بسم الله الرحمن الرحيم
ونصلي ونسلم على رسوله الكريم
لقد سرني كثير سيدي العطار ردك على مكتوبي وإشفاقك علي، وأنا ادعوك أخي أن تنجيني من دجل هذا المرزا لعل الله يكتبها لك في ميزان حسناتك.
سيدي العطار إليك هذه الأسئلة:
1- هل تعتقد بأن الرسول "ص" قد بشر بظهور إمام سماه: المهدي؟
2- هل تعتقد بأن الرسول "ص" قد بشر بنزول عيسى ابن مريم؟
إن جوابك على هذين السؤالين سيحدد نقاشنا مستقبلا،
شكرا لك وهدانا الله إلى ما فيه الصواب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عزيزي ؟؟؟؟؟
تحية طيبة و بعد، أرجو أن تعلمني باسمك فأنا أحب أن أتعرف على من أناقشهم عن قرب – إن كنت لا تمانع. هل أنت أبو أشرف الذي علق على مقالي الأخير (مهدي المغارة)؟ أرجو التوضيح.
أما بعد فإنني أدعوك في بداية النقاش إلى قراءة مقالاتي قبل المسارعة إلى الرد و ذلك كي أتجنب الإعادة أو تبيين ما هو واضح في مقالاتي القليلة. فيبدو من سؤالك الثاني بالتحديد أنك لم تقرأ مقال (ثلاثة في واحد).
و طلبي المتواضع منك أن تناقش النقاط التي أذكرها في رسائلي إليك إن شاء الله و أن لا تنتقل إلى الموضوع الثاني قبل أن نستخلص نتيجة من نقاشنا الأول و هكذا. فتجربتي مع معظم إخوانك الأحمديين أنهم كانوا ينتقلون إلى الموضوع الثاني قبل الإجابة على أي من أسئلتي و قبل استخلاص نتيجة من النقاش، كما أنهم كانوا يختفون بعد شهر أو أقل و يتوقفون عن النقاش رغم نداءاتي المتكررة. أرجو أن لا يكون نقاشي معك تكراراً لتلك التجارب السابقة.
و لأنك قد لا تعرف طبيعة عملي فإنني أحب أن أوضح لك بأنني سأرد بأسرع ما يمكن على رسائلك إن شاء الله ما دمت أنا مقيماً في دبي، لكنني كثير السفر و لا تتوفر لي في الغالب لوحة مفاتيح عربية أثناء السفر، كما أنني لا أستطيع قراءة بريدي الإلكتروني في كثير من مواقع العمل التي أزورها. فأرجو منك أن تكون صبوراً إذا حدث انقطاع قد يدوم بضعة أيام و الله أعلم.
أما بالنسبة لرسالتك فقد قلت أنت فيها ((وانا ادعوك اخي ان تنجيني من دجل هذا المرزا)) فأقول لك بأن النجاة و الهداية هي بيد الله سبحانه و تعالى، و لن يستطيع مخلوق أن ينجيك إن لم يرد الله سبحانه لك الهداية و النجاة. و لا تنس أيضاً أنه لا يمكن مساعدة من ليس صادقاً في طلب المساعدة فلا أحد من الخلق يستطيع إنقاذ من يصر على الهلاك. فأدعو الله سبحانه أن نكون أنا و أنت مخلصينً في طلب الحق و أن نكون قادرين على اتباع الحق عند معرفته و أن لا تأخذنا العزة بالإثم أو شهوة الإنتصار للرأي. آمين.
أما بالنسبة لسؤالك الأول ((هل تعتقد بأن الرسول "ص" قد بشر بظهور امام سماه بالمهدي)) فالجواب هو نعم، و ليس في أحاديث الآحاد الصحيحة بخصوصه - و هي قليلة جداً- إلا أنه حاكم عادل. و توجد أحاديث أخرى تبشر بخليفة عادل لكنها لا تسمي المهدي، و قد ربط البعض بين أحاديث المهدي القليلة و الغامضة بتلك الأحاديث الأخرى و خرجوا باستنتاجات قد لا تكون صحيحة تماماً و ذلك لعدم وجود ذكر للمهدي في معظم الأحاديث التي يحتجون بها.
أما الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة في المهدي فهي لا تقدم و لا تؤخر بالنسبة لي فلا يمكن أن أنسب قولاً إلى رسول الله (ص) إن لم أتأكد من صحة نسبته إليه. و أما الآثار الخرافية عن الوضاعين التي احتج بها الميرزا مثل (إن لمهدينا آيتين) فرأيي فيها معروف و قد بينته في أكثر من مقال. و أما ادعاء القاديانيين أن للمهدي وحياً فهو دجل لا ينتمي إلى الإسلام.
و أما بالنسبة لسؤالك الثاني ((هل تعتقد بأن الرسول "ص" قد بشر بنزول عيسى ابن مريم؟)) فالجواب أيضاً هو نعم. و أنا أرى أن نبي الله عيسى عليه السلام قد مات، و أن الله سبحانه سيبعثه قبل يوم القيامة لينهي فتنة الدجال. ففي صحيح مسلم حديث لرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول فيه (.....كَذَلِكَ إِذ بَعَثَ اللـه الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنـزلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ ....)، و ما دام عيسى عليه السلام قد مات فإن المعنى القريب للفعل (بعث) المذكور في الحديث هو (أحياه بعد موته)، و ليس من المستساغ الذهاب إلى المعاني الأخرى الأبعد في هذا السياق خاصة لمن يرى موت عيسى بن مريم عليه السلام.
أما بالنسبة للرأي الذي آخذ به لقوته و اعتماده على القرآن الكريم و السنة الصحيحة بالنسبة لعلامات الساعة فهو أن التوبة ستكون قد أغلقت قبل ظهور المسيح عليه السلام، و ألخص أهم الأدلة على هذا الرأي كالتالي:
قال تعالى : } هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ { [الأنعام : 158]
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) :« ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا : طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ». رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) : « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ؛ فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا ، فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ». رواه البخاري و مسلم.
و عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : « إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا ». رواه مسلم.
فالأحاديث تشير إلى أن أول الآيات ظهوراً هي طلوع الشمس من مغربها بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا حول تفسير معنى هذه العلامة، كما و تشير الأحاديث أيضاً أنه بظهور هذه العلامة لن يقبل الله تعالى التوبة من عباده. و بهذا يكون التسلسل المتوقع لأحداث آخر الزمان كالتالي:
1- أول الآيات خروجاً هو : طلوع الشمس من مغربها
2- خروج الدجال يعقب طلوع الشمس من مغربها .
3- من آمن بعد طلوع الشمس من مغربها لا ينفعه الإيمان .
4- نزول عيسى عليه السلام يكون بعد طلوع الشمس من مغربها وبعد خروج الدجال.
5- وقت عيسى عليه السلام لا ينفع فيه إيمان من لم يكن آمن من قبل ، وأتباع عيسى إنما انتفعوا بإيمانهم الذي كان معهم قبل خروج هذه الآيات .
6- نزول عيسى عليه السلام إنما هو لكسر الصليب وقتل الدجال وليس لدعوة الناس للإيمان ، يدل على ذلك حديث النواس بن سمعان، وفيه أن النبي (ص) ذكر نزول عيسى بن مريم عليه السلام فقال : « ... فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ... » رواه مسلم.
و مع أن هذا الرأي ليس هو الشائع بين علماء المسلمين، إلا أنه قوي فعلاً، و للحقيقة أقول إن كثيراً ممن حاول الرد عليه لم يخل رده من تكلف.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فؤاد العطار
****
سيدي العطار
شكرا على جوابك، وأنا لست في عجلة من أمري فما نحن بصدده يلزم علينا التريث وأخذ ما يكفي من الوقت لمناقشته وستجدني إن شاء الله من الحارصين على ذلك.
لقد أتلج صدري جوابك على سؤالي، فكونك تؤمن بشخص سماه الرسول بالإمام المهدي، بغط النظر عن صدق الروايات التي تتكلم عن ظهوره، و تؤمن بموت المسيح الناصري عليه السلام، الشيء الذي فاجئني، سيسهل النقاش بينا مستقبلا.
وحتى لا أطيل عليك فأنا أحبذ مناقشة موت وبعثة عيسى عليه السلام ولا ننتقل لموضوع آخر حتى نستوفي هذا حقه.
لقد جاء في ردك: أرى أن نبي الله عيسى عليه السلام قد مات، و أن الله سبحانه سيبعثه قبل يوم القيامة لينهي فتنة الدجال.. وكذلك: وما دام عيسى عليه السلام قد مات فإن المعنى القريب للفعل (بعث) المذكور في الحديث هو (أحياه بعد موته)..
ان قولك بأن عيسى قد مات يعتبر مخالفا للآراء السائدة حول مصيره، فما هي حجتك على ذلك؟
وبما أنني أنا كذلك أومن بأن عيسى قد مات وحجتي على ذلك إيماني بمرزا غلام احمد، فقد وجدت في تفسير كلمة "بعث" ب"أحياه بعد مماته" فيه شيء من التكلف لا من الناحية اللغوية ولكن العقائدية. فالمسيح الناصري أرسله الحق العادل سبحانه إلى اليهود وقد كذبوه لما عندهم من الآيات التي لم تتحقق في حقه، ومن بينها بعثة إيليا الذي أخد في عاصفة إلى السماء حيث جاء في الملوك الثاني 2-11: "وفيما هما –إيليا واليشع- يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء" فكان اليهود ينتظرون إيليا أن يأتي من السماء حسب معتقداتهم، حيث جاء في صحيفة ملاخي 4-5 "ها أنا ذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتي وأضرب الأرض بلعن" ولكن المسيح اخبرهم بأن إيليا المزعوم قد ظهر وإن الرب قد ضرب لهم مثلا من خلال إيليا في شخص يوحنا المعمدان ابن زكريا، حيث جاء في إنجيل متى 17-10: "فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولا؟ فأجاب يسوع وقال لهم إن إيليا يأتي أولا ويرد كل سيء، ولكن أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال عن يوحنا المعمدان". وجاء في إنجيل متى 11-13: "لأنا جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبئوا، وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي، من له أذنان للسمع فليسمع".
يتضح إذن أن المسيح الناصري الذي سيأتي بشخصه في آخر الزمان ليقتل الدجال قد خالف كلامه عندما كان يبرهن على صدقه أمام اليهود ولم يحقق لهم آية بعث إيليا بشحمه وعظمه بل وجههم إلى شخص آخر يعرفون أمه وأبوه وترعرع بينهم كمثيل لإيليا. فكيف يصح أذن أن يأتي المسيح الناصري بشحمه ولحمه في آخر الزمان ويفعل ما لم يحققه الله في شخص إيليا، ألا ترى سيدي العطار أننا أصبحنا نقدس المسيح الناصري ونعطيه من الصفات ما كان حكرا على الخالق سبحانه. ثم ما ذنب اليهود الذين كذبوا المسيح الناصري؛ أنهم طبقوا ما جاء في كتبهم فكيف يحق كفرهم ولعنتهم فالذي غير وبدل هو المسيح لا هم. ويوم القيامة عندما تجتمع الأمم أمام الحق سبحانه ليتجادلوا على صدقهم ألا يصح والحال هذه ان يعترض اليهود قائلين؛ كيف يا قادر، لم تبعث لنا إيليا بنفسه وبعثت مثيلا له حتى اختلط علينا الأمر بينما في آخر الزمان أرسلت المسيح بلحمه وشحمه وأعطيت آية للآخرين منعتها علينا نحن الأولين، فلو أعطيت لنا نفس الآية لآمنا بالمسيح وما كذبناه أبدا.
طبعا هذا الجدال لا يمكن أن نتصور وقوعه أمام الخالق العادل سبحانه لأنه حرم الظلم على نفسه ومن أسمائه الحسنى العادل، فهو لا يفرق بين مخلوقاته في رحمته ورحمانيته. وسنته في الأرض لا تتغير ولن تتغير من اجل عيون احد منا. يقول الحق سبحانه: "سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنة الله تحويلا" الإسراء 78. لا لضعف منه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ولكن رحمته وسعة عباده أجمعين فلا يمكن أن يخير الأولين عن الآخرين أو الآخرين عن الأولين.
فبما انك قدمت ألي سيناريو للأحداث كما أولتها، فإليك هذا السيناريو من جانبي:
1- سيعم الهرج والمرج في امة الإسلام. كما هو واقع الآن.
2- ستتكالب الأمم عن العرب. كما هو واقع الآن.
3- سيعلو الدجال في الأرض. كما هو واقع الآن.
4- سيرفعون صلحاء الأمة الإسلامية اكف الضراعة إلى الخالق سبحانه لكي ينصر امة حبيبه المصطفى صل الله عليه وسلم.
5- سيرسل الله المسيح الموعود كما وعد المصطفى صل الله عليه وسلم ليقتل الخنزير ويكسر الصليب ويقتل الدجال ويظهر دين الإسلام على الدين كله ولو كره الكافرون.
6- ستتحقق سنة الله في الأرض، ويكذب هذا الشخص من طرف المبعوث إليهم لأنه لم يأت كما أرادوا هم وسطروا له هم. فتكون جماعة مؤمنة بهذا الرسول وأخرى كافرة، ويتولد عن ذلك صدق المؤمنة من خلال كفر وعناد الكافرة.
سأكتفي بهذا الآن على أن أكمل حسب تعليقك..
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو أشرف
المملكة المغربية.
*****
أبو أشرف: سيدي العطار شكرا على جوابك، وأنا لست في عجلة من أمري فما نحن بصدده يلزم علينا التريث وأخذ ما يكفي من الوقت لمناقشته وستجدني إن شاء الله من الحارصين على ذلك.
فؤاد العطار: عزيزي أبو أشرف أشكرك على بدء النقاش و أرجو أن تستمر في هدوئك في النقاش إلى آخره إن شاء الله. و أنا أتفهم حاجتك إلى الوقت، كما أنني لست في عجلة من أمري لكنني خفت أن تنسحب من النقاش كما فعل غيرك من الأحمديين الذين ناقشتهم في الماضي.
أرجو أن تعفيني من الألقاب و أن تناديني باسمي المجرد (فؤاد) أو بكنيتي (أبو بلال)، كما و أرجو منك أن تحدثني قليلاً عن نفسك و عن عملك، فأنا أحب التعرف عن قرب على الذين أناقشهم كما قلت لك في رسالتي الماضية. و أرجو أن تقبلني صديقاً لك مع أنني لم أجد في من عرفتهم من الأحمديين من يتقبل الخلاف الفكري عملياً، فكلهم كان يدعي (المحبة للكل و عدم بغض أحد) لكنهم عملياً أمطروني بعبارات الكراهية قبل أن ينسحبوا لمجرد خلافي معهم و عجزهم عن التعليق على كتابات زعيمهم الملهم!
قبل أن أبدأ بمناقشة رسالتك أود أن أطرح عليك بعض الأسئلة مما قد يعينني على فهمك أكثر و على تسهيل عملية النقاش معك.
كيف تعرفت أنت على الأحمدية؟
متى دخلت في البيعة الأحمدية؟
ما الذي جعلك باختصار تقبل فكرة نبوة الميرزا؟
هل تجيد اللغة الإنجليزية؟
هل تجيد لغة الأوردو؟
ما هي كتب الميرزا غلام التي قرأتها أنت؟
هل قرأت كتاب الوحي القادياني (تذكرة)
هل أنت مشترك في برنامج الوصية؟
هل لك زوجة و أولاد؟ هل هم أحمديون؟
و لأنني أعير اهتماماً خاصاً بالإجابة على كل الأسئلة في أي نقاش فإنني سأحاول الإجابة على الأسئلة التي طرحتها أنت في رسالتك إن شاء الله.
أبو أشرف: لقد أتلج صدري جوابك على سؤالي، فكونك تؤمن بشخص سماه الرسول بالإمام المهدي، بغط النظر عن صدق الروايات التي تتكلم عن ظهوره، و تؤمن بموت المسيح الناصري عليه السلام، الشيء الذي فاجئني، سيسهل النقاش بينا مستقبلا.
فؤاد العطار: أرجو أن تكون دقيقاً عند مناقشة ما أكتبه إليك فأنا لم أقل بأنني أؤمن بالمهدي بغض النظر عن صدق الروايات التي تتكلم عن ظهوره، بل أؤمن فقط بالروايات الصحيحة القليلة التي جاءت في المهدي، أما الروايات الأخرى فلا تشكل شيئاً في تكوين فكرتي عن المهدي.
أما تفاجؤك بمعرفة رأيي في موت عيسى عليه السلام فهو لأنك لم تقرأ كل مقالاتي، و قد رجوتك في رسالتي السابقة أن تقرأ كل مقالاتي القليلة قبل بدء النقاش و ذلك تجنباً لسوء الفهم أو التكرار. و بإمكانك قراءة معظم مقالاتي العربية على الرابط التالي:
http://alhafeez.org/rashid/arabic/arabic.htm
و إن كنت تجيد الإنجليزية فسأقوم بإرسال بعض كتاباتي الإنجليزية عن الأحمدية إن شاء الله.
أبو أشرف: وحتى لا أطيل عليك فأنا أحبذ مناقشة موت وبعثة عيسى عليه السلام ولا ننتقل لموضوع آخر حتى نستوفي هذا حقه.لقد جاء في ردك: أرى أن نبي الله عيسى عليه السلام قد مات، و أن الله سبحانه سيبعثه قبل يوم القيامة لينهي فتنة الدجال.. وكذلك: وما دام عيسى عليه السلام قد مات فإن المعنى القريب للفعل (بعث) المذكور في الحديث هو (أحياه بعد موته)..
ان قولك بأن عيسى قد مات يعتبر مخالفا للآراء السائدة حول مصيره، فما هي حجتك على ذلك؟
فؤاد العطار: القول بموت عيسى عليه السلام ليس شاذاً في الفكر الإسلامي، فهناك مجموعة لا بأس بها من علماء المسلمين السابقين و اللاحقين ممن رأى أن عيسى عليه السلام قد مات، و أذكر على سبيل المثال لا الحصر ابن حزم الأندلسي رحمه الله في القرن الخامس الهجري.
و نحن في قولنا أن الله سبحانه توفى عيسى بن مريم عليه السلام نستند إلى قوله تعالى ((إِذ قَالَ اللـه يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ – سورة آل عمران 56)). فالفعل "توفى" لم يرد في القرآن إلا بمعنيين اثنين هما الموت و النوم. أما في هذه الآية فلم تأت قرينة لتفيد معنى النوم لذلك لا يبقى لنا إلا أن نقول بأن المقصود بالوفاة هنا هو الموت.
أبو أشرف: وبما أنني أنا كذلك أومن بأن عيسى قد مات وحجتي على ذلك إيماني بمرزا غلام احمد، فقد وجدت في تفسير كلمة "بعث" ب"أحياه بعد مماته" فيه شيء من التكلف لا من الناحية اللغوية ولكن العقائدية.
فؤاد العطار: إن كان البعث لغة يأتي بمعنى إحياء الميت و إن كنت مؤمناً بقدرة الله سبحانه على البعث فأين وجدت التكلف من الناحية العقدية؟
أبو أشرف: فالمسيح الناصري أرسله الحق العادل سبحانه إلى اليهود وقد كذبوه لما عندهم من الآيات التي لم تتحقق في حقه، ومن بينها بعثة إيليا الذي أخد في عاصفة إلى السماء حيث جاء في الملوك الثاني 2-11: "وفيما هما –إيليا واليشع- يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء" فكان اليهود ينتظرون إيليا أن يأتي من السماء حسب معتقداتهم، حيث جاء في صحيفة ملاخي 4-5 "ها أنا ذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتي وأضرب الأرض بلعن"
فؤاد العطار: أرجو منك في المستقبل أن لا تحتج إلا بما تراه أنت صحيحاً و إلا فإننا سندور في حلقة مفرغة. فهل تؤمن أنت بما جاء عن المركبة النارية و الخيل النارية التي أخذت إيليا و اليشع إلى السماء سنة 880 قبل الميلاد؟ إن لم تكن هذه القصة صحيحة فلماذا ذكرتها أنت في الإستدلال؟ هب أن بني إسرائيل كانوا ينتظرون إيليا أن يرجع فهل تحريف المحرفين يصلح حجة لليهود أمام الله سبحانه؟ و إن كنت تعتقد بصحة القصة مع أن الله سبحانه أخبر عن تحريف أهل الكتاب لكتبهم فعليك أن تأتي بدليل شرعي إسلامي أو عقلي أو تاريخي على صحة ورود هذه القصة في كتب بني إسرائيل التي أنزلها الله سبحانه إليهم.
و قد جاء في القصة التي استشهدت بها أنت كثير من الأمور التي لا يؤمن بها الأحمديون. فمثلاً جاء فيها ما يلي ((فاجاب ايليا وقال لرئيس الخمسين ان كنت انا رجل الله فلتنزل نار من السماء وتأكلك انت والخمسين الذين لك. فنزلت نار من السماء وأكلته هو والخمسين الذين له)) فهل هذه القصة صحيحة برأيك؟
أما ما جاء في سفر ملاخي (أو ملاخيا) - الذي يعتبره النصارى آخر أنبياء العهد القديم و قد بعث إليهم حسب بعض مصادرهم قبل حوال400 سنة من مولد عيسى عليه السلام – فليس فيه أن إيليا هو نفسه النبي إلياس الذي يقولون بأنه صعد إلى السماء أو أنه سيبعث مرة أخرى إلى اليهود، و ليس فيه ذكر المسيح (ع) و ليس فيه أن النبي المنتظر القادم فوراً بعد ملاخيا هو إيليا. و نحن كمسلمون نعلم بأن زكريا عليه السلام كان نبياً إلى بني إسرائيل قبل ابنه يحيى عليه السلام، فهل كان يحق لليهود تكذيبه لمجرد أن نبوءة إيليا لا تتحقق فيه؟ إذاً يا عزيزي لم يكن تكذيب اليهود ليحيى عليه السلام لمجرد أنه ليس إيليا في نظرهم بل لأنهم كانوا يكذبون الأنبياء عموماً.
أبو أشرف: ولكن المسيح اخبرهم بأن إيليا المزعوم قد ظهر وإن الرب قد ضرب لهم مثلا من خلال إيليا في شخص يوحنا المعمدان ابن زكريا، حيث جاء في إنجيل متى 17-10: "فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولا؟ فأجاب يسوع وقال لهم إن إيليا يأتي أولا ويرد كل سيء، ولكن أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال عن يوحنا المعمدان". وجاء في إنجيل متى 11-13: "لأنا جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبئوا، وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي، من له أذنان للسمع فليسمع".
فؤاد العطار: لكن يوحنا في الإنجيل نفى أن يكون هو إيليا. إقرأ ما ذكر في إنجيل يوحنا الإصحاح الأول ((19وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ:«مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ:«إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ». 21فَسَأَلُوهُ:«إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ:«لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ:«لاَ»)).
إذاً فيحيى عليه السلام نبي من الله رغم أنه لم يدع بأنه النزول الثاني للنبي إلياس، و لماذا يدعي ذلك؟ و كذلك الحال بالنسبة لأبيه زكريا عليه السلام فهو لم يكن بحاجة إلى هكذا نبوءة ليثبت نبوته فالله سبحانه يؤيد كل أنبيائه بالآيات التي تثبت صدقهم.
و إن كنت لا تصدق إنجيل يوحنا فقل لنا لماذا صدقت إنجيل متى؟ و كيف تصدق إنجيل متى هنا و هو الذي قال قبيل ذلك في إصحاحه السادس عشر ((21مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ)). فهل قال عيسى عليه السلام لتلاميذه بأنه سيقتل؟
و الآن إقرأ القصة كاملة كما جاءت في إنجيل متى الإصحاح السابع عشر ((1وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. 2وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. 3وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. 4فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَارَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». 5وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً:«هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا». 6وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا. 7فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: «قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا». 8فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ.9وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً:«لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ». 10وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ:«فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» 11فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. 12وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». 13حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.))
ففي القصة رأى التلاميذ موسى (ع) و إيليا مع عيسى (ع) ثم قال لهم عيسى (ع) أن إيليا أيضاً قد أتى! قل لي بربك كيف صدقت هكذا قصة؟
إذاً يا عزيزي هذه الأناجيل لا تصلح كوثيقة شرعية و لا كوثيقة تاريخية. فعليك إذاً بالدليل الشرعي الصحيح أو الدليل العقلي المقبول. نعم أنا أقبل منك أن تستشهد بالأناجيل إن وافقت حجتك العقلية أو الشرعية، أما أن تكون الأناجيل المحرفة هي الحجة الشرعية وحدها فهو أمر غير مقبول. فالله سبحانه أخبرنا عن عيسى بن مريم عليه السلام، فسماه باسمه و نسبه لأمه، فكيف يجوز لنا بدون دليل شرعي أن نقول بأن الله سبحانه أراد ميرزا غلام بدلاً من عيسى و أراد شيراغ بيبي والدة الميرزا بدلاً من مريم عليها السلام؟
إن ادعاء الميرزا بأنه هو المسيح لا يختلف عن ادعاء المفترين ممن ادعوا نفس الشيء قبله و بعده حيث كانوا مثله يفتقرون إلى أي دليل على كلامهم. بل إن أدلة الميرزا المزعومة ما هي إلا دليل على افترائه على الله سبحانه و استخفافه بعقول أتباعه. و ليس ادعاؤه بأنه صار امرأة حامل لمدة عشرة أشهر استعاريا و بأنه تحول بعدها استعارياً إلى عيسى بن مريم إلا دليلاً على خلو جعبته و استخفافه بعقل أتباعه. و ليس احتجاجه بعد ذلك برجوع أرواح الأنبياء إلى الأرض و نزول روح عيسى (ع) في جسده إلا دليلاً على قبوله بأية عقيدة طاغوتية لإثبات ما يريد إثباته. أرجو منك أن تقرأ مقالي (مسيح القاديانية الثالث) كي تجنبني تكرار ذكر الوثائق و الأدلة.
أبو أشرف: يتضح إذن أن المسيح الناصري الذي سيأتي بشخصه في آخر الزمان ليقتل الدجال قد خالف كلامه عندما كان يبرهن على صدقه أمام اليهود ولم يحقق لهم آية بعث إيليا بشحمه وعظمه بل وجههم إلى شخص آخر يعرفون أمه وأبوه وترعرع بينهم كمثيل لإيليا. فكيف يصح أذن أن يأتي المسيح الناصري بشحمه ولحمه في آخر الزمان ويفعل ما لم يحققه الله في شخص إيليا.
فؤاد العطار: كما قلت لك أولاً فإن الأناجيل وحدها لا تصلح كحجة شرعية لأنها ثابتة التحريف لكنها تصلح للإستدلال إن وافقت حجة شرعية أو عقلية و أنت لم تورد أية حجة مقبولة شرعيا أو لغويا أو عقليا على استدلالك. و ثانياً فقد أثبت لك أعلاه بإن الأناجيل متناقضة في هذه القضية أيما تناقض، فقد نفى يوحنا المعمدان (يحيى (ع)) في الأناجيل أن يكون هو إيليا. و ليس في كلام الأناجيل التي تشير إليها أن إيليا المقصود هنا هو النبي السابق إلياس (ع) بل فيها أن يوحنا هو النبي إيليا فقط. و ليس فيها أيضاً أن اليهود طالبوا المسيح (ع) ببعث النبي إلياس بشحمه و عظمه كما قلت أنت.
أما نحن المسلمون فقد أخبرنا الله سبحانه و رسوله (ص) بأن رسولنا محمداً (ص) هو آخر لبنة في بناء النبوة، كما و أخبرنا رسولنا الكريم (ص) بأن عيسى بن مريم عليه السلام - و هو نبي قبل محمد (ص) و ليس بعده – سيبعث قبل يوم القيامة لينهي فتنة الدجال. و ليس في الأحاديث الصحيحة أن عيسى (ع) سيبعث ليجدد دين الإسلام أو أن التوبة ستقبل في أيامه بل الصحيح هو أن باب التوبة لن يكون مفتوحاً أيام عيسى بن مريم عليه السلام و على من قال خلاف ذلك أن يأتي بالدليل الشرعي الصحيح على ادعائه.
و قد أكد الميرزا غلام نفسه عقيدة المسلمين في ختم النبوة طوال ستين عاماً من حياته و لم ينفها إلا في السنوات الثماني الأخيرة من حياته، هذا مع أنه ادعى لاحقاً بأنه نبي منذ كان في الأربعين من عمره. فقل لي بربك كيف يمكن لنبي أن يؤكد عقيدة خاطئة لمدة 20 عاماً من استقباله لوحي النبوة؟
ثم إن نبيك المزعوم ادعى بأن كل مؤلفاته العربية هي إلهام من الله سبحانه، و مع ذلك فإن الميرزا في مؤلفاته العربية استعمل كلمة خاتم مع جمع العقلاء لتعني "آخرهم" فكيف قبلت أنت أن يلهم الله سبحانه عقيدة تخالف مراده؟ بل إن وحي الميرزا المزعوم أكد عقيدة المسلمين أن محمداً (ص) هو آخر الأنبياء، إقرأ الوثيقة في الأسفل من كتاب الوحي القادياني تذكرة :
http://www.ahmadiyyalibrary.com/see3.php?Tadhkira-467
حيث قال الميرزا في العام 1895م- أي قبل قوله بأنه نبي منذ الأربعين من عمره سنة 1900م - ما يلي:
((أوحي إليّ أن الدين هو الإسلام و أن الرسول هو المصطفى السيد الإمام رسول أمي أمين، فكما أن ربنا أحد يستحق العبادة وحده فكذلك رسولنا المطاع واحد لا نبي بعده و لا شريك معه أنه خاتم النبيين)).
لكنه في العام 1902م إدعى بأن نبي الإسلام ليس واحداً فقط و ادعى بأن للرسول (ص) شريك في أنه خاتم النبيين و هو الميرزا نفسه، بل ادعى الميرزا بأنه هو خاتم النبيين الحقيقي. إقرأ الوثيقة في الأسفل و هي صورة عن الصفحة 310 من خطبة الميرزا الإلهامية:
http://img72.imageshack.us/img72/5614/realkhatam01ne0.jpg
حيث قال الميرزا ((إعلموا أن الختمية أعطيت من الأزل لمحمد "ص" ثم أعطيت لمن علمه روحه و جعله ظله فتبارك من علم و تعلم. فإن الختمية الحقيقية كانت مقدرة في الألف السادس))
أبو أشرف: ألا ترى سيدي العطار أننا أصبحنا نقدس المسيح الناصري ونعطيه من الصفات ما كان حكرا على الخالق سبحانه.
فؤاد العطار: أعوذ بالله! و ما هي صفات الخالق سبحانه التي تدعي أنت بأن المسلمين أعطوها لعيسى عليه السلام؟ إن ادعاءك هذا مردود لأنه يخالف الواقع. فكل المسلمين الموحدين يؤمنون ببشرية عيسى عليه السلام و يؤمنون بأن صفات الله سبحانه لا يشاركه فيها بشر قط. و من لم يؤمن بهذا فليس مسلماً أصلاً.
أما الميرزا غلام فهو الذي ادعى بأن بعض مخلوقات الله سبحانه تشاركه في بعض صفاته. إقرأ كتاب الوحي القادياني تذكرة و كتابات الميرزا لتتأكد بنفسك مما أقول. و سأضرب لك هنا بعض الأمثلة لإثبات ادعائي:
- في كتابه "إعجاز المسيح" ص151 زعم الميرزا بإن آية (الرحمن الرحيم) تشير إلى أن نبينا خير الورى قد ورث صفتي ربنا الأعلى، أنظرالوثيقة في الأسفل
http://img51.imageshack.us/img51/5580/arrahmaniarraheem4au.jpg
أما عن معنى (إياك نعبد و إياك نستعين) فحدث و لا حرج، فهي تشير إلى أن العابد الكامل يعطى له صفات رب العالمين. أنظر الوثيقة في الأسفل:
http://img90.imageshack.us/img90/4302/iyyaka6sm.jpg
الميرزا هو بمثابة بروز (مظهر / ظل) الإله، أنظرالوثيقة في الأسفل:
http://img51.imageshack.us/img51/5103/burooz13mk.jpg
و لا غرابة في ذلك أبداً، فالميرزا ذكر وحياً صريحا من إلهه يخبره فيه بأنه (أي الميرزا) هو بمنزلة بروز (مظهر) الإله، و بهذا لا يكون الميرزا نبياً بروزياً (ظلياً) فقط كما يدعي القاديانيون، بل هو إله بروزي أيضا تماماً مثل بهاء الله مؤسس البهائية. أنظر الوثيقة في الأسفل:
http://img234.imageshack.us/img234/5986/burooz7vh.jpg
و الميرزا أيضا بمثابة روح الإله، أنظر الوثيقة في الأسفل:
http://img234.imageshack.us/img234/9720/spirit0md.jpg
و اقرأ الوحي التالي القادياني الذي ادعاه الميرزا، حيث ادعى بأن إلهه يلاش خاطبه بالوحي قائلاً:
((أنت إسمي الأعلى)). أنظر الوثيقة في الأسفل من كتاب الوحي القادياني "تذكرة".
http://www.ahmadiyyalibrary.com/see3.php?Tadhkira-529
و الأمثلة على شركيات الميرزا و افتراءاته على ربه كثيرة جداً جداً، لكنك هنا تدعي ضمناً بأن المسلمين هم من قدسوا المسيح عليه السلام و أعطوه صفات إلهية. إقرأ يا عزيزي ما ادعاه الميرزا من وحي يقطر شركاً بدلاً من الإكتفاء برمي المسلمين بما ليس فيهم.
أبو أشرف : ثم ما ذنب اليهود الذين كذبوا المسيح الناصري؛ أنهم طبقوا ما جاء في كتبهم فكيف يحق كفرهم ولعنتهم فالذي غير وبدل هو المسيح لا هم. ويوم القيامة عندما تجتمع الأمم أمام الحق سبحانه ليتجادلوا على صدقهم ألا يصح والحال هذه ان يعترض اليهود قائلين؛ كيف يا قادر، لم تبعث لنا إيليا بنفسه وبعثت مثيلا له حتى اختلط علينا الأمر وأضحينا كافرين، بينما في آخر الزمان أرسلت المسيح بلحمه وشحمه وأعطيت آية للآخرين منعتها علينا نحن الأولين، فلو أعطيت لنا نفس الآية لآمنا بالمسيح وما كذبناه أبدا. طبعا هذا الجدال لا يمكن أن نتصور وقوعه أمام الخالق العادل سبحانه لأنه حرم الظلم على نفسه ومن أسمائه الحسنى العادل، فهو لا يفرق بين مخلوقاته في رحمته ورحمانيته. وسنته في الأرض لا تتغير ولن تتغير من اجل عيون احد منا. يقول الحق سبحانه: "سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنة الله تحويلا" الإسراء 78. لا لضعف منه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ولكن رحمته شملت عباده أجمعين فلا يمكن أن يخير الأولين عن الآخرين أو الآخرين عن الأولين.
فؤاد العطار: ذنب اليهود هو أنهم هم من حرفوا كلام الله سبحانه و كذبوا الأنبياء بل قتلوا بعضهم. المشكلة عند القاديانيين أنهم يظنون بأن رسالة الله سبحانه هي الرسول نفسه! يا عزيزي رسالة الله سبحانه هي التوحيد، أما الرسول – أي رسول – فهو حامل للرسالة فقط. اليهود أشركوا مع ربهم و أخلوا بعقيدة التوحيد، و قد جاءتهم رسل كثر فكذبوهم. أما تكذيبهم لعيسى عليه السلام فهو جريمة كبرى ليس فقط لأنهم لم يعترفوا بأنه هو المسيح فهذا أمر ثانوي، بل هم كذبوا بالآيات و برسالة التوحيد التي جاء بها، و هي جريمة كبرى حتى لو كان حامل الرسالة هو نبي غير المسيح عليه السلام.
أما استدلالك بالأناجيل بأن الله سبحانه قد بعث يحيى (ع) مع أنه وعد بإرسال إلياس (ع) فهو استدلال مرفوض من الوجوه التي ذكرتها أعلاه. فالغيبيات في الإسلام لا تثبت إلا بالقرآن أو السنة الصحيحة و ليس بالأناجيل المحرفة، كما أن الأناجيل ذكرت بأن يوحنا المعمدان نفسه نفى أن يكون هو إيليا الموعود!
و قد بينت لك بالأدلة الشرعية بأن عيسى عليه السلام لن يأتي لتجديد دين الإسلام كما ادعى الميرزا بل لينهي فتنة المسيح الدجال كما أثبتت الأحاديث الصحيحة. ففي وقت عيسى (ع) لن يكون باب التوبة مفتوحاً و ذلك حسب الأحاديث الصحيحة و الآية الكريمة التي ذكرتها لك في رسالتي السابقة.
أبو أشرف : فبما انك قدمت ألي سيناريو للأحداث كما أولتها،
فؤاد العطار: أنا لم أضع أي سيناريو بالتأويل بل استشهدت بالصحيح من الأدلة الشرعية بخلافك أنت حيث لم تستشهد بأية آية أو حديث صحيح في السيناريو الذي وضعته.
أبو أشرف : فإليك هذا السيناريو من جانبي: 1- سيعم الهرج والمرج في امة الإسلام. كما هو واقع الآن.
فؤاد العطار: هذه تعبيرات فضفاضة، فالهرج و المرج وقع في أمة الإسلام منذ القرن الهجري الأول.
أبو أشرف : 2- ستتكالب الأمم عن العرب. كما هو واقع الآن.
فؤاد العطار: و هذه أيضاً كأختها أعلاه، فقد تكالبت الأمم على العرب و المسلمين منذ القدم، و ما المغول و الصليبيين إلا أمثلة على هذا.
أبو أشرف : 3- سيعلو الدجال في الأرض. كما هو واقع الآن.
فؤاد العطار: إن كان الدجال هو التنصير و الحضارة الغربية فسيكون هذا من الأدلة الكثيرة على دجل القاديانية، فالميرزا ادعى بأنه قتل الدجال و بأن الدجال إذا ما هلك فلن يكون بعده دجال إلى يوم القيامة. و ما دمت تقول بأن الدجال اليوم عال في الأرض فهذا دليل على أن الميرزا لم يقتل الدجال. و ليت شعري كيف يقتل الدجال من كان عبداً مطيعاً لرئيسة الكنيسة الأنجليكانية (الملكة فكتوريا)؟
أبو أشرف : 4- سيرفعون صلحاء الأمة الإسلامية اكف الضراعة إلى الخالق سبحانه لكي ينصر امة حبيبه المصطفى صل الله عليه وسلم.
فؤاد العطار: إن الصلحاء من أمة محمد (ص) رفعوا أكف الضراعة في كل أزمات الأمة السابقة.
أبو أشرف : 5- سيرسل الله المسيح الموعود كما وعد المصطفى صل الله عليه وسلم ليقتل الخنزير ويكسر الصليب ويقتل الدجال ويظهر دين الإسلام على الدين كله ولو كره الكافرون.
فؤاد العطار: إن كان الخنزير هو عادات الغرب الخنزيرية من خمر و زنى فقد ازدادت مع مجيء الميرزا و خلفائه. و إن كان كسر الصليب هو إقامة الحجة على النصارى فقد كسر الصليب بمجيء محمد صلى الله عليه و سلم قبل 1428 عاماً. و إن كان الدجال هو الغرب النصراني فقد ازداد قوة بمجي الميرزا و خلفائه بل إن كل هؤلاء أعلنوا الولاء للمستعمر (الدجال). أما إظهار دين الإسلام على الدين كله فحدث بوعد الله سبحانه لرسوله (ص) في القرآن و ليس بمجيء مسيلمة و غيره من مدعي النبوة الكذبة.
أبو أشرف : 6- ستتحقق سنة الله في الأرض، ويكذب هذا الشخص من طرف المبعوث إليهم لأنه لم يأت كما أرادوا هم وسطروا له هم. فتكون جماعة مؤمنة بهذا الرسول وأخرى كافرة، ويتولد عن ذلك صدق المؤمنة من خلال كفر وعناد الكافرة. سأكتفي بهذا الآن على أن أكمل حسب تعليقك..
فؤاد العطار: حيرتنا يا صديقي، فأنت هنا تؤكد كلام الميرزا بأن من كذبه فهو كافر، لكنك في تعليقك السابق قلت بأني مسلم. أرجو أن تحدد موقفك بالضبط حتى أناقشك في رأيك النهائي.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فؤاد العطار
*******
سيدي أبو بلال
بسم الله الرحمن الرحيم؛
ربي احلل عقدت من لساني يفقهوا قولي..
سأبدأ سيدي أبو بلال من حيث انتهيت أنت، فقد قلت لك بأنك مسلم ولا يصح لي مهما كان الحال أن أزيل هذه الصفة عنك، فهذا ما تعلمته من رسولنا المصطفي "ص" ومن خادمه مرزا غلام احمد عليه السلام، فمن الوصايا التي بايعته عليها أن أحب جميع خلق الله كيفما كان عرقهم أو معتقداتهم وأن أمون المسلمين منهم خاصة.
أما ما جاء في مكتوبي عن جماعة مؤمنة وأخرى كافرة، فهذا نسبة إلى المسيح الموعود، فأنت لم تؤمن بأن مرزا غلام أحمد هو المسيح الموعود، إذن أنت كافر بدعواه، بغط النظر أن كان المرزا صادق أو كاذب، وكل شخص يشاركك الرأي والاعتقاد ، سيشكل بصحبتك جماعة مناهضة لفكر المرزا ستكون كافرة بدعواه. لم يسبق لي أن تعرفت على شخصا يخالف عقائد الأحمدية وفي نفس الوقت يقول انه مؤمن بدعوى المرزا.
أظن أن هذا الأمر واضح ما فيه الكفاية، وأنا لا أكفر أي شخص يؤمن بالله ورسوله ولا يشرك بخالقه أحدا، فما بالك بالذي يصلي ويصوم ويزكي ويحج بيت الله الحرام حسب تعاليم المصطفى "ص"، كيف لي أو لغيري أن أزيل صفة المسلم عنه.
ولكن إن كان سؤالك يخص مصير من كفر المرزا في دعواه، فهذا بين يدي الحق سبحانه، هو وحده يجزي عباده أعمالهم وما قدموا لأنفسهم. ولكن استأذنك سيدي أبو بلال؛ عندما أوصانا الرسول "ص" أن إذا سمعتموه فعرفتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فانه خليفة الله في الأرض. ترى لماذا هذا التأكيد من لدنه، وهذه الوصية، وما حكم من سمع عنه ولم يرد أن يتعرف عليه، وكذبه في دعواه، وقال حاشى لي أن أبايع هذا الكذاب، وهو خليفة الله في الأرض كما قال رسولنا الكريم، أنا لا أتكلم عن المرزا هنا، ولكن عن ذلك الشخص الذي سيكون حسب رأيك مصدقا لكل ما قاله الرسول "ص"، ولنفترض انه لم يأتي بعد وربما أحفادنا هم الذين سيعاينونه، فما حكم الله فيهم؟ فأي حكم ستراه أنت موافق لفكرك فانا سأقبله مسبقا، وبما أنني آمنت أن ذلك الموعود قد جاء، وهذا يخصني، فاني سأطبق عليك ما تحكم به أنت ولن أزيد عنه شيء والله على ما أقول حسيب.
أرجو منك سيدي أبو بلال أن لا نناقش مرحليا صدق المرزا أو كذبه، حتى نستوفي مسألة موت عيسى وبعثته الثانية، لكي لا نطيل في ردودنا وتكون مركزة ودا جدوى.
أنا لا يساورني أدنى شك بأن مناقشتي إياك ستثنيك عن قناعتك، فمن خلال قراءة مقالاتك يتبين لي ولغيري انك كافر بعقائد الأحمدية حتى النخاع، ولكن عزائي أن يستفيد أي مطلع عن هذه المناظرة ويخرج بنتيجة ما قد تضعه في صف المؤمنين بدعوة المرزا، مثلي، أو الكافرين بها مثلك.
أنا سيدي، أقر بأن التوراة والإنجيل قد تم تحريفها من طرف الكتبة والقديسين، ولا احتج بهما على صدق المرزا، ولكن استعملت ما جاء فيهما لأنهما يناسبان المقام.
إننا نؤمن بأن عيسى وموسى عليهما السلام وكدا أنبياء بني إسرائيل من عند الله، يوحي إليهم، وان كل ما جاء عنهم وتبت انه صحيح يجب أن نأخذ به "آمنا بالله وكتبه ورسله" البقرة "قل أمنا به كل من عند ربنا" آل عمران.
أما بالنسبة لهذا المقام ، فقد طالب اليهود المسيح بآية إيليا، حسب معتقداتهم وما جاء في كتبهم، وليس لنا نحن أن نحكم بينهم ونقول هذا صادق وهذا كاذب، حتى الرسول الكريم عندما حكموه اليهود حكم فيهم التوراة، لأن هذا ما يؤمنون به. فأظن، وهذا لن يستعصى فهمه، أن المسيح كان أولى به أن يجيب اليهود؛ إن هذه القصة مختلقة من طرف الكتبة، وأنها خرافة ملفقة ليس لها أساس في العهد القديم وأنها من اختلاق المحرفين، ونحن كمسلمين لن نشك في قوله هذا فنحن نؤمن به وبصدقه، فان الله يعرف ما وضع الكتبة في التوراة ونسبوه إليه، وبالتالي فهو سيخبر به رسوله عن طريق الوحي. وكذلك فأن كتبة الأناجيل سيتشبثون بقوله ولن يحرفوا منه شيء لأنه سيغنيهم عن تأويل هذه الآية لإقناع اليهود. فكان أيسر لعيسى ومن آمن به أن يقولوا لليهود ومن طالبهم بآية إيليا أن هذه القصة مختلقة وانتهت الحكاية من البداية. أما أن يتبنى هذه الخرافة، ويشير إلى يوحنا المعمدان ويشبهه بإيليا، فقد فتح عليه وعلى ابن خالته باب جهنم . وهذا بالضبط ما حصل، حيث أن اليهود ذهبوا إلى يوحنا وسألوه هل أنت هو إيليا فقال لهم يوحنا بأنه ليس هو بل أنكر انه نبي قدامهم، «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ:«لاَ» ونحن كمسلمين نؤمن بان يوحنا نبي من عند الله وأنه صادق، فما كان عليه سوى أن يقول لليهود إن فكرة مجيء إيليا من السماء ما هي إلا خرافة ابتدعها الكتبة.
وبين قوسين؛ أما قوله انه ليس بنبي سوى انه من تحريف كتبة الأناجيل أو خوفا من بطش اليهود، فلعلك تدرك انه عليه السلام قد استشهد وان اليهود قد قتلوه شر قتلة لا لشيء سوى ليبرهنوا لأتباعهم انه كما مات اليسع على الصليب فكذلك مات يوحنا وهذا دليل على دجلهم، من وجهة نظر اليهود وما قالوا انه حكم التوراة، حيث إن النبي الكذاب يموت بأيديهم وفعلهم بينا النبي الصادق ينجيه الله وهذه آية صدقه.
تبث أذن أن قصة إيليا صحيحة بحجة أن عيسى عليه السلام قد تعامل معها لإظهار صدقه. وأن تأويل عيسى عليه السلام صحيح، بدليل أن الأناجيل قد أشاروا واحتفظوا به لإتبات صدق عيسى.
أما بالنسبة لنا كمسلمين، فكلما جاء ذكر يحيى عليه السلام في القرآن إلا وجاء بعده ذكر عيسى عليه السلام، طبعا هذا لا يمثل لك ومن يوافقك الرأي أي شيء، إما بالنسبة لنا، فإننا نؤمن أن الله ما ينطق عن الهوى وانه سبحانه وتعالى صادق في كل ما أوحى إلى نبيا محمد "ص" وانه لو كان من عند غير الله لوجدنا فيه اختلافا كثيرا، وان الله حفظ حروف وحيه فكيف بمعناه وترتيبه. فليس لدينا أدنى شك، بل وصل بنا الإيمان بهذا إلى درجة اليقين أن عيسى ويحيى مرتبط احدهما بالآخر، وان يحيى عليه السلام الذي جاء في زمن عيسى عليه السلام الذي يعتبر أخر أنبياء بني إسرائيل، ما جاء إلا لكي يؤيده ويظهر صدقه، وليس هناك أعظم آية يقدمها يحيى لعيسى عليهما السلام وصدقه سوى آية إيليا وبعثته الثانية، التي كان اليهود ينتظرونها ويبنون صدق كل من قال انه هو المخلص لهم عليها. ولعلك تشاهدهم أمام حائط مبكاهم يهيمون ويتضرعون إلى الله أن يرسل إليهم إيليا إرهاصا لبعثة المخلص العظيم، لكن أنا لهم ذلك.
فان جاء عيسى ولم يقدم أمامهم إيليا فانا له أن يقول انه صادق. وهذا بالضبط ما قاله الله في حق يحيى في القرآن "ومصدقا بكلمة من الله". ترى ما هي هذه الكلمة التي جاء يحيى مصدقا لها؟ والله أن هذا الأمر لن يستعصى فهمه على كل ذي قلب سليم.
جاء في سورة آل عمران: "فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب، إن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين". وفي نفس السورة وبعدها مباشرة يذكر الله عيسى ومعجزة ولادته ويسميه: "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المتقين".
كلاهما كان بشارة من عند الله واستعمل نفس الأسلوب للكلام عليهما وان المرء ليتساءل بحق لماذا هذه القرائن إن لم تكن لها دلالات قوية تشير إلى الربط بين مصير يحيى وعيسى عليهما السلام.
جاء في احد التفاسير: عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ مُصَدّقاً بِكَلِمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ } فإن يحيـى أوّل من صدّق بعيسى، وشهد أنه كلـمة من الله، وكان يحيـى ابن خالة عيسى، وكان أكبر من عيسى.
وفي سورة مريم التي تتكلم بجلاء على عيسى عليه السلام لقد استهلها العالم سبحانه بقصة ولادة يحيى وبشارته إذ جاء: "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا" والكل يعلم أن يحيى عليه السلام قد ولد من صلب الايصبات زوجة زكريا، وإنه مات على يدي اليهود وهو الآن في الجنة صحبة ابن خالته عيسى ابن مريم. ولم ولن يجرأ احد بالقول أن يحيى له بعثه من بين الأموات إلى الأحياء. وبنفس الأسلوب والترتيب يقول الله على لسان عيسى في نفس سورة مريم:"والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا". إنها مراحل ثلاثة سيمر منها يحيى وعيسى عليهما السلام ولو كان لعيسى استثناء لما ذكر الله هذا التطابق الذي أصبح من حكم الآيات المحكمات عند الذين يخشون الله ولا يفترون عليه من عند أنفسهم.
ثم أليس بعثت عيسى عليه السلام من الأموات لقتل الدجال أعظم من ولادته بدون أب، لقد سجل لنا تاريخ الطب عدة نساء الذين ولدن ولم يمسسهم رجال. فلماذا اغفل القرآن على هذه الآية العظيمة وهذه المهمة الجليلة أي قتله للدجال، وما من رسول إلا قد أندر قومه هول هذه الفتنة التي لم يكن لها مثيل مند أن خلق الله الإنسان على وجه الأرض. بل قال على مراحل عيسى ما جاء على مراحل يحيى حتى أن المرء ليقول إن في الأمر تكرار.
ولقد اقترن اسم يحيى عليه السلام باسم عيسى حتى في الآخرة، فقد روي أن الرسول ص قد رأى في معراجه عيسى ويحيى معا في الجنة. أليس هذا دليلا أخر على ارتباط عيسى بيحيى. ويوم القيامة عندما تصدر كل امة أمام خالقها ويشهد عليهم نبيهم، فان يحيى وعيسى سيكونان معا لكي يصدق يحيى عيسى ويشهد عيسى بصدق يحيى، وعندما سيطلبون اليهود من الله أية إيليا الذي أخذته العاصفة إلى السماء، ولزم أن يأتي من السماء، كما هو مكتوب عندهم في التوراة، فسيقولون إن يوحنا الذي يقدمه لنا عيسى مثيلا لإيليا، لم يأتي من السماء، بل إننا نعرف أمه وأباه، وحتى انه قد مات بأيدينا وظهر لنا كذبه حسب ما جاء في التوراة دائما، فكيف يمكن أن يكون هو إيليا. هنا سيواجههم الخالق سبحانه بأن فكرة الصعود إلى السماء والرجوع منها إنما هي اختلاق الكتبة وإنها تعارض سنته، ولو كانت صحيحة لما تردد سبحانه وتعالى أن يحققها لشخص المسيح، فهو قادر على كل شيء، إنما أمره أن يقول كن فيكون.
ألا ترى يا سيدي أن ما يطلبه المسلمون اليوم في حق عيسى هو ما طلبه اليهود بالضبط في حق يوحنا، مع فرق يخصك، انك آمنت بموت عيسى وانه لم يصعد إلى السماء، ولكنه سيأتي هو نفسه في آخر الزمان لكي يحقق لنا نحن المسلمين ما لم يحققه لليهود. كيف سيكون موقف الحق العادل سبحانه أمام مطالب اليهود يوم القيامة وهم يقولون وهول ذلك اليوم ما تقديره: يا عادل، يا عادل، كيف تميز بين عبادك وتنزل عيسى من السماء بينما نحن تبعث إلينا يوحنا من صلب أب وأم وترعرر بينا، وتقول أنه مثيل إيليا، وكتبنا فيها أنه رفع إلى السماء، وتقول أنه سيعود منها صراحة، بينما المسلمون ليس عندهم قول السماء في رفع عيسى ونزول عيسى، يا عادل يا عادل، أنت الذي حرمت على نفسك الظلم وجعلته محرما بين عبادك، أحكم بيننا ولا تحرمنا حقوقنا.
ولقد جاء في القرآن مدلول هذا الموقف بالضبط عندما يختصم الكافرين بين يديه: "وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل ° ربنا آتهم ضعفين من العذاب وألعنهم لعنا كبيرا". وكذلك: "ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ° قال اخسئوا فيها ولا تكلمون" ونقرأ كذلك: "قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ° ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد". صدق الله العظيم
والله انه لسهل القول أن الحق سبحانه قادر على أي شيء وأن أمره أن يقول كن فيكون. فوالله إن هذا لحق أريد به باطل، وهذا كلام من لا حجة له. إذ كيف يمكن للعادل أن يغير سنته بما ينافي عدله ، أم ترى نحن الآخرين أحسن ممن خلى من خلقه، أو لنا ميزة خاصة لا تعرفها سوى أنت سيدي أبو بلال، حتى يبعث الله عيسى من الأموات لكي يحقق أعظم أمر كان منذ خلق الله الإنسان، وقد حذر كل أمة نبيها هول هذا الأمر. ثم تفكر في قول رسول الله أنا حجيجه دونكم، وتمعن فيه تبدو لك أسرار جمة قد تعينك في فهم هذا الأمر، هداك الله.
أن فكرة بعثة عيسى من الأموات تجر تبعات ما أظنك قد أخذت بها سيدي أبو بلال. فلقد نسيت أو تناسيت ما دار بين الحق سبحانه وعيسى من نقاش
يوم القيامة وذكره لنا القرآن: "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله، قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق. إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب ° ما قلت لهم إلا ما أمرتني به، أن اعبدوا الله ربي وربكم. وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، وأنت على كل شيء شهيد" فإن كان عيسى سيبعث من الأموات فسيعلم قطعا أن أتباعه قد اتخذوه وأمه الهين من دون الله، أم تراه عند بعثته سيكون أصم وأبكم، غير آبه بما يدور حوله، لن يخاطب أحدا من خلق الله، سواء كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا، ولن يسأل عن حال من بعث فيهم أول مرة، بل سيعرض على الجميع. فبينما منتظروه، وهم يرونه نازلا من السماء على ظهر ملكين، ولعل قناة الجزيرة ستكون حاضرة لتغطية الآمر فلها مراسلون في سوريا، وستأخذ عنها قنوات العالم بأسره هذا الأمر الجلل،سيحفون به فرحين بمخلصهم الذي طال انتظاره، كم ستكون خيبتهم وهم يرونه معرضا عنهم، ولن يخاطبهم بل سيتسلح بسيفه الذي بعث معه هو كذالك، وهذا أمر آخر يجب مناقشته وحده، وكذالك الملابس الداخلية منها والخارجية التي بعثت معه، وطبيعتها الخاصة لأنها ستكون من عينة لا تتسخ وإلا لزم أن يبعث معه مسحوق خاص لتنظيفها، فلقد جاء في الآثار أن بعثته ستدوم وقتا قدر بأربعين يوما أو شهر أو سنة، في كل هذه الأوقات ما تراه سيفعل وهو المقصود منه أن لا يعلم ما حل بالنصارى من بعده وإلا بطل كلام القرآن، وما أظنك ترضى لنفسك أو للمسلمين هذا الأمر. أم أنك سيدي ستؤوله بمفهوم لن تكون أنت أول من يستسيغه. أريد أن أذكرك أن الرسول الكريم قد استذل بهذه الآية في حديث له حيث روي عنه صل الله عليه وسلم أنه رأى بعضا من أصحابه يدخلون النار وهم يعرضون عن الله سبحانه، فقال أصحابي أصحابي يا ألله فقال له الحق سبحانه انه مازالوا مختلفين من بعدك حتى حق عليهم العذاب، فيقول صل الله عليه وسلم " وكنت شهيد عليهم ما دمت فيهم ... وإن تعذبهم فهم عبادك...."
أنت تقول سيدي بأن في ذلك الأوان ستغلق باب الرحمة أمام من لم يكن قد آمن من قبل، وأنا عن بحثي في كتب التفاسير وجدت أن الرواة قالوا بهذا عند طلوع الشمس من المغرب ليس عند بعثة عيسى، وأنت تعرف أن هناك من السلف من يعتقد بزمن مقدر بين الآيتين، مع العلم أنني لا أوافق كلا الرأيين، لسبب بسيط هو أن رحمة الله وسعت جميع عباده، ولم يقل أنه سيستثني منها أحد، ربما هذا التصرف سيكون عادي من لدن ملك دنيوي الذي يغضب عن بعض رعاياه لأنهم أقلوه الاحترام أو تمردوا عن نظامه، لكن مالك يوم الدين يقول انه لا يعبئ بنا لولا دعائنا، وما خلقنا سوى لعبادته. وأنت تعلم سيدي أن على وجه الكرة الأرضية من لم يسمع بالإسلام ونبي الإسلام. ولن تفترض جدلا أن في وقت نزول عيسى سيكون جميع من في الأرض قد سمعوا عن الإسلام، ولكن أي ملة منه سيتبعون حتى ينجون بأنفسهم ويدخلون الجنة، فأنت تعلم أن في ذلك الحين ستقتسم ملة الإسلام إلى 73 ملة كلهم في النار إلا واحدة، وكل ملة منهم تقول أنها هي الناجية وهي التي تمثل الإسلام الحق، فكيف للإنسان الصادق الباحث عن الحق أن يختار أمام هذه التفرقة وباب الرحمة سيسد أمامه عند نزول عيسى ولن يتبقى له وقت لدراسة مرجعيات هذه الملل. بينما الحق سبحانه العادل الذي لا يعبأ بنا لولا دعائنا سيغلق باب رحمته أمامه كما تدعي بالطبع أنت.
كلا سيدي، أن الحق سبحانه ليس ملك دنيوي تنتابه ساعة الغضب لدرجة انه سيحرم بعضا من عباده من رحمته. كلا تم كلا، أن الإله الذي آمنا به ونشهد على عدله وإحسانه لأسمى وأجل. لقد أصدر بلاغا في كتابه المحفوظ "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا". نعم سيدي أبو بلال أن الله لا يعذب الإنسان حتى يبعث له رسولا يقوم عليه الحجة، وعندما يعرض عنه ويحاربه ويكذبه، حينذاك يستحق عذاب الله سبحانه، والذي لن يكون سوى تمرة ما قدم لنفسه.
ثم لماذا هذه الآية، أي بعثة عيسى وقتله للدجال أن لم يستفد منها أحد من عباد الله، سواء كان كافر أو باحثا عن الحقيقة. هل سيأتي فقط لكي يقتل الدجال، وأين عندك أنه سيكون حكما عدلا وإماما مهديا. سيحكم بين من وفي أي أمر، ومن سيهدي وقد سدت أبواب الرحمة أمام من لم يكن قد آمن من قبل، أن الهداية تكون لطالبها والباحث عنها، فإلى أي شيء سيهدي ومن. والحكم العدل يقتضي أن يكون بين يديه أمران أو أكثر مختلف فيه حتى يصدر حكمه بالعدل ويقول هذا حرام وهذا حلال، أو هذه الفرقة هي التي على حق وتلك على خطئ. هكذا يستحق هذا المبعوث النازل من السماء اسمه الحكم العدل والإمام المهدي كما وصفه الصادق الأمين، وليس كما تراه أنت سيدي أبو بلال.
ولماذا يقتل الله الدجال بهذه الطريقة، هل الدجال سيكون من القوة حتى يحول بين الله ويوم القيامة. ويضطر الخالق أن يبعث من؟ ذلك الذي يتخذه أتباعه أبن لله وثالث ثلاثة، سبحان الله. دعني أقدم بين يديك ما قاله ذلك الشخص الذي تكذبه وتستهزئ به حتى يتسنى لك أن تأخذ فكرة موجزة عن فكره، وإني لعلى يقين أنك لا تقرأ له بل تكتفي بالنسخ والنقل وكتابة الروابط التي أعدوها إليك أو وجدتها عندما تقلدت منصب المعارضة على موقع الحافظ:
"ومن عقائدنا أن عيسى ويحيى قد ولدا على طريق خرق العادة، ولا استبعاد في هذه الولادة. وقد جمع الله تلك القصتين في صورة واحدة، لتكون القصة الأولى على القصة الأخرى كالشهادة. وابتدأ من يحيى وختم على ابن مريم، لينقل أمر خرق العادة من أصغر إلى أعظم.
وأما سر هذا الخلق في يحيى وعيسى فهو أن الله أراد من خلقهما آية عظمى. فإن اليهود كانوا قد تركوا طريق الاقتصاد والسداد، ودخل الخبث أعمالهم وأقوالهم وفسدت قلوبهم كل الفساد، وآذوا النبيين وقتلوا الأبرياء بغير حق بالعناد، وزادوا فسقا وظلما وما بالوا بطش رب العباد. فرأى الله أن قلوبهم اسودت، وأن طبايعهم قست، وأن الغاسق قد وقب، ووجه المهجة قد انتقب. وفسدت التصورات كأنها ليل دامس، أو طريق طامس. وجاوزوا الحدود، ونسوا المعبود، وتسوروا الجدران، ونسوا الديان. وانوا ما بقي فيهم نور يؤمنهم العثار، ويرى الحق ويصلح الأطوار، وصاروا كمجذوم انجذمت أعضاؤه، وكره رواؤه. فإذا آلت حالتهم إلى هذه الآثار، لعنهم الله وغضب على تلك الأشرار، وأراد أن يسلب من جرثومتهم نعمة النبوة، ويضرب عليهم الذلة، وينزع منهم علامة العزة. فإن النبوة لو كانت باقية في جرثومتهم، لكانت كافية لعزتهم، ولما أمكن معه أن يشار إلى ذلتهم. ولو ختم الله سلسلة النبوة العامة على عيسى، لما نقص من فخر اليهود شيء كما يخفى، ولو قدر الله رجوع عيسى الذي هو من اليهود، لرجع العزة إلى تلك القوم ولنسخ أمر الذلة،ولبطل حكم الله المعبود. فأراد الله أن يقطع دابرهم، ويجيح بنيانهم، ويحكم ذلتهم وخذلانهم. فأول ما فعل لهذه الإرادة هو خلق عيسى من غير أب بالقدرة المجردة. فكان عيسى إرهاصا لنبينا وعلما لنقل النبوة، بما لم يكن من جهة الأب من السلسلة الإسرائيلية. وأما يحيى فكان دليلا مخفيا على الانتقال، فلأن يحيى ما تولد من القوى الإسرائيلية البشرية، بل من قدرة الله الفعال. فما بقي لليهود بعدهما للفخر مطرح، ولا للتكبر مسرح. وكان كذلك ليقطع الله الحجاج، وينقص التصلف ويسكن العجاج.
ثم بعد ذلك نقل النبوة من ولد إسرائيل إلى إسماعيل، وأنعم الله على نبينا محمد وصرف عن اليهود الوحي وجبرائيل. فهو خاتم الأنبياء لا يبعث بعده نبي من اليهود، ولا يرد العزة المسلوبة إليهم، وهذا وعد من الله الودود. وكذلك كتب في التوراة والإنجيل والقرآن، فكيف يرجع عيسى، فقد حبسه جميع كتب الله الديان؟ وإن كان راجعا قبل يوم القيامة.. فلا بد من أن نقبل أنه يكذب إذ يسأل عن الأمة في الحضرة، ففكر في قوله:{وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس ...} ثم فكر في جوابه، أصدق أم كذب بناء على زعم قوم يرجعونه من وسواس الخناس؟ فإنه إن كان حقا أن يرجع عيسى قبل يوم الحشر والقيام، ويكسر الصليب ويدخل النصارى في الإسلام، فكيف يقول إني ما أعلم ما صنعت أمتي بعد رفعي إلى السماء؟ وكيف يصح منه هذا القول مع انه اطلع على شرك النصارى بعد رجوعه إلى الغبراء، واطلع على اتخاذهم إياه وأمه إلهين من الأهواء؟فما هذا الإنكار عند سؤال حضرة الكبرياء إلا كذبا فاحشا وترك الحياء.والعجب أنه كيف لا يستحيى من الكذب العظيم، ويكذب بين يدي الخبير العليم. مع أنه قد رجع إلى الدنيا وقتل النصارى وكسر الصليب وقتل الخنزير بالحسام الحسيم. وما كان مكث ساعة كغريب يمر من أرض بأرض غير مقيم، ولا يفتش بالعزم الصميم، بل لبث فيهم إلى أربعين سنة، وقتلهم وأسرهم وأدخلهم جبرا في الصراط المستقيم. ثم يقول: لا أعلم ما صنعوا بعدي.
فالعجب كل العجب من هذا المسيح وكذبه الصريح. أنؤمن بأنه لا يخاف يوم الحساب ولا سوط العقاب، ويكذب كذبا فاحشا يعافه زمع الناس، ويرضى بزور يأنفه منه الأراذل الملوثون بالأدناس؟ أيجوز العقل في شأن نبي أنه رجع إلى الدنيا بعد الصعود إلى السماء، ورأى قومه النصارى وشركهم وتثليثهم بعينيه من غير الخفاء، ثم أنكر أمام ربه هذه الق ...................................
وتقولون بعظمة محمد المصطفي الذي قال سيكون حجيجه فقط ولن يقدر على شيء آخر بيد أن عيسى سيقتله، أليس هذا اعتقاد يقوي النصارى في اعتقادهم، ربما ستقول بقدرة الله وأنه يفعل ما يريد، ولكن كيف سنواجه الطاعنين في نبينا الكريم وشفيعنا ومكذبوه الذين يستدلون بعظمة عيسى عليه انطلاقا من هذا المعتقد، والله لن أجد أحسن قول أقدمه لك خيرا مما قاله مرزا غلام أحمد عليه السلام حينما صرح لمعارضيه "أتركوا عيسى يموت لكي يحيى الإسلام"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو أشرف
المملكة المغربية.
لقد أزعجني كثيرا نشرك لحوارنا على دنيا الوطن في الانترنيت. كان لزاما عليك وللأمانة أن تستشيرني قبل ذلك خصوصا أنه لديك عنواني البريدي. فأنت لا تعرف ظروفي، وسبق أن اتفقنا في ما بيننا أن لا نكون في عجلة من أمرنا.
قبل أن أبايع مرزا غلام أحمد كومنه المهدي والمسيح الموعودين تطلب مني ذلك أكثر من ثلاثة سنوات من البحث والتمحيص، ولم يسبق لأحد ممن حاورته في هذا الشأن أن تجرأ ونشر حواري معه. لو كنا نريد أن يكون هذا النقاش مطروح على الساحة لكنا اخترنا له احد المنتديات على الانترنت، وما أكثرهم، لكن عندما رغبنا أن يكون على عناويننا الخاصة، فنحن قد أصبحنا ملزمين بذلك أمام الخالق مادام الموضوع عقائدي. وبالمناسبة أنت الذي أرسلت إلي على بريدي الخاص تسأل عن ما كتبت في دنيا الوطن. لن أنعتك بشيء لكن عندنا في المغرب مثل شعبي يقول :"شمتك عرفتك". لا أظنك تعرف العامية المغربية ولكنك لن تجد صعوبة في فهمه.
أنا لا زلت احظر للإجابة وسأرسلها لك عن الخاص، لكنني سأرسل بردودي إلى دنيا الوطن، رغم أنهم يخصصون لك زاوية خاصة للكتابة، أما ردي فسيكون في خانة ضيقة قد يستعصى على القارئ أن يطلع عليه بأكمله. فإذا أردت أن تكون نزيها معي ومع نفسك أولا، فيجب أن تطلب على القائمين على دنيا الوطن أن يتيحوا لي نفس المكان المخصص لك، وإلا فان نقاشنا سيتصف بعدم العدل وأنت الذي تحمل راية الدفاع عن الإسلام لا أظنك سترضى عن هذا، فهذا التصرف سيحسب عن الإسلام لا عنك.
رمضان مبارك سعيد.
بالمناسبة نحن في الجماعة الإسلامية الأحمدية نصوم رمضان شأننا شأن كل مسلم، ونقيم الليل ما استطعنا ونرجو من العلي القدير أن يتقبل منا. أنت ترى أن إيماني بمرزا غلام احمد لم يغير شيء من عباداتي، فإن يكن كاذبا فعليه كذبه، وإن يكن صادقا يصيبك بعض الذي يعدك به.
والسلام
أبو أشرف
المملكة المغربية
أضع هذا الحوار امام القراء الكرام ليحكموا ويدلوا بدلوهم لعلهم يفيدوننا بقلم:أبو أشرف المغربي
تاريخ النشر : 2008-03-17