حكام اسرائيل يتجنون عليها بقلم : حمدي فراج
تاريخ النشر : 2008-07-04
حكام اسرائيل يتجنون عليها 4-7-2008
بقلم : حمدي فراج
عملية الدهم بالجرافة في قلب عاصمة اسرائيل يفترض أن تشعل ضوءا ساطعا أمام صناع القرار في هذه الدولة ،إنطلاقا من أن المنفذ ليس ولدا غرا يعتمد في مصروفه اليومي على امه او أبيه ، بل رجل في العقد الثالث من عمره متزوج وله أبناء يعيلهم في صور باهر، وصور باهر هذه ليست مخيما للاجئين في الدهيشة او بلاطة او العروب او جباليا ، ولا حتى مدينة جنين او الخليل ، بل جزءا لا يتجزأ من القدس التي تعتبرها اسرائيل عاصمتها الموحدة والأبدية ، والتي عندها يتمترس المفاوضون الاسرائيلييون ولا يريدوا تقديم أدنى تنازلات بشأنها ، للدرجة التي عادوا وطالبوا بتأجيل بحثها مرة أخرى في المفاوضات الجارية حاليا .
في مفاوضات اوسلو التي أسفرت عن توقيع اتفاقية اعلان مباديء قبل خمس عشرة سنة ، تم تأجيلها مع شؤون ساخنة أخرى كالحدود والمستوطنات واللاجئين ، والأن يطالبوا بتأجيلها مرة أخرى ، وقد أصبح مفهوما ان هذا ليس تأجيلا بقدر ما هو تسويغا وترحيلا يراد منه فرض سياسة الأمر الواقع على القيادة الفلسطينية التي في حالة موافقتها ستجد نفسها غير قادرة حتى عن الرجوع الى الوراء ، عملا بالمأثور الشعبي المصري "دخول الحمام ليس كالخروج منه "، وهذا ما واجهه الراحل ياسر عرفات خلال ثلاث سنوات من المحاصرة في المقاطعة الى أن لاقى وجه ربه .
المنحى الثالث في إشعال الضوء يتمثل في الجدار التي يقول صناع القرار في اسرائيل أنه جدار أمني ، في حين قال العالم أنه جدار عنصري من خلال قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي ، والتي يصادف بعد ايام الذكرى السنوية الرابعة لادانته وضرورة هدمه .
لقد جاءت ردود الفعل الاسرائيلية في الحكومة والمعارضة كما المعتاد والمتوقع ، شجب واستنكار وتهديد ووعيد ، ومشاريع قرارات بهدم منازل المنفذين وحرمان عائلاتهم من التأمين والضمان الاجتماعي ، أما رئيس الوزراء ايهود اولمرت فإن أندر ما خرج به قوله أن اسرائيل لم تشهد مثل هذه العمليات من قبل ، وفي هذا تجني على الحقيقة وعلى اسرائيل معا ، فلقد شهدت اسرائيل ما هو أبلغ بكثير مثل الطائرة الشراعية وعملية الاستيلاء على مقود باص وحرفه عن مساره الى الهاوية ، وعشرات العمليات الاستشهادية الانتحارية لمنفذين ومنفذات على حد سواء للدرجة التي جعلت صحفيا يقول أنه توقف عن ركوب الحافلات ، وأنه اقتنى دراجة هوائية ، بل أنه كان يتجنب الاقتراب من الحافلات اثناء قيادته لدراجته خوفا من الانفجارات .
مع ذلك فإن الأكثر بلاغة والأشد وطأة من هذه العملية والعمليات الأخرى والتي لا يرغب اولمرت في رؤيتها لأنه يضع يديه على عينيه ، هي عملية إنفجار الشعب كله ، لم يكن بحوزته جرافة ولا حزاما ناسفا ولا طائرة شراعية ، فقط الحجارة ، يرشقها في وجه أولمرت واسرائيله معا . ولم يتعظا .