ديمقراطية المجتمعات المتفسخة بقلم:حسام أحمد سليمان
تاريخ النشر : 2008-07-05
حسام أحمد سليمان


لتعيش الأفكار التي تعبر عن أهداف إنسانية، و تعتمد من أجل تحقيقها على الإرادة الإنسانية (أهداف من مثل الحرية والتسامح والمساواة وإلغاء التمييز وحقوق الإنسان والديموقراطية ....) أما الحصيلة المطلوبة حالة نتمتع فيها جميعا ً بالرخاء و الازدهار و الرقي الفكري و الإبداع.


تعريف بالديموقراطية و حقوق الإنسان:
أولاً_ تعريف الديمقراطية:
الديموقراطية كلمة مطاطة، تستوعب العديد من التعاريف والمبادئ المختلفة، ما يقارب من مئة والخمسين تعريفا .

_ التعريف التقليدي للديموقراطية
تعود كلمة ديموقراطية Democracy إلى أصل إغريقي و تعني حكم الشعب أو سلطة الشعب، فهي في اليونانية تتكون من مقطعين، الأول Demos و معناه الشعب، و الثاني Kratin و معناه حكم أو سلطة، و يعتبر هذا التعريف من أقدم تعاريف الديموقراطية.
_ بينما يعرفها أحد الرؤساء الأمريكيين السابقين Lincoln بأنها حكم الشعب بواسطة الشعب، و من أجل الشعب.
_ أما الفقيه Seely يعرف الديموقراطية بأنها (النظام الذي يملك فيه كل فرد نصيبه). بينما يعرفها البعض بالحكومة التمثيلية للعدد الأكبر.
_ أما الديموقراطية الحديثة: تعرف بأنها منهج لاتخاذ القرارات العامة من قبل الملزمين بها و هي مبادئ و مؤسسات تمكن الجماعة السياسية من إدارة أوجه الاختلاف في الآراء و تباين المصالح .

ثانيا ً_ تعريف بحقوق الإنسان
يمكن عرض بعض التعاريف للحق و للإنسان، ثم الانتقال إلى تعريف موحد لحقوق الإنسان.

1_ماذا نقصد بكلمة الحق؟
لكلمة الحق معاني عدة حسب الحقل المعرفي الذي تعرف من ضمنه، و يمكن حصر استعمالها في فكرتين أساسيتين:
- الحق ما يكون متطابقا ً مع قاعدة محددة، و من ثم يكون واجبا ً قانونيا ً، وبالتالي مستحقاً، لأن القوانين و الأحكام تأمر به، أو لأنه مطابق للرأي على الصعيد الأخلاقي.
- الحق ما يكون مسموحا ً به، مباحا ً بالقوانين المكتوبة أو الأحكام المتعلقة بالأفكار، أو مباحا ًبشكل أخلاقي، لأن العمل المقصود إما أن يكون صالحا ً, و إما أن يكون محايدا ً أخلاقيا ً.


2_تعريف الإنسان
النطق بمعنى التفكير ليس وحده كافيا ً لاستيعاب هذا الكائن العملاق.
إنه كائن مكلف و مقصود لرسالة وضعت بين يديه- لتحقيق العلم الذي يرفعه أو الجهل الذي يسحقه.إنه الحر الملتزم المسؤول عن الإنسانية و حريتها.

3- تعريف حقوق الإنسان: طرحت تعاريف عديدة بغية تحديد المصطلح , من التعاريف ما طرحه ( رينيه كاسان) أحد واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه –
فرع من فروع العلوم الاجتماعية، موضوعه دراسة العلاقات القائمة بين الأشخاص وفق الكرامة الإنسانية.
في عام 1973 وضع مجموعة من الباحثين و على رأسهم ( كارل فاسالك ) المشهور بأبحاثه و أعماله في ميدان حقوق الإنسان، وضعوا حوالي خمسة آلاف لفظ، تستعمل في مجال حقوق الإنسان، و تم إدخالها إلى الحاسب، و بعد دراستها خلصوا إلى التعريف التالي
(حقوق الإنسان هو عمل يهم كل شخص و لاسيما الإنسان العامل، الذي يعيش في إطار دورة معينة، و الذي إذا ما كان مهتما ً بخروق القانون أو ضحية حالة حرب).
استُخلص : من هذا التعريف أن الإنسان العامل هو المخاطب الأول و أن مبدأ المساواة الذي ينص عليه القانون هو الذي يأخذ الأولوية، أي أن كل حق و كل حرية يستطيع أن يمارسها الإنسان تدخل ضمن تعريف حقوق الإنسان باستثناء ما نص عليه القانون، بعدم ممارستها، و إلا تعتبر مخالفة للقانون و مضرة بمصلحة الغير.

بدايـــــــة لبداية:

أن التوجه الديموقراطي يركز على الحريات العامة و حقوق المواطن و خاصة حرية الرأي و الرأي الآخر و التعددية الحزبية و تأليف الأحزاب و الانضمام إليها , هذه الحقوق تمثل في الوقت نفسه جوهر حقوق الإنسان و حرياته الأساسية مثل حق المساواة و العدالة.
لكن على الساحة العربية لدينا المفاتيح العجائبية , مفاتيح النقلة الفجائية ( أي المعجزة) بدون مجهود ولا كلفة و لا زمن, من واقع التأخر إلى مثال التقدم ففكرة الديموقراطية تضطلع اليوم بالوظيفة نفسها التي اضطلعت بها في طور فائت فكرة الاشتراكية، و فكرة الثورة، و من قبلها فكرة الوحدة، أو فكرة النهضة.........
الكل يحلم بموضوع الانتقال إلى الديموقراطية خصوصا فترة ما بعد الاستقلال , حيث اتسمت (فترة ما بعد) بتعقيد ظروف الصراعات الخارجية و النزاعات الداخلية .
وقد جرى الحديث و بصوت عالٍ عن أهمية حشد كل الجهود لتعبئة الطاقات للمعركة مع العدو و بررت بعض القوى التضحية (بالديموقراطية و التنمية وحقوق الإنسان ) تحت حجة الصراع العربي – الإسرائيلي و كان ثمة في الأمر تناقضاً ففي الوقت الذي يمكن للديموقراطية أن تعزز من دور المشاركة الشعبية في التصدي للعدوان الإسرائيلي فإن التنمية ستكون عاملا أساسيا و مهماً في تهيئة المستلزمات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية إضافة إلى العسكرية لمقاومة العدوان و الدفاع عن الحقوق المستلبة .



معوقات الانتقال إلى الديمقراطية :

من المعوقات الخارجية

- التحديات المستمرة للبلاد العربية و شعوبها التي تضاعفت بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر الإرهابية في محاولة لوصف العالم العربي و الإسلامي بالإرهاب.

- من التحديات الخارجية الاحتلالات التي ما تزال قائمة على الأراضي العربية
(الاحتلال الاستيطاني لإجلائي في فلسطين و الحلول التي ارتكست بعد وصولها إلى طريق مسدود _ أوسلو و ما ارتبط بها كلها لم تستطع إيجاد حل سلمي و عادل لطالما بقيت حقوق الشعب الفلسطيني مهدورة و خاصة حقه في تقرير المصير ) إضافة إلى مشكلة اللاجئين و الحدود و القدس و المستوطنات و غيرها .

- فضلا عن ذلك هناك العدوانات المستمرة على العديد من البلدان العربية, كالعدوان الإسرائيلي المستمر ضد لبنان , والاجتياحات التركية المستمرة للأراضي العراقية , يمكن أن نضيف الحروب الخارجية بين بلدان عربية و إسلامية مثل الحرب العراقية الإيرانية 1980 – 1988 وحروب بين البلدان العربية غزو الكويت 1990 و ما تبعها من عدوان واحتلال لأرض العراق ( 2003) كل هذه العمليات ساهمت و تساهم في تعطيل قضية الديموقراطية.

- يمكن اضافة الحصارات الدولية التي تنفرض على شعوب بكاملها مثل حصار الشعب العراقي الذي استمر ما يزيد على اثني عشر عاما . و الحصار ضد الشعب الليبي و السوداني ، و النزاعات الحدودية بين العديد من البلدان العربية .

المعوقات الداخلية

وفق تقرير التنمية الإنسانية:
- إن الناس في المنطقة العربية أقل استمتاعاً بالحرية على الصعيد العالمي , و المشاركة السياسية دون المستوى المتحقق في جميع مناطق العالم , و منظمات المجتمع المدني تعاني من عقبات تحد من إنشائها و عملها بفعالية .
- ما زالت المرآة العربية تحتل أدنى من 5 % من مقاعد البرلمانات في الدول العربية
وواحدة من كل امرأتين عربيتين لا تعرف القراءة و الكتابة .
- أن الالتحاق بالتعليم في كل المستويات أقل من الدول النامية الأخرى ، يقل الالتحاق بالتعليم العالي و نجد عدم توافق بين التعليم و سوق العمل و نجد النساء منسيات في كل المستويات .
- استخدام المعلومات في الدول العربية أقل من أي منطقة أخرى في العالم .

- ارتفاع نسبة البطالة في العالم العربي وهي الأعلى في الدول النامية .
- ما زال في منطقتنا العربية 65 مليون عربي بالغاً أمياً ثلثاها من النساء .
- تدني نوعية التعليم مما يعني تدني التحصيل المعرفي و القدرات التحليلية و الابتكارية .



كيفية خروج الديمقراطية إلى الوجود :
النقطة المهمة هي ( الثقافة الديموقراطية ) لا يمكن الحديث عن الديموقراطية و مسألة الانتقال إليها دون وجود ديموقراطيين بشكل عام . فضعف الثقافة الديموقراطية لدى النخب الحاكمة و غير الحاكمة يشكل عائقاً .

المفهوم العمودي والمفهوم الأفقي للديمقراطية:
الديموقراطية ، هي الحكومة التمثيلية للعدد الأكبر . والعدد الأكبر متغير دائم , و الغالبية في الديموقراطية أفقية لا عمودية .
ما هو عامودي في المجتمع هو كل ما له صلة بالهوية ، سواء تجلت هذه الهوية بالدين أو الطائفة أو الأثنية أو الطبقة .
أما الأفقي ماهو عابر لتلك الكيانات ، و نظراً إلى ضعف ثقافة الديموقراطية في المجتمعات العربية فإنه كثيرا ما يُلحظ انزياح في تصور عامة الناس من المفهوم الأفقي للغالبية إلى مفهومها العمودي . فنصاب الغالبية عندهم جوهري لا عرضي و مسرح الصراع هو المجتمع نفسه ، في عمق عمقه ، لا مؤسسات السطح السياسي من برلمان أو غيره .( ديانة في مواجهة ديانة , طائفة في مواجهة طائفة ، أثنية في مواجهة أثنية. و التمثيل ، كما في " الديموقراطية " اللبنانية ، تمثيل طوائفي لا حزبي . و حتى إن وجدت أحزاب فهي بالغالب أحزاب طوائف . و لانتقال السلطة برأسها الرئاسي و جزعها البرلماني من غالبية سابقة إلى غالبية لاحقة لا سبيل سوى حرب أهلية .

المعارضات العربية شأن الديكتاتوريات:

مصيبة العالم العربي لا تكمن في كون معظم حكوماته ديكتاتوريات و من طبيعة عسكرية في الغالب ، بل كذلك في كون هذه الديكتاتوريات قد تحولت في العقود الأخيرة من ديكتاتوريات أفقية إلى ديكتاتوريات عمودية ترتكز على عصيبات دينية و طائفية و قبلية ، و غير قابلة للتغير إلا بكلفة بشرية باهظة.
و مما يزيد في وخامة الصورة أن الديكتاتوريات لا تواجه في الغالب من قبل المعارضات من مواقع ديموقراطية. فالمعارضات العربية ، شأن الديكتاتوريات التي تعارضها ، تقف في الغالب على نفس الأرضية الطائفية أو القبلية ، لكن من خندق مضاد . و ليست الديكتاتورية بحد ذاتها هي موضوع المعارضة ، بل طبيعتها الطائفية أو القبلية المغايرة . على هذا النحو ليست الديموقراطية هي المرشح لأن تخلف ديكتاتورية . فالديكتاتورية ستبقى بينما الطائفة أو العشيرة هي فقط التي ستتغير .

الدائرة المقفلة:
الفرد الديموقراطي يقف حائراً ، في وضعية الاستقالة . ما دام مسلسل الديكتاتوريات على التوالي ، إن ما يحتاجه العالم العربي ليس تغير الحكومات لاسيما أن مثل هذا التغيير بات عال الكلفة ، فضلا عن دورانه على محور فارغ ، بل " أخذ الوقت " لبذر الثقافة الديموقراطية من خلال فترة " هدنة " تعلق فيها شعارات إسقاط الأنظمة القائمة لصالح مطالب إصلاحات ديموقراطية متدرجة تبدأ من الشارع .
هذه الاستراتيجية الطويلة لا تخدم في نهاية المطاف سوى الديكتاتوريات القائمة (اعتراض وجيه ) و الطريق إلى الخروج من هذه الدائرة المقفلة هو الانتقال من مفهوم عمودي للغالبية إلى مفهوم أفقي وليس للغالبية الأفقية سوى مكان واحد للتظاهر فيه(البرلمان ) مسرح العنف اللفظي و الرمزي ، لا رحبة المجتمع مسرح العنف الفعلي و في حال غياب البرلمان الديموقراطي ( و ذلك حال أغلب البلاد العربية) فإن الشارع يمكن أن ينوب مؤقتا منابه . الشارع الأفقي كنقطة تجمع مكشوفة في التظاهرات السلمية التي تتسع لمشاركة جميع الطبقات و جميع طوائف الأمة ، و ليس الخلاية السرية التي لا تجيد سوى العنف و الإرهاب . وحدها الديكتاتوريات التي تسقط بلا عنف ( بإجماع الشارع ) البديل المرحلي لبرلمان الأمة – أما العنف ليس من شأنه و لو كان مضادا إلا أن يؤبد الديكتاتورية . و زهرة الديموقراطية لا تنمو أبدا في تربته .

لايمكن إعطاء براءة (نية )للحركات الأصولية
ولا يمكن إعطاء براءة( ذمة) للأنظمة الاستبدادية


مع السيطرة المتصاعدة للحركات الأصولية على الشارع في العالم العربي تجعل السؤال
صحيح أن بعض التيارات الهامشية في الحركات الأصولية تؤكد شعاريا تمسكها بالقيمة الديموقراطية لكن سواد الحركة الأصولية لا يخفي مجانبته لها . فالديموقراطية كما يدل اسمها بالذات ، قيمة " غربية " و الحضارة الغربية بأسرها مرفوضة . حتى لو استولى الأصوليين على السلطة بطريقة ديموقراطية فإن أول عمل لهم سيكون إلغاء الديموقراطية بوصفها نظاما مستوردا و دخيلا .

هل تباح حرية النشاط السياسي لقوى سياسية لا تؤمن بالديموقراطية و لا تتوسل بها إلا بهدف إلغائها ؟
إن اختارت غالبية الشعب من الأصوليين أو غيرهم أن تلغى الديموقراطية أو أن تعلقها إلى اجل غير مسمى ، فليس للشعب أن يكون ديموقراطيا رغما عن أنفه .
الديموقراطية ( عقد ) كما في كل تعاقد, و التزام جميع الأطراف بشروط العقد شرط لقيامه و سريان مفعوله . العقد الديموقراطي لا يقبل زغلاً وهو سريع العطب فكيف إن كان شرطه الرئيسي يعادل إلغاءه من أساسه .

هل معنى ذلك أن الدفاع عن العقد الديموقراطي يبيح للأنظمة القائمة أن تقمع الحركات الأصولية لا ديموقراطيا على نحو ما تفعل حاليا ؟
لا يمكن إعطاء براءة نية للحركات الأصولية ، و لا يمكن إعطاء براءة ذمة للأنظمة الاستبدادية هذه الأنظمة كانت قد قمعت قوى الديموقراطية بمثل العنف الذي تقمع به اليوم القوى الأصولية و الواقع أن ( مطالبة الأنظمة القمعية باحترام شروط العقد الديموقراطي ، كمطالبة الحركات الأصولية به هي إشكالية زائفة ) فالطرفان يقفان خارج نطاق العقد الديموقراطي .
الفرد الديموقراطي يرفض الغرق في دوامة العنف و العنف المضاد ، ما يحرص عليه ليس مطلب احترام شروط عقد ديموقراطي لا وجود له أصلا , بل مطلب تهيئة شروط قيام هذا العقد مستقبلا و دوره المرحلي أن يمهد التربة لبذر البذرة . و هذا الدور من الصعوبة في منتهاها .

صندوق الاقتراع الأول ( جمجمة الرأس ):

الديموقراطية لا يمكن أن تكون نظاما فصامياً , لا يمكن أن تكون نظاما للحكم بدون أن تكون نظاما للمجتمع , لا يمكن أن تسير العلاقات بين الحكام و المحكومين بدون أن تسير العلاقات بين المحكومين أنفسهم, مع أنها بالتعريف نظام للدولة لكنها بالجوهر نظام للمجتمع المدني .
فالديموقراطية ظاهرة مجتمعية و المجتمع في المقام الأول نسيج من العقليات
الحرية الديموقراطية تنتهي لا محالة إلى صندوق الاقتراع أما الصندوق الأول الذي تنطلق منه هو جمجمة الرأس و إن لم يتضامن صندوق الرأس مع صندوق الاقتراع فإن الأخير لن يكون إلا معبرا إلا عن طغيان غالبية العدد .
إن الأنظمة العربية القائمة تقيم العثرات أمام الآلية الديموقراطية ، و المجتمعات العربية الراهنة تقيم العثرات أمام الثقافة الديموقراطية ، فالأنظمة العربية لا تتحمل (انتخابا حراً ) و المجتمعات العربية لا تتحمل (رأيا حراً ) حتى المثقفين يريدون الديموقراطية في السياسة و لا يريدونها في الفكر .

هذا المنتج الأصيل:
يجب أن تأخذ الديمقراطية في أكمل أشكال تطورها و أكثرها إنجازا ( لكن , الأجسام المريضة تتفاوت في قدرتها على تحمل الجرعات من الدواء الواحد ) و المجتمعات العربية غير مهيأة بعد لتحمل جرعة الديموقراطية .
حتى إذا رضينا باختزال الديموقراطية , أي منطق في موقف من يعتبر المرآة بنصف عقل و من يصر على حرمانها من حقها في الإرث و في الأهلية القانونية , الديمقراطية بحاجة إلى تبيئة وتدرج .
هل عممت أوربا الغربية حق الانتخاب قبل أن تعمم قبله حق التعليم ؟
من غير المنطق أن نتصور زهرة الديموقراطية – تنمو في تربة الأمية أو حتى النصف أمية و في بحر الانفجار السكاني الذي تشهده المجتمعات العربية مع ما يعنيه هذا الانفجار اللامسيطر عليه من توسيع و تعميق لقاع الأمية , فإن سفينة الديموقراطية لا تستطيع مهما يكن ربانها ماهراً و هو في الدولة العربية غير ماهر أن تنجز بأمان رحلتها إلى شاطئ الأمان . والأصوليين يهددون حتى قبل بدء الرحلة بإغراق السفينة فور الوصول إلى مرفأ السلطة . و الأصوليين هم أول و أبرع من يركب موجة الأمية . الأصولي الذي لا يطرح في الانتخابات برنامجا بل يدعو إلى التصويت على نص مقدس و هذه حيلة سياسية أثبتت جدواها و مأزق الديموقراطية في العالم العربي أن الثورة التعليمية لم تنجز فيه إلا أقل من نصف مهمتها .


[email protected]