بيل غيتس وفيروس الأعمال الخيريّة بقلم:م. محمد أحمد
تاريخ النشر : 2008-06-27
ترّجل فارس مايكروسوفت العملاق "بيل غيتس" عن صهوة برمجياته وهو في الذروة الماليّة والمعرفيّة وقمّة الشّهرة ليتفرغ للأعمال الخيريّة، وهو غنّي عن التعريف كما برمجياته التي أصبحت خبزاً يومياً مخترقةً جميع الحدود والجدران لتكون بين الأيدي التي تحركها عقولٌ مبدعةٌ أو تلك الأيدي الطفوليّة الناعمة إلى ما بين هذا وذاك.
وهنا يكمن التساؤل حول ماهيّة الأعمال الخيريّة التي يرغب القيام بها، وهل ستكون جمعياته أو أعماله كنسيّة متأثّرة بما أنجبته فورة النفط من جمعيات ومؤسسات خيريّة كان الحيّز الأكبر من عملها إنشاء ودعم الفتن والتطرّف، غير متناسين ما قامت به بعض المؤسسات من أعمال إنسانيّة صرفة، أم سيكون حراكه باتجاه إنسانيٍّ بحت يتجه إلى مناطق الكوارث والمصائب، وتمتد يده إلى المحرومين في بلاده أولاً وبلاد العالم المنكوب ثانياً في أسيا وأفريقيا ومخيمات اللاجئين والمهجّرين قسراً، أم أنّ البيئة ستأخذ قسطاً وافراً من عمله، أو أنّ العمل لأجل نشر السلام والتسامح في العلم سيكون من بين أولوياته؟.
هي أسئلة نتمنى أن تكون في باله، كما يكبر التمني لأن تكون مبادرته هي عبارة عن فيروس يصيب كثراً آخرين ولو كانوا مختلفين، فكم هو جميل أن يصيب هذا الفيروس أولئك المزمنين على كراسي السلطة والحكم في مجتمعاتنا، أو على كراسي قيادة الأحزاب السياسيّة سلطويّة كانت أم معارضة؟ وهي ليست دعوة للانتقال من كرسي إلى آخر عبر العمل الخيري، بل إلى عمل اجتماعيّ إنسانيّ صرف يغلّفه التواضع والمحبة، أو ليكن إلى موقع آخر كالاستجمام أو كتابة المذكرات ...، ولمن يرى أنّه يفوق العظماء بكثير (وهو ما ينطبق على كل المزمنين) نرى أن يتحّول إلى أحد مراكز الأبحاث التي ينشئها وليجمع فيه ما يريد من كل حدب وصوب ثم (فلتناقشوا حتى يورق الصّوان)،
فعندما يطرح سؤال حول العمل الخيريّ نعتبره مشروعاً ولازماً لما نراه ونسمعه من مصائب تأتي من خلال هذا الاسم، فأسلحة في مقر هيئة، ودعم مالي وفكري لتنظيمات إرهابية كالقاعدة من مؤسسة، ونشر لحقد وكراهية دينيّة من منظّمة، وتغطيّة لأعمال النهب والتهريب والتخريب من قبل جمعيّة.
ولأنّ الألم يعتصرنا والخوف من مستقبل تظهر في الأفق غيومه السوداء، ورياحه العاصفة المقتلعة لما تبقى، وصواعقه الحارقة لكل أمل، يحق لنا أن نسأل عن أعمل خيّرة (أو شريرة) للضغط على قوى الإرهاب والقتل والعزل لتجريدها من أسلحتها أملاً في حياة أفضل للشعوب المقهورة، فلا أهميّة لعملٍ ( يولد من بلادنا أو يأتي إليها) يسمّى خيريّاً ما دامت هناك إبادةٌ وتصفيّة عرقيّة ودينيّة لشعبٍ في فلسطين أو جرائم ضد الإنسانيّة و قتل بالمجّان في العراق والسّودان والصومال وغيرها، ولا قيمة إن بقي تكميم الأفواه وترهيب العقول.
ويبقى هناك قليل من الأمل بانتظار أن ترفع السيوف عن الرقاب، وتقبل نسمات الحريّة، ونتخلّى عن رفاقنا المزمنين (الفقر والخوف والجهل).
م. محمد أحمد – اللاذقية
[email protected]