حزب الله والمقاومة وانتصارات جديدة بقلم:رشيد شاهين
تاريخ النشر : 2008-07-05
حزب الله والمقاومة وانتصارات جديدة

رشيد شاهين

من الواضح انه لم يدر بخلد الذين اختاروا الاصطفاف في الخندق المعادي للأمة عندما هاجمت إسرائيل قوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله اللبناني أن هذه المقاومة سوف تحقق الانتصار تلو الآخر على قوى البغي والظلام والهيمنة والطغيان ومحاولة السيطرة على العالم متمثلة في دولة الكيان الغاصب، كما يبدو أن تلك الفئة الضالة التي حاولت الطعن في انتماء وولاء ومبادئ قوى المقاومة لم تعلم بأن الجماهير العربية والإسلامية وكل القوى الحية في هذا العالم حسمت أمرها ووقفت إلى جانب حزب الله وسيد المقاومة في معركة المواجهة مع قوى الشر والطغيان.

منذ تلك الحرب وما قبل ذلك بسنوات وقوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله وهي تتقدم أماما، تتنقل بخطوات راسخة لا تعرف التردد، وجباه عالية لا تعرف الانحناء ولم تألفه، ولا تقبل بأقل من الانتصار وفي أسوأ الأحوال لا تعرف الهزيمة كما جيوش دول التآمر التي لم تعرف سوى طعم الهوان والمهانة والهزائم، والتي يبدو أنها عز عليها أن ترى حزب الله وقوى المقاومة اللبنانية وهي تحقق انتصارا جديدا آخر على من قيل أنها دولة تمتلك جيشا لا يقهر، فأبت إلا أن تتآمر عليه في وضح النهار وفي العلن وبدون أدنى خجل من جماهير الأمة أو لعنة التاريخ.

بينما كانت قوى المقاومة تقاتل بكل ما عرف عنها من قوة وشراسة، وبينما كانت تتصدى لكل آلة الحرب الأميركية المتوفرة بيد جيش الكيان الغاصب بشكل يبعث على العجب والإعجاب، كانت تدار ضدها معارك أخرى لا تقل شراسة عن ساحات القتال التي أبلى فيها كل عنصر من عناصر المقاومة أحسن بلاء، هذه المعارك كانت تدار بأيد عربية من خلال إعلام ربط نفسه بالأجنبي فتم تجنيد كل القنوات الفضائية في خدمة المؤامرة التي حيكت بكل خسة ودناءة وبلا أدنى خجل، وتورط فيها من الكتاب والأقلام المأجورة التي لم تتوقع أبدا أن البوصلة هذه المرة سوف تتجه باتجاه آخر مختلف عما كان عليه الحال في كل مرة تواجه فيه إسرائيل جيوش العربان، فانكشفت عوراتهم كما العورة الإسرائيلية التي بدت مكشوفة لأول مرة بهذا الشكل المخجل.

لم تخرج المقاومة مكسورة ولا مهزومة كما أراد لها الإسرائيلي والأميركي والعربان، ولم تستطع كوندي رايس أن تحتفل كما اشتهت ولم يتحقق لها ما أعلنت عنه من شرق جديد بل انكفأت هي ومن حالفها على أعقابها خاسئة مذمومة.

بخروج المقاومة مرفوعة الرأس والهامة كان لا بد لقوى العدوان أن تبدأ تآمرها من جديد، وظلت تمارس تآمرها، وجندت كل الطاقات من أجل إلحاق الهزيمة بالمقاومة، فجندت المزيد من الأقلام والفضائيات، وعندما لم تستطع تحقيق أي فعل على الأرض، لجأت إلى شيوخ وعلماء الدولار الذين استعملوا الدين وسيفه، في اعتقاد منهم أن هذا قد ينطلي على العامة من الناس، وحاول شيوخ الفتاوى استعمال هذا السيف وتكفير الآخر ورفعوه في وجه الناس على اعتقاد أن هذا قد يسهم في تراجع أسهم المقاومة، إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق، وظلت المقاومة بكل أطيافها محمية في قلوب العامة من الناس، واحتضنوها بحبات العيون والضمائر والقلوب التي تعتمر بالإيمان الحقيقي، وعندما لم تنجح كل الفتاوى والتكفير للآخر لجأت قوى التآمر التقليدية التي كانت على مدى تاريخها مرتبطة بالأجنبي في لبنان، وحاولت جر حزب الله والمقاومة إلى معركة أخرى، إلا أن ما وقع أثبت بأن المقاومة محمية من قبل الجماهير، وأنها أقوى من كل المؤامرات التي حيكت في أكثر من عاصمة، وساهم بها أكثر من قائد أو رئيس أو دولة وعلى رأسها دولة البغي والعدوان، وقد رأى العالم كيف أن المقاومة استطاعت خلال ساعات أن تحرز انتصارا آخر، وكيف تهاوت قوى البغي وارتجفت القيادات التي لم تكف عن النعيق، وشاهد العالم آثار الهزيمة على وجوه من اعتبروا أنهم قادة عظام ولم يتوقفوا عن التهديد والوعيد.

لم يكن من الممكن لمن تآمر على لبنان أن يصمت أمام هذا الذي يتحقق على يد المقاومة وهذا الثبات الذي تبديه، فكان أن أمرت الولايات المتحدة الأميركية أتباعها في المنطقة بان توقف هذا المد الذي يتحقق للمقاومة، فأوعزت لمن أوعزت بالتحرك باتجاه المصالحة، لأنها أدركت بان قوى التآمر لا يمكن أن تنتصر أمام هذا المد للمقاومة، ولا نعتقد بأن المصالحة التي تمت كان لها أن تتم لولا البأس والعنفوان الذي أبدته المقاومة، ولم يكن من الممكن للمصالحة أن تتم لو أن قوى التآمر شعرت للحظة بأن بإمكانها الانتصار، وهي وعندما كانت تعتقد بأنها محمية ومدعومة من قبل أميركا وإسرائيل لم تجنح أبدا باتجاه المصالحة، وهي لم تفعل، سوى بعد أن أدركت بشكل قاطع بأنها لا يمكنها أن تحقق أي انتصار وأنها بعيدة كل البعد عن تحقيق أي إنجاز.

والآن وبعد كل هذا الذي جرى، ها نحن أمام انتصار جديد آخر لقوى المقاومة، لا بل انتصارات عديدة تتحقق، فها هي صفقة الأسرى التي حاولت إسرائيل أن لا توافق عليها بشروط المقاومة تتحقق، وهذا لم يكن ممكنا لولا حرب تموز وانتصار المقاومة فيها، وها هم ثلة من الأبطال سوف يتم الإفراج عنهم وعلى رأسهم سمير القنطار، بعد أن كانت دولة الاحتلال ترفض أن تخلي من تقول بان أيديهم "ملطخة" بالدم، وها هي أيضا توافق على الإفراج عن أسرى فلسطينيين ضمن صفقة التبادل، وها هي دلال المغربي تعود إلى أحضان الوطن وتدفن كما يليق ببطولتها التي لا تزال ماثلة أمام عيون إيهود باراك والذي يعرف تماما من هي دلال المغربي فلقد أظهرته الصور وهو يجر جسدها الطاهر حقدا وغيظا ولا بد أنه لا زال يسمع أزيز طلقاتها في أذنيه وهي تحصد جنوده وضباطه.

الانتصارات المتتالية لحزب الله وسيد المقاومة وقوى المقاومة لا تتوقف عند هذه الحدود، فهاهم اثنان من قادة الموالاة الذين لم يتوقفا يوما عن الهجوم على سلاح المقاومة ومحاولات التشكيك به وبطهارته وإلى أين يتوجه، أعلنا صراحة أنهما سوف يشاركان في استقبال الأسرى المحررين والجثث الطاهرة، فلقد أعلن كل من جنبلاط والحريري أنهما سوف يشاركان في العرس اللبناني في إشارة واضحة واعتراف لا يقبل النقاش أو الجدل بان سلاح حزب الله والمقاومة اللبنانية لم يكن أبدا موجها إلا إلى حيث كان دوما، وأنه لم يزل وسيبقى موجها حيث يجب أن يكون، وهما بهذا الإعلان إنما يقران بأنهما كانا في الخندق الآخر وأنهما كانا على خطأ وأن المقاومة كانت على صواب.

المعتقلون اللبنانيون والفلسطينيون الذين سوف يتم الإفراج عنهم وتسليم الجثث الطاهرة لتدفن بشكل يليق بها وبما قدمه أصحابها، لم يأت نتيجة الخنوع أو التآمر ولا نتيجة فتاوى الحاقدين، بل أتى نتيجة ما بذلته المقاومة من تضحيات، ونتيجة دم سفح على أرض لبنان الطاهرة، ولعل في ذلك درسا لمن يريد أن يعتبر بان الخنوع لا يمكن أن يقود إلا إلى الذل والمزيد من الهوان.

بيت لحم
5-7-008
[email protected]