اقاصيص / على درب الادب - 3 - بقلم:يسري راغب شراب
تاريخ النشر : 2008-07-09
على درب الأدب
الكتابة إبداع الحياة

الكاتب
يسري راغب شراب

الانتظار
كنت في البدء نقطة..
غمست الهموم الأزلية في رحلة البحث عن الفرح الآتي مع ميلادي كطفلة.
وفي الشوارع الخلفية من تلك المدينة وبعيدا عن أسوار عكا كان الجزار غير الجزار..!!
كنت في البدء نقطة..
وكان الباشا إنسانا لا يعرف الرحمة..
وكان فصلا منسيا..
وأوراق الشجر تتساقط بألم وحرقة..
في ذلك الزمان الخريفي , استدعي " الباشا " ، الأسطول القابع في مواجهة سواحلنا ليقمع الفرحة بالوحدة.
كنت طفلة ابكي وابكي على ذراعي أمي وهي تواسيني وتهدهدني وانا استمر بالبكاء غضبا ونقمة..!
ولم أتحرر من نقمتي وغضبي..
ونشأت اكره الغطرسة والقوة ويهزني التواضع والألفة..
والفرح المجاني من حولي ينشر ظلاله على شوارع المدينة المتلألئة بأنوار المساء وضجيج الناس في أسواق النهار.
وتنبهت الحواس عندي وعاصمة السياحة والاصطياف قد أصبحت مركزا للفن والأدب,
وملاذا للهاربين من الخوف والقلق..!!
وانأ الخائفة القلقة..
أعيش في الجوار حزينة مكتئبة..
لا يلبسني الفرح المجاني ولا يهمني سوى المأوى..
وأي مأوى؟ .. أصبح هذا التساؤل مهما عندي...
الشوارع الخلفية لم يكن لها طعم..
لم يكن لها لون, وكانت رائحتها كئيبة مملة..
وساعات الفرح التي انتظرها تأتي على شكل فارس يخطفني بجواده الأصهب إلى مدينة الأسوار التاريخية..
إلى حلمي الأزلي في وطني الأصلي..
وعشت مع هذا الفارس نهاري وليلي,
فقد كان هو غدي..
كما كان هو أمسي..
وفي قمة الفرح..
ترجل الفارس عن جواده ،
غاص في الوحل بخطوات مرتبكة
وأعادني إلى خوفي وقلقي.
أعادني إلى ساعات حزني
وتركني مهمومة ,
امسك بالجواد في انتظار عودته..
فهل يطول الانتظار؟!!

يسري شراب

طالبه جامعيه
برغم سخونتها ، وأناقتها ، لا أرى فيها إلا معاني البراءة ومظاهر الطفولة ، الابتسامة الطبيعية البريئة ، وشقاوة الأطفال وسط صخب وضجيج الكبار،أرى فيها كل ما أتمناه في فتاة الأحلام الصغيرة : أنيقة ، أناقة كواكب السينما ، بأزياء ، متناسقة الألوان والأشكال ، شعرها ناعم وطويل ، حريري، بلون خمري ، ينقسم إلى نصفين ، فيعطي وجهها مسحة شاعرية دافئة ، ورومانسية صاخبة متقابلة، وعيناها غارقتان في بحر من العسل ، واسعتان غامقتان ، كعيون ألمها ، سبحان الخالق في ما خلق ، عيون كواحل على عرش وجنتيها الناعمتين ، وفوق استدارة أنفها ، الملتصق براحة شفتيها الصغيرتين ، المستندة على تكعيبة الذقن ، المنمنمة أطرافها ، يضمها وجه ملون بأدوات التجميل الراقية الغالية , وكأنها تمارس النرجسية الارستقراطية في حرم الجامعة ، وتعلن عن طبقاتها واتجاهاتها ، وكل شي فيها يدعو إلى التأمل مرة ، والتقهقر , مرات متعددة ، واثقة من نفسها ، وجمالها ، متوسطة الطول ، برونزية البشرة ، ترتدي الميكروجوب السائد ارتداءه في أوانه ، ولكل رداء ، ما يناسبه من الجوارب ، اللاصقة الكاشفة ، وهي ندير خطواتها وجلساتها وكلماتها وابتساماتها كأنها من عالم مختلف ، عن عالم أقرانها وقريناتها من طلاب الجامعة ، لكنها في كل ما تفعله متميزة متفوقة ، تجيد الحديث بلغات العالم ، الفرنسية ، والانجليزية ، وتتكلم العربية ، وتتعلم الايطالية ، خريجة المدارس الأجنبية في القاهرة ، هي من طبقة راقيه ، لها امتيازاتها قد أكون نجحت في وصفها بلغة شاعرية , ربما تداخلت مع عواطفي اتجاهها ، فيحتاج الوصف لتقييم جامعي ، ومنهج عقلاني فأجدها في الأناقة : متفوقة بامتياز ، وفي الثقافة متطورة بامتياز وفي قوة الشخصية : جذابة بامتياز ، وفي حسبها ونسبها : أصيله بامتياز ، وفي الأخلاق : متميزة بامتياز ، لها نكهتها الخاصة ، ولها جمالها المعبر ، مما يجعلني أضعها في مرتبة عاليه ، ولا أظن أنني متجاوزا،بل عادلا منصفا لفتاة أحببتها

اللوحة والفنان

العينان الملونتان والشفتان الورديتان الصغيرتان والأنف الاسطواني والحاجبان المحلقان كجناحي عصفور صغير والوجنتان الحمراوتان على الخدين الناصعين والغرزتان الساحرتان على امتداد الشفتين عند الابتسام...!!
والقوام اللدن المياس على البشرة البرتقالية المائلة إلى البياض, الساقان المسبوكتان تحت الرداء الحريري الطويل, والعنق بخطيه المتوازيين الطبيعيين على الأكتاف بلون عسلي, إبداع خلقي فنان, يتناغم مع إبداع في الهندام, فينسجم الحرير في الثياب مع النعومة في القوام, وتتوافق كل الألوان مع بياض البشرة عند الهدوء والارتياح أو العسلي الفتاك في لحظات الانفعال أي كانت الانفعالات أفراح أو أحزان .
بهذه المواصفات تعيش كل حالاتها كلوحة تزداد قيمتها النفيسة مع مرور الأيام وتلك حقيقتها المجردة من أي زيف أو خيال ..!!
في كل صباح تقف أمام مرآتها الحقيقة عند الفنان الإنسان تسأله بخوف وقلق هل كبرت وأنا اقترب من الثلاثين عام ..؟؟
وينظر الفنان إلى وجهها وقد كساه الحزن والاكتئاب مسبحا للإبداع للإله العظيم قائلا برقة وحنان: أنت لا تكبرين أبدا هكذا اختيار الخالق في ما خلق أن تكوني دائما رمزا للشاعرية وعنوان للجمال ومنظرا للسحر والدلال أنت الآن في امتحان الخالق للمخلوق عندما يعطي الخالق بدون حدود... فماذا يكون رد المخلوق...؟؟ لوتتصورين هذا التضاد بشعرك الغجري وانفك الاسطواني مع دقة التقاطيع في شفتيك, وهيا قادرة على الخجل والحياء..؟؟ ولو تذكرين معنى السحر الأخضر في عينيك وتفهمين دلالات البياض في بشرتك لتعرفين كم أنت ملاك بشكل إنسان وكم أنت قادرة على العطاء مثل أرضنا الجميلة الخضراء...؟؟؟ ولو كان الحزن والاكتئاب يجعلان من الأبيض فيك العسلي, فانك حكما ستفهمين بأنك شفاء للناس.. لان العسل دواء لكل داء .. وأنت في كل الأحوال لوحة هي جنة تنموا فيها أطيب الثمار التفاح والبرتقال.. والمانجو والعنب.. والورد والريحان تنتشر في توزيع لا يقدر عليه سوى رب الأرض والسماء ,حين تنشرين النشوة والانتعاش في كل خطوة, ومع أي كلام .
ابتسمت اللوحة فظهرت الغمازتان على امتداد الحاجبان والشفتان بسحر فتاك ولمعت عيناها الملونتان فكشفت عن صفي من الكالئ المصفوفة بانتظام هي الأسنان داخل الثغر الفتاك .
تقدم منها الفنان ورسم بإصبعيه لمستان حول العنق بكل دفئ وحنان اقبله بعبادة وامتنان وبدت اللوحة في حالة استسلام مع الفنان.فالعينان ذابلتان , والشفتان ترتجفان , واللون والعسلي يغطي البشرة الناعمة البيضاء و والأطراف تجمدت ملتهبة بالخطوط التي يرسمها الفنان بعشق وهيام وقد تناول يديها في خشوع واقتناع يقبلها طرفا تلو الطرف كأنه يعمق الألوان.
فقالت : لماذا تبدو ماديا ألان, وأنت الفنان...!!
فقال بحب : أنا معك في كل الأحوال فنان...!!

البطاقة الوردية
هل تسلمت البطاقة التي أرسلتها إليك ؟
تسلمتها ولم تعجبني فمزقتها
ولماذا لم تعجبك أيها الشقي ؟
أنا لا أريد بطاقة دعوه لمحاضرة ثقافيه ، أصنعها، بل أريد بطاقة دعوه إلى سهرة في أحد الفنادق الفخمة ، أو إلى رحلة سياحية على مركب ، ومستعد أن أدفع ثمنها ، بشرط أن تكون هناك بطاقة ثانيه لك ، لكي نلهو ونرقص سويه .
ما أقواك ! تريد أن ترقص وتلهو معي يا مكار؟ أنا أعرفك جيدا ، أنت تريد أن تختبرني ، فلو أرسلت إليك ، بطاقة لحفله راقصه سترفضها ، وتفلسف الدعوة إلى أمور فكريه واجتماعيه وتنقلب الدعوة علي غما وهما ، في محاضرة عن القيم والأخلاق التي ضيعتها، أنا أعرفك؟
معك حق ، تلك مشكلتي ، فساعديني على حلها !
إذا نصحتك سيرتفع صوتك وسوطك علي !!
أنا لا أرفع صوتي وسوطي إلا إذا أرسلت لي بطاقات الفكر والأدب وأرسلت لغيري بطاقات اللهو والرقص ، هذا ما يجنني !!
عدنا إلى الغيرة والشك ، وأنا آسفة على أنني أرسلت إليك بطاقة ، ولن أفعلها مرة أخرى !!!
حوار الطر شان
سألتني بدلال :-
أين أنت أيها الظمآن ؟
فأجبتها بانكسار :-
أنا هنا أعيش ، كما يعيش ، كل الناس
لماذا تقاطعني ولا تأت لتغازلني ؟
يئست منك ومن الحديث معك ، والكلام عنك
لماذا يا رجل ، وأنت عاشق ولهان ؟
أنا مغرم شديد الصبابة ، نعم ، لكنني فاضل ، أعادي الرذيلة
وهل أنا الرذيلة يا مجنون ؟
أنا مجنون لأني جربت الحب مع ساقطة
لا أسمح لك ، وإياك أن تتجاوز حدودك معي ؟
لا يهمني أن تسمحي أو لا تسمحي ، فما عدت أهتم بك
هل كرهتني إلى هذا الحد ؟
أنا لا أستطيع أن أكرهك ، ولكني أكره نرجسيتك
أنا نرجسيه ، الله يسامحك ؟
لا تحاولي ، لقد مللت تصرفاتك كلها ، وكفاني جنونا معك
مثل ما بدك ،وإياك تقرب لعندي أو تكلمني،
وزاغت عيناه ، وهي تعطيه ظهرها ، ولم يتماسك فهتف مناديا :
ليلى ؟
فتوقفت لتدير وجهها إليه ثانية ، وقالت بهمسة رقيقة ناعمة :
شو بدك ؟
لا تصدقي كلمة قلتها ، فأنا فارسك المطيع , وحارسك الأمين
آنت ظلمتني كثير ، وأنا قلبي طيب ، وبأ سامحك
أنا مجنون ، وأبله ، ومعتوه
وأخذ بكفيها بين كفيه وانحنى يقبلهما بعشق وعبودية المحب الولهان ، الذي يعلن التوبة والغفران في حوار مكرر وأشبه بحوار الأطرشان اللذان لا يسمعان ما قيل ويقال باللسان .

نانا
خمسه باب للشهرة:
بمبه وشوق وياسمين وحكمت والمرأة التي هزت العرش ، وخمسة للفتنه :
العينان والشفتان والنهدان والساقان والشهد ،
عينيها عسل النحل الصافي ،
وشفتيها مصائد الحب الشهواني ،
ونهديها حبات المانجو الشهد طعمهما ،
وأصابع الموز بنان كفيها والتفاح جنة وجنتيها ،
وسبيكتان من اللازورد والبلاتين ساقيها ،
والقد راقص يتدلل ،
بالخبرة الشهد ، شهد أنوثتها ،
والطاغي ، الباغي جسدها ،الناعم ،الطري،
هي : المغناج عند اللمس والعناق والقبل ،
صاحبة الجمال الموهبة
هي: الصاخبة في العشرين ،
وفي الثلاثين هادرة وفي الأربعين هائجة
وفى الخمسين ماجنة ، فما أحلى المجون معها ،
وما ألذ الركون إلى مركب في بحر مفاتنها ،
غجرية ، ماهرة ، ساحرة ، آسره ،
الخيال يصارع أمواج أنوثتها ،
والغريق ينام منتشيا ، بآهات الحب ألشقيه معها ،
صرعت رجالا عظام ،
ملوكا ، وأمراء
نانا ،نجمة الجماهير،
فاتنة السينما لأربعين سنة متصلة ،
وهي الآن في الستين
ولاتزال شقية فتيه

رزانة
شقراء ، عيناها خضراء ،لها قد لدن مياس
ونهدان نافران صغيران وشفتان ورديتان ، بارزتان ، منتفختان ، هائجتان ، مقبلات مدبرات ،،
في الحب لها ، صولات وجولات ، صاحبة حركات ، وقصص ، وحكايات ،
وأنثى ، عاشقة ، ومعشوقة ،عندها خبرة المجربات، وشقاوة المراهقات ،
ما بين الملائكة ، والشياطين ، تسهر الليل ، وتنام النهار :
مع الصعاليك ،والأمراء ، الرجال رجال ،من الغرب أو الشرق عشاق ،على حد سواء ،
كاملة الأوصاف ، مذيعة المنوعات والممنوعات ، إفرنجي ، عربي ، برامج أثاره ، وفرفشة ، وكل الفعاليات ،
مطربه ، ممثله ، ترقص وتغني ، كل الألوان ،
هذه رزان ، شفتان ، وعينان ، ونهدان ، وعقلان ،
وفي جهات الدنيا الأربعة ،عشاق من كل مكان ،
رزان ، يا عود ألبان ،
العهر في الشرق ليس له عنوان ،
وأنت امرأة بلا عنوان .

الكاتب / يسري راغب شراب