الانكسار والمهانة الإسرائيلية بقلم : الصحفي خالد العقاد
تاريخ النشر : 2008-07-13
الانكسار والمهانة الإسرائيلية بقلم : الصحفي خالد العقاد


من الواضح للعيان والمطلع علي الشأن السياسي الإسرائيلي ان هذه الأيام ستكون مناسبة للانكسار والمهانة ، كما وصفته حكومة تل ابيب ذلك بعد اتفاقها علي عملية تبادل الأسرى مع حركة حزب الله في لبنان، وهذا يعني أنها انتصار لدى المقاومة واللبنانيين عموما. وقد تزامن ذلك مع الذكري الثانية للحرب الإسرائيلية على لبنان ، مما يؤكّد فشل العدوان الإسرائيلي وانصياع إسرائيل لشروط المقاومة التي أعلنتها عقب خطفها لجنديين إسرائيليين .

ما قامت به المقاومة الممثلة بحزب الله كان في سياق الحرب المفتوح بين لبنان وإسرائيل منذ أواسط السبعينات ، ولم ينتهِ بالانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان. انسحبت إسرائيل من لبنان، كما انسحبت من غزّة، وكان قراراً من طرف واحد دون أيّ اتفاق مع الطرف الخاضع للاحتلال، وهذا الأمر يعني استمرار حرّية الحركة للعدوّ المحتلّ أينما شاء ومتى وكيف شاء.

ولكن هناك إستراتيجية واضحة دفعت بحركة حماس في غزّة وحزب الله في لبنان، إلى اتخاذ قرار بعمليات عسكرية وأسر جنود إسرائيليين، رغم إدراك الحركتين لاحتمالات ردود الفعل الإسرائيلية المدمرة؟

القاسم المشترك بين حماس وحزب الله هو الظروف الصعبة التي قرّرت الإدارة الأميركية وضعهما فيها. فالإدارة الأميركية تبنّت المفهوم الإسرائيلي للإرهاب الذي يضع أيّة مقاومة مسلّحة للاحتلال الإسرائيلي هي مقاومة إرهابية، وبالتالي أصبحت حركة حماس في فلسطين المحتلّة وحزب الله في لبنان حركتين إرهابيتين من وجهة النظر الأميركي،رغم ارتباط الحركتين المادي والمعنوي والعسكري من إيران العدو اللدود للاسرائيل والإدارة الأمريكية.

ومن المعروف إنّ المواقف التي اعتمدتها واشنطن وعدد من الدول الكبرى، ظهرت جليّة في القول بأنّ من حقّ إسرائيل الدفاع عن نفسها ضدّ الإرهاب بينما أدانت هذه المواقف ما حدث في غزّة وجنوب لبنان من عمليات عسكرية للمقاومة ضدّ إسرائيليين عسكريين فقط وأسر بعضهم.!

من الجائز لإسرائيل الحق في تدمير قطاع غزّة ولبنان لإطلاق سراح جنود أسرى، ومن غير الجائز لمقاتلين فلسطينيين ولبنانيين حقّ القيام بعملية عسكرية فوق أراضيهم ضدّ قوات محتلّة، من أجل الإفراج عن آلافٍ من المعتقلين المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين! لم تكن حتماً الأطراف العربية، التي سارت أكثر من اللازم في خطوات العلاقة والتطبيع مع إسرائيل رغم عدم التسوية الشاملة، هي المسؤولة عن كل ذلك التصعيد العسكري في المنطقة
فالمسؤول الأوّل عن ذلك هو الإدارة الأميركية الحالية التي اختارت منذ مجيئها أولويّة الحرب على العراق، ثمّ استخدام جماعات التطرّف والعنف العشوائي كأعذار مناسبة لبدء أجندتها الحربية في العالم كلّه.

سياسة امريكيا من البداية في لبنان كانت التحريض الدولي والعربي واللبناني على تنفيذ القرار 1559 لجهة الإصرار على نزع سلاح حزب الله. وكانت المراهنة الإسرائيلية المدعومة أميركياً أن يؤدّي ذلك في لبنان إلى صراع لبناني داخلي مع «حزب الله»، حتى لو وصل هذا الصراع الي فتنة مذهبية ، ولقد أدرك اللبنانيون والأطراف المعنيّة مخاطرها فعملوا على تجنّب دفع التأزّم السياسي إلى فوضى أمنية ، ولقد راهنت إسرائيل، ومعها الإدارة الأميركية، على جعل صورة حربهما على لبنان وكأنّها حرب على التدخل الإيراني في لبنان والمنطقة، وبالتالي على إمكانيّة تجميع القوى والصفوف اللبنانية والعربية والدولية خلف هذا العدوان.

وختاما نقول ان هذه الأيام ستكون مناسبة للانكسار والمهانة ، كما وصفته حكومة تل ابيب ذلك بعد اتفاقها علي عملية تبادل الأسرى مع حركة حزب الله في لبنان ونتمي ان تطول هذه الأيام حتي يتحرر جميع الاسري.

الصحفي/خالد العقاد
[email protected]