حينما يهذي الساسة المرجفون!
عبد الله حمدي
لم يمر بعد خمسة أيام على التهدئة حتى بدأت بعض الفصائل بإطلاق الصواريخ على البلدات الفلسطينية المحتلة المحاذية لقطاع غزة، فكانت السرايا بصواريخها ترد على استشهاد اثنين من المجاهدين في نابلس على يد العدو الصهيوني و هو أمر يتفهمه الكثير، لكن أن تطلق بعدها بيومين شهداء الأقصى صاروخين أحداها على اسديروت و الآخر على عسقلان، فهذا نستطيع قبوله ضمن مفهوم المقاومة، و المقاوم لا يحتاج لسبب ليقاوم لأن وجود المحتل سبب كافي لذلك، إلا أن بيان كتائب شهداء الأقصى بوصف التهدئة خيانة لأنها لم تشمل الضفة، وأن الصواريخ رسالة موجهة ضد حماس و "إسرائيل"، ثم ما تبع ذلك من إعلان قادة فتح عن تأييدهم للتهدئة و الطلب من كتائبهم بالإلتزام بها في غزة بالرغم من ادعاء الكتائب في بيانها أن التهدئة يجب أن تكون بإشراف محمود عباس، كل ما سبق لا يعدو هذيان يدل على المماحكة السياسية لا غير.
لكن أن يهذي ساسة فتح كالحوراني و جبريل الرجوب على الفضائيات و سفيان أبو زايدة في مقالاته فيقارنون بين الماضي و الحاضر و كأن حماس كانت تضعف كل استحقاق سابق بعملية و إطلاق صواريخ، وأن فتح تحاول ترشيد البوصلة الحمساوية و غير ذلك، فهذا غير مقبول لأن المواطن الفلسطيني غير ساذج،و للتوضيح نذكر بالآتي:
- أن الخيانة تمثلت في اشتراك سلطة رام الله مع العدو الصهيوني بإصرارهما على عدم شمل الضفة بالتهدئة في مراحلها الأولى.
- أن حماس ما التزمت بتهدئة يوماً و خرقتها، بل كان يخرقها العدو الصهيوني
- أن الحديث عن استحقاقات و إنجازات كانت تضيع في السابق بسبب الصواريخ هو هراء لأننا لا نرى أي إنجاز على الأرض و سلطة رام الله تفاوض و هي تعيش قطيعة مع حماس فماذا أنجزت؟
- أن الحديث من أن فتح تقوم الآن بما كانت تقوم به حماس عند إبرام إتفاقيات مع العدو لهو إما كذب أو جهل أو سذاجة سياسية، لأن السلطة قديما لم تكن تستشر أحد فيما تفعله حتى في توقيعها لأوسلوا، بينما التهدئة تم مشاورة جميع الفصائل عليها برعاية مصر و مصر هي الذي حاورت الجميع و ليس حماس، إلا إذا لم تعد ترى فتح في نفسها فصيلاً فلسطينيا، بل ينتمي للرباعية أو لسي آي إيه أو ...
- أن عدم قدرة الساسة الأفذاذ في فتح التمييز بين التهدئة الحالية و ما سبقها من تهدئات مقبول لأن البعد السياسي للأشياء لم يعد واضحاً في فكر الإستسلام و ثقافة الإنهزام و عقل الأوهام.
- أن الحديث أن فتح لم توافق على التهدئة أو لا تقبل بها، فهو مخالف للحقيقة لأن فتح تدعي أنها تسعى للتهدئة منذ زمن ليعيش أهل القطاع بأمن و أمان دون النظر لقطع رواتب العديد منهم من فتح نفسها!
- أن فتح لم يعد لها قيادة تجمع كلمتها و هذا دليل على استحالة إصلاحها على هذه الشاكلة، حيث الكل يخدم أجندته الشخصية.
- أن فتح لم تعد تملك رؤية، فزعيمها يقول أن الصواريخ عبثية، ومناضلوها يعتبرون عدم ضربها خيانة!
- أن ضرب الصواريخ شاهد على كذب أبناء فتح للدعائهم أن سلطة حماس تمنعهم من المقاومة و احتجزت أسلحتهم و اعتقلت المجاهدين منهم، إلا إذا استأجرت فتح بعض الرعاع ليطلقوا هذه الصواريخ.
- أن من حقنا أن نسأل المناضلين من أبناء فتح أين أنتم من الإجتياحات الصهيوينة السابقة للقطاع، أين كنتم؟، أين كانت صواريخكم و القطاع محاصر و أبناؤه يتألمون؟، أم أن صواريخكم تعمل حينما تقف صواريخ الآخرين.
إن وجود المحتل و العدو سبب كاف لممارسة المقاومة، إلا أن التعهدات يجب احترامها و إن الخروج عن الإجماع الوطني يعطينا الحق في التساؤل، من يحكم و يسيطر على حركة فتح؟ وفي الختام نهنئ كتائب شهداء الأقصى لرجوعها للمقاومة بعد أن سلمت سلاحها في الضفة مما جعل الهذيان سمت بعض قادتها و أثبتت للناس أن سلاحها لم يمسه أحد في غزة إلا أن نجاح المقاومة يبدو لا يخدم حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح"في هذه المرحلة. بقي أن نذكر بقول ربنا: (إن الله لا يصلح عمل المفسدين)
حينما يهذي الساسة المرجفون! بقلم:عبد الله حمدي
تاريخ النشر : 2008-06-27