بقلم : علي الياسري
ان عملية الاقناع وتقريب وجهات النظر بين التكوينات السياسية العراقية بدات تاتي أكلها لوضوح في الرؤيا وصدق في النوايا والوعود مع تطبيق عملي واقعي ملموس . هذا مايشعر به السياسين الحاكمون اضافة للمعارضين منهم . ناهيك عن ان الشارع العراقي بدا يلمس هذه الاجواء النقية التي لاتخلوا احيانا من تشكيكات هنا وهناك . فرئيس الوزراء العراقي نوري جواد المالكي بخطواته الثابتة والقوية وتحركه العسكري الايجابي في تحجيم وانهاء حكم المليشيات والعصابات المسلحة ممن ارادوا للبلاد السقوط في حرب الهاء لوقف عجلة التقدم والبناء قد افرزت تقبلا كبيرا لدى الاطراف المعارضة ان صح لنا قول ذلك . فجبهة التوافق العراقية التي خرجت من الحكومة منذ بضعة اشهر احتجاجا على ماوصفته بالتحييز المعادي للسنة . قد اكتشفت من خلال الاداء الحكومي المتميز في الاونة الاخيرة في ضرب المسلحين بقوة دون تمييز في انتماءاتهم الايدلوجية قد ازالت بذلك شكوك التوافقيين في زعم التحييز الذي كان ذريعة لخروجهم من حكومة المالكي . التي واجهت شتى الصعوبات والعراقيل . ويبدوا هذا التقارب ان يكون امتزاجا وطنيا يحمل ابعاد وافاق عريضة في التطلعات الوطنية للمستقبل العراقي من خلال اللقاء الودي بين طارق الهاشمي ورئيس الوزراء بعد تصريح الاول ضرورة ان يكون من الاولويات ان يعود حزب التوافق الوطني الى الحكومة وقد صدر من خلال ذلك اللقاء بيانا حكوميا حول مستقبل العملية السياسية واعادة بناء حكومة الوحدة الوطنية . فمستقبل العملية السياسية مرهون بالقناعة التامة للاطراف متعددة الميول وهذه القناعة تاتي من خلال تحقيق المشروعات المشتركة والمطالب ذات النفع العام والذي يعتقد البعض انه من اساسيات الاستقرار الامني فوق النسبي . فاشراك السنة في العملية السياسية هو من الامور المهمة وذات الاولية القصوى لتقويض الدعم المقدم لارهابيي القاعدة . وهزيمة القاعدة بالتالي يتيح الفرصة للقوات العسكرية العراقية ان تتسنم زمام المبادرة في المحافظة على الامن بدل القوات المتعددة الجنسية .
من هنا تخضع الحكومة العراقية الان الى ضغوط لكي تدمج في الجيش والشرطة مجاميع من المسلحين المحليين الذين وقفوا بوجه تنظيم القاعدة وكان لهم السبق في مواجهة المسلحين . وليس ببعيد عنا اهمية هذه الجماعات التي شكلت فيما بعد مااطلق عليه ( مجالس الصحوة ) في المناطق السنية او ( مجالس الاسناد ) في المناطق الشيعية . التسمية ليست بذات الاهمية قدر الدور الفعال والنتيجة المهمة في تحجيم دور القاعدة او المليشيات المسلحة واعطاء الدور الاكبر للحكومة العراقية وقوات الجيش والشرطة .
اهمية الدمج واشراك المقاتلين في الجيش والشرطة يحتاج بشكل او اخر الى ترتيبات واعدادات قد يكون عائقا في هذه العملية . لذا فان الراي السائد سيكون باتجاه تشكيل فيلق من العاملين المدنيين للمساعدة في اعمار البنى التحتية المدمرة ..
ومما يزيد هذا التقارب بين أصحاب الحل والعقد هو تلك الهجمات المتكررة من قبل العناصر الارهابية التي استهدف عناصر الصحوات وقادتها بسبب الياس كما حدث مع عائلة الشيخ عبد الستار ابو ريشة الذي اثار حفيظة ابناء العراق من السنة وقاموا بتشكيل او مجلس لهم على يد الشيخ عبد الستار ابو ريشة وفي مقتل الاخير بعبوة امام منزله . تحالفت وتكاتفت العشائر مبرهنة على ولاءها للعراق .. وعلى هذا النهج السوي انضم اكثر من 49 زعيم قبيلة وعشيرة . ان الاعتماد على القانون ومحاربة الارهاب معيار اساسي لتشكيل هذه الصحوات .
وهنا لابد من الاشارة الى مقولة حكمت سليمان ( عضو الامانة العامة لمجالس الصحوة ) حين سخر من تنظيم القاعدة في اتهام هذه الصحوات بولائها وتعاونها مع القوات الدولية قائلا ( كيف يجرؤ المجرمون الذين يرسلون الانتحاريين لقتل النساء والاطفال والمشيعين على اتهامنا بهذه الطريقة . نحن من يريد ان يعيد القانون الى نصابه ).
ولابد من الاشارة الى قوة ابو سيف الجبوري التي تسيطر الان على منطقة الفتحة كركوك . هذا الرجل يضم الان اكثر من 885 مقاتل يقومون بحماية انبوب النفط الناقل ويسيطر الان على اكثر من 80 نقطة تفتيش . مما اثار العصابات على محاولة اغتياله مؤخرا ان انضمام قوات ابو سيف الى اجهزة الجيش والشرطة اصبح ضرورة تطرق لها رئيس الوزراء العراقي في مؤتمره الاخير قائلا ( ان الامن وانفاذ القانون هما من مسئوليات الدولة والحكومة . ويجب ان ياخذ الطريق الصحيح لتوطيد النوايا الحسنة لمجالس الصحوة ...
ولابد لنا من الاشارة الى الفقيد الشيخ ناجي الجبارة الذي استهدف من قبل جماعات تنظيم القاعدة قبل تاسيس الصحوات لما كان لدوره الاثر البارز في توحيد صفوف العراقيين ونبذ الارهاب الذي طال أبنه الشيخ معاوية لانه سار على خطى والده الفقيد في دعم جهود الدولة من اجل ايقاف نزيف الدم العراقي .
تقارب وجهات النظر العراقية بين الاطراف السياسية بقلم : علي الياسري
تاريخ النشر : 2008-07-12