السودان والبشير فى مواجهة التقسيم والتبشير بقلم:محمد شوكت الملط
تاريخ النشر : 2008-07-15
السودان والبشير فى مواجهة التقسيم والتبشير بقلم:محمد شوكت الملط


السودان والبشير فى مواجهة التقسيم والتبشير

وسط الحالة المزرية التى يعيشها العالمان العربى والإسلامى ، فقد طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو رسميا من المحكمة ، إصدار قرار باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير ،بتهم الإبادة وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ،في إقليم دارفور،وهذه هي المرة الأولي – وقد لا تكون الأخيرة - التي تصدر فيها المحكمة الجنائية الدولية حكما باعتقال رئيس عربي.
بالطبع تم ذلك بتوجيه أمريكى معلن ،وبتأييد أوربى منقطع النظير ، ولا تستطيع اسرائيل -الدولة المدللة – اخفاء مشاركتها فى صنع هذا القرار ، وفى هذا التوقيت بالذات ، والذى تتوجه فيه الأنظارصوب ايران لمتابعة الهجوم المتوقع من أمريكا أواسرائيل أو منهما معا على منشآتها النووية ، بسب نشاطها النووى المتزايد بصورة تهدد مصالحهما ، وبأسلوب الإخفاء والتمويه فى المعارك العسكرية تحول اتجاه المعركة فجأة صوب السودان .
قد يختلف الساسة والمحللون (العرب والمسلمون ) فى وجود نظرية المؤامرة من عدمه وراء حدث ما قامت به أمريكا أو أوربا أو اسرئيل ، هذا اذا كان ذلك الحدث يشوبه الغموض ، أو يمكن تأويله عدة تأويلات ، أما اذا كان حدثا واضحا للعيان وضوح الشمس فى كبد النهار ، فانه لايحتاج الى تفسير مفسرين أو تحليل سياسيين ، ولاتجدى معه فلسفة متفلسفين أو تنظير منظرين ، وهو الذى ينطبق على حالة السودان الراهنة، وبالتالى فانه ينبغى على المسلم الكيِّس الفطن أو المواطن العربى الصالح -أيا كانت ديانته أو اتجاهه السياسى - أن يُمعن فكره لفهم هذه المؤامرة الموجهة ضد السودان ومعرفة أهدافها وانعكاساتها حول المنطقة والسبل الكفيلة لمواجهتها.
بعد النجاح الغربى فى فصل جنوب السودان عن شماله ، وكذلك اثارة قضية اقليم دارفور تمهيدا لفصله أيضا ،فان المؤامرة الأخيرة تأتى استكامالا للحملات التبشيريةالمستمرة التى تقوم بها أمريكا كزعيمة للعالم المسيحى وكنائبة عنه فى أفريقيا بصفة عامة وفى السودان بصفة خاصة،ولايخفى على الكثير ما قامت به أمريكا وأوربا واسرائيل من جهود جهيدة ومساعدات اقتصادية وعسكرية وسياسية للجنوبيين لتحقيق الإنفصال عن الشمال ، والأسباب الرئيسة لهذه الحملة الصليبية على السودان كثيرة وأهمها الموقع الإسترتيجى لهذا البلد والذى يعتبر همزة الوصل بين الدول العربية الإسلامية فى شمال أفريقيا مع دول الجنوب ذات الأكثرية المسيحية ،والخوف من انتشار الإسلام فيها ،وامتلاك السودان لأراضٍ خصبة لاتحتاج لزراعتها الا لجهد يسير ،والأخطر هو التوجه الإسلامى للحكومة السودانية بقيادة البشير .
من المعروف أن الهدف الرئيسى للإدارة الأمريكية الحالية هو اشاعة التوتر وعدم الإستقرار فى الدول الإسلامية والعربية ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، وأشهرها أفغانستان والعراق ولبنان وباكستان والسودان ،انهم يريدون تجويع الشعب السودانى ليكره النظام الحاكم له ، وليزداد انقساما على انقسامه ، وكذلك يريدون التحكم فى مياه النيل ، وهو الذى يمكن أن يزلزل مصر حكومة وشعبا ، ومن ثم يتحقق حُلمهم فى السيطرة على صناعة القرار السياسى المصرى حسب أهدافهم ،بمجرد الإعلان عن نيتهم بمحاكمة البشير فانهم يرسلون رسالة مباشرة وواضحة لكل حاكم عربى واسلامى مفادها ان لم تسلك سبيلنا فليس لك عقاب عندنا الا المحاكمة الجنائية الدولية ، وما أيسر الطرق لايجاد المبررات لذلك ،انهم يريدون أن يثيروا الإحباط والقلق وروح الإنهزامية لدى الشعوب الإسلامية وبالأخص الشباب ، حتى يستسلموا للأمر الواقع، ولا يفكروا فى التمرد عليه أو تغييره ،والهدف الأسمى هو وأد أى مشروع نهضوى مبنى على الفكرة الإسلامية لإنقاذ العالم الإسلامى من المخاطر الميحطة به .
علينا نحن الشعوب الإسلامية والعربية أن ننحى العواطف جانبا ، وأيضا أن ننحى خلافاتنا مع حكامنا رغم اتساعها ، لأن الأمر جد لاهزل فيه، فالعدو شمر عن ساعديه ، وأعلن عن خطته الإستعمارية والصليبية دون مواربة ، وعلينا أن نبحث عن كل ما يجمعنا ولا يفرقنا ، دون تعصب لمذهب سنى أو شيعى ، أو تعصب لبلد عربى أو عجمى ،ولابد أن يبرز دور منظمة المؤتمر الإسلامى وجامعة الدول العربية بالمشاركة مع منظمات المجتمع المدنى بالمؤتمرات والمظاهرات والندوات فى جميع أنحاء العالم الإسلامى ، وأن يكون مقر جميع المؤتمرات الرسمية هو الخرطوم ، لأنهم اذا رأوا تجمعنا وتوحدنا ولو لمرة واحدة ، فقد تتغير نظرتهم لنا ، والا فقل على دنيا العرب والمسلمين السلام.
كتبها : محمد شوكت الملط