مفهوم السعادة في الفكر الإسلامي بقلم:د. جميل حمداوي
تاريخ النشر : 2007-12-11
مفهوم السعادة في الفكر الإسلامي

ً

الدكتور جميل حمداوي

تمهيــــد:

تعد السعادة من أهم المحاور التي انشغل بها الفكر الإسلامي إلى جانب إشكالية العقل والنقل وإشكالية الظاهر والباطن والتوفيق بين الدين والفلسفة وخلق العالم وخلق القرآن وحشر الأجساد وعلم الله بالكليات والجزئيات ، بله عن الأصول الجدلية التي ناقشها علماء الكلام بعد الفتنة الكبرى وخاصة من قبل المرجئة والخوارج والماتريدية والمعتزلة والأشاعرة كالتوحيد والوعد والوعيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولايعني هذا أن مبحث السعادة مقتصر على الفكر الإسلامي فقط، بل تنوولت السعادة قديما من قبل الفلسفة اليونانية، وحديثا مع الفلسفات الإنسية والفلسفات المعاصرة، وقلما نجد فيلسوفا لم يتناول السعادة في كتبه الفلسفية أو يعالجها ضمن نسقه الفلسفي. وغالبا ماكانت السعادة تدرس في مبحث الأكسيولوجيا( القيم) إلى جانب العدل والخير والحق والجمال.

إذاً، ما هي السعادة لغة واصطلاحا؟ وهل تقترن السعادة بالجسد أم بالعقل أم بالقلب أم بكل هذه العناصر قاطبة؟ وهل تكون السعادة بالانعزال والخلوة والتفرد أم بالتجمع والتمدن والتعاون؟ وبتعبير آخر: هل السعادة هي سعادة المدينة أم سعادة الفرد؟ وهل هي سعادة فردية أم جماعية؟ تلكم هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في موضوعنا هذا.

1- مفهـــوم السعادة في اللغة:

أ- السعـــادة لغة:

تشتق كلمة السعادة من فعل سعد وأسعد ، ومن توابعها المعجمية السعد والسعودة والسعود. ومن ثم ، فكلمة :" السعد - عند ابن منظور صاحب " لسان العرب" - اليمن، والسعودة: النحوسة، والسعادة : خلاف الشقاوة،وقد سعد يسعد سعدا وسعادة، فهو سعيد:نقيض شقي، وسعد: فهو مسعود، والجمع سعداء. قد سعده الله وأسعده وسعد جده وأسعده:أنماه. والسعد والسعود: الكواكب التي يقال لها لكل واحد منها سعد كذا، والإسعاد: المعونة. والمساعدة: المعاونة. وساعده مساعدة وسعادا وأسعده:أعانه. واستسعد الرجل برؤية فلان:أي عده سعدا. وسعديك: أي إسعادا لك بعد إسعاد. وساعدة الساق شظيتها. والساعد: ملتقى الزندين. وجمع الساعد سواعد: مجرى المخ في العظام؛ والسواعد: مجاري الماء إلى النهر أو البحر. والساعدة: خشبة تنصب لتمسك البكرة، والساعد: إحليل خلف الناقة وهو الذي يخرج منه اللبن؛ وقيل: السواعد عروق في الضرع يجيء منها اللبن إلى الإحليل. وسعيد المزرعة: نهرها الذي يسقيها. والسعيدة: اللبنة لبنة القميص.".

ونفهم من هذه الدلالات اللغوية أن السعادة نقيض الشقاء والبؤس والنحس، وأنها بمعنى الرضى والبركة والخير والنماء واليمن والارتواء والإشباع، وتحيل كذلك على المساعدة والعمل والأساس والتعاون. وبهذا، تكون السعادة هي تحقيق اللذة والخير عن طريق التدبير والعمل المثمر والتعاون الجماعي.

ب- السعــادة اصطلاحا:

من الصعب جدا تعريف السعادة تعريفا شاملا وموحدا؛ لأن مفهوم السعادة يختلف من فيلسوف إلى آخر، كما أن السعادة مفهوم مجرد يتجاوز نطاق ماهو حسي وماهو معقول إلى ماهو خيالي. وبالتالي، يصعب الإحاطة بكل ماهو خيالي ، وتطويقه بكل دقة وضبط، وحصره في مجموعة من التعاريف والخاصيات . لذا، ينتج عن هذا المفهوم مجموعة من الإشكاليات ومجموعة من الأجوبة التي يصعب تحديدها. وقد صدق شامفور حينما قال:" السعادة ليست بالأمر الهين ، فمن الصعب أن نعثر عليها في دواخلنا، ومن المستحيل أن نعثر عليها في الخارج".

ومن ناحية أخرى، فالسعادة في المفهوم الفلسفي العام هي حالة إرضاء وجودي قد يكون ماديا أو عقليا أو وجدانيا، وتترابط هذه السعادة بالخير والعدل والواجب والعقل والقلب والجمال والوجود والفضيلة والكمال. كما أن السعادة هي أقصى المراتب التي ينبغي أن تصل إليها الذات البشرية الكائنة من أجل فرض إنيتها وتحقيق وجودها الأنطولوجي والأكسيولوجي ( الأخلاقي).

ومن المعلوم أن السعادة تختلف من حقل معرفي إلى آخر ، فتختلف من السيكولوجيا إلى السوسيولوجيا، ومن البيولوجيا إلى السياسة، ومن الميتافيزيقا إلى الإسطيطيقا (علم الجمال).

2- سعـــادة الجسد أم سعادة العقل أم سعادة القلب؟

تقوم السعادة البشرية على إرواء رغبات الجسد واستهواء نوازع النفس الشهوانية، كما ترتكن هذه السعادة إلى إشباع العقل بلذة الفلسفة والمنطق وامتلاك المعارف والعلوم والفنون، كما تتجاوز هذه السعادة ماهو حسي وعقلي إلى ماهو لدني وحدسي وعرفاني وجداني من خلال إشباع الروح وتهذيبها بالنور الرباني واللقاء الإشراقي.

أ‌- سعــــادة الجسد:

كثير من الناس و رعاع القوم يعتقدون أن السعادة الحقيقية هي أن يشبع المرء غرائز الجسد وشهوات الذات، وأن يفرط في الأكل والشرب والاستمتاع بمتع الغرائز وشهوات الحس. بيد أن هذه السعادة المادية الخسيسة يجاري فيها الحيوان الإنسان، بل يتفوق عليه كثيرا. ومن ثم، يصبح الإنسان بناء على ذلك حيوانا ماديا ليس إلا.

هذا، و لايمكن أن يتميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى غير الناطقة وغير العاقلة إذا كان ميسم التمييز والتفريد هو إشباع اللذات والرغبات الجسدية وإرواء النزوات وإرضاء غرائز الشهوة البشرية المتقدة. ومن هنا، يتحول عالم الإنسان ومدينته إلى مملكة للفوضى وغابة للتصارع الحيواني والتطاحن الوحشي حول تحقيق المتع الجسدية والنفسية سواء أكانت شعورية أم لاشعورية وإشباع كل نوازع الذات وشهوات الحس.

ويذهب أحمد بن مسكويه (320-421هـ) إلى أن الذين يربطون حياتهم فوق هذه البسيطة بالمتع المادية وإتيان الملذات الدنيئة وإمتاع النفس الحسية فهم أشبه بالحيوانات التي لاتعرف في هذه الحياة إلا بإرواء أجسادها وإشباع رغباتها . بقول ابن مسكويه:" وقد ظن قوم أن كمال الإنسان وغايته هما في اللذات الحسية، وأنها هي الخير المطلوب والسعادة القصوى.

وظنوا أن جميع قواه الأخرى إنما ركبت فيه من أجل هذه اللذات، والتواصل إليها، وأن النفس الشريفة التي سميناها ناطقة إنما وهبت له ليرتب بها الأفعال ويميزها، ثم يوجهها نحو هذه اللذات، لتكون الغاية الأخيرة هي حصولها له على النهاية والغاية الجسمانية.

وهذا هو رأي الجمهور من العامة الرعاع، وجهال الناس السقاط... وسيظهر عند ذلك أن من رضي لنفسه بتحصيل اللذات البدنية، وجعلها غايته، وأقصى سعادته، فقد رضي بأخس العبودية، لأخس الموالي. لأنه يصير نفسه الكريمة...عبدا للنفس الدنيئة، التي يناسب بها الخنازير، والخنافس، والديدان، وخسائس الحيوانات التي تشاركه في هذا الحال."

إذاً، يهاجم ابن مسكويه رعاع الناس الذين لايرون السعادة إلا في متعة الأكل وحلاوة الشراب وعسلية الجماع وإشباع الغرائز، فهؤلاء يحطمون نفسيتهم البشرية الناطقة الحية بسفاسف الأمور الدنيئة وبمتع الدنيا ولذات العاجلة، ويربطونها أيضا بالنفس الحيوانية الساقطة القابلة للزوال باندثار الجسد، ويكون مصيرها وجزاؤها مرتبطا بمصير الدناءة والجسد الراغب، ولا تشريف لهذه النفس ولا تمجيد، مادامت قد اختارت نطاق الذات وإسار الجسد وقيد الرغبة المادية الفانية الزائلة.

وهكذا، فالفضيلة العليا والكمال الأسمى والسعادة الحقيقية لاتنال باللذات الحسية والرغبات المادية ، وإنما بالعقل الذي يعد أفضل مرتبة من الجسد. وقد أورد فخر الدين الرازي في كتابه" النفس والروح" عدة حجج للتسفيه بسعادة البدن المرتبطة بدفع الآلام وقضاء الحاجات مع تفضيل سعادة العقل والذهن التي تحقق للإنسان سموه وكماله وترفعه إلى مراقي الفضيلة والخير الأسمى. يقول الرازي في الحجة الثالثة: " إن الإنسان يشاركه في لذة الأكل والشرب جميع الحيوانات، حتى الخسيسة منها. فلو كانت هي السعادة والكمال، لوجب ألا يكون للإنسان فضيلة في ذلك على الحيوانات(...)".

ويقول في الحجة الرابعة:" إن هذه اللذات الحسية، إذا بحث عنها، فهي ليست لذات، بل حاصلها يرجع إلى دفع الآلام، والدليل عليه أن الإنسان كلما كان أكثر جوعا. كان الالتذاذ بالأكل أتم. وكلما كان الجوع أقل كان الالتذاذ بالأكل أقل(...) ولما ثبت أن هذه اللذات الجسمانية لاحاصل لها إلا بدفع الألم، فنقول: سعادة الإنسان ليست عبارة عن دفع الآلام، لأن هذا المعنى كان حاصلا عند عدمه، فثبت أن السعادة الحقيقية للإنسان أمر مغاير لهذه الأحوال(...)"

و يقول في الحجة الثامنة: " كل شيء يكون في نفسه كمالا وسعادة، وجب ألا يستحيي من إظهاره، بل يجب أن يفتخر بإظهاره. يتبجح بفعله. ونحن نعلم بالضرورة أن أحدا من العقلاء لايفتخر بكثرة الأكل ولا الشرب(...) وكل هذا يدل على أن ذلك الفعل ليس من الكمالات ولا من السعادات."

وهكذا، نستنج بأن الفلاسفة قد استهجنوا سعادة الجسد وربطوها بسعادة الحيوان والبهائم، واعتبروا أن سعادة الإنسان المتكاملة تتكئ على ميسم العقل والحكمة أولا، والاهتداء بهدي الشريعة وآيات الذكر الحكيم ثانيا.

ب‌- سعـــــادة العقــــل:

إذا كان رعاع القوم وجهالهم يرون أن السعادة تكمن في إشباع لذات الجسد ورغبات الحس، فإن الفلاسفة المسلمين يرون أن السعادة الحقيقية تتجلى في إرواء لذة العقل وإشباع الذهن المنطقي بالعلوم والمعارف والفنون وخاصة النظرية منها. ويعني هذا أن الفلاسفة بما فيهم الكندي والفارابي وابن مسكويه وابن رشد يرون أن السعادة الحقيقية تتمثل في طلب الفلسفة والحكمة ومزاولة العلوم المنطقية والنظرية قصد الوصول إلى الحقيقة البرهانية اليقينية الصادقة. وبالتالي، فالسعادة العقلية أفضل بكثير من السعادة الجسدية والرغبات الحسية الدنيئة المرتبطة بإشباع غرائز النفس وشهوات الانفعال وأهواء الذات الخسيسة. ومن ثم، فالسعادة هي أسمي ما يتمنى المرء أن يدركها، فهي الفضيلة والكمال. وينبغي للإنسان ألا يبحث عن السعادة إلا من أجلها مادامت تقترن بالخير وتمام الخلق وأنها أفضل الغايات، كما أنها هي نهاية الكمال الإنساني حيث لايحتاج الإنسان بعدها لأي شيء:" أما أن السعادة هي غاية مايتشوقها كل إنسان، وأن كل من ينحو بسعيه نحوها؛ فإنما ينحوها على أنها كمال ما؛ فذلك مالا يحتاج في بيانه إلى قول، إذ كان في غاية الشهرة، وكل كمال وكل غاية يتشوقها الإنسان، فإنما يتشوقها على أنها خير ما، فهو لامحالة مؤثر. ولما كانت الغايات التي تتشوق على أنها خيرات مؤثرة كثيرة، كانت السعادة أجدى الخيرات المؤثرة."

ويرى الفارابي أن السعادة لاتكون بالمنافع الحسية ولذة التملك ، بل بالفلسفة التي ننال بها السعادة والكمال والفضيلة الكلية الكبرى، ولا تتم الفلسفة إلا بتشغيل العقل والمنطق اللذين يساعدان العارف الحكيم على التمييز بين الأشياء وإدراك الصواب من الخطإ واصطفاء الخير من الشر والحق من الباطل. ومن هنا، فالعقل هو السبيل الوحيد لتحقيق السعادة وإدراك الفضيلة وتذوق الحكمة اليقينية على غرار التصور الأفلاطوني والأرسطي للسعادة. ويعد المنطق وهو آلة تعصم الذهن من الوقوع في الخطإ من الآليات المهمة لتحقيق السعادة الدنيوية والأخروية. وفي هذا الصدد يقول الفارابي:" ولما كانت السعادات إنما ننالها متى كانت لنا الأشياء الجميلة قنية؛ وكانت الأشياء الجميلة إنما تصير قنية بصناعة الفلسفة فلازم ضرورة أن تكون الفلسفة هي التي بها ننال السعادة؛فهذه هي التي تحصل لنا بجودة التمييز، وكانت جودة التمييز إنما تحصل بقوة الذهن على إدراك الصواب. كانت قوة الذهن حاصلة لنا قبل جميع هذه. وقوة الذهن إنما تحصل متى كانت لنا قوة بها نقف على الحق إنه حق بيقين فنعتقده، وبها نقف على ماهو باطل إنه باطل بيقين فنجتنبه، ونقف على الباطل الشبيه بالحق فلا نغلط فيه، ونقف على ماهو حق في ذاته وقد أشبه الباطل: فلا نغلط فيه ولا ننخدع فيه. والصناعة التي بها نستفيد هذه القوة تسمى صناعة المنطق.

وهذه الصناعة هي التي بها يوقف على الاعتقاد الحق؛ أي ماهو، وعلى الاعتقاد الباطل؛ أي ماهو(...) ولما كانت الخيرات التي هي للإنسان؛ بعضها أخص وبعضها أقل خصوصا، وكان أخص الخيرات بالإنسان عقل الإنسان؛ إذ كان الشيء الذي به صار إنسانا هو العقل".

وهكذا، يعتبر الفلاسفة أن السعادة المطلقة هي سعادة العقل الذي به يدرك الإنسان ذاته ووجوده، وبه يدرك خالق هذا العالم وصانعه وفاطره من خلال تدبر المصنوعات والمخلوقات الدالة على وجود الله ووحدانيته.

ج‌- سعـــــادة الروح:

إذا كان الفلاسفة يحصرون السعادة في العقل وممارسة الحكمة والفلسفة وتشغيل المنطق للوصول إلى السعادة اليقينية الحقيقية، فإن المتصوفة كابن عربي وابن سينا والغزالي والسهروردي يرون أن السعادة الحقيقية المثالية هي سعادة الروح ، وتطهير النفس الإنسانية من براثن الجسد والحس، وتجاوز العقل والظاهر نحو استكناه الباطن واستجلاء الوجدان والروح، وتحلية النفس من كل قيود الحس وشواغل الدنيا استعدادا للخلوة واللقاء الرباني والارتماء بين أحضان الذات المعشوقة والخضوع لها شوقا وحبا، والاستسلام لها شوقا وحنينا، والميل إليها رغبا ورهبا.

بيد أن السعادة الصوفية لا تنال بسهولة ويسر ، بل لابد من الصعود والترقي في مجموعة من المراقي والمدارج الصوفية عبر المرور بالعديد من المقامات والأحوال عبر السفر الروحاني إما بواسطة شيخ عارف وإما بواسطة قطب عالم وإما بصحبة صاحب مجرب. ولابد للمريدين أن يمروا من ثلاث مراحل كبرى وهي: التحلية والتخلية واللقاء. وتتطلب كل مرحلة نوعا من الصبر والتجلد وبذل المجهود الكبير من أجل نيل رضى الله والاستمتاع باللقاء والكشف الرباني.

ويرى ابن سينا أن السعادة الحقيقية لاتكون لا بالحس ولا بالبرهان، بل تكون بالتحلل من إسار الجسد والاتصال بالعالم القدسي النوراني، والسبيل في ذلك هو القلب والروح وتطهير النفس الناطقة، وفي هذا يقول ابن سينا:" وأما إذا انفصلنا عن البدن، وكانت النفس منا قد تنبهت، وهي في البدن، لكمالها الذي هو معشوقها، ولم تحصله وهي بالطبع نازعة إليه، إذ عقلت بالفعل أنه موجود، إلا أن اشتغالها بالبدن، كما قلنا، قد أنساها ذاتها ومعشوقها... عرض لها حينئذ من الألم بفقدانه كفء مايعرف من اللذة التي أوجبنا وجودها، ودللنا على عظم منزلتها، فيكون ذلك هو الشقاوة والعقوبة...فيكون مثلنا حينئذ مثل الخدر(...) أو الذي عمل فيه نار أو زمهرير، فمنعت المادة الملابسة في وجه الحس من الشعور به فلم يتأذ، ثم عرض أن زال العائق فشعر بالبلاء العظيم.

وأما إذا كانت القوة العقلية بلغت من النفس حدا من الكمال، يمكنها به إذا فارقت البدن أن تستكمل الاستكمال التام الذي لها أن تبلغه، كان مثلها مثل الخدر الذي أذيق المطعم الألذ وعرض للحال الأشهى. وكان لا يشعر به فزال عنه الخدر، فطالع اللذة العظيمة دفعة. وتكون تلك اللذة لا من جنس اللذة الحسية والحيوانية بوجه، بل لذة تشاكل الحال الطيبة التي للجواهر الحية المحضة، وهي أجمل من كل لذة وأشرف فهذه هي السعادة وتلك هي الشقاوة."

ويصرح السهروردي بأن السعادة الصوفية لن تكون إلا بالجذبة والاقتداء بقطب المشيخة وتزكية النفس والاقتداء بالنبي ( صلعم) والأخذ بتجربة الشيخ العارف قصد الوصول إلى مرتبة الكشف والتجلي واللقاء بالذات الربانية المعشوقة . ومن ثم، لا تتحقق السعادة الكلية إلا بالكشف والوصال والتجلي:" والسالك الذي تدورك بالجذبة هو الذي كانت بدايته بالمجاهدة والمكابدة والمعاملة بالإخلاص والوفاء بالشروط، ثم أخرج من وهج المكابدة إلى روح الحال، فوجد العسل بعد العلقم، وتروح بنسمات الفضل، وبرز من مضيق المكابدة على متسع المساهلة، وأونس بنفحات القرب وفتح له باب من المشاهدة فوجد دواءه وفاض وعاؤه، وصدرت منه كلمات الحكمة ومالت إليه القلوب، وتوالى عليه فتوح الغيب وصار ظاهره مسددا وباطنه مشاهدا.... ومن صح في المقام الذي وصفناه هو الشيخ المطلق والعارف المحقق والمحبوب المعتق، نظره دواء وكلامه شفاء، بالله ينطق وبالله يسكت، كما ورد" ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت له سمعا وبصيرا ومؤيدا، بي ينطق وبي يبصر"، فالشيخ يعطي بالله ويمنع بالله."

ويذهب ابن عربي إلى أن السعادة لاتدرك بالحس والعقل، بل بالقلب ووجدان العارف ورؤيا الولي الصالح ، أي إن السعادة تكون بالتجربة الصوفية وقلب العارف واستحضار الباطن والتغزل بالذات المعشوقة عير العرفان و التجلي والكشف الرباني:" اعلم أن القلب- أعني قلب العارف بالله- هو من رحمة الله.... وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لايسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه العارف إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لايمكن له أن ينظر معه إلى غيره....

وإذا كان الحق يتنوع بتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لايفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.....

فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه."

وهكذا، يستند مفهوم السعادة عند الصوفية إلى استقراء أحوال القلب ونشدان اللذة الروحانية وتفجير المعرفة اللدنية الوجدانية التي تتجاوز الظاهر إلى الباطن، وتتعدى النص والعقل معا إلى العرفان والحدس الجواني.

3- هل السعادة فردية أم جماعية؟

يرى المتصوفة والزهاد أن السعادة ذات طابع فردي ، تكون حقيقة مستشعرة من خلال التخلص من شوائب الحس وإسار الجسد وقيود المادة وشرور الدنيا، والانعتاق من كل ما يمت بصلة إلى الحياة العاجلة واستبدالها بالحياة الأخروية الآجلة. لذلك نجدهم يهربون من شواغل الدنيا ويزهدون في الحياة وينعزلون في الفيافي والجبال والمغارات والكهوف والصوامع، يعبدون الله ويناجون الذات الربانية تاركين الدنيا لأصحاب الدنيا الذين يريدون السلطة والثراء والاستمتاع بمباهج الحياة ولذات العاجلة. و الهدف من هذا الانعزال والخلوة العرفانية هو التقرب من الله والاعتكاف قصد الاستمتاع بالأنوار القدسية الربانية والحصول على الانكشاف الإلهي عبر التجلي والإشراق والإلهام العرفاني والوصال اللدني. ويمارس هؤلاء هذه السعادة الانعزالية حبا واختيارا ورغبة في الفوز بالجنة والرضى الرباني . ويقول ابن سينا عن هؤلاء بأنهم:" العارفون المنزهون.... الذين انفكوا عن الشواغل، فخلصوا إلى عالم القدس والسعادة، وانتقشوا بالكمال الأعلى، وحصلت لهم اللذة العليا...". إذاً، يقرن ابن سينا السعادة الحقيقية بالتخلص من الدنيا وشواغل الحياة وهموم العاجلة، وأن التفرد والزهد الصوفي عنده هو الملاذ الأخير والحقيقي لنيل الفضيلة والكمال والسعادة المطلقة.

ويذهب الغزالي في كتابه " المنقذ من الضلال" إلى أن سعادة الآخرة لاتكتمل إلا بالخلوة والعزلة والمكاشفة والتقوى و استعمال القلب في إدراك الحقائق الربانية بدلا من تشغيل العقل الفسلفي الذي يقصر عن إدراك كنه الغيبيات واسكناه الذات الربانية المعشوقة:" ظهر لي أنه لامطمح لي في سعادة الآخرة إلا بالتقوى وكف النفس عن الهوى، وأن رأس ذلك كله قطع علاقة القلب عن الدنيا بالتجافي عن دار الغرور... ثم لاحظت أحوالي، فإذا أنا منغمس في العلائق، وقد أحدقت بي من الجوانب ؟ ولاحظت أعمالي- وأحسنها التدريس والتعليم- فإذا أنا فيها مقبل على علوم غير مهمة ولا نافعة في طريق الآخرة... و كانت حوادث الزمان، ومهمات العيال، وضرورات المعاش، تغير في وجه المراد، وتشوش صفوة الخلوة...

وانكشف لي في أثناء هذه الخلوات أمور لايمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره لينتفع به: إني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق....

ثم إني لما واظبت على العزلة والخلوة...بان لي ذلك على الضرورة من أسباب لا أحصيها، مرة بالذوق، ومرة بالعلم البرهاني، ومرة بالقول الإيماني، أن الإيمان خلق من بدن وقلب... وأن البدن له صحة بها سعادته ومرض فيه هلاكه، وأن القلب كذلك له صحة وسلامة... وله مرض فيه هلاكه الأبدي والأخروي... وكما أن أدوية البدن تؤثر في كسب الصحة بخاصية فيها لايدركها العقلاء ببضاعة العقل، بل يجب فيها تقليد الأطباء الذين أخذوها من الأنبياء الذين اطلعوا بخاصية النبوة على خواص الأشياء، فكذلك بان لي على الضرورة بأن أدوية العبادات بحدودها ومقاديرها المحدودة المقدرة من جهة الأنبياء لايدرك وجه تأثيرها ببضاعة عقل العقلاء، بل يجب فيها تقليد الأنبياء الذين أدركوا تلك الخواص بنور النبوة لاببضاعة العقل."

لكن الفلاسفة لايؤمنون بالانعزال وسعادة الخلوة والتفرد بعيدا عن الاجتماع المدني ؛ لأن الإنسان كما قال أرسطو حيوان اجتماعي لايمكن أن يعيش بمفرده، فلابد أن يندمج داخل المجتمع، وكما قال ابن خلدون: الإنسان مدني بطبعه ، يتعاون مع أخيه الإنسان ويجتمع به درءا للوحدة والعزلة وميلا إلى خدمة المجتمع وتدبير المدينة.

ويرى ابن مسكويه أن السعادة لاتتم إلا بالاجتماع والتعاون والمشاركة في بناء المجتمع بدلا من الفرار والهروب إلى الأماكن المنعزلة من أجل الاختلاء والاعتكاف؛ لأن الله لايمكن أن يحاسب هؤلاء مادامت أفعالهم معطلة. وبالتالي، فالمؤمن القوي أحسن من المؤمن الضعيف، أي إن الذي يتعارك داخل المدينة ويساهم في تدبيرها وبنائها أفضل من الذي يهرب بعيدا ليتقرب من الله ؛ لأن أفعاله غير خاضعة للامتحان والمحاسبة، و يقول ابن مسكويه في هذا السياق:" كيف يؤثر العاقل لنفسه التفرد والتخلي وتعاطي مايرى الفضيلة في غيره؟ فإذا، القوم الذين رأوا الفضيلة في الزهد وترك مخالطة الناس وتفردوا عنهم، إما بملازمة المغارات في الجبال، وإما ببناء الصوامع في المفاوز، وإما بالسياحة في البلدان. لايحصل لهم شيء من الفضائل الإنسانية... وذلك أن من لم يخالط الناس ويساكنهم في المدن لاتظهر فيه العفة ولا النجدة ولا السخاء ولا العدالة، بل تصير قواه وملكاته التي ركبت فيه باطلة لأنها لاتتوجه لا إلى الخير ولا إلى شر، فإذا بطلت ولم تظهر أفعالها الخاصة بها صاروا بمنزلة الجمادات أو الموتى من الناس.

ولذلك يظنون ويظن بهم أنهم أعفاء وليسوا بأعفاء، وأنهم عدول وليسوا بعدول. وكذلك في سائر الفضائل، أعني أنه إذا لم يظهر منهم أضداد هذه التي هي الشرور ظن بهم الناس أنهم أفاضل. وليست الفضائل أعداما، بل هي أفعال وأعمال تظهر عند مشاركات الناس ومساكنتهم وفي المعاملات وضروب الاجتماعات. ونحن إنما نعلم ونتعلم الفضائل الإنسانية التي نساكن بها الناس ونخالطهم، لنصل منها وبها إلى سعادات أخر".

ويرى الفارابي في كتابه" آراء أهل المدينة الفاضلة" أن السعادة لاتتم إلا بالمدينة وتدبيرها على أحسن وجه ، والمدينة أعم من الاجتماع وأحسن منه، وإذا تحققت المدينة الفاضلة تحققت السعادة، والمدينة الفاضلة هي التي تنبني على الإعماروالعمل الجاد والاجتماع الفاضل والتمدين والتعاون والتدبير الحسن والاحتكام إلى العقل والمنطق وحب الفلسفة والحكمة، ويقودها ملك أو فيلسوف ، وتظهر كالجسد الواحد في تعاونها وتضامنها، وفي هذا السياق يقول المعلم الثاني:" ينبغي أن تنشأ مدينة...يوجد فيها وفي أمثالها العدل بالحقيقة، والخيرات التي هي بالحقيقة خيرات كلها. وتكون هذه المدينة مدينة لايفوتها شيء مما ينال به أهلها السعادة إلا وجد فيها. وأن هذه المدينة يلزم من فيها إن كان مزمعا أن يوجد فيها جميع ماتنال به السعادة، أن تكون المهنة الملكية التي فيها هي الفلسفة على الإطلاق، وأن الفلاسفة يكونون أعظم أجزائها، ثم يليهم سائر أهل المراتب" .

أما المدينة الجاهلة حسب الفارابي فهي مدينة الظنون والأوهام والمعتقدات الفاسدة ، حيث يهتم أصحابها باللذات الحسية والمتع الجسدية ، وهناك مضادات أخرى للمدينة الفاضلة كالمدينة الفاسقة والمدينة المبدلة والمدينة الضالة. يقول الفارابي موضحا معالم المدينة الفاضلة:" فالخير الأفضل والكمال الأقصى إنما ينال أولا بالمدينة، لا بالاجتماع الذي هو أنقض منها. ولما كان شأن الخير في الحقيقة أن يكون ينال بالاختيار والإرادة، وكذلك الشرور إنما تكون بالإرادة والاختيار، أمكن أن تجعل المدينة للتعاون على بلوغ بعض الغايات التي هي شرور، فلذلك كل مدينة يمكن أن ينال بها السعادة. فالمدينة التي يقصد بالاجتماع فيها التعاون على الأشياء التي تنال بها السعادة في الحقيقة، هي المدينة الفاضلة. والاجتماع الذي به يتعاون على نيل السعادة هو الاجتماع الفاضل. والأمة التي تتعاون مدنها كلها على ماتنال به السعادة هي الأمة الفاضلة. وكذلك المعمورة الفاضلة، إنما تكون إذا كانت الأمم التي فيها تتعاون على بلوغ السعادة.

والمدينة الفاضلة تشبه البدن التام الصحيح، الذي تتعاون أعضاؤه كلها على تتميم حياة الحيوان، وعلى حفظها عليه. وكما أن البدن أعضاؤه مختلفة متفاضلة الفطرة والقوى، وفيها عضو واحد رئيس وهو القلب، وأعضاؤه تقرب مراتبها من ذلك الرئيس... وكذلك المدينة، وأجزاؤها مختلفة الفطرة، متفاضلة الهيآت. وفيها إنسان هو رئيس وآخر يقرب مراتبها من الرئيس...ثم هكذا تترتب أجزاء المدينة إلى أن تنتهي إلى آخر يفعلون أفعالهم على حسب أغراضهم، فيكون هؤلاء هم الذين يخدمون ولا يخدمون ويكونون في آخر المراتب، ويكونون هم الأسفلين."

يتجاوز الفارابي أو المعلم الثاني طرح ابن سينا وطرح الزهاد الذين يقرنون السعادة والكمال بالتفرد وترك شواغل الدنيا والاتكال على الله قصد نيل مرضاة سبحانه تعالى ، وذلك بربط السعادة بتدبير المدينة وتفعيلها لتكون مدينة صالحة فاضلة قوامها العقل والحكمة والاستهداء بالشرع الرباني، ولايمكن بالتالي، أن يتحقق" خير الإنسان إلا داخل المدينة. ولن يبلغ الإنسان السعادة إذا ماهو اقتصر على مجهوده الفردي في تقويم نفسه واتباع طريق الخير ونواهي الأخلاق وأوامر الدين. فما تنهي عنه الأخلاق وما يأمر به الدين- حسب الباحث المغربي بنعبد السلام بن عبد العالي- قد يظل مجرد شعارات جوفاء إن لم تعاضده تنظيمات السياسة. إن زوال الشرور عن المدن وعن الأمم مرهون بوجود مجتمعات متفاضلة الأجزاء ترتبط مراتبها بالمحبة وتجتمع في الرأي، ويحتل كل منها مكانته اللائقة به ليعمل الكل في انسجام وتناسق. ولن يكون ذلك ممكنا إلا إذا كانت هناك رئاسة ترتب المدينة وتحفظ تماسكها. وينبغي أن تقوم هاته الرئاسة على آراء صائبة وتعتمد البراهين اليقينية، وهذا لا يتأتى إلا بمعرفة الفلسفة وإتقانها وإدراك ماعليه الكون ومدبره. ولكن من شأن هذا أن يجعل رئيس المدينة بعيدا عن العامة لايتكلم بلغتها، لذا وجب على هذا الحاكم الحكيم أن يكون أيضا نبيا وواضع نواميس."

وعليه، فإذا كان المتصوفة قد انشغلوا بالخلوة والزهد الفردي، فإن الفلاسفة الذين تأثروا بفلسفة أفلاطون وأرسطو السياسية والاجتماعية ، كانوا لايحبذون عرفانية التفرد والخلوة والانعزال عن الناس، والابتعاد السلبي عن المشاركة في تدبير المدينة والمساهمة في تسيير دواليبها وإصلاحها على جميع الأصعدة والمستويات ، ولاسيما أن المدينة في حاجة ماسة إلى أبنائها المثقفين لتفعيلها وتنشيطها وتقوية أركانها والحفاظ على أمنها وتنوير أبنائها.

خاتمــــة:

نستنتج مما سلف ذكره أن السعادة عند عامة الناس مرتبطة بإشباع رغبات الجسد وإرواء الذات الحسية المادية عن طريق الأكل والشرب وإمتاع الغرائز وإشباع الشهوات واللذات الحسية، بينما السعادة عند الفلاسفة مقترنة بالعقل والمنطق والاشتغال بالفلسفة من أجل معرفة المعقولات والخالق الصانع. أما السعادة عند المتصوفة فتنبني على الباطن والعرفان الروحاني والمعرفة اللدنية والارتماء بين أحضان الذات المعشوقة انكشافا ووصالا وتجليا. لكن السعادة الحقيقية لايمكن أن تقتصر على عنصر دون آخر، فالسعادة في الحقيقة هي نسق متكامل ، فالإنسان لايمكن أن يعيش بالقلب وحده، ولا بالجسد وحده، ولا بالعقل وحده، أي إن الإنسان جسد وعقل وقلب. ومن ثم، لابد أن يستمتع الإنسان باعتباره كائنا بشريا بالمكونات الثلاث للسعادة الحقيقية، لأن الإنسان ذو نوازع مادية وعقلية وروحانية، وعليه أن يوفق بين هذه المظاهر الثلاثة بكل توازن ووسطية بدون تقتير ولا تفريط.

وإذا كانت السعادة عند الصوفية والزهاد ذات طابع فردي قوامها التخلي عن شواغل الدنيا وهموم حياة العاجلة، فإن الفلاسفة يربطون السعادة بالاجتماع وتدبير المدينة، ولكن السعادة الفضلى قد تتحقق بالتفرد تارة، وقد تتحقق كذلك بالاجتماع و الانصهار في وحدة المدينة تارة أخرى.

ملاحظـــــة:


جميل حمداوي، صندوق البريد 5021 أولاد ميمون، الناظور، 62002، المغرب

[email protected]

www.jamilhamdaoui.com

الهوامــــش:

- ابن منظور: لسان اللسان، تهذيب اللسان، هذبه بعناية المكتب الثقافي لتحقيق الكتاب، الجزء الأول، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1993م، ص: 599؛

- أحمد بن مسكويه: تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، مكتبة الثقافة الدينية، بدون تاريخ، صص:49-51؛

- فخر الدين الرازي: كتاب النفس والروح، مذكور في كتاب الفكر الأخلاقي العربي، نصوص لماجد فخري، صص:197-200؛

- الفارابي: كتاب التنبيه على سبيل السعادة، تحقيق وتعليق: الدكتور جعفر آل ياسين، دار المناهل، ط2، 1987م، ص:49؛

- الفارابي: كتاب التنبيه على سبيل السعادة، ص:77-78؛

- ابن سينا: النجاة في معاد الأنفس الإنسانية، القسم الثالث: في الحكمة الإلهية، نقحه وقدم له: ماجد فخري، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، لبنان، الطبعة 1، 1985م، صص:326-330؛

- السهروردي: كتاب عوارف المعارف، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى ، 1966م، صص:83-90؛

- ابن عربي: فصوص الحكم، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، بدون تاريخ، تعليق أبو العلاء عفيفي، ص:119-121؛

- انظر ابن سينا: الإشارات والتنبيهات، تحقيق الدكتور سليمان دنيا، ثلاثة مجلدات، القاهرة، مصر، 1957م، 1958م، 1959م؛

- الغزالي: المنقذ من الضلال، اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع، بيروت، لبنان، 1969م، صص:36-40؛

- ابن مسكويه: تهذيب الأخلاق، تحقيق قسطنطين زريق، الجامعة الأمريكية، بيروت، 1966م،29-30؛

- الفارابي: فلسفة أفلاطون وأجزاؤها ومراتب أجزائها من أولها وآخرها، ضمن أفلاطون في الإسلام،تحقيق عبد الرحمن بدوي، دار الأندلس، 1980، ص:23؛

- الفارابي: كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة، الطبعة الرابعة، دار المشرق، بيروت، لبنان، 1986م، ص:117-119؛

- عبد السلام بنعبد العالي: الفلسفة السياسية عند الفارابي، الطبعة الثانية، دار الطليعة، بيروت، لبنان، 1981م، ص:110.