وأخيرا تذكرنا رجلا اسمه القرضاوى بقلم:محمد شوكت الملط
تاريخ النشر : 2008-06-28
وأخيرا تذكرنا رجلا اسمه القرضاوى
بعد أكثر من نصف قرن من الزمان ، تذكر أعضاء مجمع البحوث الإسلامية المصرى ،أن على الكرة الأرضية رجلا اسمه يوسف القرضاوى ، هو حبر الأمة الإسلامية فى هذا الزمان، وهو العالم الفذ الذى تُنقل فتواه الى كل أرجاء الدنيا فى لمح البصر ، فانتخبوه أخيرا عضوا ضمن الأعضاء الجدد المنضمين لهذا المجمع .
قال عنه العلماءأنه يعتمد منهج الاعتدال والتيسير في فتاويه، وذلك بعد استعراض مجمل الأدلة الشرعية الصحيحة في الموضوع ، محاولا الجمع بينها في حال التعارض، مستخدما القواعد المختلفة الموجودة في علم أصول الفقه عند مختلف المذاهب ، و مراعيا قواعد المصالح الشرعية للوصول إلى الحكم الأنسب و الأصلح لزمن ومكان الفتوى.
جميع وسائل الإعلام العربية والإسلامية عادة ما تنعته بالعلامة الكبير ، تتصدر أخباره مكتوبة بالخط العريض الصفحات الأولى من الصحف والمجلات الكبرى ، تتهافت اليه هذه الوسائل للإستماع الى آرائه وفتاويه لنقلها فورا- بعد ترجمتها الى اللغات العديدة - الى المسلمين فى بلاد العالم المختلفة ،عند وصوله الى أى دولة مسلمة يزورها يدخل الى صالة كبار الزوار فى مطارها ، وتستقبله جماهيرها وعلى رأسها الزعماء والقادة استقبال الفاتحين .
أما عندنا – فى مصرنا المحروسة- فالأمر مختلف فما هو الا مجرد عالم اسلامى من العلماء ، فوسائل اعلامنا الرسمية غالبا ما تتغافل عن ذكر أى خبر عنه ، واذا حضر الى بلده – بلد الأمن والأمان - بعد طول غياب ، وهم يعلمون أنه ليس من علماء السلطان ، فانه يصل الى المطار كأى شخص عادى ، بل قد يُؤخر خروجه من المطار بالساعات لأسباب أمنية .
لأنه لم يكن فى يوم من الأيام من علماء السوء ، ولا المتملقين للسلطة لنيل منصب أو جاه ، ولأن العديد من فتاويه قد تغضب أولى الأمر، فقد تعرض فضيلته الى الكثير من حملات الإعلام المصرى لتشويه صورته أمام الرأى العام ، باختلاق أخبار كاذبة ، أو التعرض لحياته الشخصية بأسلوب غير لائق.
لو كان أحد من أهل الفن والطرب ، أو من نجوم الرياضة ، فى مثل شهرة الشيخ القرضاوى لأقاموا له الدنيا ولم يقعدوها ، واعتبروه سفيرا لبلادنا الى دول العالم ،ولأقاموا له الإحتفالية تلو الإحتفالية ، ابتهاجا به وتعظيما له ، ولو كان هذا الرجل أحد مواطنى دولة من الدول الصغيرة لتفاخر به شعبها ، ولقامت حكومتها بتسمية المدن والميادين والقاعات والمدارس باسمه تكريما له وتبجيلا ، ولكننا فى مصر بلد العجائب !!
خرج هذا الرجل الجليل من مصر أو أُخرج منها فى بداية الستينات ، وذاع صيته فى دولة قطر التى احتضنته ، ومنحته جنسيتها ، سخرت له ما أمكنها من وسائل اعلام مرئية ومسموعة ومقروءة ، وكل مايحتاج اليه من دعم مالى أو أدبى ، لنشر علمه وفكره فى أرجاء الدنيا ، وأقامت له احتفالية هائلة بمناسبة بلوغ فضيلته الثمانين من عمره المبارك ، مَن الأولى بالقيام بذلك ؟ مصر أم قطر التى لاتعجب البعض منا !!
للعلامة الشيخ القرضاوى الكثير من المؤلفات القيمة فى مجال الفكر والعقيدة والسيرة والفقه ، وغير ذلك فى مجالات العلم المختلفة ، وتعتبر هذه المؤلفات مرجعا رئيسا للأعداد الغفيرة من العلماء والفقهاء فى العالم بأسره ، الا أن حدا من المسئولين المصريين لم يفكر مرة فى طبع ونشر أحد هذه المؤلفات بأسعار مدعمة من خلال الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف أو وزارة الثقافة أو من خلال مكتبة الأسرة التى تنشر للكثير من الشيوعيين والعلمانيين وغيرهم من الكتاب ذوى المستويات العادية والضعيفة ، طبعا لأن القرضاوى ليس فى مستواهم !!
لقد اعتبر البعض أن اختبار الشيخ القرضاوى عضوا فى مجمع البحوث الإسلامية ، فى هذاالتوقيت ، اعتذارا ضمنيا من الحكومة المصرية لتجاهله طوال مشواره العلمى الزاخر ، ولكن لماذا لايكون اعتذارا صريحا ؟
وحتى يعود الحق لصاحبه ، فلتبدأ مصر - حكومة وشعبا - باتخاذ الخطوات اللازمة لتكريم هذا الرجل بإقامة الإحتفاليات الرسمية والشعبية ، والمؤتمرات الدينية والثقافية فى طول البلاد وعرضها ، لتبدأ معه صفحة جديدة ،وتوجه اهتمام الشباب المصرى الى عظمة هذا الرجل ، وليكون نموذجا وقدوة طيبة لهذا الجيل و وللأجيال القادمة .
كتبها : محمد شوكت الملط