطورة فتح جبهة ثالثة، وتغتنم الفرصة وتسعى لاقناع اسرائيل بعدم جدوى الحرب أم تذهب/ا لمغامرة جديدة...؟؟؟