أيها الحصار العظيم....
الخالد في قلوبنا... المتربع بين فرشاتنا وفراشنا ,النائم على وسائدنا...
أينما نذهب أنت بجوارنا.. ملاصق لنا ,أينما نمشي , وقتما نريد أو لا نريد.
عندما نتتوتت أنت تسمعنا ... و عندما نأكل أنت تسمعنا...
آه عليك أيها الحصار العقيم... ليس لنا صديق غيرك.....حبيب غيرك.... وملازم لنا غيرك....
نفضفض لك وعنك كل شي... و نتكلم إليك وعنك عن كل شي.... كما أنك لم تجعل منا عابر سبيل
إلا و تحدثت عنه وتحدث عنك....
انك العظيم في عقولنا... نحبك جدا من مرارتنا ولكنك تموت عشقنا بنا...
أذهبت منا الكثيرون إلى أخر مثوى لهم بالرغم عن أنوفهم...
أفقدت منا الكثير أملهم في الحياة..وسلبت من بين أنامل الفقراء لقمة خبزهم الوحيدة.....
لا تريد أن ترحل عنا ! ... لا تريد أن تغفر لنا ! ... ولا تريد أن تصفح عنا ! ... عن ماضينا....
ليتك أيها الحصار العظيم قصة بنهاية... كتاب نعرف صفحاته,الأولى منه و الأخيرة فيه...
ليتك رواية عشق نستطعم و نستلذ بقراءتها و نذرف دموع ويلاتنا عليها......
ولكن يبدو إننا نحن الرواية لك.... والقصة الوحيدة لك... والحب الأبدي لك... لا تريد أن ترحل عنا
و تنسانا و تنسينا ليالينا.
أذهبت روح التي أحبها..أعشقها...وأموت عشقا بها...أخذت مني أغلى ما يمكن أن يملكه إنسان على وجه الأرض...
لم أفعل معك وبك شئ...و لم أقل لك شئ...سوى بعض من اللعنات التي تسمعها كل يوم و بدون فائدة....
أخذت مني أمي...غاليتي..و كل حنيني...
لم أعد أسوى شيئا بدونها.. ولم أعد اعرف بأي لغة أنت تفهم...
أبكيتني عليها أغلى دقائق حياتي , ومازلت أبكي....قهرتني بسلبها مني , وما زلت مقهورا... قسمتني نصفين , ولم أعد اعلم بأي نصف سأحاربك...
حرمتني رؤية أطفالي ... و مزقت كل حنين في قلبي... ظلمتني كثيرا بحياتي, و لم أعد قادرا على شئ... زرعت في قلبي مقبرة شهداء طويلة... وتطلب مني أن اروي كل القبور بأدمعي...
أرحل بالله عليك ...أغرب عن أعيننا ولو لحظة من أعمارنا....دعنا نعيش كمثل الشعوب بالله عليك....
أيها الحصار العظيم....
نحبك والله ,ولكن ليس كما أنت مفرط في حبنا.... نموت عشقا بك, ولكن لا تمتنا من عشقك لنا .
أرحمنا ... فهي صفة ربانية يجوز للعبد منا أن يتسم بها...
دعنا بالله عليك ليلة وحيدة نسعد فيها بدونك,
دعنا نشتاق إليك عل الشوق يتبعه حنين....
كم كنت أتمنى أن تكون خفيفا ,جميلا وقصير... لعلي في يوم قد أفكر بأن أحبك...
2/يونيو/2008
من قلبي...إلى الحصار بقلم:د.محمد شكشك
تاريخ النشر : 2008-07-03