قراءة هادئة في التهدئة بقلم:محمد مخربان
تاريخ النشر : 2008-06-21
لا يختلف فلسطينيان في أن التهدئة حاجة ملحة تفتضيها ضرورات ذاتية وموضوعية، خصوصاً إذا كانت في ظل عدوان متواصل وضغط كبير كالذي نعيشه مع الإسرائيلي. والتهدئة عموماً تستحضر عادة من أجل إجراء تقييم شامل وإعادة ترتيب وتنظيم آليات العمل والأولويات بما يتناسب مع مرحلة ما بعد التهدئة.

ولكن اللافت أن حركة حماس تشكل عنصراً أساسياً وأصيلاً في عقد التهدئة الذي نفذ صبيحةالخميس 19/6/2008، بما يعني الإعتراف بحكم حماس لقطاع غزة وتكريس واقع الإنقلاب. وهنا قد تبرز بعض الآراء القائلة بأن الحوار الذي بدأ بين حركتي فتح وحماس سيحل هذه الإشكالية. السؤال هنا ماذا لو لم ينجح الحوار، ألا يعني ذلك إستمرار الوضع على ما هو عليه؟ وما هي الضمانة لتنازل حماس عن سيطرتها على قطاع غزة بعد أن تمكنت من تحقيق ما يضمن تفرغها لمعالجة ما يمكن أن يعيق تفردها ورسم معالم إمارتها في غزة؟ وفي مكان آخر، ألا يعني تكريس واقع الإنقسام الفلسطيني وشرعنته، تقديم خدمة جليلة للإسرائيلي الذي سيتبرأ من أي إلتزام بحجة أنه سيفاوض طرفين فلسطينيين؟ ألا يدخل هذا الوضع الكارثي الفلسطيني في نفق مظلم صعب قد يحتاجون إلى بذل الكثير من الجهد والكثير من الوقت للخروج منه؟

هي أسئلة مشروعة تعكس صورة القلق وتعّبر عن حالة التوجس والخوف على المشروع الوطني الذي يشهد تراجعاً وتطويقاً وإعاقة وتشتيتاً، ولعل مصدر القلق والتوجس والخوف ينبع أساساً من عدم إمتلاكنا المعطيات الوافية والأكيدة للإجابة على تلك الأسئلة التي تبقي الباب مفتوحاً على كل الإحتمالات. في كل الأحوال لا نريد هنا إستباق الأمور أو قطع الطريق على أحد، بل أردنا عكس ما يخالجنا من مخاوف، متمنيين في الوقت نفسه أن تأتي النتائج لصالح وحدة الموقف الفلسطيني وفي خدمته، وتزيل بالتالي كل هواجسنا ومخاوفنا.

محمد مخربان
كاتب فلسطيني - لبنان