أضواء على هامش الحصار
فى غزة مظاهر الحصار لم تختف رغم التهدئة
بقلم د.كامل خالد الشامى
أستاذ جامعى وكاتب
لم تتغير مظاهر الحصار المفروض على قطاع غزة بالرغم مكن مرور أكثر من 20 يوماً على الاعلان عن بدأ سريان التهدئة بين حركة حماس ودولة الاحتلال الاسرائيلي.
وعلى الرغم من استمرار سريان التهدئة حتى الان, لم يتمكن المواطنون من سد العجز اليومى فى المتطلبات الأساسية مثل السفر بحرية, والحصول على الماء,والغذاء,والعلاج, والتيار الكهربائى,والوقود بكميات كافية.
فمازال السفر عبر المعابر خاصة الى الشقيقة مصر حلما بعيد المنال لأهل غزة من المرضى والطلاب,والعالقين وغيرهم......وهذا ينطبق على الأسر والأفراد المقيمين فى الخارج ,الذين يرغبون فى العودة الى بيوتهم وأسرهم, أو زيارة ذويهم, كما هو معروف ومألوف ومسموح بة فى كل الدنيا الا فى غزة.
قال لى أحد الأصدقاء الذى قضى 3 أيام على معبر رفح بهدف الذهاب الى جامعة عين شمس فى القاهرة حتى يكمل دراستة العليا" تفائلوا بالخير تجدوة, الا فى غزة,وقال شخص آخر " كل الطرق لا تؤدى الى غزة".
سوف يكتشف المتجول فى شوارع وأزقة المدن والقرى فى قطاع غزة أن مسببات الحصار التى أصابت مفاصل الاقتصاد الرئيسية بالشلل التام مازالت مظاهرها واضحة للعيان,وان تبدلت الصورة قليلا جدا فى بعضها.
محطات الوقود التى كانت تستورد قبل فرض الحصار ما قيمتة 2,2 مليا ر شيكل في السنة من مختلف أنواع الوقود ,ما زالت مغلقة.
يقول أحد ملاك محطات الوقود "ما زالت الكميات التى تصل من هذة المادة المرغوبة لا تلبى سوى 10% من احتياجات السكان".
ولم تتمكن أعداد كبيرة من السيارات العامة والخاصة من الحركة بسبب نقص الوقود,وما زالت رائحة زيت الطبخ الذى يستعملة سائقى سيارات الأجرة وغيرهم تعبأ سماء القرى والمدن ,وتصيب بعض الناس بالغثيان,مما يؤدى الى نقل بعضهم الى المستشفيات لتلقى العلاج.
بدأت كميات قليلة من غاز الطبخ تصل إلى مراكز توزيع الغاز,ولكن ما زال الحصول على اسطوانة غاز أمرا فى غاية الصعوبة.وما زال الناس ينتظرون ساعات طويلة للحصول على سيارة أجرة توصلهم الى هدفهم
تصل الى أسواق غزة كميات كبيرة من الفاكهة المستوردة من اسرائيل,والتى يقوم المزارعون الاسرائيليون بانتاجها خصيصا الى أسواق قطاع غزة,ولا يستطيعون بيعها فى اسرائيل, او حتى فى الأسواق العالمية الأخرى, أو تكون قاربت على الفساد بعد مضي أشهر طويلة على تخزينها في الثلاجات الاسرائيلية. وقد وصلت الكميات التى كانت تدخل الى قطاع غزة قبل الحصار الى حوالى 70000 طن فى العام,وهو ما يعادل 15% من انتاج اسرائيل السنوى من الفاكهة.
الى ذلك، لم تعد المواد الغذائية ,وخاصة منتجات الألبان متوفرة بالقدر الذي كان الحال عليه سابقا, فقد كان قطاع غزة يستهلك ما قيمته 600 مليون شيكل فى العام.وقد انخفضت هذه القيمة الى أقل من 250 مليون شيكل فى العام بسبب الاجراءات الأمنية المعقدة التى ترافق دخول البضائع الى غزة,وبسبب الاغلاقات المتكررة للمعابر.
وما زال قطاع البناء يعانى غيبوبة الحصار, فالأسواق فارغة تماما من مواد البناء بشتى أنواعها فلم يصل الى غزة منذ بدء التهدئة قبل حوالى 4 أسابيع الا حوالى 400 طن من الأسمنت,ويحتاج قطاع البناء الى حوالى 3500 طن يوميا من هذة المادة حتى يمكن أن يعود إلى العمل بفعالية, بينما تغيب تماما بقية المواد الأخرى المتعلقة بقطاع البناء .
وقد دمر الحصار هذا القطاع بالكامل ,وأدى الى تعطيل أكثر من 40000 عامل عن العمل واغلاق أكثر من 3500 ورشة عمل كانت تشغل هذا القطاع,وقد كان الغزيون يستوردون مجمل احتياجاتهم لهذا القطاع من اسرائيل بقيمة سنوية تصل الى حوالى 2 مليار شيكل في السنة.
لا يشعر السكان بتحسن فى امدادات الكهرباء التى تأتى من اسرائيل أو من محطة توليد الطاقة في قطاع غزة. فإسرائيل تزود قطاع غزة بثلثى احتياجاته من الكهرباء, اى ما يقدر بحوالى 1,3 مليار كيلوواط فى الساعة فى السنة, الا أن هذة الكميات لا تكفى نتيجة لزيادة الطلب على الكهرباء,ويؤدى الضغط المتزايد على الخطوط الناقلة للكهرباء, إلى انقطاع التيار الكهربائى حوالى سبع ساعات يوميا عن قرى ومدن قطاع غزة,أما الثلث الأخير فتنتجه محطة غزة ,ويأتي حوالي 17 مليون كيلوواط من الشقيقة مصر.وما زالت محطة توليد الطاقة فى غزة تعانى من نقص فى الديزل وقطع الغيار,مما يبقى انتاجها أقل بحوالى 30% من قدرتها على الانتاج.
ويعانى قطاع الزراعة في القطاع من عجز تام فى تصدير الا نتاج الزراعى الى أسرائيل ,او الى الضفة الغربية,او حتى الى الخارج من خلال شركة اجريكسو الاسرائيلة. فقد تدنى تصدير الخضروات والحمضيات منذ بدء الحصار من ما قيمتة 1.5 مليار شيكل فى العام الى الصفر تقريبا بعد فرض الحصار, مما ألحق خسارة فادحة بقطاع الزراعة.
وما زال هناك صعوبة فى الحصول على مياة الشرب بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل آبار الشرب وضخها الى السكان.
ويستورد قطاع غزة ما قيمتة 5 ملايين متر مكعب من مياة الشرب من شركة المياة الاسرائيلية, بقيمة الى حوالى 12 مليون شيكل فى العام.ولا تصل المياه الى مستهلكيها بشكل منتظم,وتوزع المياة مرة كل 3 أيام على السكان.
أما بخصوص تلوث شواطئ القطاع جراء تدفق كميات مهولة من الصرف الصحي إلى شواطئ البحر فما زال يشكل خطورة على آلاف المصطافين الذين لا يجدون ملاذا آخر سوى شاطئ البحر الملوث بالرغم من قيام بعض الجهات بالتقليل من خطر الكارثة والادعاء بأن التلوث موجود في مناطق بعينها.
بشكل عام ما زالت المشكلات الناجمة عن الحصار تراوح مكانها, فأكثر من 60% من المحال التجارية مغلقة لعدم توفر البضائع,وما زالت المستشفيات تعانى من نقص شديد فى الأدوية,والمعدات,ومن ازدحام غير عادى على التداوى بسبب الأمراض الناجمة عن الحر الشديد فى هذا العام.
د.كامل خالد الشامى
[email protected]
فى غزة مظاهر الحصار لم تختف رغم التهدئة بقلم:د.كامل خالد الشامى
تاريخ النشر : 2008-07-13