الكفاح المسلح واستراتيجية التحرير بقلم:احمد موسى
تاريخ النشر : 2008-07-12
من نشرة "طريق العاصفة" العدد الاول

الكفاح المسلح واستراتيجية التحرير

يمزق الاحتلال الأجنبي حدود الدول والشعوب المحتلة ويقوم بتدمير حكوماتها وقواتها المسلحة المتصرفة بحقها في الدفاع عن النفس وتعطيل أنظمتها الدستورية ومؤسساتها السيادية وكافة مظاهر شخصيتها الوطنية المستقلة,ويفرض بديلا عنها بالقوة والإكراه المسلح الأنظمة والقوانين العسكرية والتعليمات والإجراءات القمعية المرافقة لها وبالتالي تقف هذه الدول والشعوب أمام كل الحقائق والوقائع والأحداث التي تقوم على سلب حريتها واستعبادها في التاريخ.
وفي ظل غياب ولاة الأمر الوطنيين والقائمين على إدارة حقوقها وفقا لأنظمتها الدستورية التي كانت قائمة قبل الاحتلال.
إن مثل هذه الوقائع الاستثنائية في حياة الشعوب المحتلة تفرض على كل صاحب عقل وبصيرة من أبنائها المخلصين العودة الى جماهير الشعب الواقع تحت الاحتلال وتجنيد أبنائها وتسليحهم لمواجهة القمع والاغتصاب المسلح بإرادة الحق المسلحة في الدفاع عن النفس وليس بالوعظ والإرشاد ومهرجانات الحديث عن جرائم الاحتلال,حيث إن الاحتلال الأجنبي يعرف بصورة قاطعة انه بكل أشكاله القائمة يمثل جريمة مستمرة بحق الشعب المحتل وان الرأي العام الذي يعول عليه هذا الشعب في تحرير نفسه ما هو إلا حجة الضعفاء والهاربين من مواقع القتال وصناعة الوقائع المؤذية للقوات العسكرية المحتلة وبالتالي يعرف الاحتلال أكثر من غيره وقائع الجرائم التي يصنعها بحق هذا الشعب ويسعى أن لا يعرف هذا الشعب طريقة الرد المسلح عليها وينشغل في معارك مدنية ومهرجانات لا تؤذي القوات العسكرية المحتلة على الأرض.
إن الكفاح المسلح لمواجهة الاحتلال الأجنبي هو الضرورة التاريخية الأهم لاستمرار حياة الشعوب المحتلة وحماية الحق والعدل والإنصاف ورد الواقعة بمثلها وليس البحث عن رد آخر اقل خطورة على القوات المسلحة التي تمارس الاحتلال ,هذا هو قانون الصراع المسلح وهذه هي القاعدة التي تحتكم إليها الشعوب الحية في الدفاع عن نفسها وبالتالي يباشر الشعب المحتل ومن خلال القوى الوطنية بين أوساطه, كفاحه المسلح ضد الاحتلال الأجنبي بوضع الريادة الفكرية المناسبة في الكفاح المسلح والصيالة الأكثر استجابة لإمكانياته العسكرية وقدرته على التنظيم والتسليح في الحرب الوطنية التي يخوضها وذلك استجابة لواقع الصراع الدائر وضمان حدته واحتدامه حيث تبدأ الريادة الفكرية في الكفاح المسلح بدراسة إمكانيات الاحتلال من الناحية العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ومراكز تموضع قواته المسلحة وحركة هذه القوات وأماكن قيادتها وإدارتها العسكرية وأساليبها النظامية في القتال وهيكلية مهامها اليومية في مناطق عملياتها ومن ثم وضع الإستراتيجية المناسبة لمداورتها ومباشرة قتالها في الأماكن الملائمة لتصفيتها وإيقاع الإصابات الموجعة بين صفوفها وتشكيلاتها الحربية وبالتالي جعل الريادة الفكرية في وضعية متحركة من التكتيك الاستراتيجي الذي يمكن الكفاح المسلح من تطوير أدواته الحربية وخدمة استراتيجية التحرير وضمان تطبيقها على الدوام.
إن الريادة الفكرية في الكفاح المسلح هي الخطوة الأولى والأكثر أهمية في بناء استراتيجية التحرير وتحويلها الى عقيدة شعبية في حياة الجماهير المحتلة وقيمة وطنية سارية بين عروقها طوال مراحل الكفاح المسلح وعلى مدار الأيام والسنين حيث تبدأ الفصائل الوطنية بعد وضع الريادة والصيالة المناسبتين لتفجير الكفاح المسلح بإنشاء المواقع والمعسكرات التدريبية ومراكز الإمداد والتجهيز والدوائر الإدارية والقيادية والإعلامية وتغطية سائر بنود الاستراتيجية القتالية المنبثقة عن هذه الريادة وتعبئة دوائر وتعليمات استراتيجية التحرير وتنفيذ المخططات والأهداف الواردة فيها استنادا الى قوة الجماهير الشعبية واعتمادا عليها في كل الأحوال والظروف وعدم الارتهان لأيها قوة عسكرية أو سياسية من خارجها, لذلك كانت الريادة الفكرية للكفاح المسلح الفلسطيني في حركة فتح تنطلق من الدراسة الشمولية والتفصيلية لواقع الاحتلال على الأرض الفلسطينية وكافة مكونات المشروع الاستعماري الصهيوني من الناحية العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وتستقيم على تحديد الأهداف الأساسية للشعب العربي الفلسطيني في الثورة الشعبية المسلحة ووضع الاستراتيجية والتكتيك المناسبين لمواجهة هذا المشروع ومشاغلة آلته العسكرية واستنزافها والاستمرار في هذه المشاغلة حتى إرهاقها وتحطيم قدراتها القتالية ومن ثم القضاء عليها مهما طالت الأيام وامتد الكفاح المسلح في عمر السنين,وذلك الى جانب الاستهداف المباشر لكافة المكونات الأخرى للمشروع الاستعماري الصهيوني ومشاغلته واستنزافه في بقية البنود الأساسية الواردة في قواعد ومنطلقات الريادة الفكرية في الكفاح المسلح الذي تنادت على أساسه الجماهير الوطنية الفلسطينية وآمنت بحركة فتح طريقا للتحرير والعودة حيث كان الأيمان بحتمية انتصار الثورة الفلسطينية هو المفتاح السري لدخول المناضل من أبناء حركة فتح في عالم جديد من العلم والمعرفة الوطنية والكفاحية يمكنه من فهم الريادة الفكرية في الكفاح المسلح الفلسطيني فهما عقليا واعيا يجعل منه ثورة في إنسان وإنسان في ثورة قادر على التوحد والانصهار في روح الشعب المقاتل والتخلق بأخلاقه الوطنية الأصيلة وبذل الجهد والدم والمال في سبيل الأهداف التي يناضل من اجلها وهكذا سيكون في المستقبل بأذن الله متمسكا بعقيدته الوطنية ومستمرا في القتال ومشاغلة الاحتلال الصهيوني واستنزافه في المحاور العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى القضاء عليه وتحطيم وجوده وأهدافه وذلك على نفس المنهج والدليل الواردين في الريادة الفكرية والكفاح المسلح الفلسطيني وتأكيدا على الأيمان بهذه الريادة حتى اجتراح النصر العظيم.

انتهى.
احمد موسى

لا عزة لأمة تنام على حق مسلوب ولا تقوى على استرجاعه

الزعيم العربي الراحل سعد زغلول