ما علاقة المسؤولين بتفسير القرآن الكريم أو الحديث الشريف؟بقلم:شهرزاد الأندلسي
تاريخ النشر : 2008-07-08
بين الحين والآخر نسمع بمسؤول يبدي رأيه الشخصي في آية كريمة أو حديث شريف . ولو كان الأمر يتعلق بمجرد إبداء الرأي في غير المجال الديني لهان الأمر ،فكل الناس يبدون آراءهم بعلم أو بغير علم في الكثير من القضايا ولكن حين يتعلق الأمر بدين الله عز وجل لا يمكن إبداء الرأي إلا بشروط وضعها الدين نفسه.
لقد أثير في الآونة الأخيرة جدل بين مسؤولة حكومية وبين علماء الدين في شأن آية النشوز حيث يوجد أمر إلهي بمعالجة نشوز الزوجات بالضرب من ضمن مجموعات إجراءات شرعية جاءت مرتبة ترتيبا له دلالة ومن ورائه حكمة إلهية.
فالمسؤولة الحكومية التي تنكر العنف ضد المرأة حطبت حاطبة ليل فلم تميز بين مطلق العنف ضد المرأة وبين إجراء تأديبي في حال النشوز قننه الشرع ، وانتدب له أهل الحل والعقد وبضوابط حتى لا يكون دين الله عرضة للعبث من كل من هب ودب .
والمسؤولة الحكومية ظنا منها أن المسؤولية الحكومية قد أهلتها للفتوى الشرعية ، أو جعلتها فوق الفتوى الشرعية تريد على غرار من سبقها شطب إجراء قرآني أو استعمال القلم الأحمر في متن النص القرآني لهذا حملت على بعض العلماء وهم يتحدثون عن تفسير آية النشوز ، وهي تقصد في الحقيقة الإجهاز على القرآن نفسه لأن العلماء لا دخل لهم فيما جاء في كتاب الله عز وجل وإنما يحاولون من موقع مسؤوليتهم الدينية ، ومن موقع تخصصهم توضيحه لعامة الناس وفق ضوابط علمية معروفة حددها الشرع نفسه ووضعت لها علوم خاصة لا مندوحة عنها لمشتغل بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالمسؤولية الحكومية لها ضوابط ولا يمكن أن يتخطها المسؤول إلى مجال الدين . فمسؤولتنا إذا ما تحدثت عن العنف الذي يمارس على المرأة بدون سبب شرعي يجوز لها ذلك إذا كان من ضمن مهامها ، ولكن ليس من حقها أن تخلط بين عنف لا مبرر شرعي له ضد المرأة ، وبين إجراء شرعي في حال النشوز.
فلو أن كل شخص لم يرضه حكم شرعي عمد إلى تخريجه حسب هواه لصار كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عرضة للعبث. فشارب الخمر يحذف آية الخمر ، والزاني يحذف آية الزنا ، والمرابي يحذف آية الربا ، والمقامر يحذف آية القمار، ويستمر الأمر هكذا حتى يصير وضع القرآن الكريم كوضع الكتب السماوية السابقة التي لحقها التحريف بشهادة القرآن الكريم الذي تعهد الله تعالى بحفظه إلى يوم الدين.
إن التجاسر على دين الله عز وجل باسم المسؤولية يعكس الرغبة الدفينة للنيل من الدين في نفوس بعض المسؤولين الذين لهم مواقف من هذا الدين بحكم انتماءاتهم الفكرية والسياسية ، وهم يغتنمون فرصة توليهم مناصب ومسؤوليات لتحقيق رغباتهم الدفينة ولكن بطرق ملتوية لتضليل الرأي العام وللتمويه على هذه الرغبات .
ولعل المسؤول الملتزم بحدود مسؤوليته هو الذي إذا عرض له شأن ديني يقول القولة المشهورة : "أنا لا أملك أن أحل حراما ، أو أحرم حلالا".