ما قيمة الإعلام بخطوط حمراء ؟؟؟
محمد سعيد أبو مجد
كثر الحديث في الآونة الأخيرة ، وفي عدد من الدول العربية عن حملات الاعتقال في صفوف الإعلاميين مما يعني أن الإعلام العربي لا زال على حاله التي كان عليها منذ عقود وبخطوط حمراء كل من حاول تجاوزها احترق بنيرانها.
وفي اعتقادي أن الذين لا زالوا يفكرون في وضع خطوط حمراء للإعلام في عالمنا العربي إنما يفرغون هذا الإعلام من محتواه ، ويعطلون وظيفته الأساسية.
فالإعلام هو الجهاز المعتمد للبحث عن الحقيقة مهما كانت خطورتها ، والكشف عنها مهما كانت خطورة المتوجسين منها الراغبين في طمسها وإخفائها. والإعلام إنما يكتسب مشروعيته ومصداقيته عند المستهلكين بقدر التزامه بالكشف عن هذه الحقيقة ، خصوصا عندما تكون حقيقة مهددة لطلاب السمعة المجانية.
وإعلامنا العربي نوعان : الإعلام المطية الذي يركبه طلاب السمعة المجانية، وأداته الكذب والتزييف وقلب الحقائق ، وهو إعلام مأجور، والإعلام الجموح الجسور الذي لا يسلس القياد لطلاب السمعة المجانية وأداته الصدق في نقل الحقائق ، وهو إعلام نزيه.
وقد يعمد النوع الأول من الإعلام المأجور إلى طريقة النوع الثاني من الإعلام النزيه في بعض القضايا التي لم تبرم فيها صفقات مع أصحاب المصالح من الذين تهدد سمعتهم الحقائق، وذلك لتضليل المستهلكين من خلال التظاهر بالنزاهة الزائفة. ومن سوء حظ هذا الإعلام أنه لا يتنبه إلى قضية الكيل بمكيالين حسب ما تمليه الصفقات. فقد يتناول هذا الإعلام قضية ما ويطرحها طرحا يوهم بالنزاهة ، ولكنه عندما يطلب منه طرح قضايا مماثلة بنفس المكيال يصمت صمات الموات فينكشف أمره وتفوح منه رائحة الصفقات . فما معنى أن يتناول الإعلام العربي الذي يدعي النزاهة والحياد إلى درجة القول :[هذا منبر من لا منبر له ]محاكاة لعبارة :[ الله ولي من لا ولي له] سيرة زعيم من الزعماء مثلا فيقدمه بشكل مشوه يغلب فيه القدح على المدح ، ويقدم ذلك على أنها الحقيقة التي لا يأتيها باطل من بين يديها ولا من خلفها حتى إذا طلب منه اعتماد نفس المعيار لقياس باقي الزعامات أعرض ونأى بجانبه.فكيف يدان هذا الزعيم العربي بالبذخ مثلا ، وكل زعمائنا من أهل البذخ ؟
فحقيقة بذخ زعمائنا لا تنكشف بذكر بذخ البعض دون كشف بذخ البعض الآخر. ولعل الذي يحول الإعلام من النزاهة إلى عكسها هو الخطوط الحمراء التي تفرضها الصفقات وهي نوعان : صفقات الإغراء ، وصفقات الوعيد. وغالبا ما يعتمد النوع الأول من الصفقات فإذا لم يؤت أكله سد مسده النوع الثاني ، وهو الغالب في عالمنا العربي.
والمجتمع الذي يدين ويحاكم إعلامه يكسر العتبة الأولى التي تفضي به لمعرفة حقيقته ، وشأنه شأن من يكسر مرآته خوفا من النظر إلى بشاعة صورته. وإلى متى سنكسر مرايانا وغيرنا ينظر إلى صوره في مراياه ويعالج بشاعته بشجاعة ؟
ما قيمة الإعلام بخطوط حمراء ؟؟بقلم:محمد سعيد أبو مجد
تاريخ النشر : 2008-07-02