"مصالحة" أم عقود تجارة وسفرات سياحة؟؟؟
هل يعلم العراقيون شيئا عن مسخرة المصالحة؟
معروف الكرخي
أعلن وزير ما تسمى بوزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني أن لقاء سوف يعقد في بغداد بين اطراف المصالحة العراقية ((والمهزلة ان جميعهم اعضاء في البرلمان العراقي!!!)) للتوقيع على المبادئ التي تم الاتفاق عليها بعد جولتين من المباحثات في (هلسنكي عاصمة فنلندا) الذي ضم القوى السياسية وشخصيات بمختلف أطيافها، داخل العملية السياسية وخارجها وذلك يوم 5/7/2008 وسيعلن ذلك في مؤتمر صحفي بعد اللقاء ومن الجدير بالذكر ان اللقاء الاول عقد في بداية أيلول عام/2007 واللقاء الثاني في نيسان 2008 في هلسنكي عاصمة فنلندا.
لقد تعددت مؤتمرات ما تسمي بالمصالحة الوطنية العراقية للقوي السياسية المختلفة، داخل العراق وخارجه، وبرعايات مختلفة من دول الاقليم ومنظمات اقليمية كالجامعة العربية، وفي مختلف العواصم العربية والعالمية فمن بغداد والقاهرة وعمان مرورا ببيروت ومكة المكرمة، وروما والبحر الميت والمنامة وأسطنبول وأخيرها طوكيو ثم هلسنكي! ولا ندري أين سينعقد (اللقاء القادم؟)... وتعددت مستوياتها فمن مؤتمرات للقوي الشعبية وأخري للعشائرية وثالثة للاكاديمية والعلمية ورابعة لمؤسسات المجتمع المدني واخري للأوساط الثقافية، حتي لم تكد هناك عاصمة فاعلة في الكون إلا وتم فيها عقد لقاء أو ورشة أو مؤتمر.. ومحلاضرات مرتبة مدفوعة التكاليف سلفا للإطلاع علي تجارب من ألمانيّة، وجنوب أفريقية، ويابانية، ولم تبق تجربة في العالم إلا وعرضت علي السادة المستأثرين بمؤتمرات المصالحة لكنها كلها إنفضت إلي نتيجة واحدة هي الفشل الذريع.. دون أن يكلف أحدهم السؤال عن أسباب هذا الفشل المتراكم؟
ويبدو ان الجولات السياحية لفريق المصالحة المزعومة التي شملت دولا اوربية مختلفة واليابان ولاندري عن غير المعلن من مدن الاصطياف والسياحة والاستجمام وملايين الدولارات التي اهدرت للصرف على مخصصات ونفقات سفر السيد الوزير ومن معه من جوقة المصالحة التي تحمل اسم العراقيين والعراقيين منها براء بل هم جاهلون بحقيقتها وافعالها... ويكفي مسخرة ومهزلة ان جميع الاطراف المسجلة في رحلات الاصطياف والسياحة التصالحية هم من اعضاء البرلمان العراقي المسخ.. فياللعار وياللسخرية
جهود تبعثر، وأموال طائلة تصرف، لا نعرف مصدرها، ولأي غاية تصرف؟ وحسنا فعل أحدهم حين وصف مؤتمرات المصالحة المتتابعة معترفاً بأنها مثل "حرث في بحر"! فلم تتقدم المصالحة خطوة واحدة للأمام لأسباب عديدة.. ولكنها معروفة.. فالمستأثرون بالسلطة يستقتلون عليها ولا يريدون أحدا يشاركهم إياها، وبالرغم من كل الجهود الطائلة والوقت المستنزف والأموال والمحاضرات التي ألقيت والدعوات وتكاليف السفر والسكن ومخصصات الأيفاد الباهضة للأكارم من البرلمانيين وموظفي وزارة (الحوار الوطني!)، إلا انها كلها لم تدفع المصالحة شبرا واحدا الي أمام.. ولم تحقق تقدما.. إن لم تكن قد زادت في تعميق هوة الخلاف والشقاق والتباعد، كما حصل في مؤتمر "هلسنكي" الأخير التي كشف عنها المشاركون فيه. أما مؤتمر طوكيو فكان قمة في السخرية، حتي أن أحدهم قال متهكما يبدو أن المصالحة عندنا تحولت الي سياحة! وآخر قال ليكن شعار المرحلة: أطلبوا المصالحة حتي ولو في طوكيو أو بكين! فقد (قحطت) علينا كل عواصم الجوار العربي والأسلامي، ولم نجد غير (طوكيو) لعقد مؤتمر المصالحة السياحي ثم جاء مؤتمر هلسنكي! حيث ذكرت مصادر برلمانية عراقية ان مؤتمر المصالحة الذي عقد في هلسنكي بفنلندا فشل في تحقيق الاهداف الذي عقد من اجلها.
واضافت المصادر ان المؤتمر حضره 36 شخصية عراقية يمثلون (فصائل واحزاب من داخل البرلمان العراقي!).. ويتسائل العراقيون أنه إذا كانت المشكلة هي بين البرلمانيين فلماذا لا يتصالحون داخل قبة البرلمان ويوفرون علينا هذه المصاريف الطائلة عن إيفادهم وسفرهم وإقامتهم؟
لقد أسهم برلمانيونا، في تحويل (المصالحة) الي مسخرة، وأكذوبة ومخادعة، ووسيلة للابتزاز والتربح والمتاجرة بقضية الشعب العراقي (الغائب)، وهم يكذبون علي أنفسهم إن قالوا أنهم يمثلون الشعب العراقي.. أو أن بأيديهم مفتاح حل أزمة العراق.
ان المؤتمرات التي عقدت او التي ستعقد لاحقا، سوف لا تتوفر لها فرص النجاح وامكانية تطبيق مقرراتها، طالما عقدت في او تحت رعاية دول او اطراف لها علاقة ومصلحة مباشرة او غير مباشرة بما جري ويجري في العراق، فأمريكا وحلفاء أمريكا لا يريدون أن يفرطوا بالكعكة العراقية، ثم إن المشكلة في العراق هي مشكلة معقدة فهي خليط بين الطائفية والسياسية والقومية وهناك الكثير من المشاكل المتشابكة والمعقدة والتي لا يمكن حلها بشكل كامل، لكنها تحتاج الي اجتماعات ولقاءات صريح، وتتطلب تحديدا صريحا للمواقف من قضايا أساسية تشكل لب المصالحة العراقية الحقيقية ومنها: الموقف من الواقع المفروض نتيجة الاحتلال وسلب السيادة الوطنية، الموقف من مبدأ المشاركة في السلطة والمحاصصة الطائفية والعرقية، الموقف من بقاء الاحتلال أو جدولة الانسحاب، الموقف من عروبة العراق، الموقف من الارتباط بالقوي الاقليمية وتفضيلها علي مصلحة العراق، الموقف من فدرلة او تقسيم العراق، الموقف من كركوك، الموقف من استثمارات النفط واحتكار الموارد لما تسمي بالأقاليم، قالوا في الاعلام بان فشل مؤتمر هلسنكي كان بسبب رفض الاكراد والمجلس الاعلي الاسلامي اعتبار العراق جزءاً من الوطن العربي معللين ذلك بأن في العراق قوميات ومذهب وطوائف مختلفة لا يجب ربطه بالأمة العربية وانما بالامة الاسلامية. وقد كشف النائب عن القائمة العراقية اسامة النجيفي لصحيفة الزمان الدولية ان العراق يعيش في اخطر مراحله خاصة عندما اعلن الاكراد والمجلس الاعلي بأن العراق دولة مصطنعة، متناسين التاريخ كله، وانه ليست دولة قديمة وانما انشأت حديثا ويجب ان يعاد صياغة تركيبها علي أساس مكوناتها العرقية والقومية والمذهبية.
حرام عليكم أيها البرلمانيون أن تحولوا أخطر قضايا العراق المصيرية إلي مسخرة ومتاجرة وسياحة صيفية وشتوية وموائد وفنادق ومشتريات، وتتناسون أن المصالحة العراقية لا تتم إلا من خلال الأعتراف بجميع مكونات العراق دون إستثناء ولا تهميش، ولا مصادرة رأي، ولو كنتم فعلا منتخبين من الشعب وممثلين له وحريصين علي مصلحته لكانت لقاءاتكم تحت قبة البرلمان كافية لحسم الأمر وإنقاذ العراق مما هو فيه من كوارث وأزمات.. حرام عليكم أن تتجولوا في مختلف عواصم العالم تبحثون عن (مفقود!) لو كنتم حريصين فعلا لوجدتموه حيث تجلسون في بغداد دون الحاجة للتنقل ما بين طوكيو وهلسنكي... وواأسفاه عليك يا عراق!
وكم انت مسكين ياعراق اذ يلعب بك وباسمك اللصوص والمنتفعون والمختلسون؟؟؟
نقول لتجار وسماسرة المصالحة تصالحوا فيما بينكم على موائد الحرام ونهب المال العام والاختلاس والتزوير واتركوا العراقيين وشانهم لان العراقيين متصالحون من دونكم لانكم أس البلاء!!
"مصالحة" أم عقود تجارة وسفرات سياحة؟ بقلم:معروف الكرخي
تاريخ النشر : 2008-07-12