بقلم: محمد أبو علان*:
منذ حالة الانقسام التي تعيشها الساحة الفلسطينية بتنا نشهد نوعية جديدة من الكُتاب والإعلاميين الذين يمكن وصفهم بكتاب البلاط، همهم الدفاع عن المسئولين وذوي القرار مظلومين كانوا أو ظالمين، وهذا النوع من الكُتاب لا يأخذ وزناً لهم المواطن ومشاكله والواقع الذي يعيش بقدر ما يسعى أن يلوح لذوي القرار والسلطة ها أنا من منظريك وداعميك لعله يحظى بجزء من العطايا على اعتبار أن واقعنا لم يعد بعيد عن عهد هارون الرشيد القائم على نمط امنحوا هذا وامنعوا عن هذا، وأساس المنع أو العطية هو درجة الولاء أو القرابة وليس المهنية والعطاء في الأداء.
وخلال استعراضي لعدد من مواقع الانترنت الفلسطينية التابعة لطرفي الاستقطاب أو حتى تلك التي تصنف نفسها بالمستقلة وجدت عدد من المقالات التي تمجد فلان في غزة لعطاياه السخية، أو تدافع عن الوزير الفلاني لأدائه المتميز في الضفة، فهناك من مجد رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية على عطاياه في زيارته لخانيونس قبل أيام والتي تجاوزت في مجملها ال (400000) دولار، وهنا في الضفة من هب ليدافع عن وزير الصحة الدكتور فتحي أبو مغلي على إنجازاته في وزارة الصحة، وهذا الدفاع عنه جاء بعد تفجر قضية حضانة مستشفى رام الله والذي قيل أنه حدث فيها عدة حالات وفيات بين الأطفال الخدج بسبب جرثومة استوطنت في الحاضنات منذ شهور دون علاج أو متابعة.
وهنا لا أريد أن أمجد فلان أو اتهم علان، بل ما أريد قوله أن قدم رئيس الحكومة المقالة ملايين من الدولارات لا مئات ألاف الدولارات فهذا لا يستحق التمجيد في وسائل الإعلام كون هذا هو الدور الحقيقي الذي يجب عليه أن يقوم به أي مسئول وصاحب سلطة وإلا فقد مبرر وجودة في موقعه، ومن أجل هذا انتخب، ولكن ما لم نعرفه كيف صرفت هذه العطايا؟ن أصرفت لمستحقيها؟ن أم صرفت على أساس الانتماء والولاء.
أما في موضوع وزارة الصحة فإن انتفاض البعض للدفاع عن وزير الصحة أدى لنتيجة عكسية في الشارع وفي الرأي العام، وأصحاب هذه الأقلام يضعون وزير الصحة في خانة الاتهام لهبتهم في الدفاع عنه في ظل مشكلة صحية لم تتضح معالمها وتفاصليها للرأي العام بعد، ولم يخرج الوزير ليضع المواطن في تفاصليها بالكامل، وما سمعناه نحن عامة الناس إما تأكيدات أو نفي لتفاصيل قضية حاضنة مستشفى رام الله، وبقينا في تيهنا حول تفاصيل القضية.
ومن الناحية المهنية والرسمية فإن وزير الصحة يتحمل المسئولية عن مثل هذا الحادثة كونه رأس الهرم وصاحب القرار الأول في الوزارة، سواء كان على علم بتفاصيل الحادثة أم لا، وكما قيل "إن كنت تدري فتلك مصيبةٌ، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم"، واعتراف وزارة الصحة بوفاة طفل واحد نتيجة الجرثومة التي ضربت الحضانة لا يعني بأي شكل من الأشكال أن المسألة بسيطة ويمكن تجاوزها.
أما عن إنجازات وزارة الصحة التي تغنى بها البعض فهي ليست دقيقة، فالمواطن لم يلمس تلك التغيرات الجوهرية التي تحدث عنها بعض الكُتاب لا في مستشفياتنا الحكومية ولا مراكز الرعاية الصحية الأولية، فلا زال المواطن ينتظر في طوابير للعلاج في مراكز الرعاية الصحية الأولية نتيجة النقص في الأطباء وخاصة الأخصائيين، وهناك بعض التجمعات السكانية لا يصلها الأطباء وإن وصولها يكون ليوم أو يوميين في الأسبوع إن لم يكن بالشهر، وعن النقص في الأدوية والعلاجات في هذه المراكز فحدث ولا حرج.
وفي سياق الحديث عن المستشفيات فالحديث يطول، فمحافظة طوباس على سبيل المثال تعداد سكانها حوالي ال (48) ألف نسمة لا يوجد فيها مستشفى حكومي واحد، ومدينة جنين تعداد سكانها يقارب ال (250) ألف نسمة لا يوجد فيها سوى مستشفى حكومي واحد وعلى هذه الأمثلة يمكننا القياس في كافة أنحاء فلسطين.
بالتالي على الكُتاب والإعلاميين أن يكونوا في صف المواطن وليس في صف المسئول من أجل حثه على المزيد من العمل والعطاء، لا أن يحولوا أنفسهم لكُتاب بلاط وممجدين للمسئولين، فمؤسساتنا فيها من القصور والمشاكل ما يكفي لكشفها والحديث عنها قبل التمجيد والتبجيل للمسئولين، وفي الوقت نفسه على هؤلاء أن لا ينظروا لمن يوجه نقد لمسئول مهما علا شأنه على أنه مؤامرة، وأن هذا الناقد لواقع وزارة ما أو شخص وزير هو عضو في عصابة ما تستهدف هذا الوزير أو ذاك المسئول، ولو سئل هؤلاء المسئولين عن وزاراتهم وواقعها لاعترفوا بواقعها المر وقالوا في قصورها أكثر مما يقول بعض كُتاب البلاط في إنجازاتهم الوهمية في معظمها.
في النهاية نأمل أن يكون كُتاب وإعلامي البلاط في فلسطين حالات معدودة، وأن لا يتحول الموضوع لظاهرة في الواقع الفلسطيني مما سيفقد الإعلام دوره الرقابي وكونه سلطة رابعة ينتظر منها المواطن الكثير.
*- مواطن.
[email protected]
http://blog.amin.org/yafa1948
كُتاب البلاط في فلسطين ظاهرة أم حالة؟ بقلم: محمد أبو علان
تاريخ النشر : 2008-07-14