موجابى فى عيون أفريقية وعيون أمريكية
لأول مرة فى تاريخ القارة الأفريقية يتفق قادتها مجتمعين على رفض دعوة جادة من الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن ورائها أوربا والأمم المتحدة ، لكى يعلنوا رفضهم اعادة انتخاب الرئيس الزيمبابوى روبرت موجابى ، فى قمتهم الحادية عشر للإتحاد الإفريقى التى عقدت فى شرم الشيخ فى 30/6/2008.
فالسيد موجابى ( 84 سنة ) نجح فى الإنتخابات الرئاسية التى أُجريت مؤخرا فى ريمبابوى ، باستخدام البلطجة والتزوير والإعتقالات ، ومطاردة المعارضين، ولم يأبه لمطالب جماهير شعبه المعارضة له بالتخلى عن الحكم ، أو للإعتراضات الدولية على هذا الأسلوب الإجرامى فى حق شعبه .
ويقترب عمْر السيد موجابى من الخامسة والثمانين ، واذا قُدر له البقاء الى نهاية هذه القترة الرئاسية ، فسوف يبلغ من العمر التسعين عاما ، وربما يطمع فى الإستمرار فى السلطة لمدتين أُخريين ، ليصل عمره المديد الى القرن من الزمان .
بالطبع فان لكلٍ من أمريكا- مؤيدة بالدول الأوربية "وبالأخص انجلترا وفرنسا " - والقادة الأفارقة وجهة نظر تختلف عن الأخرى - حسب مصلحة كل طرف - ، فكلٌ يغنى على ليلاه ، فالعقيدة الأمريكية تجاه القارة الإفريقية تتأرجح بين النظر اليها كرقعة صالحة وواسعة لنمو وانتشار ما يسمى بالإرهاب الإسلامى ، والذى يهدد- من وجهة نظرها- مصالحها الإسترتيجية ، ليس فى القارة السمراء فحسب ، بل وفى العالم كله ، وخير دليل على ذلك ماحدث من هجمات على السفارتين الأمريكيتين فى نيروبى ودار السلام منذ مدة ليست ببعيدة ،ولم تنسَ أمريكا – بصفتها زعيمة الدول الصليبة مهمتها الرئيسية وهى " التبشير بالمسيحية " فى هذه القارة البكر، وبين معاملة هذه القارة كمستودع آمن لإحتياطات أمريكا المستقبلية ، وأهمها البترول ، ولا يخفى على أحد أن أمريكا لايهمها نشر الديمقراطية فى هذه القارة ، أو الدفاع عنها ، وليست متحمسة لمحاربة الفقر والجهل والمرض ( وبالأخص الإيدز ) فيها ، المهم المصالح الأمريكية دون اعتبار لأية أمور أخرى ، حتى وان كانت انسانية أو مأساوية .
أما القادة الأفارقة فقد استقبلوا الرئيس موجابى فى مؤتمره الأخير استقبال الفاتحين ، وكأنه هو عريس الفرح ، ووقفوا متضامنين معه ضد الإنتقادات الأمريكية والدولية ، طبعا ليس لسواد عيونه أو لسواد بشرته ، وانما لأن معظمهم فى ورطة مابعدها ورطة ، فكثير منهم يتعامل مع شعبه أشدَّ قسوة وغلظة من السيد موجابى ، ومنهم من يطمع فى الإستمرار فى السلطة أكثر منه ويطمح فى مدد رئاسية أطول منه ، وفيهم من يرغب فى توريث حكمه ليس لأبنائه فقط ،بل ولأحفاده أيضا ، وكذلك فيهم من جعل بلاده سجنا كبيرا لشعبه ، يحرمه من أن يتذوق شيئا من خيرات البلاد وثرواتها ، أما سيادة الرئيس فهو المهيمن الوحيد عليها ، وهو الذى يقوم بتهريب أموال شعبه التى نهبها ظلما وعدوانا الى بنوك أوربا وأمريكا ، وتحيا الوحدة الإفريقية !!!!
اذاً فلن يستطيع أحد منهم أن يندد بما قام به موجابى ، من تزوير وبلطجة وقمع لشعبه فى الإنتخابات الرئاسية الأخيرة ، لأنهم دون مواربة معه فى الظلم قرناء ، وهكذا فالمسرحية التى تلعبها أمريكا مع معظم القادة الأفارقة مكشوفة للعديد من المهتمين بشئون القارة السمراء ، والشعار الخفى الذى يتعاملون به معاً هو : بدد ثروات البلاد ...انفق ببذخ ...هرِّب .. بنوكُنا تستوعب ما عندك والمزيد ...وساعة الجد لن نتركك مادمت ملتزما بما اتفقنا معك عليه ،.. طبعا الحساب على الزبون ، والزبون هنا هو المواطن الإفريقى ، أليس كذلك ؟ !!!
كتبها : محمد شوكت الملط
موجابى فى عيون أفريقية وعيون أمريكية بقلم:محمد شوكت الملط
تاريخ النشر : 2008-07-04