الدولة اليهودية مقابل حق العودة بقلم: فادي فيصل الحسيني
تاريخ النشر : 2007-11-17
الدولة اليهودية مقابل حق العودة بقلم:
فادي فيصل الحسيني


الدولة اليهودية مقابل حق العودة

فادي الحسيني

قبل أقل من أسبوعين على انطلاق مؤتمر أنابوليس، والذي لم توجه بعد أي دعوات رسمية للوفود المقرر أن تشارك به، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي تصريحاً مثيراً للجدل مفاده أن اعتراف الجانب الفلسطيني بدولة إسرائيل دولة لليهود هو شرط سابق لأي مفاوضات نهائية بين الجانبين. هذا التصريح كان كفيلاً لأن يثير حفيظة الكثير من الفلسطينيين وليعلي أصواتاً تنادي بضرورة عدم الذهاب إلى أنابوليس كرد طبيعي ومنطقي على تصريح كهذا. وبالفعل، فإن تصريح أيهود أولمرت هو تصريح مزلزل وعجيب يأتي في توقيت غاية في الحساسية لأنه يقتلع أي قناعة راسخة بإمكانية تحقيق السلام من جذورها ويجهض أي محاولة تقدم في سير المفاوضات قبل ميلادها. وخلافاً لما يراه العديد من المراقبين بضرورة استبعاد المشاركة في مؤتمر أنابوليس وخاصة أن النوايا الإسرائيلية بدأت تتكشف وتعكس عدم الجدية في تحقيق تقدم في مسار السلام، أرى أنه يجب التأكيد على حضور المؤتمر ولكن وقبل أن يتوجه الفلسطينيون إلى أنابوليس، يجب إطلاق تصريحات نارية ثورية تناظر ما صدر عن أولمرت وتؤكد على أن حق العودة أمر خارج نطاق المساومة وشرط فلسطيني أصيل لا مفر منه قبل أي مفاوضات مع الإسرائيليين، ومهما كانت دوافع رئيس الوزراء الإسرائيلي في إطلاق مثل هذه التصريحات، نجد أن الفلسطينيون يملكون نفس الدوافع لإطلاق تصريحات مناظرة.

ذهب المحللون في عدة اتجاهات في محاولة تفسير لموقف وتصريحات أولمرت الأخيرة، فبعض المراقبون أرجعها لعوامل شعبية وداخلية، وآخرون رأوا فيها مساومةً للمجتمع الدولي، والبعض الآخر رأى من تصريحات أولمرت موقفاً استباقياَ ليفرض رؤيته القومية والدينية على مجريات المؤتمر والمفاوضات المتوقعة مع الجانب الفلسطيني. ولنقل أن أولمرت أطلق تصريحه هذا ليخفف جزءاً من الضغط الشعبي وضغط الأحزاب اليمينية والتي تتهمه بالتهاون في الحقوق اليهودية الأصيلة وليظهر للشارع الإسرائيلي أنه لن تنازل أو يساوم في حقوق الأجداد حتى يحصل في ذلك المؤتمر على أي إنجاز يستطيع وقتها تسويقه للشارع الإسرائيلي والأحزاب الأخرى. وإن كان الأمر كذلك، فإن الجانب الفلسطيني وفي ظل الظروف الداخلية الأليمة والأوضاع المقيتة، ومع حالة الانقسام و تسارع وتيرة الاستقطاب في الشارع الفلسطيني، يضحي في أمس الحاجة لإطلاق تصريح قوي يقابل فيه تصريح أولمرت، الأمر الذي سيكسبه تعاطف الشارع الفلسطيني حين يؤكد على حرصه في انتزاع الحقوق الفلسطينية كاملة وبلا تهاون.

وإن كان دافع أولمرت من تصريح كهذا هو الدفع بالجانب الفلسطيني إلى اتخاذ موقف مندفع بمقاطعة المؤتمر بعد تصاعد مرتقب في حدة الانتقادات لمشاركته في مثل هذا المؤتمر، وبالتالي تحميله مسؤولية التهرب من السلام ووضعه في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، فإنه من الأجدر على الفلسطينيين أن يحاربوا بنفس الطريقة، فإطلاق تصريح يناظر تصريح أولمرت الأخير سيشكل ضغطاً شعبياً كبيراً على الحكومة الإسرائيلية قد يدفعهم لاتخاذ موقف متسرع أو إطلاق تصريح آخر يجعلنا نكسب بعض النقاط والمواقف على الساحتين السياسية والدبلوماسية. أما إن كان أولمرت يهدف من تصريحه هذا تشكيل بعض الضغط على المجتمع الدولي ليحاول مراضاة إسرائيل وتقديم بعض المساعدات أو التسهيلات بغرض إنجاح المؤتمر، فما المانع أن يفعل الجانب الفلسطيني فعلتهم ويحاول المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته وتقديم بعض التنازل للجانب الفلسطيني. وإن كان تصريح أولمرت هو تصريح قومي وطني ديني بحت يعكس قناعة بعينها وحاول من خلال تصريحه هذا إيصال رسالة مفادها أن هذا ما نتوقعه من الجانب الفلسطيني قبل بدء المؤتمر ولن تحصلوا على أكثر من ذلك، ففي هذه الحالة يجب على الجانب الفلسطيني إيصال الرسالة السليمة التي تحمل أختام الثوابت الوطنية الفلسطينية والتي تؤكد أن حقوقنا الأصيلة لا تنازل عنها مهما كان الثمن.

يبدو أن أولمرت يرى فينا إما سذاجة أو ضعفاً ليطلق تصريحاً كهذا، فيظن أنا أسمى أمانينا هو 'وعد' الحصول على دولة فلسطينية بغض النظر عن شكل ومكونات وكينونة هذه الدولة، وكأنه لم يكن باستطاعتنا إعلان الدولة الفلسطينية وقتما شئنا وبشكل أحادي. إن ما يهمنا حتى اللحظة في عملية السلام هذه هو الاستحقاقات المترتبة على إعلان الدولة الفلسطينية بالتوافق مع الإسرائيليين، بما يضمن الثوابت الوطنية الفلسطينية من عودة اللاجئين والحدود والقدس الشريف في ظل الغطاء والضمانات الدولية، ولكن إن قدر ورفض الطرف الآخر التوافق في تقديم الاستحقاقات هذه، ففي هذه الحالة ما المغزى في الخوض في مفاوضات على دولة صغيرة ضعيفة مقطعة الأوصال محكوم عليها بالتبعية ولا تملك حتى القدرة على الدفاع عن نفسها وعن نساءها وأطفالها؟

http://blog.amin.org/fadi/