بعد الأثر السيئ الذي تركه شنق الرئيس صدام حسين صبيحة عيد الأضحى بحكم وقرار من المحتل الأمريكي و بأيدي عملائه العراقيين حيث اعتبرت الأمة العربية ذلك إهانة غير مسبوقة لدلالة الظرف و لكون الرئيس صدام عدوا لإسرائيل التي احتفلت مع الأمريكان بموته ولم تنس عداوته و قصفه لها ، وبعد النهاية المشرفة وحسن الخاتمة حيث كان آخر كلامه النطق بالشهادتين و الهتاف بحياة فلسطين ، والسخرية من الخيانة والعمالة العراقية جاءت فكرة التأثير على هذه النهاية من قناة الجزيرة وتحديدا من برنامج شاهد على العصر حيث استضاف المذيع أحمد منصور أحد الوزراء العراقيين السابقين وهو الجبوري الذين كانت لهم خلافات شخصية مع صدام ليكذب على العصر لا ليشهد عليه. ومن خلال تتبع حلقات هذا البرنامج يبدو التحامل على الرئيس صدام واضحا حيث يجلس المذيع وهو يحمل قصاصات ورق فيها أسئلة شبيهة بأسئلة التحقيقات البوليسية وينهال بها على ضيفه الذي يتلعثم قبل أن يجيب ، وبين الحين والآخر ينقطع الحوار بقهقهة المذيع الساخر ، ومحاولة ضيفه مجاراته بضحكة صفراء كاذبة.
ولم يترك المذيع جريمة تتقزز منه النفوس إلا ونسبها لصدام ، وطلب من شاهده أن يؤكدها ، ويبدو المشهد أحيانا مضحكا عندما يلح المذيع في إثبات الجريمة ويقع الشاهد في التردد والتخبط وينهي كلامه بكلمة : [ بالتأكيد ] ليتخلص من حرج المذيع الساخر.
ومن الشهادات الغريبة لهذا الشاهد أن صدام حسين شن الحرب على إيران من أجل منع التنمية والتطور في العراق ، ثم سرعان ما يتغير هذا الهدف ليصير الرغبة في السيطرة على بترول منطقة عربستان ، وواضح [الانسجام] بين الهدفين إذ لا بد من بترول عربستان لتحقيق التخلف في العراق.
و لا يكتفي صدام بتصفية معارضيه في العراق ـ حسب الشاهد المأجورـ بل يصفي وزراء وحتى رؤساء دول عربية كما هو حال وزير الخارجية الجزائري أويحيى الذي فجر صدام طائرته بصاروخ روسي ، والرئيس الجزائري بومدين الذي سلط عليه صدام غازا قاتلا فأصابه المرض العجيب الغريب الذي لم يعرف سره لحد الآن .
وتصل السخافة في الشهادة حدا غير مسبوق عندما يقهقه المذيع والشاهد يجيب عن سر إقالته من منصبه والذي كان مجرد التأخر لبضع دقائق عن موعد ديمومته والذي وصل إلى الشارع العراقي وتحدثت به حتى النسوة العراقيات وسمعه ابن أخ الشاهد الذي ذكر لغرض الإشارة إلى موته كضحية من ضحايا صدام والحالة أن المذيع يتصيد أخبار القتل المنسوبة لصدام .
ويبدو المذيع الواضح الغرور مصرا على إنهاء مهمة كلف بها وهي محاولة النيل من سمعة صدام حسين وهو الهدف الذي خطط له الأمريكان عندما كشفوا أول مرة عن صور صدام الأسير وحرصوا على إهانته للنيل من عزيمة أمة ترفض الخضوع لهم بواسطة التشكيك في قائد يجسد إرادتها لتسهيل عملية التطبيع مع العدو والانبطاح له وقبول الأمر الواقع ، ذلك أن كراهية الأمة لقائد مثل صدام يعني الشك والريب في مشروعه التحرري ، وقبول واقع الاحتلال.
لقد اغتنم صاحب برنامج شاهد على العصر مشاهدة ملايين العرب لقناة سمح لها رصيدها المالي بالظهور في العالم العربي أمام ضعف باقي الإعلام العربي ليقدم خدمة للمحتل الأمريكي والإسرائيلي في ظرف دقيق يشهد صراعا عنيفا بين ثورة الأحرار من أبناء الأمة وانبطاح وهرولة العملاء. وأتحدى المذيع المغرور أن يستضيف شاهدا على عصر زعيم أمريكي أو إسرائيلي وينسب له جرائم حقيقية كما نسب لصدام تهما واضحة التلفيق. وأتحداه أن يستضيف شهودا على العصر ينفون المحرقة النازية وهم كثر. وأتحداه أن يستضيف شهودا لزعماء عرب وينسب لهم ما نسب لصدام.
إن المذيع الباحث عن الشهرة المجانية والحاصل على أجر تشويه صدام ، والشاهد المأجور الذي لا تقبل شهادته لمجرد ثبوت خلافه الشخصي مع صدام وضعوا وراء ظهورهم الحديث النبوي الشريف : [ اذكروا أمواتكم بخير ] فمن حق صدام أن يذكر بخير وقد لقي الله سبحانه الذي يملك وحده صلاحية الحكم على العباد. ستكتب شهادة الشاهد ولن يقبل منه يمين كما فعل خلال حلقات البرنامج ليصدق، وسيسأل عنها بين يدي الله عز وجل، وسيسأل المذيع وهو يبكي كما كان يسأل وهو يقهقه.
دلالة حملة قناة الجزيرة لتشويه سمعة صدام حسين بقلم:محمد سعيد
تاريخ النشر : 2008-06-25