بسم الله الرحمن الرحيم
... إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... (11) الرعد
صدق الله العظيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد؛ فان النص القرآني الكريم يرد كثيرا على السنتنا ونقول فيه ما ليس منه ولا فيه. وقد عم استخدام هذا النص لدى كثير من الحركات التي تدعي انه لا بد من ان يكون كل الناس مسلمين ملتزمين حتى يتم لهم تغيير واقعهم من التحاكم الى الكفر الى التحاكم الى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ولتسليط الضوء على الامر كان لا بد لي من نقل الآية وتفسيرها من الجامع لاحكام القرآن للقرطبي رحمه الله وقد ورد فيه:
أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ لَا يُغَيِّر مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يَقَع مِنْهُمْ تَغْيِير , إِمَّا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ النَّاظِر لَهُمْ , أَوْ مِمَّنْ هُوَ مِنْهُمْ بِسَبَبٍ ; كَمَا غَيَّرَ اللَّه بِالْمُنْهَزِمِينَ يَوْم أُحُد بِسَبَبِ تَغْيِير الرُّمَاة بِأَنْفُسِهِمْ , إِلَى غَيْر هَذَا مِنْ أَمْثِلَة الشَّرِيعَة ; فَلَيْسَ مَعْنَى الْآيَة أَنَّهُ لَيْسَ يَنْزِل بِأَحَدٍ عُقُوبَة إِلَّا بِأَنْ يَتَقَدَّم مِنْهُ ذَنْب , بَلْ قَدْ تَنْزِل الْمَصَائِب بِذُنُوبِ الْغَيْر ; كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَقَدْ ( سُئِلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ : نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَث ) . وَاَللَّه أَعْلَم .
فالنص الكريم لم يقل انه يلزم ان يكون كل الناس مسلمين ملتزمين او منضوين تحت لواء هذه الحركة او تلك حتى يتم لهم تغيير واقعهم. فكما ورد في التفسير يكون التغيير الالهي على الجميع لوما قام بعضهم بتغيير في نظرتهم للامور او موقفهم من الواقع او موقعهم في الاحداث.
ولما ان المجتمع هو مجموع الافراد كما تعرفه الراسمالية العفنة فان القائلين بوجوب التغيير الكلي في البشر حتى يتم لهم ان يغير الله حالهم قد وقعوا في فخ الرأسماليين بعيدا عن ما قاله رب العزة في النص الكريم اعلاه. وفي المقابل فان المجتمع في فكر الاسلام هو مجموع الافراد والمشاعر والانظمة فالمشاعر والانظمة تميزه ولو مالت نحو الحق والخير فانه تغيير قد يجعل الله به تغييرا لحالهم على ايديهم.
عليه لا يكون القول بان التغيير اللازم هو تغيير كل فرد بعينه حتى يتغير كل الناس اخذا من النص وتفسيره. فيما يلزم ان يكون وعي الناس على الفكر الصحيح موجودا حتى اذا ما حصل التغيير في الواقع انضم المسلمون تحت لواءه واعين عليه وعلى اهميته وواجب الذود عنه. ومن هنا وجب على الذين يسعون للتغيير لين الجانب في كل حركاتهم وسكناتهم مع محيطهم عملا بامر الله ورسوله حتى تتم نصرة الناس لهم عندما يحتاجونها فالاحداث لا تتخلف عن سنن الكون ولا يحصل التغيير بكرامة لا يفعل فيها الناس ولا يقدمون من اجلها الغالي والنفيس.
لعل فيما سبق خيرا نعلمه ونعلمه من غابت عنه هذه الفكرة واعتراها غبار الحركات التي حاد فهمها للامر عن ما اراد الله ويرتضيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التغيير في القرآن بقلم:عبد العزيز الناصر
تاريخ النشر : 2008-06-22