في الجزء الاخير من هذا البحث سوف اتناول قضيتين أساسيتيين الاولى علاقة حزب التحرير بفلسطين والثانية تكفير اهل السنة والجماعة لحزب التحرير واعتباره مرتدا يتبع منهج المعتزلة (مجوس العصر).
فبعد ان بينا بطلان ادعاء حزب التحرير بشرعية الخلافة وان قوله ان الله امر بها هو مجرد هراء وهرطقة فالاية الكريمة،" وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ، يعبدوني لا يشركون بي شيئا ، ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون".
ليس المقصود بها الخليفة او نظام الخلافة لأن الله جل وعلى لم يطرح في كتابه العزيز نوع نظام الحكم أي تسمية الحاكم (فرعونا او ملكا او رئيسا للجمهورية او اميرا او امبر اطورا ) ، وانما وضع الله سبحانه وتعالى منهجا للحكم على الحاكم المسلم ان يطبقه بغض النظر عما اذا كان اسمه خليفة او اميرا او ملكا او امبر اطورا الى اخره.
كما ان الاية السالفة الذكر التي يضعها حزب التحرير في وجه كل معترض على الخلافة المقصود بها الانسان بصفته المطلقة (البشر جميعا) استخلفهم الله في الارض ليعمروها ويطوروها، وتفسيرها واضح لا يقبل اللبس "كما استخلف الذين من قبلهم" . أي الناس الذين قبلهم ، فلم يكن للناس الذين قبلهم خليفة، وليس لهذه الاية الكريمة أي صلة بخليفة او غيره بمعنى الحاكم.
وكذلك الاية الكريمة " .. اني جاعل في الارض خليفة.. الخ " تعني نفس المعنى ولا داعي لحزب التحرير ان يفسر الايات على على هواه ويعتمد على جهل الناس.
وايضا الاشارة الوحيدة التي اشار بها الرسول في حديث له (ان كان صحيحا) الى "الخلافة الراشدة ثم سكت " بينا في الاجزاء السابقة كيف انه كان يعدد تقلبات انظمة الحكم في الدنيا والمتغيرات المتوقعة وان توقفه عند تعبير الخلافة الراشده لا يعني ان التاريخ سيتوقف عند خلافة راشدة سيقيمها حزب التحريرالى يوم القيامة.
وبالتالي نكون قد بينا بطلان اول ركائز حزب التحرير والقائمة على عودة الخلافة وعززنا ذلك ببطلان ادعائه بانه يتبع سنة الرسول ومنهجة عندما بينا ان الرسول جاء من اجل التغيير والارتقاء وتطور البشرية ولم يات ليحافظ على دين ابائه واجداده وسلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم ونظامهم الاجتماعي، وبالتالي فان دعوة حزب التحرير النقيضة للتطور والساعية الى الرجوع بالبشرية 1400 سنة الى الوراء هي دعوة رجعية متخلفة وخرافية لا تنسجم ابدا مع جوهر الرسالة الاسلامية وسنة الرسول الكريم.
ثم بينا التضليل الذي يمارسه حزب التحرير من خلال عبارة (مبدؤنا الاسلام) وعرضنا الفلسفات او المذاهب او العقائد (وكلها واحد) التي انقسم بينها المسلمين (الجبر والتفويض والاختيار) وكيف يخفي حزب التحرير انتماؤه مع العلم ان اهل السنة والجماعة يتهمونه بانه يتبنى فكر المعتزلة.
وبينا كذلك ان حزب التحرير انما هدفه السيطرة على السلطة اينما استطاع لذلك سبيلا ليفرض حاكما طاغية مستبدا. ليفرض بعد ذلك الدين الاسلامي على العالمين، ويبول احد فرسانه على كرسي بابا الفاتيكان.
ففي تحديده لاهدافه تقول مستنداته الرسمية "انه يعمل لاقامة دولة الخلافة، والتي ينصب المسلمون فيها خليفة يبايعونه على السمع والطاعة على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وعلى أن يحمل الإسلام رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد".
وفي الجزء الاخير من هذا البحث ساتناول قضيتين كما سبق واشرت هما علاقته بفلسطين، ونظرة اهل السنة والجماعة للحزب وتكفيرها له واتهامه بانه من اتباع المعتزلة وينكر ما جاء بكتاب الله.
اولا: حزب التحرير يعترف انه ليس فلسطينيا
يقول الدكتورماهر الجعبري احد (امراء) قادة حزب التحريرفي مدينة الخليل واحد مسؤوليه الاعلاميين في الضفة الغربية في تصريح له /الرأي نيوز/ معاتبا الاعلام الذي يلصق كلمة فلسطين باسم الحزب فيسميه حزب التحرير الفلسطيني ، بان اجهز الاعلام تقول ذلك ” متاغبية أو متناسية أنه لا يوجد حزب بهذا الإسم". ويضيف الجعبري في مقال له ان "البعض الآخر يعرض حزب التحرير في فلسطين وكأنه فصيل فلسطيني يتنافس لملء فراغات تتمخض عن صراعات فصائلية أو مكتسبات سلطوية".
وفي ذلك اعتراف واضح بان جزب التحرير ليس حزبا فلسطينيا.
ويؤكد الحزب عدم فلسطينيته من خلال التعريف عن نفسه في ادبياته الاساسية بالقول" ان حـزب التحرير حزب سياسي، عالمي، الإسلام مبدؤه، والسياسة عمله، وهو يعمل بين الأمة ومعها لتتخذ الإسلام قضية لها، وليقودها لإعادة الخلافة والحكم بما أنزل الله إلى الوجود".
وفي هذا العريف لا يوجد ما يمت بصلة الى فلسطين من قريب او بعيد اللهم الا كونها جزء من الامة الاسلامية المنتشرة في العالم، وبالتالي يمكن ان يكون اهتمام الحزب بالشيشان او بالصين كما حاول احد اتباع حزب التحرير ان يوصل لي رسالة اليوم تضمن خبرا وكان التنين الصيني على وشك الانهيار حت ضربات اتباع الخلافة التحريريين. اكبر من اهتمامه بفلسطين ؟
ومع ذلك السيد ماهر الجعبري غاضب لان (تأتمر الفصائل الفلسطينية (أي تعقد مؤتمرات) في دمشق وتتلاقى الحركات الفلسطينية في غيرها من العواصم العربية وفي فلسطين، وتقاطع فصائل أخرى ذلك المؤتمر وغيره من اللقاءات، ويتكرر المشهد، ويتحدث الإعلام عمّن حضر وعمّن قاطع، ولا أحد يذكر حزب التحرير: لا بين المجتمعين ولا بين المقاطعين).
انه امر عصي على الفهم ... فقط على من ليس له عقل ، فكيف تدعى يا سيد ماهر انت وحزبك الى مؤتمر فلسطيني وانت لست فلسطيني، انت الذي تقول ان حزب التحرير ليس حزبا فلسطينيا!!!.
ويقع حزب التحرير في تناقض قاتل عندما يقر ان حزبه ليس فلسطينيا ، ويدعي انه يحرك الألوف المؤلفة من أهل فلسطين يستصرخون جيوس المسلمين للزحف إلى بيت المقدس وأكناف بيت المقدس لتحريرها من احتلال يهود. فهل اهل فلسطين ليسوا فلسطينيين واصبحوا كحزب الحرير عالميين وخلافيين.
الا يعتبر حزب التحرير قوله هذا على لسان الدكتور الجعبري منافيا للحقيقة والواقع ، فاهل فلسطين متمسكون بوطنهم ويناضلوا من اجل وقدموا مئات لاف الشهداء من اجل تحرير بلادهم واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وما زالوا يقدمون؟.
اهل فلسطين يا سيد ماهر فلسطينيون مسلمين ومسيحيين ويهود، يناضلوا لتحرير بلادهم لان فيها بيوتهم وارضهم وتاريخ اجدادهم وليس لانها ارض اسلامية او غير اسلامية، من المحتل الاجنبي، واقامة دولتهم الديمقراطية الديمقراطية، ويمثلهم احزاب وقوى وتنظيمات فلسطينية، حزب التحرير ليس منها.
ويندب السيد ماهر حظ الحزب الذي تتجاهله القوى الوطنية الفلسطينية فيقول (لعلّ نفي الحزب صفة المحلية أو الوطنية عن نفسه وعن اسمه تكون عند البعض السبب الذي يجعل بعض قادة الفصائل لا يذكرون حزب التحرير ضمن سياقات تجاذباتهم أو تنافراتهم ! فلا نسمع رئيس حكومة أو سلطة ولا قائد فصيل إسلامي أو غير إسلامي يذكر اسم الحزب عندما يعدد المواقف: يؤيدها أو يعارضها فيما يتعلق بالشأن السياسي الفلسطيني. ولا يتسلم حزب التحرير دعوة لحضور تلك المؤتمرات والاجتماعات، لا من المؤيدين ولا من المعارضين).
يا سيد ماهر مالك ومال الشأن الفلسطيني هذه فصائل وطنية فلسطينية تبحث في الشأن الفلسطيني وانت حزب عالمي تريد اقامة الخلافة فاذهب الى حيث العالم واقم خلافتك على كيفك.
وكفى هراء وتزويرا للحقائق فلا يصدق قولك عاقل عندما تقول "ولكن المنصف المتبصر يدرك أن حزب التحرير قد حرّك الألوف المؤلفة قبل أن تجرى الإنتخابات التشريعية الأخيرة في أكثر من مناسبة"..
ويضيف الجعبري قوله "إذن كيف يمكن أن ينسب هذا الاكتساح الشعبي والتأييد العارم، الذي حظي به ويحظي به هذا الحزب الذي يعبّر عن مكنون الأمة، إلى حالة التنافس بين الفصائل الفلسطينية"؟
لعلك يريد القول ان حزب التحرير اصبحت له السيطرة والسطوة في الشارع الفلسطيني وان فتح وحماس والجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وغيرها من فصائل العمل الوطني كلها تلاشت او على وشك وان تنصيب خليفة المسلمين في القدس بات قرب قوسين او ادنى.
لا بأس سيد ماهر فانت تمارس لعبة الاعلام وهذا حقك وطالما انت مسؤول اعلامي فعليك ان تظهر حزبك بأبهى صوره حتى لو كان ما تقوله وانت تعرف وحزبك يعرف كم هو قول هراء وزيف وتضليل.
فاللعبة مكشوفة تماما وواضحة وبنصوص ادبياتكم (القليلة) انكم لستم فلسطينيين انتم ناس عالميين تنتمون لحزب عالمي.
ولذلك يجب الا يستغرب احد لماذا حزب التحرير لم يقدم في تاريخه أي عمل من اجل فلسطين فانطلاقا من كونكم لستم حزبا فلسطينيا ، فاحتلال فلسطين منذ 60 عاما لا يعنيكم ابدا، ولا يحتاج من عباقرتكم ومفكريكم يا حزب الكفاح السياسي ان يضعوا عن فلسطين حتى سطرين في برنامجكم ، كل ما يعنيكم من فلسطين ان ينضم شعبها لرعايا الخليفة "الخرافي" الذي بات على الابواب كما قال احد اتباعكم في احدى رسائله لي.
ولمن يعتقد مضللا ان لدى حزب التحرير نظريته الخاصة بتحرير فلسطين يمكنه ان يمعن النظر جيدا بهذه العبارة التي قالها السيد ماهر الجعبري في مقالته وتؤكدها المطبوعات الرسمية للحزب اذ يقول : لعل بعض الإعلاميين يرى أن لحزب التحرير معزوفة واحدة لا يسأم من تكرارها، كلماتها في نسق واحد: تحريك الأمة للمطالبة بالخلافة واستنهاض الجيوش للقيام بدورها للتخلص من هؤلاء الحكام الرابضين على صدور الأمة، ومن ثم حرب لا هوادة فيها مع المحتل الغاصب". (وهذا اعتراف بتكرارها).
وفي موقع اخر من مقالته يقول الجعبري "ان حزب التحرير يعمل لاقامة الخلافة الاسلامية ثم ياتي لطرد المحتل يهود من فلسطين".
والعبارتان واضحتان جدا ومعناهما ان المهمة الاولى والرئيسية لحزب التحرير هي اقامة الخلافة الاسلامية ومن ثم تات الجيوش الجرارة للخليفة لتطرد اليهود من ارض فلسطين.
وهذا ابلغ تعبير وتفسير لعدم قيام حزب التحرير باي جهد من أي نوع ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، فلم يطلق طلقة واحدة على قوات الاحتلال وليس له اسير واحد او شهيد واحد سقط في معارك ضد الاحتلال، ولم يؤازر او يتعاطف مع الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية طيلة عمر الملحمة التي يسطرها الشعب الفلسطيني منذ 60 عاما. بل وقف موقفا معاديا للثورة الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية التي استطاعت ان تفرض للشعب الفلسطيني وجودا بين شعوب العالم ، وما زال يعمل ويحرض ضد السلطة الوطنية الفلسطينية التي تناضل لانتزاع حق تقرير المصير واقامة دولة فلسطين على ارض فلسطينية.
وهناك عشرات الاسئلة المتعلقة بموقف الحزب من فلسطين اتمنى ان يمعن فيها النظر كل الفلسطينيين ليدركوا عمق التضليل الذي يمارسه هذا الحزب ومنها:
1 – ما هو برنامج حزب التحرير الخاص بفلسطين؟؟
2 – من سيتحقق اولا تحرير فلسطين ؟ ام اقامة الخلافة الاسلامية الراشدة؟
3 – هل سيتم التوجه لتحرير فلسطين بعد اول نجاح للحزب بعمل انقلاب على احد الحكام في أي بلد اسلامي ؟ ام عندما ينجح بالسيطرة على انظمة الحكم في كل البلاد الاسلامية ثم ياتي دور فلسطين؟
4 – اذا نجح انقلابه على احد الانظمة الا يتوقع ان تتصدي له الانظمة (التابعة للكفار حسب وجهة نظره) ومعها كل الدول الكافرة وبالتالي ستشغله عن تحرير فلسطين؟
5 – ومنذ الان وحتى يتمكن الحزب من اقامة الخلافة الراشدة ماذا ينصح اهل فلسطين؟ هل يطالبهم بالصبر باعتباره مفتاح الفرج؟ هل يطالبهم بحل تنظيمات واحزاب وحركات المقاومة الوطنية؟ هل يطالبهم بالهجرة من فلسطين الى ان تعيدهم الخلافة الى ديارهم؟ هل يكفوا عن مقارعة الاحتلال سلما ووحربا ودبلوماسيا وثقافيا لان كل ذلك لن يجدي نفعا طالما الخليفة ما زال يزين شعره وينتقي جلبابه وعبائته وعمامته لاعتلاء الكرسي؟
عشرات بل مئات الاسئلة الاخرى ترد على السن الجميع، وقطعا ليس لدى حزب التحرير اجابة علها حتى لو كانت عنده الرغبة ، وتكرم وتعطف وقبل ان يكون حزبا فلسطينيا ، فما بالنا عندما لا يكون حزبا فلسطينيا، فهل من المعقول ان نطالب حزبا المانيا او فرنسيا او بنغلاديشيا بان يضع برنامجا نضاليا للشعب الفلسطيني.
يقول حزب التحرير " وعدم استعمال الحزب القوة المادية للدفاع عن نفسه، أو ضد الحكّام، لا علاقة له بموضوع الجهاد، فالجهاد ماض إلى يوم القيامة فإذا ما هاجم الأعداء الكفار بلداً إسلامياً وجب على المسلمين من أهله ردهم، وشباب حزب التحرير في ذلك البلد جزء من المسلمين يجب عليهم ما يجب على المسلمين من قتال العدو وردّه بوصفهم مسلمين. وإذا ما وجد وقام أمير مسلم بالجهاد لإعلاء كلمة الله واستنفر الناس فإن شباب حزب التحرير يلبون بوصفهم مسلمين في ذلك البلد الذي حصل فيه الاستنفار".
اذا كان هذا موقف الحزب فلماذا لم يدافع عن ارض فلسطين المسلمة التي يحتلها الكفار؟ لماذا لم يساهم شباب حزب التحرير بقتال العدو ورده، ام ان فلسطين ليست من بلاد المسلمين، اما اذا كان الموضوع يتعلق بأمير فوالله لدى حماس الاف الامراء، وحماس نظيم اسلامي سني، ثم لماذا لا يكون الامير من حزب التحرير نفسه؟
كفى هراء ودجلا وتضليلا فحقيقتكم معروفة ومكشوفة فانتم طلاب سلطة وحكم ومصالح شخصية ، لا رسالة لديكم ، ولا مذهبا معروفا، ولا عقيدة واضحة، ولا اهداف واضحة ، كل ما تقولوه وترددوه جمل غامضة مطاطة تقبل الف تفسير وتفسير، وتمكنكم من الالتفاف والمداورة والمراوغة.
هذه حقيقة حزب التحرير وحقيقة موقفه من القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
ثانيا : ماذا يقول اهل السنة والجماعة بحزب التحرير
اثرت اضافة هذا البند الى الجزء الاخير من البحث ، حتى يكف اتباع الحزب عن وصمي بمعاداة الاسلام والمسلمين، وبالخبيث والجاهل، والذي يفتي بغير علم، ودعاني البعض مشكورا لترك السياسة والفقه لاهله من الرجال الى اخر المعزوفة.
فها هي جماعة اسلامية (بالتاكيد لا اتفق مع منهجها او فكرها) لكنها جماعة لها ثقلها ووزنها في حياة المسلمين تكفر حزب التحرير وتقول انه من المعتزله الذين يطلق عليهم تعبير مجوس العصر: وفيما يلي بعض ما يقوله اهل السنة والجماعة بحزب التحرير:
يقول اهل السنة والجماعة : ظهرت جماعة من الناس يسمون «حزب التحرير» يحرّفون دين الله، وينشرون الأباطيل، ويثيرون الخلافات التي لا معنى لها. وقد أسس هذا الحزب رجل يسمى تقي الدين النبهاني ادعى الاجتهاد وخاض في الدين بجهل، فوقع في التحريف والتكذيب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخرق الإجماع في مسائل من أصول الدين وفروعه.
ويتسائل اهل السنة والجماعة : من هو تقي الدين النبهاني؟ فالمجتهد يشهد له أهل العلم بذلك ولم يشهد أحد من العلماء المعتبرين لتقي الدين النبهاني بذلك ولا بأقل من ذلك مرتبة، وأنَّى يكون مثل هذا الرجل مجتهدًا.
ويتابعوا قولهم : فقيامًا منَّا بالواجب الذي افترضه الله علينا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصح المسلمين وتحذيرهم من هذا الحزب وأقواله كتبنا هذه الأوراق على وجه الاختصار ذاكرين أقوالهم ومفندين ءاراءهم، محتجين عليهم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال العلماء فإن التحذير من أهل الضلال أمر واجب، فكما أن التحذير ممن يغش المسلمين في السلع واجب، فالتحذير ممن يدسّ في الدين ويحرفه ويفتري على الله ورسوله واجب من باب أولى، قال الله تعالى: {ولتكُنْ منكُم أمَّةٌ يدعونَ إلى الخيرِ ويأمرونَ بالمعروفِ وينهَونَ عن المنكرِ} [سورة ءال عمران/104]، وقال أبو علي الدقاق: «الساكت عن الحق شيطان أخرس».
ومما شذ به حزب التحرير عنِ الأمةِ قولهُم بأنَّ من يموتُ دون أن يبايع الخليفة فميتته ميتة الجاهلية أي عُبَّادِ الأوثانِ، فعلى قول حزب التحرير كلُّ مسلمٍ يموت منذ أكثرَ من مائةِ سنةٍ مِيتتُهُ ميتة جاهلية لأنهُ لا يوجدُ خليفةٌ منذُ ذلك الزمن، أما الخلافة العامة التي تدير شؤون المسلمين كلهم فقد انقطعت منذ زمان طويل. فالمسلمونَ في تركِ نصبِ الخليفةِ اليومَ لهم عذرٌ، أعني الرعايا، الرعايا لا يستطيعونَ اليومَ نَصبَ خليفةٍ فما ذنبُهم، وقد قالَ اللهُ تعالى: [لا يُكلفُ اللهُ نفسًا إلا وُسعها] سورة البقرة /
تكفير حزب التحرير
يقول زعيمهم تقي الدين النبهاني في كتابه المسمى الشخصية الإسلامية (الجزء الأول: القسم الأول ص/71 ـ 72) ما نصه: «وهذه الأفعال ـ أي أفعال الإنسان ـ لا دخل لها بالقضاء ولا دخل للقضاء بها، لأن الإنسان هو الذي قام بها بإرادته واختياره، وعلى ذلك فإن الأفعال الاختيارية لا تدخل تحت القضاء» اهـ، ويقول في نفس الكتاب (الجزء الأول: القسم الأول: ص/74) ما نصه: «فتعليق المثوبة أو العقوبة بالهدى والضلال يدل على أن الهداية والضلال هما من فعل الإنسان وليسا من الله» ا.هـ، وكذا يذكر في كتابه المسمى بـ: «نظام الإسلام» (ص 22).
الرد: هذا الكلام مخالف للقرآن والحديث وصريح العقل. فأما القرآن فقد قال الله تعالى: {وخلَقَ كلَّ شىءٍ فقدَّرَه تقديرًا} [سورة الفرقان/2]، وقال:{واللهُ خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات/96]، وقال:{إنَّا كلَّ شىءٍ خلقناه بقدَر} [سورة القمر/49]
فلا يجوز التردّد في تكفير المعتزلة القائلين بأن الله كان قادرًا على خلق حركات العباد وسكونهم ثم لما أعطاهم القدرة عليها صار عاجزًا عنها، حكى ذلك غير واحد من الأكابر منهم الإمام أبو منصور الماتريدي، والإمام أبو منصور البغدادي، والإمام أبو سعيد المتولي، والفقيه المالكي شيث ابن إبراهيم، وإمام الحرمين وغيرهم كما تقدم، فكيف يسوغ ترك تكفيرهم بعد هذا الذي هو صريح في نسبة العجز إلى الله.
ويضيف اهل السنة والجماعة قولهم: ومن أباطيل حزب التحرير قوله في بعض مناشيره التي نشرها في طرابلس منذ أكثر من خمس عشرة سنة تقريبًا إنه لا يحرم المشي بقصد الزنى بامرأة أو الفجور بغلام، وإنما المعصية في التطبيق بالفعل.
ومن جملة أباطيلهم قولهم بجواز تقبيل الرجل للمرأة الأجنبية، وكذا الغمز والمشي ونحو ذلك فإنهم ذكروا ذلك في منشور لهم على شكل جواب وسؤال(نشرة جواب وسؤال ـ تاريخ 24 ربيع الأول سنة 1390هـ) وهذا نصه: «ما حكم القبلة بشهوة مع الدليل؟ الجواب: ... قد فهم من مجموع الأجوبة المذكورة أن القبلة بشهوة مباحة وليست حرامًا... لذلك نصارح الناس بأن التقبيل من حيث هو تقبيل ليس بحرام لأنه مباح لدخوله تحت عمومات الأدلة المبيحة لأفعال الإنسان العادية، فالمشي والغمز والمص وتحريك الأنف والتقبيل وزم الشفتين إلى غير ذلك من الأفعال التي تدخل تحت عمومات الأدلة... فالصورة العادية ليست حرامًا، بل هي من المباحات، ولكن الدولة تمنع تداولها... وتقبيل رجل لامرأة في الشارع سواء كان بشهوة أم بغير شهوة فإن الدولة تمنعه في الحياة العامة...
فالدولة في الحياة العامة قد تمنع المباحات.. فمن الرجال من يلمس ثوب المرأة بشهوة، ومنهم من ينظر إلى حذائها بشهوة، ويسمع صوتها من الراديو بشهوة، وتتحرك فيه غريزة الجنس على وجه يحرك ذكره من سماع صوتها مباشرة، أو من الغناء، أو من قراءة إعلانات الدعاية أو من وصول رسالة منها، أو نقل له منها مع غيرها... فهذه أفعال بشهوة كلها تتعلق بالمرأة، وهي مباحة لدخولها تحت أدلة الإباحة...» اهـ.
وايضا يقول اهل السنة والجماعة : ويذكرون في منشور آخر( منشور جواب سؤال بتاريخ 8 محرم 1390هـ) ما نصه: «ومن قبَّل قادمًا من سفر رجلًا كان أو امرأة، أو صافح ءاخر رجلًا كان أو امرأة، ولم يقم بهذا العمل من أجل الوصول إلى الزنى أو اللواط فإن هذا التقبيل ليس حرامًا، ولذلك كانا حلالين» اهـ.
ويضيف اهل السنة والجماعة : ويقول حزب التحرير بجواز مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية زاعمين أن الرسول صافح بدليل حديث أم عطية في المبايعة المروي في البخاري: «قالت: فقبضت امرأة منا يدها» فإن غيرها لم تقبض يدها، وقالوا: البيعة تكون مصافحة باليد أو كتابة ولا فرق بين الرجال والنساء، فإن لهن أن يصافحن الخليفة بالبيعة كما يصافحه الرجال»(انظر كتابهم الخلافة (ص/22 ـ 23)، وكتاب المسمى بالشخصية الإسلامية: الجزء الثاني: القسم الثالث: (ص/22 ـ 23)، والجزء الثالث منه (ص/107 ـ 108)) اهـ.
وقال حزب التحرير في منشور له (صدر بتاريخ 21 جمادى الأولى 1400هـ = 7/4/1980) عنوانه «حكم الإسلام في مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية» بعد كلام طويل ما نصه: «وإذا أمعنا النظر في الأحاديث التي فهم منها بعض الفقهاء تحريم المصافحة نجد أنها لا تتضمن تحريمًا أو نهيًا» اهـ.
وينتقد اهل السنة والجماعة موقف حزب التحرير من الفتوى : ومثل هذه الافتراءات كثيرة في كتب حزب التحرير فهم يدَّعون أن الإنسان «متى أصبح قادرًا على الاستنباط فإنه حينئذ يكون مجتهدًا، ولذلك فإن الاستنباط أو الاجتهاد ممكن لجميع الناس، وميسر لجميع الناس ولا سيما بعد أن أصبح بين أيدي الناس كتب في اللغة العربية والشرع الإسلامي»، وهذا نص عبارتهم بحروفها(كتاب التفكير (ص/149)).
وفي هذا الكلام فتح لباب الفتوى بغير علم، ألم يعلموا أن المجتهد هو من علم ما يتعلق بالأحكام من الكتاب والسنة، وعرف الخاص والعام والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والناسخ والمنسوخ، وعرف من السنة المتواتر والآحاد والمرسل والمتصل وعدالة الرواة وجرحهم، وعرف أقاويل الصحابة فمن بعدهم من المجتهدين إجماعًا وغيره، وعرف القياس جليَّه وخفيَّه وصحيحه وفاسده، وعرف لسان العرب الذي نزل به القرءان، وعرف أصول الاعتقاد، ويشترط أن يكون عدلا قوي القريحة، حافظًا لآيات الأحكام وأحاديث الأحكام. (انتهت الحلقات)
ابراهيم علاء الدين
[email protected]
حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 5 من 5 بقلم:ابراهيم علاء الدين
تاريخ النشر : 2008-07-10