لا يمر يوم على أمتنا العربية إلا ويمعن عدوها في إذلالها، ولعل آخر فصل في مسرحية الإهانة والإذلال الغربيين للعرب التي لا نهاية لها قرار ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية التي لوح مدعيها العام بإدانة الرئيس السوداني بتهمة جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. ومن المعلوم أن الجرائم ضد الإنسانية لا تكون إلا حيث يريد الغرب المتغطرس ذلك. فلا أثر للإنسانية في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والشيشان.... وما يحدث في هذه المناطق من جرائم لا تعد كذلك في نظر ما يسمى محكمة الجنايات الدولية ، وهي مسخ من المحاكم التي قدها المحتل الغربي على مقاسه ومزاجه.
وما أشبه هذا المسخ من المحاكم بمحكمة حكاية الحيوانات المرضى بالطاعون التي نسبت طاعونها لجريمة اقترفها حمار أصابه الهزال في ساحة دير إذ قضم شيئا من عشبه ليسد جوعه في ليلة شتاء قارس ، بينما لم تعتبر أفعال الأسود والنمور وكل الحيوانات الضارية بما في ذلك الفتك بأرواح الناس جرائم البتة.
لقد شاهد كل من في العالم بالتصوير الحي ما فعله العدو الصهيوني بأهالي فلسطين في الضفة والقطاع و بأهالي لبنان في جنوب لبنان ، وما فعله العدو الأمريكي وحلفاؤه في العراق وأفغانستان ، وما فعله الإثيوبيون في الصومال ولكن القذى حال دون رؤية عين محكمة الجنايات الدولية هذه الصور الحية التي امتهنت فيها الكرامة الإنسانية.
إن ما يعني الذين هم وراء المحكمة المسخ في دارفور هو ما يوجد تحت الأرض من خيرات ولا شأن لهم بمن هو فوق الأرض من بني آدم ، ولكنهم يستغلون بني آدم للتمويه على قصدهم ونواياهم الحقيقية التي يخفونها بالذرائع الواهية. فكم من شعوب الأرض لا يختلف حالها عن حال أهل دارفور جوعا وعطشا ومرضا وموتا وعذابا ورقابها بيد حكام ظالمين متسلطين ولكنهم من أعوان المحتل الغربي الغاشم ومع ذلك لم تثر محكمة الجنايات الغربية جرائمهم لأنها محكمة المقاس الغربي الذي يقوم أساسا على استغلال الشعوب ونهب ثرواتها.
ولاشك أن الرئيس السوداني ستتوالى في حقه العقوبات حتى يصير تدبير شأن بلاده ضربا من المحال ثم يهاجم بعد ذلك ويدمر جيشه ووطنه ، ويعتقل ثم يقدم للعالم وقد أخرج من جحر نتن جفولا كما حدث للرئيس العراقي الشهيد نكاية فيه واستخفافا بأمته ثم يسلم لحثالة من خونة دارفور كحثالة الرافضة في العراق فيشنق في يوم عيد إمعانا في إهانة الأمة. هذا هو القرار الذي تريده المحكمة المسخ للحكام العرب الذين يرفضون التعاون مع المحتل الغربي ، والذين يرفضون أن يبيحوا كرامة شعوبهم وخيراتها لهذا المحتل الجشع. أما حكام المحتل الغربي والصهيوني الضالعون في الجرائم في حق الإنسانية ، والذين يشعلون في كل بقاع الأرض الحروب المدمرة فإنهم فوق طائلة القانون ، ولا توجد محاكم جنائية دولية تقاضيهم لأنهم هم القضاة .
فمتى كان للمحتل الغربي والصهيوني عاطفة ترق للإنسانية في دارفور وهي التي تقسو كأشد ما تكون القسوة على الإنسانية في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال ، وهم الذين مثلوا بإنسانية الإنسان أبشع تمثيل لا مثيل له في تاريخ الإنسانية ؟ ويكفي أن يسحب الغرب الجشع مؤامراته وأطماعه من السودان ليستقيم أمر السودان وأمر أقاليمه ، والسودان القادر بحكم خيراته على تمويل العالم العربي برمته لا يعجزه إطعام أهل دارفور. فالغرب الحاقد لا يريد حلا لدارفور إلا بطريقة تمكنه من الهيمنة على دارفور لامتصاص دمائه ودماء أبنائه. وبالرغم من وضوح أطماع الغرب الحاقد فإن الخيانة والعمالة في السودان وغيره تروج لمقولاته لتمكينه من تحقيق أطماعه الخبيثة بانبطاح غير مسبوق في تاريخ أمتنا التي تعد العزة من مقوماتها.
محكمة جنائية دولية للرئيس السوداني أما الرئيس الأمريكي فحاشاه بقلم:محمد سعيد أبو مجد
تاريخ النشر : 2008-07-14