البحر غضبان ما بيضحكش 14-7-2008
بقلم : حمدي فراج
لا نعتقد أن هذه هي المحاولة الاولى التي تبذل على صعيد توحيد دول حوض البحر الابيض المتوسط والذي يناهز خمسين دولة ، حضر منهم الى فرنسا (شمال غربه ) ثلاثة واربعين دولة وتغيب من بين من تغيب جماهيرية القذافي (جنوب البحر ) لآسباب تتعلق بصدق نوايا التوحيد .
محاولات التوحيد السابقة اتخذت أشكالا أكثر مباشرة في التعبير عن الهيمنة والاستغلال ، ووصل الأمر أن تهاجم دول شمال البحر وغربه شعوب جنوب البحر وشرقه ، وفي المجمل كانت هذه الشعوب هي شعوب الامة العربية بدءا من سوريا شمال شرق ، وانتهاء بالمغرب جنوب غرب ، ولا نظن أنها الصدفة التي جعلت من لواء الاسكندرون السوري وسبتة ومليلة المغربيتين أراضي مسلوخة حتى اللحظة .
شكل الكنعانيون جزءا مهما وأصيلا من سكان البحر ، بل لربما للفلسطينيين خصوصا في شرقي البحر يعود الفضل في ركوبه عبر السفن التي اخترعها اجدادنا الفينيق المنحدرون أصلا من مملكة كنعان التي كانت تمتد من بابل الى عسقلان قبل ما يزيد على خمسة الاف عام ، ولكنهم اليوم بالكاد يرونه وينظرونه ، وبالكاد تجدهم يجيدون السباحة ، خاصة بعد قيام دولة اسرائيل التي احتفلت مؤخرا بذكرى قيامتها الستين .
إسرائيل طبعا مدعوة للانضمام الى هذه الوحدة المزمعة ، وقد حضر ممثلها ايهود اولمرت أعمال المؤتمر التحضيري ، على الرغم من انه مطعون في نزاهته من قبل دولته ، وبالرغم من ان مدير حزبه "كاديما" يرى في بقائه على رأس الحزب ، عارا للحزب وللدولة ، وهذه بحد ذاتها ليست مشكلة كبيرة ، ولكن استمرار احتلاله لشعب آخر من شعوب البحر يفترض ان يشكل عارا يندى به جبين البحر والمحيط والعالم أجمع ، ولكن هذه ايضا ليست مشكلة كبيرة ، فالاجتماع التحضيري من الناحية العملية عبارة عن إجتماع بين الغاصبين والمغتصبين ـ بفتح الصاد ـ وإن بدا الغاصبون متحضرون وديمقراطييون والمغتصبون مستقلون ومتحررون .
الاستعمار الشمالي الغربي تجاه جنوبي البحر وشرقه ، كان قد غادر من الباب ليعود من الشباك ، ولهذا نرى موجات من المهاجرين يحاولون الوصول الى شمال بحرهم علهم يجدوا لقمة عيش غير مغمسة بالذل ، فلا يجدوا في الانتظار الا قوات حرس وخفر هذا البحر تقنصهم او تعتقلهم ، لكن الغالبية العظمى منهم لايصلون ، لأن البحر يكون قد ابتلعهم .
في الاسبوع الماضي اعلن في الدولة الجديدة من دول البحر ان معدل دخل الفرد فيها قد وصل الى 8056 شيكلا في الشهر ، اي حوالي 2500 دولارا ، لا يتقاضها الفرد المصري في سنيتين ، هكذا مع غالبية سكان جنوبي البحر مقياسا مع سكان شماله . لكن فرار سكان الجنوب لا يقتصر على معدلات الدخل فقط ، بل هربا من القمع الذي يمارسه البوليس الوطني إزاءهم ، ولهذا تجد الملايين ينشدون العودة الى أحضان الاحتلال القديم ، كما مع الجزائر وفرنسا .
""""""""""""""""
قديما وضع مطرب مصري أغنية "البحر بيضحك ليه ..." فرد عليه الشيخ امام في اغنية من كلمات احمد فؤاد نجم : البحر غضبان ما بيضحكش / أصل الحكاية ما تضحكش / البحر جرحه ما بيدبلش / وجرحنا ولا عمره دبل / يا قلة الذل أنا ناوي / ما أشرب ، ولو في المية عسل / يا ما ملينا وملينا / لغيرنا وعطشنا ساقينا / صابرين وبحرنا ما يروينا / وشايلين بدال العلة علل ...
البحر غضبان ما بيضحكش بقلم : حمدي فراج
تاريخ النشر : 2008-07-14