أجمل ما قيل في الحج من الشعر
كثيراً ما أنشد الشُعراء في موسم الحج وتمنوا شهوده مع الحجيج فمنهم من أطال ومنهم من أوجز واختصر .
فمن أطل منهم أتى على وصف الحج ووقوف الناس بعرفات ورميهم للجمار والنحر وغير ذلك من مناسك الحج ومن أختصر منهم ذكر تشوقه وبعض المناسك بحسب ما تجود به قريحته .
ومن أجمل ما قراءة ثلاثة قصائد في الحج الأولى : وهي قصيدة مطولة لأبن القيم الجوزية – رحمه الله - المتوفى سنة ( 751هـ ) والثانية : قصيدة لشخص أسمه عبد الرحيم البُرعي – رحمه الله - لم أقف على ترجمه له في كتب التراجم ويقال أنه من أهل اليمن وقد لفظ أنفاسه عند أخر بيت منها – والله أعلم بحقيقة الأمر – أما الثالثة : فقصيدة لأبي نواس تعبر عن توبة في الحج .
أما قصيدة ابن القيم المسماة بـ" ميمية أبن القيم " فسوف أنقل منها جزءً يسيراً استحسنته لأنها طويلة تبلغ مائتان بيت تقريباً وقد كُتبت على تسع صفحات بالورق العادي يقول فيها :
فلله ذاك الموقف الأعظم الذي ***** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظمُ
ويدنو به الجبـار جل جلالـهُ ***** يباهي بهم أملاكـه فهو أكرمـوا
يقول عبادي قد أتوني محبـةً ***** وانـي بـهم بر أجـود وأرحـمُ
فأشهدكم أني غفرت ذنوبهـم ***** وأعطيتهـم مـا أمـلـوه وأنعـمُ
فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي ***** به يغفـر الله الذنـوب ويرحـمُ
فكم من عتيق فيه كمـل عتقـه ***** وآخر يستسعى وربـك أرحـمُ
وما رؤى الشيطان أغيظ في الورى ***** وأحقر منه عندهـا وهو الأمُ
وذاك لأمر قـد رآه فغـاظـه ***** فاقبل يحثو الترب غيظاً ويلطـمُ
لما عاينت عيناه من رحمة أتت ***** ومغفرة من عند ذي العرش تُقسمُ
بنى ما بنى حتى إذا ظن انهُ ***** تمكـن من بنيـانـه فهـو محكـمُ
أتى الله بنياناً له من أساسـه ***** فخـر عليـه سـاقطـاً يتهــدمُ
وأما قصيدة البُرعي فتقع في ثلاثة عشر بيت وهي جميله جداً من باب تصويره لشدة شوقه إلى مكة المكرمة وتمنيه حضور الموقف مع الحجيج فيقول فيها :
يا راحلين إلى منـى بقيـادي ***** هيجتم يوم الرحيـل فـؤادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتـي ***** الشوق أقلقني وصوت الحادي
حرمتم جفني المنـام ببعدكـم ***** يا ساكنين المنحنـى والـوادي
ويلوح لي ما بين زمزم والصفا ***** عند المقام سمعت صوت منادي
ويقول لي يا نائما جد السـرى ***** عرفات تجلو كل قلب صـادي
من نال من عرفات نظرة ساعة ***** نال السرور ونال كل مـرادي
تالله ما أحلى المبيت على منى ***** في ليل عيد ابرك الأعيـادي
ضحوا ضحاياهم وسال دماؤها ***** وأنا المتيم قد نحرت فـؤادي
لبسوا ثياب البيض شارات الرضى ***** وأنا الملوع قد لبست سوادي
يا رب أنت وصلتهم صلني بهـم ***** بحقكم يا رب فـك قيـادي
فإذا وصلتم سالميـن فبلغـوا ***** مني السلام أُهيل ذاك الوادي
قولوا لهـم عبد الرحيـم متيـم ***** ومفارق الأحبـاب والأولادي
صلى عليك الله يا علم الهدى ***** ما سار ركب أو ترنم حادي
وأما قصيدة أبي نواس – رحمه الله - فهي تعبر عن توبة وندم ممزوجة بالتلبية ولعلها من أخر قصائده التي تجلي ما قبلها من لغو الحديث ورفث الكلام وخاصة خمرياته فقد قال الله تعالى يحث الشعراء على التوبة : ( إلّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ اللَّهَ كَثِراً .. ) [ الشعراء : 227] .
وممن نقل هذه القصيدة الحافظ أبن عساكر في " تاريخ دمشق " بسنده عن ابن صفوان قال لما حج أبو نواس لبى فقال :
إلهنـا مـا أعدلـك ***** مليك كـل من ملـك
لبيك قـد لبيت لـك ***** لبيك إن الحمـد لـك
والملك لا شريك لـك ***** ما خاب عبد سـألك
لبيك إن الحمـد لـك ***** أنت لـه حيث سلـك
لولاك يا رب هلـك ***** لبي،ك أن الحمـد لـك
والملك لا شريك لـك ***** والليل لما إن حلـك
والسابحات في الفلـك ***** على مجاري المُنسلك
كـل نبـي وملـك ***** وكـل مـن أهل لـك
سبح أو صلى فلـك ***** لبيـك أن الحمـد لـك
والملك لا شريك لـك ***** يا مخطئا ما أغفلـك
عجل وبـادر املـك ***** واختم بخيـر عملـك
لبيك أن الحمد لـك ***** والملك لا شريـك لـك
موسى بن سليمان السليمان
أجمل ما قيل في الحج من الشعر بقلم:موسى بن سليمان السليمان
تاريخ النشر : 2007-12-15