هذا صباح جمعة نفطي بامتياز . تستيقظ على رائحة النفط لا على زقزقة العصافير ، وحين تستفتح فيه طقسك الصباحي اليومي المعتاد يدهمك النفط دونما استئذان ، فمذاق القهوة نفطي والصحيفة نفطية جملة وتفصيلا .
يتصل بك هاتفياً صديقك (المثقف) الوطني اليساري العنيد الصنديد ليذكـّرك بموعد ندوة اليوم التي سيتصدرها الخبير المختص بالشؤون التحررية في دول العالم الخامس ، فما أن ترفع السماعة حتى تسـارع رائحة النفط إلى غزو أنفك قبل أن تصل كلماته إلى مسمعك : ندوة اليوم يا صديقي على ذات موعدها وذات ضيفها إنما الذي تغيرهو موضوعها ، وموضوعها سيكون عن ( أهمية القيم الأخلاقية الإيروتيكية في المنظومة السايكولوجية النفطية).
تقلـّب قنوات التلفاز فيدهمك الغثيان ، فكل شيء يعبق برائحة النفط ، كل شيء ينضح بالنفط : المسلسل الغرامي نفطي ، كارتون الأطفال نفطي ، البرنامج الديني نفطي ، الأخبار المتنوعة نفطية ، المذيع يرشح من جبينه نفط ويقرأ نفط ويتفوه نفط ويعطس نفط .
تتذكر موعد البرنامج الحواري السياسي على القناة العربية الفلانية ، تذهب إليه فلا ترى سوى مسبح نفط . المقدم والضيوف كلهم بلباس السباحة وقد استغرقوا بالتشمس عند حوض النفط . ومن النقاش الذي يدور تحت عنوان ( دور النفط العربي في المعارك المصيرية) لا تحتاج إلى دماغ محلل سياسي استراتيجي لكي تكتشف أنّ جميع المتحاورين قد أصابهم وباء النفط الطاعوني .
تكفر بالتلفاز النفطي وتعاهد نفسك على أن تحصر إيمانك بالنت . تطرق باب موقعك الليبرالي المفضل فينفتح على موسوعة نفطية تنافس موسوعة غينس للأرقام القياسية ، فالكل استحالوا إلى براميل نفط وحتى الكليشة التقليدية التي تقول (جميع المقالات الواردة في هذا الموقع تعبّرعن آراء كتـَابها ) تحولت إلى الصيغة التالية : (جميع المشتقات الواردة في هذا المصفى تعبّـرعن محتويات براميلها).
ما هذا التسونامي النفطي؟! . بل قل : ما هذا الطوفان النفطي ؟!. أين يلوذ المرء وما من سفينة إنقاذ كما ما من نوح يختار من كل زوجين إثنين ليبدأ بهم عالماً جديداً بلا طاعون النفط ؟! .
أهي أكبر علامات الساعة من حيث أنّ كل الناس مفتونون بالأعور النفطي الدّجال ؟!.
أستغفر الله لي ولكم .
[email protected]
أعور النفط الدجال بقلم : محمدعبدالرحمن
تاريخ النشر : 2008-07-08