عبد ربه و وقف الاتصالات مع اسرائيل 11-7-2008
بقلم : حمدي فراج
لا نعتقد أن بمقدور منظمة التحرير وقف الاتصالات مع اسرائيل وفق التصريح الذي ادلى به أمين سر المنظمة ياسر عبد ربه مؤخرا ، ذلك أن المنظمة لم تضع بديلا لمنهج الاتصالات والمفاوضات التي انتهجته منذ توقيعها اتفاقية اعلان المباديء في اوسلو قبل حوالي خمس عشرة سنة .
جماهير الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ايضا تدرك ان التصريح اعلاه ليس جادا ، وإنما ربما يندرج في باب الاستهلاك والنشاط الاعلامي "نحن هنا " أو من باب التحرد والتشرط والتمرد الذي يلجأ اليه الولد لنيل ما يريد من والديه ، اسرائيل نفسها لا تصدق جدية الموضوع وتعرف في قرارة نفسها ان المنظمة قد تم استفراغ آخر محتويات مضامينها التي أنشئت عليها وتأسست عندها ، ولهذا واجهت اسرائيل بغض النظر عن الحكومة التي تضطلع بسلطتها اي محاولات جدية من ذاك القبيل بقبضة حديدية وصلت حد عزل الرئيس عرفات ومحاصرته في مقره بالمقاطعة حتى الموت ، وقبلها زجت بمروان البرغوثي في السجن وأصدرت ضده أحكاما خيالية بلعت خمس مؤبدات أمضى منها ما أمضى في أقسام العزل ، وقبلها قصفت ابو علي مصطفى أمين عام الجبهة الشعبية في مكتبه برام الله بصاروخ لم يبق ولم يذر . وهناك بالطبع عشرات الأمثلة إزاء المحاولات التي كانت ترى فيها اسرائيل انها جادة في حرف بوصلة المنظمة عن مسارها الجديد او العودة الى مسارها القديم .
ولهذا بالتحديد ، تذهب الحكومة الاسرائلية اليوم بعيدا في قراراتها التي تستهدف القضية الفلسطينية برمتها ، شعبا وأرضا ومفاهيم ، استيطان يتصاعد بتسارع مضطرد ، فمنذ أنابوليس في تشرين ثاني الماضي ازداد الاستيطان ما نسبته 12% من مجمله عبر اربعين سنة ، والقدس عاصمة للدولتين أصبح أشبه بالمستحيل لما تم ترسيخه من وقائع عنيدة على أرض الواقع بما في ذلك الجدار ، واللاجئون هم الذين يتم ترسيمهم من خلال بطاقات جمع شمل العائلات كي يقيموا في مناطق السلطة لا أكثر . والحدود نموذجها معبر رفح ، وما يتطبق هناك مع مصر يتطبق في معبر الكرامة مع الاردن . وهكذا دواليك مع بقية القضايا الأخرى ، بما في ذلك المياه والمرتبات والمساعدات والنفقات ، وحتى البضائع التي ندفع ثمنها ، فإن اسرائيل تتحكم في نوعيتها وكميتها .
لن تستطيع المنظمة وقف الاتصالات مع اسرائيل الا بالمعنى الذي يكرس بقاء الاولى في دائرة هيمنة الثانية ، بمعنى وقف الاتصالات دون الاقدام على خلق البدائل ، وذلك لضمان الحصول على "المكتسبات" والامتيازات الوهمية التي تساعد استمرار الحال على ما هو عليه ، او تجنبا للمصير الذي آل اليه من نحوا منحى ثالثا حصارا وقتلا وأسرا . لربما سنسمع تصريحا استدراكيا يفيد وقف الاتصالات لمدة شهر مثلا ، هذا يجعل الاشياء أكثر معقولية وانسجاما مع بعضها البعض .
عبد ربه و وقف الاتصالات مع اسرائيل بقلم : حمدي فراج
تاريخ النشر : 2008-07-11