الغرب.. وتكريم المرتدين بقلم:محمد أحمد عزوز
تاريخ النشر : 2008-07-11
لقد أصبت بخيبة الأمل وأنا أشاهد نشرة الأخبار، عندما سمعت ورأيت أن ملكة بريطانيا قد كرمت المرتد سلمان رشدي، الذي تطاول في كتاباته على الإسلام ورسوله.
فمنذ العام 1988 أصبح سلمان رشدي، الذي انسلخ عن دينه الإسلامي الحنيف، ولجأ إلى الغرب، اسماً يثير الجدل، وذلك ليس للأسباب الأدبية أو نتيجة قراءة واعية لما يبدعه من روايات، ولكن لأسباب أقل ما توصف بالمثيرة للشفقة والعطف.
فبريطانيا التي منحته وسام الفارس، لاحقت المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفينج الذي حكمت عليه محكمة نمساوية بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب موقفه من المحرقة اليهودية «الهولوكست»، وتعاونت مع النمسا في إصدار هذا الحكم تطبيقاً للقانون الأوروبي الموحد القاضي بتعقب كل مفكر أو كاتب أو أديب يشكك في المحرقة، أو يدعو إلى مراجعة التاريخ بهذا الخصوص.
وتكريم الملكة إليزابيث لسلمان رشدي لم يكن محض الصدفة، بل هو أسلوب متبع، لأنه كثيراً ما يختفي الغربيون خلف الكتّاب المنسلخين من أصولهم المسلمة، ويدفعونهم للإدلاء بتصريحات مضادة للإسلام وأهله، ولجأوا إلى تطبيق هذه الاستراتيجية في معظم العواصم الأوروبية، وقامت وسائل إعلامهم المأجورة بتسليط الضوء على كل من باع آخرته بدنياه، لإظهار مسألة تبرؤ المسلمين من إسلامهم في الغرب، وبالتالي يحققون هدفين، أولهما: حمل المسلمين على ترك إسلامهم ومصدر قوتهم وعزتهم، وثانيهما: دفع الغربيين لعدم الاهتمام بهذا الدين بحجة أنه يهدد حريتهم وديمقراطيتهم، كما يقول بعض المنسلخين من دينهم. والغرض من ذلك وقف ظاهرة الأسلمة، وهي الظاهرة الخطيرة التي باتت تؤرق الغرب.
ودليلنا على هذا أن الدول الغربية منذ أن فكرت في تطبيق نظام الجوائز، لم يحصل أي كاتب عربي أو مسلم، متمسك بدينه أو بعروبته على أي جائزة مهما بلغ من الحنكة والفصاحة والثقافة. وهذا على الرغم من أن هناك الكثير من الكتّاب الغربيين من أصول مسلمة يعيشون في الغرب ويكتبون الروائع، لكن لم يحظوا بأي جائزة أو اهتمام من الغرب بسبب إبرازهم لهموم بلادهم في نتاجاتهم الفكرية.
وعلى ما يبدو أن سلمان رشدي وجد بروايته الأخيرة ضالته مجدداً لينضم إلى عصبة تجار الثقافة للبحث عن منابت التطرف في العقيدة الإسلامية، بدعوى الكشف عن أصولها، وإعادة صياغته بالطريقة التي تلائم أسياده في الغرب. ويأتي هذا كله في الوقت الذي يتعرض فيه الفقهاء المسلمون لضغوطات سياسية لا حصر لها، لتنقية الإسلام من تهم التطرف، دون إفساح المجال ديمقراطياً لهم لشرح الحدود الأصيلة لكتاب الله وسنة رسوله والدعوة إلى الإسلام بالحسنى.
وهذا وغيره ناتج عن غيرة الغرب وأبناء الصليب من أتباع الدين الإسلامي، لأن كل الشواهد تدل على أن الإسلام هو أكثر الأديان انتشاراً، وهو الدين الوحيد الذي تكفل الله بحفظه من التحريف، وأن أذى النبي (ص) عبر التاريخ لم يزده إلا قوة وصلابة.
وعلى الغيورين من أبناء الأمة أن يعلموا أن الذين أرادوا أن يمسوا هذا الدين بأي أذى عبر التاريخ لم يطفئوا له شعلة، لأن الله تعالى تكفل بحفظه، بل على العكس هم الذين انطفأوا وغاصوا في مذبلة التاريخ.
وخلاصة القول: فأنا مع مقاطعة كل من حاولوا النيل من هذا الدين العظيم، ومع العمل الجماعي العاقل والمهذب، ومع ردة الفعل بالطريقة الصحيحة، التي لا تضر بمصالح الوطن والمواطنين. لأن ما يفعله بعض إخواننا من شراء أعلام الدول وحرقها، أو إهدار المال العام، هو خطأ جسيم وفادح، ولم يُصِب أعداءنا بضرر، بل يضرنا نحن أصحاب البلاد، وأنا مؤمن تماماً أننا من يصنع لهذه الحثالة من البشر تاريخاً ومجداً، بسبب إظهارنا لغضبنا، وسلوكنا غير الحضاري في التعامل مع مثل هذه الأمور. وعلينا أن نتعامل مع الأمور بحكمة.. ولا نخاف على ديننا من الأعداء، لأن الذي بعثه قادر على الدفاع عنه، أما محمد (ص) فقد تكفل الله بنصرته وهذا يكفينا.

محمد أحمد عزوز
مصري مقيم بدبي