الدكتور عبدالاله حافظ 1895-1976 ودوره في تكوين العراق المعاصر بقلم:ا.د.ابراهيم خليل العلاف
تاريخ النشر : 2007-08-16
الدكتور عبدالاله حافظ 1895-1976 ودوره في تكوين العراق المعاصر بقلم:ا.د.ابراهيم خليل العلاف


الدكتور عبد الاله حافظ 1895 ـ 1976

ودوره في تكوين العراق المعاصر

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

مركز الدراسات الاقليمية –جامعة الموصل

الدكتور عبد الاله حافظ (1895 ـ1976) ، سياسي ، واقتصادي ، ونائب عن الموصل في مجلس النواب ، ووزير لعدة وزارات في العهد الملكي ، ومحافظ للبنك المركزي العراقي .. رجل خدم الدولة العراقية بكل اخلاص وتفان ، ومع هذا فان الاضواء لم تسلط عليه بالشكل الذي يتيح للاجيال الشابة الاطلاع على مسيرته ونشاطه وجهوده .. وأنا شخصيا ، اقول بانني لم اطلع على دراسة او مقال مستقل عنه طيلة السنوات الـ (50) الماضية .. المهم فان الفرصة اليوم تهيأت للحديث عنه .

وابتداء فالدكتور عبد الاله حافظ ، طبيب اسنان بالاصل ، موصلي ، وهو ابن مبعوث (نائب) ولاية الموصل في مجلس المبعوثان (البرلمان العثماني) . . محمد علي فاضل بن خليل بن عبد الله افندي آل عبد الحافظ .. والذي تحدث عنه السير مارك سايكس في كتابه الشهير : (تراث الخليفة الاخير) The calips last Heritage المطبوع بلندن سنة 1915 دون ان يذكر اسمه قائلا انه التقى مبعوث الموصل ، رجل صغير الحجم ذو لحية شقراء ، وقور ، يرتدي جبة وعمامة بيضاء .. المهم ان محمد علي فاضل آل عبد الحافظ كان قبل انتخابه رئيس كتاب في المحكمة الشرعية بالموصل وكان له دور مهم في البرلمان العثماني مع داؤد يوسفاني ، نائب الموصل الاخر في مجلس المبعوثان سنة 1908 . ذكر المرحوم الدكتور صديق الجليلي في سجل وفيات شخصيات الموصل واحتفظ بنسخة خطية منه ، ان محمد علي فاضل آل عبد الحافظ توفي في الاول من نيسان سنة 1935 .. اما ولده عبد الاله فقد ولد في الموصل سنة 1895 .

تلقى عبد الاله حافظ ، وهذا هو الاسم الذي اختاره منذ ان كان طالبا ، دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في الموصل .. اما دراسته الجامعية فقد اكملها في جامعة دار الفنون ( شعبة طب الاسنان ) في استانبول .. ويبدو انه لم يقتنع بما تخصص فيه ، فسافر الى باريس حيث درس العلوم السياسية بجامعة باريس وتخرج فيها سنة 1922 ، وبعد عودته مارس مهنة طب الاسنان لمدة قصيرة ، لكنه تركها ليعين مدرسا لمادة الاقتصاد السياسي في جامعة آل البيت (1922 ـ1923) ثم في كلية الحقوق استاذا لمادة المالية .

انتمى عبد الاله حافظ الى حزب الشعب في مطلع حياته السياسية ، هذا الحزب الذي اسسه ياسين الهاشمي في 3 كانون الاول 1925 وأراده ان يكون معارضا للحزب الحاكم ، آنذاك حزب التقدم بزعامة عبد المحسن السعدون .. وكان الى جانب عبد الاله حافظ نخبة من السياسيين الموصليين امثال ابراهيم كمال وسعيد الحاج ثابت وثابت عبد النور .

وفي سنة 1926 انتخب الدكتور عبد الاله حافظ نائبا في مجلس النواب وجدد انتخابه بعد ذلك واسهم في تاسيس حزب الاخاء الوطني الذي اجيز في 25 تشرين الثاني 1930 بزعامة رشيد عالي الكيلاني . وقد تولى عبد الاله حافظ منصب المحاسب في الهيئة الادارية للحزب .. وقد دعا هذا الحزب الى تحقيق الاستقلال وعارض معاهدة 1930 مع بريطانيا .. وقد قام الدكتور عبد الاله حافظ بالاشراف على تحرير صحيفة الاخاء الوطني التي كانت تنطق بلسان الحزب .

وفي سنة 1935 اسندت الى الدكتور عبد الاله حافظ مسؤولية مديرية التجارة في وزارة المالية ، وكانت من ابرز مديريات هذه الوزارة حيث انها تشرف على امور الكمارك والميناء وتسجيل الشركات واعمال غرف التجارة والاتفاقيات التجارية ..

كتب صديقنا الاستاذ حميد المطبعي في موسوعته ( موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين) ج3 ، ص139 بضعة اسطر عن الدكتور عبد الاله حافظ وقال ان ميول عبد الاله حافظ السياسية الوطنية ابتدأت منذ ان كان طالبا في كلية العلوم السياسية في جامعة باريس ، وقد تولى وزارة الخارجية سنة 1942 وبعدها بسنة وزارة المعارف ثم وزارة التموين سنة 1946 و1947 وفي سنة 1949 اعيد تعيينه وزيرا للخارجية في وزارة نوري السعيد العاشرة (6 كانون الثاني 1949 ـ10 كانون الاول 1949) . وقد اضاف الاستاذ المطبعي معلومة مهمة عن الدكتور عبد الاله حافظ وهي أنه أجمل اراءه السياسية والاجتماعية في جملة احاديث نشرت في الصحافة العراقية في حقبة الاربعينات من القرن الماضي ، ومما ساعده على التقدم في المجال السياسي والصحفي معرفته لعدة لغات اجنبية منها الفرنسية والانكليزية والتركية ، .. وقد اصبح محافظا للبنك المركزي وكنا نشاهد توقيعه على النقود الورقية العراقية .

حين اعد زميلنا الدكتور عدنان سامي نذير اطروحته للدكتوراه بعنوان : ((دور نواب الموصل في البرلمان العراقي خلال العهد الملكي 1925 ـ1958)) وقدمها الى مجلس كلية الاداب ـ جامعة الموصل باشراف زميلنا الاستاذ الدكتور غانم محمد الحفو سنة 1993 وكان لنا شرف مناقشتها في حينه ، اشار الى عبد الاله حافظ وقال انه اصبح نائبا لسبعة دورات انتخابية هي الدورات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والثامنة والعاشرة والحادية عشر . كان في الدورة الثانية نائبا عن حزب الشعب في حين كان في الدورة الثالثة نائبا عن حزب الاخاء الوطني وبعدها صار ينتخب باعتباره نائبا مستقلا .. وقد لاحظت من خلال متابعتي لمسيرته السياسية انه أصبح في اواخر الخمسينات من القرن الماضي من انصار نوري السعيد والذي كان يعتمد عليه كثيرا .. ولا نريد الدخول في تفاصيل دوره في مجلس النواب فقد كفانا الدكتور عدنان ذلك ومن الممكن الرجوع الى اطروحته لكن مما يمكن تأكيده ان للدكتور عبد الاله حافظ دور فاعل في مناقشات مجلس النواب وخاصة فيما يتعلق بالبرامج والخطط والمشاريع الاقتصادية والاستثمارية فضلا عن دعواته المتكررة الى ضرورة تشجيع الصناعة الوطنية .

اختاره نوري السعيد لمنصب وزير الاقتصاد في التعديل الوزاري الذي ادخله على وزارته السادسة في 20 تموز 1942 وكان عبد الاله حافظ يشغل عندما صدرت الارادة الملكية آنئذ ، منصب مدير العلاقات العام . وفي وزارة نوري السعيد السابعة (8 تشرين الاول 1942 ـ19 كانون الاول 1943) اصبح الدكتور عبد الاله حافظ وزيرا للخارجية ..

وكانت ايام الوزارة هذه قلقة مضطربة بحكم ظروف الحرب العالمية الثانية ، وكثيرا ما كانت التبدلات بين اعضاء الوزارة تتأثر بالوضع العسكري ومجريات الحرب وتأثيراتها على العراق وقد صدرت في 23 حزيران 1943 ارادة ملكية بنقل عبد الاله حافظ من منصب وزير الخارجية وتعيينه وزيرا للمعارف ( التربية) ولما شكل نوري السعيد وزارته الثامنة (25 كانون الاول 1943 ـ3 حزيران 1944) عين عبد الاله حافظ وزيرا للمعارف وفي وزارة نوري السعيد التاسعة (21 تشرين الثاني 1946 ـ29 آذار) عين عبد الاله حافظ وزيرا للتموين بعد استقالة محمد حديد وزير التموين ، وفي وزارة نوري السعيد العاشرة (6 كانون الثاني 1949 ـ10 كانون الاول 1949) اصبح وزيرا للخارجية وعندما اختير لم يكن داخل البرلمان ..

كان من زملاء عبد الاله حافظ من الموصليين في مجلس النواب ، ضياء يونس ، وجميل الفخري ، وخير الدين العمري ، وصالح حديد ، وسعيد الحاج ثابت ، وسليم حسون ، ونوري البريفكاني وحميدي الفرحان ، وحازم شمدين اغا ، وسعيد الدوسكي ، وعبد الله الدملوجي ، ونجيب الصائغ ، واحمد الجليلي ، وجمال المفتي ،وسالم نامق ، وابراهيم عطار باشي ..

كان الدكتور عبد الاله حافظ عندما قامت ثورة 14 تموز 1958 واسقطت النظام الملكي واعلنت عن تأسيس الجمهورية محافظا للبنك المركزي العراقي .. وقد ذكر الاستاذ محمد حديد في مذكراته الموسومة ((مذكراتي : الصراع من اجل الديموقراطية في العراق)) والمنشورة في بيروت سنة 2006 ((بان الدكتور عبد الاله حافظ كان من المقربين لنوري السعيد ، ولكنه كان ايضا ، مسلكيا في ادارة شؤون البنك المركزي ، وان لم تكن الشوؤن المالية من اختصاصه ، وكان مفترضا ان يحل محله محافظ آخر بعد قيام الثورة ، ولكنني كوزير للمالية تريثت في اجراء هذا التغيير نظرا الى علاقة البنك المركزي بموضوع الارصدة الاسترلينية التي ( يمتلكها العراق) وجمدتها الحكومة البريطانية ، وبعد ان رفع التجميد وعادت العلاقة المالية الخارجية الى طبيعتها احيل عبد الاله على التقاعد وفكرت في ايجاد بديل يشغل هذا المنصب .. وبعد التحري وقع اختياري على ناظم الزهاوي الذي كان سابقا يشغل منصب مدير الاستيراد العام ، وكان معروفا بميوله التقدمية .. وقد عهدت اليه فيما بعد مهمة المفاوضات مع الجهات البريطانية بشأن خروج العراق من المنطقة الاسترلينية وهو احد الانجازات المهمة لثورة 14 تموز 1958)) .

ذكر صديقنا الاستاذ عماد غانم الربيعي في كتابه ( بيوتات موصلية) المطبوع بالموصل سنة 2003 ان الدكتور عبد الاله حافظ كان من ابرز هواة جمع الزهور في العالم . وقد ورد اسمه في اغلب قوائم المهتمين بزراعة الورود الصادرة عن الجمعيات العالمية . وقد اعقب من الاولاد المهندس نبيل .. ولا نعلم فيما اذا كانت لديه مذكرات غير منشورة ، كما اننا لانعرف شيئا عن نشاطه بعد خروجه من محافظية البنك المركزي سنة 1959 ، لكن ما نعلمه انه توفي ، رحمه الله ، يوم 27 كانون الثاني سنة 1976 .