توثر العلاقة بين السياسي و الديني
أزمة الشرعية
أظهرت نتائج متقدمة للإسلاميين أن أعيد التساؤل حول قوة وقدرة تيارات الإسلام السياسي في العالم العربي. ففي أغلب الانتخابات التي تجري في البلدان العربية يلاحظ أنها تنتهي بانتصار التيارات الدينية المسيَّسة، شاملاً ذلك أطيافها المتنوعة من معتدلة وتقليدية ومتشددة وكذلك المتطرفة التي تشكل ظهيرًا داعمًا أو جناحًا سياسيًّا للمجموعات التي تمارس العنف والإرهاب.
وسواء كانت تلك انتخابات برلمانية أو بلدية أو نقابية وغيرها، فإن نجاح جماعات أو حركات الإسلام السياسي هو سمة مشتركة بين الدول العربية التي تسمح بعمل تلك الجماعات، فلماذا هذا النجاح؟.
هناك العديد من العوامل التي ساعدت هذه التيارات على التقدم، مثل الدعم الرسمي في السبعينيات والثمانينيات من أغلب الأنظمة العربية لتلك التيارات، حين كانت تتمثل في جمعيات خيرية ونشاطات دعوية دينية ومدارس تحفيظ قرآن ورحلات كشفية... الخ، فلم تكن الأنظمة تتوقع أن تخرج منها قوى سياسية معارضة ناهيك عن وحوش إرهابية؛ بل كان ينظر لها من الجهات الرسمية والأهلية على أنها جمعيات دينية تطوعية بعيدة عن السياسة وألاعيبها. ومع هذا الدعم الرسمي والأهلي كان هناك دعم أمريكي هائل، حين كانت الإدارة الأمريكية تعتبر تلك الجماعات إحدى وسائل محاربة الاشتراكية ومجابهة تيارات اليسار عمومًا بما فيها من حركات التحرر القومية والوطنية.
لا تزال مجتمعاتنا في مرحلة متأرجحة بين القرون الوسطى والعصر الحديث من ناحية العقلية ومنظومة القيم الفكرية والثقافية، وبالتالي فهي في مرحلة ارتياب أو عدم إدراك، وربما خصومة مع القيم المدنية الحديثة، مثل ما يتصل بالمفاهيم التالية: حقوق الإنسان (وبالذات حقوق المرأة والأقليات)، الحريات الخاصة والعامة (حرية السلوك الفردي، والتعبير والتفكير والدين والتعليم والتنظيم)، الديمقراطية، الوطنية، وبناء الدولة الحديثة، ومؤسسات المجتمع المدني، العلاقة مع الآخر، إدارة الاختلاف... الخ.
تصادم هذه المجتمعات مع تمضهراتها المادية الحديثة وبين العقلية "السلطوية"، أنتجت أزمات مع النفس والآخرين، قادتها حركات الإسلام السياسي إلى أزمات في التعامل مع الأنظمة السياسية، وصراع مع التيارات العصرية في الداخل، وأزمات أكثر حدة في التعامل مع الآخر في الخارج (الغرب.
هل يصوغ لنا ألان أن نتحدث عن توثر في العلاقة بين التيار الإسلامي و بين الأحزاب الأخرى داخل الدولة الوطنية و بين السلامين و الأنظمة العربية .الأكيد إن المرحلة السياسية التي وصلت إليها المتغيرات السياسية في الخارج و الداخل أعطت نمطا سياسيا جديدا يتجاوز الكلاسيكية السياسية التي دارت رحاها بين الأحزاب و الدولة و ألان و بعد التطور المرحلي للتيار الإسلامي أصبحت الدولة في عقدة و بالتالي إدخال الدولة في صك و صفقة مع الأحزاب الوطنية القديمة لردع الاتجاه الإسلامي الجديد عبر تكتيكات مبطنة تارة و علنية تارة أخرى .
إن التحول السياسي في الأنظمة العربية جاء نتيجة التحولات في البنية العميقة للمجتمع العربي كان سببها الفقر و تدني التنمية الشاملة و كانت مدخلا حقيقيا للتيار الإسلامي للخد زمام الأمور و إعلان حالة الإصلاح في بنى المجتمع برمته و كانت للعلاقات السارية المفعول بين التيارات الإسلامية في الوطن العربي الاثر البالغ لنجاح التيار في العملية السياسية .و بالتالي كان طبيعيا أن تتحول الإعمال الخيرية الى عمل سياسي منظم و شمولي عام و أحرزت الأحزاب الإسلامية الاعتراف بالمشاركة في العملية السياسية و لكن في ضروف اقل ما يقال عنها أنها شبه صعبة و محاطة بإستراتيجية محكمة من قبل الأنظمة العربية التي تتعامل مع المتغيرات و التحولات بنوع من الحيطة و الحذر.
و لا شك أن الأحداث السياسية المستقبلية كفيلة بإظهار كافة التحاليل التي تهتم بهذا الشان السياسي الجديد في الفكر العربي المعاصر.
2007/05/15
أقريش رشيد
توثر العلاقة بين السياسي و الديني
أزمة الشرعية بقلم:أقريش رشيد
تاريخ النشر : 2008-06-22