عملية القدس وفكر الجهاد الاسلامي بقلم : ممتاز مرتجى
تاريخ النشر : 2008-07-06
عملية القدس وفكر الجهاد الاسلامي بقلم : ممتاز مرتجى


عملية القدس وفكر الجهاد الإسلامي
بقلم : ممتاز مرتجى
[email protected]
من مقولات الدكتور المفكر فتحي الشقاقي رحمه الله : "ألْقِ الثورة في الشارع تلحق بها الجماهير", لذلك كانت حركة الجهاد الإسلامي منذ انطلاقتها وحتى الآن تراهن على الجماهير ودورها في التغيير,بل تعتبر أن الجماهير هي أداة التغيير,لذلك يمكن القول أن عملية القدس التي نفذها الاستشهادي حسام دويّات (30 عاما) (وهو أب لولدين، كان يقيم في قرية صور باهر في القدس الشرقية) تأتي في هذا السياق.
لقد حاولت حكومة الكيان ومن خلال موافقتها على تهدئة مجزئة في قطاع غزة دون الضفة أن تلعب على وتر الخلافات والانقسام الداخلي, ودليل ذلك قيام الشين بيت باغتيال قائد سرايا القدس في جنين ومساعده المجاهد إياد خنفر رغم الهدوء النسبي الذي شهدته كل من الضفة وغزة بعد إتمام مراسم التهدئة في مصر, إذ نصت بنود هذه التهدئة التي لا يعتبر الجهاد الإسلامي طرفا فيها (رغم استعداده ألاّ يكون عقبة أمامها) على تطبيقها في الضفة بعد ستة شهور من سريانها في غزة, وحقيقة الأمر أن حكومة الكيان تلعب على التناقضات وتريد أن تعمق الخلافات في أوساط الشعب الفلسطيني المجاهد, ومن هنا يأتي الدور الجماهيري الذي يقف عقبة أمام أي طرف كان ليفوت كل فرصة ومحاولة من شانها أن توسع هوّة الخلاف الداخلي,فالجماهير هي فعلا أداة التغيير وتستخدم أدواتها وإمكانياتها المتاحة لتوصل رسالتها في الزمان والمكان المناسبين.
لقد أراد الاستشهادي البطل حسام دويّات أن يوصل رسالة للعالم قبل أن يوصلها لحكومة الكيان, وهي أن مزيدا من الغطرسة الصهيونية والاستكبار ستقابل بردة فعل جماهيرية على المستوى الفردي والجماعي, وان استمرار الحصار على قطاع غزة سيقابل بانفجار جماهيري وشعبي في كل مكان وفي كل لحظة,وقد أعلنت المصادر الأمنية لحكومة الكيان أن هذا الحادث لم يكن مفاجئا, ولكن هذا الإعلان في حقيقة الأمر غير صادق لأنهم كانوا يراهنوا على أن الدور الجماهيري قد انتهى, وان المواطن الفلسطيني قد أصيب بالإحباط التام حتى جاءت هذه العملية البطولية لتجعل كل أجهزة الكيان ومؤسساته تعيد حساباتها جيدا...لقد أراد الشهيد حسام دويّات أن يقول بردة فعله أن الشعب الفلسطيني في كل مكان هو شعب واحد وانه لم ينس قضيته ولن ينساها وانه لا يزال يمتلك الإرادة والمبادرة, وان الحصار لن يجلب للعدو الأمن وسيقابل بغضب وانفجار.
إن حركة الجهاد الإسلامي هي الإطار الحاضن لكل الجماهير الفقيرة والمستضعفة فهي ليست مجرد إطار تنظيمي وان كانت تهتم بالعمل التنظيمي- إلاّ أنها قبل كل شيء مشروع إسلامي ثوري ناهض يتواجد في كل مكان ,لذلك قال المفكر الصهيوني ميخائيل سيلع عقب عملية الشجاعية البطولية التي كان لها فضل تفجير الانتفاضة الكبرى عام 1987:
"إن حركة الجهاد الإسلامي ما إن تجتثها من مكان حتى تنمو في مكان آخر"
هذا هو السر في قوة حركة الجهاد الإسلامي التي لا يمكن أن يزايد عليها احد سواء في موضع التهدئة أو غيره, فالجهاد الإسلامي دائم الوضوح بمواقفه ولا يغفل مصلحة المواطن الفلسطيني من حساباته,بل إن الجهاد الإسلامي حذر من إبرام اتفاقيات أوسلو معتبراً أن كل ما سيتمخض عن هذا الاتفاق لن يخدم المواطن الفلسطيني ولن يخفف من معاناته, بل سيفاقمها, وسيكون بداية لانقسام داخلي مروع, وسيكون مدّخلا لمزيد من مؤامرات الذبح والتضييع للشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته...يقول الدكتور المفكر فتحي الشقاقي:
"منذ أوسلو يوجد عمليا انقسام حقيقي داخل صفوف الشعب الفلسطيني وقيادته، في السابق كانت الانقسامات الفلسطينية تتعلق حول الأهداف المرحلية، أو تنحصر في دائرة التنظيمات، أو النخب السياسية. الانقسام اليوم حول الجامع التاريخي للمشروع الوطني في الماضي"...وماذا سيقول الدكتور فتحي رحمه الله لو شاهد الانقسام الحادث الآن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!
لقد كان رحمه الله ذو بصر وبصيرة ونظرة متأملة للمستقبل...ما كان يحذر منه قد حصل فعلا...لذلك رفض الدكتور فتحي الشقاقي مشروع أوسلو والدخول في انتخاباته التشريعية جملة وتفصيلا لأنه حتما سيصطدم بالجماهير والمشروع الوطني التحرري ,بل سمّى الدكتور المفكر فتحي الشقاقي كل ما يتمخض عنه ب(الحطام) حيث يقول:
" أنا أقول إن الذين يعتقدون أنهم بالإمكان البناء على اتفاقات أوسلو والبحث في هذا (الحطام) عن أي مشروع وطني إن هؤلاء واهمون, لأن هذا الاتفاق مسقوف بنص صهيوني، مسقوف بالإرادة الصهيونية ,مسقوف بميزان القوى الصهيونية، هذا الاتفاق الذي لا يعطي الفلسطينيين أي شيء, لا أريد أن أقول لا يعطي أدنى حق, هو لا يعطي أي شيء ,بالتأكيد بل لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني على الفلسطينيين أن يعطوا لا أن يأخذوا أي شيء, في الماضي على مدى عشرات السنين كان يعرض علينا القليل ونرفض القليل ونرفض هذه المرة عندما كان علينا أن نعطي لا أن نأخذ بأي حال من الأحوال ولا أرى شيئا على الإطلاق".
من هنا ندرك أهمية الفكر الثوري الجهادي الذي جاء به الدكتور فتحي الشقاقي...الفكر الجهادي الثوري الذي لا ّيغيب دور الجماهير ولا يصادر منها الإرادة والمبادرة...الفكر الذي يجمع ولا يفرق...الفكر الذي ينقل المعركة والصراع إلى العدو لا إلى الداخل الفلسطيني...من هنا كانت عملية القدس البطولية التي نفذها الشهيد حسام دويّات تنسجم مع هذا الفكر الشقاقي الجهادي الثوري ...الفكر الذي يجعل من الجماهير أداة للتغيير ويجعل من التنظيمات وسيلة لخدمة الجماهير وتحقيق وحدتها وتصعيد مقاومتها وجهادها.