على قاعدة "الولاء الكامل للنظام الملكي" بقلم:رانيا تادرس
تاريخ النشر : 2008-06-24
بعيدًا عن أحزاب المعارضة، والصالونات السياسية في عمان شهدت الأيام الماضية حراكًا إجتماعيًا، قاده شيوخ القبائل البدوية الأردنية الكبرى، على قاعدة "الولاء الكامل للنظام الملكي، والوقوف ضد الخصخصة، وبيع مؤسسات الدولة، وإعادة الإعتبار لهيبتها، مع رفض مطلق لدعوات الوطن البديل". وفقد شهدت البادية الأردنية في الأسبوعين الماضيين إجتماعين لشيوخ عشائر البدو الكبرى في وسط البلاد وشمالها وجنوبها، للبحث في "واقع الأزمات الإقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد، بعدما نفذت الحكومة بيعات لأراض ومؤسسات تملكها الخزينة العامة في الأشهر الماضية، من دون التشاور مع البرلمان، ومن دون إتباع الأساليب القانونية، ومبادئ الشفافية، والأصول التقليدية التي ترسي قواعد المصلحة العامة"وفقًا لما صرح به لـ "ايلاف" ناشط سياسي حضر تلك الإجتماعات.

وذكر الناشط الذي رفض الإفصاح عن اسمه أن شيوخ العشائر "متفقون على الولاء والالتفاف حول قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، باعتبار ذلك ثابتًا وطنيًا لا يقبل أحد المساس به" ولكنهم في الوقت نفسه "يرفضون بشدة أن تكون مؤسسات البلاد عرضة للخصخصة، والبيع للمستثمرين الأجانب، لأن مصلحة المجتمع أولى من منطق السوق". ودافع مسؤولون أردنيون عن بيع أراض ومؤسسات في الأشهر الماضية، معتبرين أن ذلك يجذب الاستثمار الأجنبي للبلاد، من أجل توفير فرص عمل لامتصاص البطالة التي تزيد في سوق العمل المحلية عن 16 في المئة، وبهدف تحرك الاقتصاد الوطني، مؤكدين أن عوائد البيوعات ستذهب لمصلحة سداد المديونية الخارجية التي تبلغ نحو عشرة مليارات دولار، لا سيما أن اقساطًا منها مستحقة باستعجال لمؤسسات إقراض دولية، خصوصًا نادي باريس.

وكشف الناشط إن "شيوخ القبائل الذين اجتمعوا ليل أمس في محافظة المفرق (شرق العاصمة عمان ) سيواصلون الأسبوع المقبل اجتماعات دورية، وسيخصصون محاور تتناول ابرز التحديات التي تواجه الأردن داخليًا وخارجيًا"، وأوضح أن "إعادة طرح فكرة الوطن البديل في الحملة الانتخابية الأميركية، ومن قبل متطرفين في المرشح الجمهوري جون ماكين، يجدد الحديث عن حلم إسرائيلي قديم باقامة وطن نهائي للفلسطينيين في الأردن، وهذا بالنسبة إلى القبائل الاردنية خط أحمر" وزاد أن "المجتمعين أشاروا إلى أن هناك أصواتًا في داخل الأردن تؤيد مثل هذه الدعوات المشبوهة" وأكدوا أن قبائل البدو التي تعد الدعامة الرئيسة للنظام السياسي "ترفض بشدة تلك الدعوات، وهي ملتفة حول القيادة الهاشمية، والدولة الأردنية، ووحدة الوطن والمجتمع".

واعتبر الناشط أن "تأكيد شيوخ العشائر على ضرورة التصدي للتحديات الخارجية، وحماية البلاد من الحلول المقترحة للقضية الفلسطينية على حسابها ترافق مع الإصرار على صيانة الوطن داخليًا من الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام، ومقدرات الشعب الأردني". يشار إلى أن الأردن ينتهج سياسة الخصخصة منذ تسعينات القرن الماضي، بعدما تعرض الاقتصاد المحلي إلى نكسة في العام 1989، إثر خسارة الدينار الأردني نحو 50 في المئة من قيمته أمام الدولار الأميركي، ما دعا مؤسسات الإقراض الدولية إلى اشتراط بيع مؤسسات عامة للقطاع الخاص، من أجل جدولة الديون الخارجية.

ويرى محللون أن تحرك العشائر يمثل خطوة هامة في الجدل السياسي الداخلي في الأردن حول ضعف الحكومة وعدم الالتفاف إلى التنمية المحلية، والإصرار على المضي في الخصخصة، دون حساب الاعتبارات الاجتماعية، بحيث باتت مؤسسات وطنية، ذات صفة سيادية معرضة للبيع والتصفية، لمصلحة شراكات استراتيجية مع مستثمرين أجانب. ولاحظ المحللون أن مثل هذا التحرك من عشائر تمثل تجمعات البدو في الشمال والجنوب والوسط، يكتسب طابعًا خاصًا، يختلف عن التجمعات الحزبية المعارضة في عمان، فشيوخ القبائل موالون تقليديًا للعائلة المالكة، وليس لديهم أجندات سياسية خاصة، ما يعني أن تحركهم يصب في اتجاه الدفاع عن مصالحهم، وإحساسهم أنها باتت مهددة داخليًا وخارجيًا.