الشكوى الإسرائيلية البواعث والأسباب !!./ بقلم : الشيخ ياسين الأسطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
إن من بواعث الدهشة ما تناقلته وكالات الأخبار اليوم من لجوء إسرائيل للشكوى إلى مجلس الأمن الدولي في حين أنها تملك من وسائل الفتك والتدمير ما هو معلوم وما هو غير معلوم ، ولا يردعها عن غيها أحدٌ ، فهل انقلبت الموازين ، أم انقلب أصحابها ؟ .. أم أن هذا مزيد سخرية منا نحن المسلمين والعرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً ومن خرج على الجماعة بخصوص الخصوص ؟ .. وهل هو الاستدراج لتدويل ذلك على الطريقة اليهودية الصهيونية في تزوير الحقائق ، وقلب المفاهيم ، وتحريف المعاني ؟!!..
على أنه يجب علينا أن نقر أن سبب ذلك هو هذه الحالة الغثائية التي نعيشها ، وهذا الخروج عن الصف الوطني الفلسطيني والاصطفاف العربي والدولي لمحاولة وضع حد لما نعانيه نحن أهل فلسطين وتعانيه بلادنا ، حسب ما يسمونه الشرعية والقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وأصحابها الفلسطينيين ، فإن تخلفنا واختلافنا وتنازعنا واختصامنا فيما بيننا وبعدنا عن ديننا وأخلاقنا وتاريخنا وخصوصاً من ينتهض رافعاً رأسه من بيننا ماداً لسانه بأعلى صوته يغمز إخوانه بعينيه ، ويهمزهم بإشاراته ، يهرول برجليه إلى هنا وإلى هناك ، زاعماً أنه هو هو ، وسواه لا لا ، فكل ما سبق هو الداعي الأكبر والسبب الأعظم لما نحن فيه ، وهذا من دواعي الشفقة ليس على إخواننا هؤلاء الذين ينظرون ولكن بغير عيونهم ، ويسمعون ولكن بغير آذانهم ، ويسعون ولكن بغير أرجلهم ، ويفقهون ولكن بغير قلوبهم ، فحسب؛ ولكننا نشفق على أنفسنا جميعاً أيها الفلسطينيون رئاسةً وحكومة ً المقالة وغير المقالة ، وفصائل عاملة و خاملة وكذلك الشعب كله وكما يقال في الوطن والمنافي والشتات وفي بلاد العرب والعجم .. إلخ .
وإن هؤلاء الأعداء يفركون أيديهم سروراً حينما يرون هذا الانقسام والانفصال والسعي الخفي من بعض القوى العاملة ليس للإقصاء فحسب ولكن للإقصاء ثم الإلغاء طمعاً في الاستئثار بكل شيء سياسياً واقتصادياً وإعلامياً .. و.. و..إلخ .، لذلك يحرصون أشد الحرص على استدامة ذلك ليفوتوا علينا نحن أهل فلسطين الفرص التي تسنح بين الحين والحين لنيل شيءٍ من الحقوق السليبة أو على الأقل الاعتراف بهذه الحقوق أو الاقتراب من الاعتراف زاعمين أنه لا يوجد الشريك الفلسطيني المناسب ، وهم الذين يقتلون هذا الشريك حيناً أو يحاصرونه أو يأسرونه أو يمزقونه ويعينون على تمزيقه ، ويحولون مدننا إلى سجون كبيرة متجاورة أو متباعدة حولها مئات الحواجز الثابتة أو المتنقلة .
وما حصل من فصل ما يسمى بـ ( قطاع غزة ) حقق لهم هدفاً طالما حلموا بتحقيقه ، وهم في ذلك يحاولون تقزيم القضية الكبرى بتقزيم البلاد والعباد الساعين على تحقيقها وصولاً إلى طمس معالمها ، وذلك بالعمل على المحاور التالية :
المحور العسكري : وذلك من خلال العمليات المتكررة للاجتياحات العسكرية والضربات الجوية والاغتيالات والقتل اليومي بمختلف الذرائع حتى أصبح ذلك لا يلقى أي شجب أو استنكار أو إدانة من المجتمع الدولي بل غيره هو الحاصل من الشجب والاستنكار والإدانة للتوعد بالرد أو عمليات الرد غير المتكافئة ولا المتقاربة التي تقوم بها الفصائل في أوقات مختلفة ، وأما المجتمع العربي والإسلامي فإنه يستنكر على استحياء صامتاً دون كلام .
المحور الاقتصادي : من خلال الحصار والإغلاق الكامل أو شبه الكامل فلا يكاد يصل شيء من مقومات الحياة اللائقة والكريمة إلا بعض ما يحفظ الرمق فهناك عجز شبه كامل في شتى المرافق الاقتصادية العامة والخاصة ، فالمصانع مدمرة أو متوقفة كالمدمرة ، والمزارع والمعامل وحركة التجارة والأسواق مشلولة ، ولولا المعونات الخارجية لما وجدت حياة قط .
المحور الإعلامي : من خلال شبكة الدعاية الإعلامية القوية التي يملكونها عبر العالم ، والتي يصوروننا فيها أننا أمة بدائية وقد جاؤوا لينقلونا من وحل الهمجية والإرهاب إلى الحضارة والتقدم والرقي والتطور، وأنهم هم أهل التمدن و الرفاه ..إلخ .
المحور السياسي : كما نرى من خلال الادعاء بعدم وجود الشريك القوي الذي يمكن أن يمثل الشعب الفلسطيني .
وأخيراً من خلال دعوى معاكسة من إظهارهم أنهم ضحية للإرهاب والقتل نتيجة لإطلاق الصواريخ المحلية ، والتي هي محدودة التأثير من الناحية العسكرية ، وإن كان تأثيرها النفسي أكبر ، ولذلك لجأوا إلى الشكوى إلى مجلس الأمن وهنا يبرز سؤال هام وخطير : لماذا الشكوى الإسرائيلية إلى مجلس الأمن ؟! ..أهي ليقوم مجلس الأمن بإعطائهم الشرعية الأممية الصريحة والظاهرة لا الخفية فيما يفعلونه الآن وفيما سوف يفعلونه مستقبلاً ؟ ..
أم هي خطوة في سبيل تحويل القضية برمتها إلى دهاليز المؤسسة الدولية ، والتنصل من كل ما سبق من التعهدات التي لم توف بها إسرائيل منذ إبرامها وحتى هذه اللحظة ؟ .
أم هي لجلب قوات يونيفيل كالتي في لبنان ، لتقوم على حماية حدودها من عمليات الإرهاب المزعومة ؟ ..
أم هي مقدمة ضرورية لشحن دولي إعلامي وسياسي ودبلوماسي بهدف تهيئة الأجواء لضربة قادمة قبل نهاية العام الحالي أو في العام التالي تقوم بها إسرائيل للحصاد السياسي في نهاية موسم الصراع الطويل على مدى يزيد على الستين عاماً من تاريخ نكبة فلسطين ؟ !! ..
بعض أو كل تلك التساؤلات محتملة ، ولذلك علينا جميعاً أن نتصرف بمقتضى الحكمة والمسئولية أمام الله تعالى ثم أمام أمتنا وشعبنا ، ونصيحة لله تعالى ثم لأولي الأمر رئيساً ومرؤوسين وفصائل وباقي الأمة أقولها وبكل صراحة :
لا يغرنا ما يسمى بالتهدئة الوقتية التي لا ضمانة لها ، والتي لن يوفي بها عدونا إلا باجتماع كلمتنا ، فيا إخوتنا في حماس لا تعولوا على هذه التهدئة ولا تبنوا عليها الآمال والأعمال , واعلموا أن جانب المسئولية الأعظم يقع عليكم ثم على باقي الفصائل للاستجابة الفورية لا أقول لما يسمى بالحوار الوطني ، بل اللقاء الوطني ، يجب أن يلتقي الجميع رئاسة وحكومة مقالة أو غير مقالة وفصائل وقوى فاعلة أو منفعلة , وشخصيات وطنية بغض النظر عن المسميات والألقاب الفارغة من المعاني ، والتي لا تغني من الحق شيئاً وسوف تزول عنا برضانا أو رغماً عن أنوفنا وسوف يقول فينا التاريخ كلمته المنصفة العادلة والتي لا تحابي أحداً ، ولا ترحم ظالماً ، ولا ترفع عاجزاً ، لذلك يجب أن يكون اللقاء الوطني فوراً وعلى الأرض الفلسطينية المباركة حول بيت المقدس والمسجد الأقصى ، فإن لم يمكن فعلى الأرض العربية ، وأن نترك خلف ظهورنا الشعارات المدوية التي تلهب المشاعر فقط ولا يترتب عليها عمل رصين، ولا أثر في الطريق المفضي بنا إلى تحقيق أمانينا وتطلعاتنا ، ويجب أن نتعالى على الجراح والآلام والثارات الفصائلية والحزبية والأغراض الشخصية كما يجب أن يكون اللقاء تحت المظلة الفلسطينية والعربية ، وبرعاية الرئيس محمود عباس شيخ فلسطين سناً وتجربة وسعة صدر وبعد نظر ، وبفعل ٍ قوي ٍ من الجميع مستندين إلى قوله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) ، وقوله تعالى :
( وأمرهم شورى بينهم ) وقوله سبحانه : ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) ، لنصل إلى موقف واحد ورأي واحد يرضى عنه الله تعالى ثم الأمة ، ولننهي به الانفصام النكد ، والانقسام الأثيم .
الشكوى الإسرائيلية البواعث والأسباب !!بقلم :الشيخ ياسين الأسطل
تاريخ النشر : 2008-06-26