حرب التجويع وجوع السياسة بقلم:مخلص سمارة
تاريخ النشر : 2008-07-09
حرب التجويع ...وجوع السياسة
بقلم /الصحفي مخلص سمارة
قد يتبادر لذهن اي قارئ وبمجرد أن تقع عينه على العنوان ويتساءل ما علاقة شقي العنوان ببعضهما البعض فالأول يفهم بالسليقة بأنها حرب التجويع التي تشنها دولة الاحتلال من خلال حصارها المستمر لقطاع غزة ومن ثم حملة الاستهداف للمؤسسات والجمعيات الخيرية والاجتماعية بالتزامن مع الحصار الذي يفرض على الضفة الغربية كذلك فما علاقتها بالموضوع الاخر ؟.
ولكنني تعمدت ومن خلال العنوان الى تنبيه القاريء إلى مدى الحالة التي وصلت اليها الحالة الفلسطينية من التشرذم والخلاف الذي جعل من الإطراف الفلسطينية تعاني الجوع والتعطش الشديد للسياسة التي تخدم مصالح كل جهة وما رايناه خلال الفترة الماضية يكفي بدعم وجهة نظري تلك.
لنا اقسي بكتابتي على احد ولن انحاز الى أي جهة كانت فالكل يعلم من هو الذي على حق ومن هو المحقوق كما يقال ولكن في جميع الاحوال لا بد لنا كاعلاميين من ان نطرق مشاعر وضمائر جميع الاطراف بان تنظر الى الشعب المقهور بعين الرحمة فليس من العدل ان تحاصر غزة دون ان لا تحرك الضفة ساكنا وحتى لا نسمع تصريح او تحرك جدي ... وليس من العدل كذلك ان ينظر الجميع لما يجري في الضفة من استهداف للجمعيات والمؤسسات وكان الأمر قضية خاصة تخص فصيل او اتجاه دون الاخر او حتى مدينة.
حرب التجويع التي تنفذها دولة الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ما هي الا نتيجة حتمية ومؤكدة للخلاف الداخلي الفلسطيني الذي شجع الاحتلال على ان يستفرد بطرف دون الآخر لأنه بات لديه قناعة بان نظرية (كسر العصي متفرقة اهون بكثير من كسر العصي مجتمعة) وهو ما ارداه بعد ان تيقن من عسر ولادة الوحدة وعودة اجواء التفاؤل للأراضي الفلسطيني ليمعن في جرائمه اليومية .
اما جوع السياسة الذي يسيطر على الفصائل الفلسطينية المتفرقة بات هو الواضح فعلى الرغم من دعوات الحوار الا ان الأمل ما زال ضئيلا لان كل فصيل فلسطيني ينتظر من الآخر ما يعتبره تنازلا او استجداء للطرف الثاني لنجد أنفسنا أمام حالة فريدة من التخبط والذي بات يظهرنا أمام العالم وكأننا نعيش في دولة اشبه بالصين او اليابان ونسينا جميعا بأننا نعيش على ارض محتلة ما زلنا نستجدي لقمة العيش ولتر البنزين وفتح الحواجز وتوفير الرواتب.
ومن خلال تتبع الوضع الفلسطيني في الاونة الاخيرة نستطيع ان نقول بان الاحتلال نجح بعض الشي باستغلال الحالة الفلسطينية ( التعيسة ) ليجد التربة خصبة لممارسة هوايته في تجويع الشعب وإذلاله وجعله كالمتسول تماما ليصبح الشعب الفلسطيني امام خيرين ( اما الجوع او الجوع...؟؟!!) معتمدا في ذلك كله على الحاجة الفلسطينية والعجز الحاصل نتيجة الحصار المترافق مع الخلاف والتشرذم بين أطياف الشعب الفلسطيني الجوعى للإنجازات السياسية الخاصة بها .
حرب التجويع التي يقودها الاحتلال قد تجعل أبناء الشعب الفلسطيني يقودون ثورة على جياع السياسة ليضعوهم امام خيارين الاول يمكن ان نقبل الجوع اذا كان ذلك ضريبة الوحدة والوفاق ولكن اذا ما تأكدنا بان السياسة أهم من الشعب دون اعادة الروح والوحدة فعندئذ لا حاجة لنا بكل السياسة ونريد لقمة عيش تعيننا على الحياة .
وخلاصة ما في الامر وقد يكون الكلام السالف تعذر البعض عن فهمه ولكنني اوجز كلامي واختمه وأقول لا بد لأطياف الشعب الفلسطيني تدارك الموقف والعودة الى ما يريده الشعب الفلسطيني الذي بات يتوق للوحدة ولا يمكن لذلك ان يتم إلا اذا كانت النوايا صادقة فالحوار لا بد ان يعود بلا اشتراطات وليجلس الجميع وليعودوا الأمل إلى النفوس وليجتمع الكل في الدفاع عن الشعب وتوفير لقمة العيش والكرامة والحفاظ على ما يصون الوحدة والحقوق من الضياع امام عنجهية المحتل الغاصب وبالتالي إنهاء تفرد الاحتلال بالشعب ووقف حرب التجويع وانها جوع السياسية الذي يعود بالضرر على المواطن الفلسطيني اذا لم يكن في الوجه الصحيحة .
ولا بد في النهاية من الإشارة الى ان الشغل بالسياسة ليس من العيب بل على العكس من ذلك فالقضية الفلسطينية بحاجة الى سياسة تقوم على حماية الحقوق وصون الأرض والدفاع عنها وكل حياتنا سياسة وما اردته بجوع السياسة هو السياسة التي تتجاهل الشعب وحقوقه وتغفل عن مشاعر المواطنين وأمانيه وتشجع الاحتلال على تجويع الشعب واذلاله .
بقلم / الصحفي مخلص سمارة _ نابلس
[email protected]