أجمل ما قيل في الحج من الشعر بقلم:موسى بن سليمان السليمان
تاريخ النشر : 2007-12-15
أجمل ما قيل في الحج من الشعر





كثيراً ما أنشد الشُعراء في موسم الحج وتمنوا شهوده مع الحجيج فمنهم من أطال ومنهم من أوجز واختصر .

فمن أطل منهم أتى على وصف الحج ووقوف الناس بعرفات ورميهم للجمار والنحر وغير ذلك من مناسك الحج ومن أختصر منهم ذكر تشوقه وبعض المناسك بحسب ما تجود به قريحته .

ومن أجمل ما قراءة ثلاثة قصائد في الحج الأولى : وهي قصيدة مطولة لأبن القيم الجوزية – رحمه الله - المتوفى سنة ( 751هـ ) والثانية : قصيدة لشخص أسمه عبد الرحيم البُرعي – رحمه الله - لم أقف على ترجمه له في كتب التراجم ويقال أنه من أهل اليمن وقد لفظ أنفاسه عند أخر بيت منها – والله أعلم بحقيقة الأمر – أما الثالثة : فقصيدة لأبي نواس تعبر عن توبة في الحج .

أما قصيدة ابن القيم المسماة بـ" ميمية أبن القيم " فسوف أنقل منها جزءً يسيراً استحسنته لأنها طويلة تبلغ مائتان بيت تقريباً وقد كُتبت على تسع صفحات بالورق العادي يقول فيها :

فلله ذاك الموقف الأعظم الذي ***** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظمُ

ويدنو به الجبـار جل جلالـهُ ***** يباهي بهم أملاكـه فهو أكرمـوا

يقول عبادي قد أتوني محبـةً ***** وانـي بـهم بر أجـود وأرحـمُ

فأشهدكم أني غفرت ذنوبهـم ***** وأعطيتهـم مـا أمـلـوه وأنعـمُ

فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي ***** به يغفـر الله الذنـوب ويرحـمُ

فكم من عتيق فيه كمـل عتقـه ***** وآخر يستسعى وربـك أرحـمُ

وما رؤى الشيطان أغيظ في الورى ***** وأحقر منه عندهـا وهو الأمُ

وذاك لأمر قـد رآه فغـاظـه ***** فاقبل يحثو الترب غيظاً ويلطـمُ

لما عاينت عيناه من رحمة أتت ***** ومغفرة من عند ذي العرش تُقسمُ

بنى ما بنى حتى إذا ظن انهُ ***** تمكـن من بنيـانـه فهـو محكـمُ

أتى الله بنياناً له من أساسـه ***** فخـر عليـه سـاقطـاً يتهــدمُ


وأما قصيدة البُرعي فتقع في ثلاثة عشر بيت وهي جميله جداً من باب تصويره لشدة شوقه إلى مكة المكرمة وتمنيه حضور الموقف مع الحجيج فيقول فيها :

يا راحلين إلى منـى بقيـادي ***** هيجتم يوم الرحيـل فـؤادي

سرتم وسار دليلكم يا وحشتـي ***** الشوق أقلقني وصوت الحادي

حرمتم جفني المنـام ببعدكـم ***** يا ساكنين المنحنـى والـوادي

ويلوح لي ما بين زمزم والصفا ***** عند المقام سمعت صوت منادي

ويقول لي يا نائما جد السـرى ***** عرفات تجلو كل قلب صـادي

من نال من عرفات نظرة ساعة ***** نال السرور ونال كل مـرادي

تالله ما أحلى المبيت على منى ***** في ليل عيد ابرك الأعيـادي

ضحوا ضحاياهم وسال دماؤها ***** وأنا المتيم قد نحرت فـؤادي

لبسوا ثياب البيض شارات الرضى ***** وأنا الملوع قد لبست سوادي

يا رب أنت وصلتهم صلني بهـم ***** بحقكم يا رب فـك قيـادي

فإذا وصلتم سالميـن فبلغـوا ***** مني السلام أُهيل ذاك الوادي

قولوا لهـم عبد الرحيـم متيـم ***** ومفارق الأحبـاب والأولادي

صلى عليك الله يا علم الهدى ***** ما سار ركب أو ترنم حادي


وأما قصيدة أبي نواس – رحمه الله - فهي تعبر عن توبة وندم ممزوجة بالتلبية ولعلها من أخر قصائده التي تجلي ما قبلها من لغو الحديث ورفث الكلام وخاصة خمرياته فقد قال الله تعالى يحث الشعراء على التوبة : ( إلّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ اللَّهَ كَثِراً .. ) [ الشعراء : 227] .

وممن نقل هذه القصيدة الحافظ أبن عساكر في " تاريخ دمشق " بسنده عن ابن صفوان قال لما حج أبو نواس لبى فقال :



إلهنـا مـا أعدلـك ***** مليك كـل من ملـك

لبيك قـد لبيت لـك ***** لبيك إن الحمـد لـك

والملك لا شريك لـك ***** ما خاب عبد سـألك

لبيك إن الحمـد لـك ***** أنت لـه حيث سلـك

لولاك يا رب هلـك ***** لبي،ك أن الحمـد لـك

والملك لا شريك لـك ***** والليل لما إن حلـك

والسابحات في الفلـك ***** على مجاري المُنسلك

كـل نبـي وملـك ***** وكـل مـن أهل لـك

سبح أو صلى فلـك ***** لبيـك أن الحمـد لـك

والملك لا شريك لـك ***** يا مخطئا ما أغفلـك

عجل وبـادر املـك ***** واختم بخيـر عملـك

لبيك أن الحمد لـك ***** والملك لا شريـك لـك


موسى بن سليمان السليمان