جيفارا غزة .......سلاما
بقلم رفيق عتيق
محمد الأسود سلاما , سلاما عليك يا ابن حيفا , يا أشجع الرجال واكرم الرجال واعظم الرجال , يا من علمتني حب الوطن وحب الناس وحب التضحية , سلام عليك يا عاشق فلسطين والحرية , لا تسألني ما الذي ذكرني فيك بعد هذه السنين , فأمثالك لا تسقطهم الذاكرة . ولكني اخجل من نفسي عندما أرى كيف كنا وكيف أصبحنا , اخجل من نفسي وأنا أرى أشباه الرجال يحملون السلاح خطأ ويوجهونه إلى المكان الخطأ و أقارنهم فيك , وأشباه القادة عندما أراهم يتزاحمون علي المواقع المريحة وأقارنها بأوكارك , ذكرني بك هجرة الشباب من فلسطين حتي بعد أن صار لنا سلطة وحكومة وغزة بلا يهود . وأذكرك يوم دعوتني لاجتماع في القاعة التي كنت تطلق عليها القاعة البيضاوية , وكانت وكرا تحت شجرة الليمون الهرمة في بستان البرتقال اليافع المطل علي سهول فلسطين , يومها وجدتك في انتظاري علي شكل مزارع يفتح بفأسه قنوات الري
ويخفي تحت معطفه سلاحه , وقبل أن نتبادل التحية بادرتني بسيل من الأسئلة عن الشباب وكأنهم أولادك ثم عنهم فردا فردا وبالاسم , بعدها تنفست الصعداء و كان العناق
حارا يا جيفارا .
في ظل شجرة الليمون شرع جيفارا بواجب الضيافة بإشعال النار في الحطب تحت إبريق الشاي , وفجأة لمحت شابا متخفيا وسط سياج الصبر الشائك يرفع يده فيرد عليه متحفي آخر و آخر فقلت للرفيق جيفارا ما هذا هل نحن محاصرون , فرد ضاحكا وهو يهم بالوقوف بل محميون , وبسعادة قل نظيرها قال انهم وصلوا , كانوا كامل العمصي وعبد الهادي الحايك , يا الهي , عجزنا عن الكلام و تعانقنا طويلا , هؤلاء الرجال الرفاق عرفتهم في السجن وها نحن نلتقي مرة أخرى بعد طول غياب في القاعة البيضاوية في رحاب القائد الفذ الرفيق جيفارا .
قدم لنا جيفارا الشاي ولم يكن له كأس وعبثا حاولنا تفضيلة ولكنه رفض وانتظر وهوالمدخن ا لنهم , فقد كان حقا آخر من يأكل و آخر من ينام وأول من يضحي , ثم دلفنا إلى الوكر وباسم الثورة افتتح الاجتماع وعرض الجدول ولكنه شدد علي بند تطوير عملنا السياسي والتنظيمي والعسكري , وبعد أن قدم تحليلا شاملا مشيدا بالتصاعد في العمليات العسكرية ومنددا بحجم الاعتقالات فتح المجال للنقاش , فرفعت يدي طالبا الأذن بالكلام وبدأت حديثي بأن سبب الضربات التي نتعرض لها يكمن في ضعف البناء التنظيمي للأعضاء وضعف إعداد الكادر المؤهل للعمل السري والعلني , وان وجوده هو أي جيفارا كمطارد وملاحق من العدو علي رأس التنظيم والعمل يعتبر نقطة ضعف لا يمكن حلها إلا بخروجه من القطاع والتحاقه بالقيادة في الخارج . وفي هذه اللحظة تغير وجه جيفارا واخذ بإشعال السجائر وبدى عليه الضيق الشديد ولكنه استمع للجميع حتى النهاية .
كان رده علي مداخلتي انه يوافق علي بناء وتأهيل الأعضاء و إعداد الكوادر ووضع برنامج تثقيفي , وانه علي اتصال دائم مع القيادة بهذا الخصوص وسوف تلمسون ذلك قريبا , وانه مطمئن . أما انه كمطارد يشكل نقطة ضعف أمني علي العمل والتنظيم وأن عليه الخروج قال بحزم... كل الأحرار و المؤمنين بعدالة قضيتهم كانوا دائما مطاردين للعدو , والحقيقة انهم يطاردون العدو ويقضون مضجعه إذا أجادوا فن التخفي والقتال , أي حرب العصابات والحذر لا يمنع القدر , أما الخروج من الوطن فهذا ما لا أريد ولا أطيق سماعة ولا اسمح بنقاشه , خذوا القرار الذي ترونه مناسبا بما في ذلك إبعادي عن المسؤولية وسوف التزم . وأضاف , لقد قررت الموت علي هذا التراب , وان حبة رمل منه تعادل تراب الدنيا , ولست من هواة المكاتب والمناصب والسيارات الفارهه وشد بيده علي سلاحه . انتهينا وقفنا تعاهدنا وتعانقنا طويلا , وحمل كل منا مهماته . سلام عليك يا جيفارا غزة يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا .
جيفارا غزة ..سلاما بقلم:رفيق عتيق
تاريخ النشر : 2007-08-19