دعوة الى عدم الانحياز بقلم :ناريمان إبراهيم شقورة
تاريخ النشر : 2008-06-27
اشتهر الفلسطينيون بحبهم للتعليم ، وإصرارهم عليه متحدين كل الظروف الصعبة من احتلال ، وظروف اقتصادية سيئة ، وتوتر سياسي ، وعدم استقرار الوضع الأمني ، بل ولا يخفى على أحدكم تباهي الأهل بأبنائهم وخاصة عندما يكون عدد الأبناء ليس بالقليل وجميعهم متعلمين ، فمثلاً تقول إحدى الأمهات الفلسطينيات : " عندي 5 ولاد وبنتين ، ماشا الله عليهم ، واحد مهندس ، والتاني أستاذ ، وخريج كمبيوتر ، ومحاسب والصغير في توجيهي ، والبنتين وحدة بتدرس فالجامعة تمريض ، والتانية موظفة فالوكالة " .

ولكن ما أردت طرحه هنا ، هل التعليم هو عبارة عن شهادات نحصل عليها لنرتقي بمكاننا الوظيفي ، ونتباهى بها أمام المجتمع ونرضي طموحنا فقط ، أم هو توسيع لمدارك المخ ، واتساع بقعة التفكير ، وزيادة القدرة على تفسير الأمور وتوضيح المعقد وتبسيط الصعب ، ووزن الموضوعات وإعطائها حجمها المناسب لا التهوين ولا التهويل .

من هذه المقدمة أحببت التوجه إلى إخوتي وإخواني ، واخص بالذكر منهم الفئة المتعلمة ، وذلك ليس استهانةً بغيرهم فكل الناس تستحق التقدير والاحترام ، خاصة ً وان الفلسطينيين مثقفين حتى ولم يتمكنوا من إتمام دراستهم ، ولكن باعتبارهم الصفوة التي تنير الدرب وبها يزدهر المجتمع . أردت منهم أن يعملوا على نشر الوعي وتثقيف الناس وذلك من خلال دعوة الناس إلى عدم الانحياز الذي لا يفيدنا أبدا ويجعلنا نعود في الأمور وقضايانا الوطنية والتاريخية إلى الوراء .

لا يختلف فلسطينيان على وجود ذلك بوضوح شديد في المجتمع الفلسطيني ، بل وكانت المصائب التي عشناها مؤخراً من تقسيم الوطن الحبيب إلى جزئيين بسيادتين بسبب العنصرية العمياء و التحيز لحزب معين وفصيل بعينه ، ولا أريد التعمق حتى اجتنب إثارة الفاتن التي أدعو للتخلص منها .و الأمثلة كثيرة ومتنوعة ( مهاجر، مواطن - برة ، وجوة - هوية خضرة أو حمرة - حماس ، فتح - موظف حكومة أو وكالة - ) ، ناهيك عن ترميز الأحزاب بالألوان واتخاذ المواقف المعادية وفقاً لذلك ، ولا أبالغ إذا قلت إنني اعرف ناس أصبحت تتشاءم من لون معين لأنه يرمز لفصيل معين .

إن الميل لتيار فكري معين ، والانتماء لحزب معين ، والتأييد لحركة معينة ، ليس عيباً ولا خطيئة ً ، كما أن الحيادية صعبة ولا تتواجد بنسبة 100% أبدا لا في شخص ولا في وسيلة إعلامية ولا جهة محددة وهذه طبيعة البشرية ، ولكن يجب العلم بأن الانتماء الأساسي والرئيسي إنما يتوجب أن يكون للوطن أولا ، ولهذه الأرض الطاهرة العطرة ولا ندع تعصبنا وحبنا لتوجه ما يتحكم فينا ويغير مصيرنا ، نحن شعب واحد لا يقبل التجزئة ، لا والرهان عليه ، فكم هو مؤلم أن يكون الآلاف من العرب يتمنون أن يكونوا فلسطينيين أو الوصول إلى الحدود الفلسطينية لينالوا شرف المقاومة والاستشهاد في ارض الرباط ، ونحن لا نشعر بهذه النعمة ، كما هو مؤسفُ أن ننقل صورة سلبية عنا للخارج ، فاليوم أصبح الكون بأسره عبارة عن قرية صغيرة ، ما تخفيه وسيلة إعلامية تتسابق وسائل أخرى لعرضه .

وكان من ضمن الدوافع التي جعلتني أدعو لذلك ، طبعا بعد غيرتي ع وطني الحبيب ، هو مناقشتي مع بعض الإخوة المصريين حول مشكلة كبيرة تسببت في إصابات خطيرة بين مشجعي ناديي الأهلي والزمالك ، وهما اكبر الفرق الرياضية في مصر ، وإذ بأحدهم يعلو صوته ويقول : " طب ما تحلوا مشاكلكو أول ، دنتو موتو بعض وخليتو اليهود تلعب بيكو ، وتتفرج عليكو مبسوطة " طبعا أجبته بما كان يستحقه من رد ، ولكنه بصراحة محق فهم لا يعرفون ولا يفهمون الوضع كما نعيشه ، بل يعتقدونه ويتصورونه بالطريقة التي تنقلها وسائل الإعلام .

فلنكاثف جهودنا لإبقاء صورتنا مشرقة وجميلة ومشرفة فنحن أصحاب قضية ندفع ضريبتها من دم شبابنا البواسل ، ودموع أمهاتنا الفاضلات ، ومعاناة أهالينا في الداخل والشتات ، وسنوات ومن هنا أوجه تحية إكبار وإجلال لشهدائنا الأبرار ، وأسرانا الأبطال ، ولا ننسى أبداً أبناءنا في المهجر والشتات ومخيمات اللاجئين .
واختم كلماتي بهذه العبارة التي اظنها حال اغلبيتكم



" لو لم أولد فلسطينية ، لتمنيت أن أكون فلسطينية " .

بقلم :
ناريمان إبراهيم شقورة