نآكل الطبقة الوسطى في الأردن ..وأزمة البطالة ..
بقلم : عاطف رضا زيد الكيلاني
[email protected]
في خضم هذا البحر المتلاطم من الأزمات التي تعصف بالأردن وشعبه وعلى مختلف الأصعدة ( السياسية والأقتصادية والأجتماعية ) ...يكون الكلام حول ما جاء في عنوان هذا المقال ضروريا ..حيث انه وحسب اعتقادي يشكل المدخل الطبيعي لفهم ومحولة معالجة اغلب الأزمات التي نعاني منها وطنا وشعبا ...فبالنسبة لما يتعلق بالشق الأول من العنوان ...تآكل الطبقة الوسطى في الأردن ...فإن هناك ما يشبه الإجماع لدى اكثر المحللين الإقتصاديين والسياسيين على تلاشي هذه الطبقة من المجتمع الأردني ...بعد ان كانت طاغية الحضور وتشكل في حضورها ذاك مؤشرا للسلام والأمن الأجتماعيين ...انتهت هذه الطبقة بعد ان صعدت قلة قليلة منها الى الأعلى بانتما جديد وسلوكيات طبقية جديدة ..وهبطت اغلب هذه الطبقة الى اسفل السلم الأجتماعي لتشارك باقي الطبقات والفئات الفقيرة معاناتها ومصيرها ...ومن هنا فقد اصبحت الخارطة الطبقية في الأردن تتميز بوجود طبقتين اساسيتين ....طبقة غنية صغيرة العدد تسيطر على كل مقدرات البلد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ...الخ وطبقة فقيرة ( إن لم نقل معدمة ) لا تملك الا اقل القليل من مقومات الحياة والأستمرار ...والأسباب الكامنة وراء تدمير الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني وتفشي البطالة كثيرة ومتنوعة ..ولكن اهمها يبقى معلوما عند اي شخص يغوص قليلا في التحليل والأستنتاج العلمي القائم على الوقائع ...وهو فشل الحكومات المتعاقبة عن ايجاد الحلول الناجعة للتغلب على الأختلالات الأجتماعية والأقتصادية في البلاد ...وهي ( اي الحكومات ) تحاول ان توهم الناس بأن الحل يكمن في زيادة الرواتب مثلا ...علما اننا كلنا نعلم علم اليقين ان هذا الراتب بكل زياداته المتوالية ...تنقص قيمته الشرائية عما كان عليه قبل اي زيادة بفعل عوامل اخرى كالتضخم والغلاء وارتفاع مستوى المعيشة ...الخ من العوامل التي فشلت كل الحكومات الأردنية في كبح جماحها على مدى الثلاثين سنة الفائتة ...ولإمتصاص البطالة من السوق ...تخلق الحكومات فرص عمل (براتب ) للعاطلين ...ولكنها تبقى نوع من البطالة المقنعة التي هي اشد خطرا على بنية المجتمع من البطالة السافرة ...وهكذا فإن المواطن ينتقل من عاطل بلا اجر الى عاطل بأجر مما يفاقم المشكلة ...حبث ان ذلك يلبي الحاجات الحكومية البيروقراطية وتفيد القطاع الخاص الذي يزداد توحشا بعد يوم ..ولا يعود بالنفع والفائدة على المجتمع والأقتصاد الأردنيين ...وبهذا نرى ان فريقين ينموان باستمرار ...فريق العاطلين عن العمل وفريق الموظفين البيروقراطيين بما يمثلون من بطالة مقنعة كما اسلفنا ....اما القطاع الخاص فقد ( استوحش ) بمعنى انه اصبح اكثر وحشية في التعامل مع قضايا البطالة وفي كيفية فهمه وممارسته للحرية الأقتصادية وتحرير الأسواق والأسعار ...الخ من هذه المفردات التي تؤشر جميعا الى غياب الحس الوطني الحقيقي عند هذه الفئة من الناس ...وعلى الدولة الا تقف موقف المتفرج على ما يمارسه القطاع الخاص ..بل عليها ان تستعيد دورها الناظم لمجمل العلاقات بين مختلف مكونات المجتمع الأردني ....وأول خطوة يجب ان تكون في اتجاه اصلاح هذا الخلل الفاضح في العلاقة بين القطاع الخاص وهذا الجيش من الغاطلين عن العمل ...بحيث يكف هؤلاء عن الأستثمار في آلام الناس وذلك بتغليب المصلحة العامة على المصالح الضيقة ....وان يكفوا عما يمارسونه من اضطهاد على عمالهم ومستخدميهم من خلال لجوءهم الدائم الى العمالة الأجنبية او عمالة النساء والأطفال الأقل تكلفة من اجور العمال والمستخدمين الذين سينضمون الى جيش العاطلين عن العمل فيما لو تم الأستغناء عنهم ...مما يجعلهم دائما يرضون بنصف العمى ...ولا العمى كله ...لقد آن لأصحاب القرار ان يعلموا ان الأقتصاد الحر لا يعني اطلاقا تجويع الناس ولا يعفي الدولة والحكومة من مسؤولياتها الكبرى في حل مشاكل المجتمع ...
بقلم : عاطف رضا زيد الكيلاني
[email protected]
تآكل الطبقة الوسطى في الأردن ...وازمة البطالة بقلم : عاطف رضا زيد الكيلاني
تاريخ النشر : 2008-07-13