د. محمود الفروخ
هل تُشكل السعودية "رأس حربة" في منطقة الشرق الأوسط؟
بقلم: د. محمود الفروخ
لا شك أن التغييرات المختلفة التي شهدتها السعودية داخليا والخليجية والعربية والاقليمية والدولية على الصعد كافة ألقت بظلالها على دور المملكة العربية السعودية مؤخرا، إذ تغير هذا الدور الوظيفي الذي لازم المملكة على مدى عشرات السنين الماضية وتحول لدور ريادي؛ أي بمعنى أصبح بميدان اللعب السياسي من خط الدفاع والوسط إلى خط الهجوم كرأس حربة ليس في المنطقة العربية فحسب وإنما في الشرق الأوسط والعالم أيضاً.
إن السعودية بما تملك من ثروة نفطية هائلة أي " المال "، ومكانة دينية عالية أي زعامة العالم السني لوجود بيت الله الحرام فيها أي "الدين"، والسطوة السياسية والاقتصادية على الخليج والوطن العربي أي " النفوذ"، وموقعها الجغرافي المميز أي "الموقع الاستراتيجي"، كل ذلك يخولها ويؤهلها لأن تقود المنطقة في حال توافرت النية لدى قيادتها الشابة الجديدة والمتحمسة في زيادة نزعة القومية العربية وحجم المغامرة السياسية مع المحافظة على منسوب الحكمة ورفع نسبة التمرد عندها على الأعراف السياسية التقليدية الدولية التي تريد من السعودية دولة تابعة لا قائدة تطيع وتنفذ الأوامر والارادات الدولية التي تخدم سياسات ومصالح منظومة القطب الواحد لا دولة حره تتحكم في سيرها ومصيرها، وبالتالي فإن هناك فرصة تاريخية ربما لن تتكرر في المستقبل، وعلى المملكة العربية السعودية التقاطها وهي استغلال واستخدام مكامن قوتها اّنفة الذكر من ناحية والظرف العربي والاقليمي والدولي المتغير، والذي باعتقادي هو في صالحها لتسديد أهدافها ورفعتها من الناحية الأخرى.
ولربما يُشكل تطبيع العلاقات بين السعودية واسرائيل المزمع توقيعه خلال الايام أو الأشهر المقبلة بغض النظر عن الجدل الدائر حوله عنصر قوة بالنسبة للملكة العربية السعودية في حال كان تفكيرها بهذا الاتجاه أي قيادة الإقليم، فالسعودية تهدف و تسعى برأيي من هذه الاتفاقية مع إسرائيل لأن يكون لديها برنامج ومفاعل نووي مدني وطائرات حربية من نوع اف 35 وتحالف دفاعي استراتيجي وعسكري مع الولايات المتحدة الامريكية ومع جيرانها وحلفائها بالمنطقة وتطور تكنولوجي عسكري " الهايتك" الاسرائيلي، وذلك لمواجهة تغول ايران بالمنطقة من جهة ولتقوية ترسانتها العسكرية وجيشها ومنظومتها الدفاعية من الجهة الأخرى كدولة قوية لا يستطيع أحد الاستهانة بها، ولعل تطبيع العلاقة مع اسرائيل سيكون ممرا اجباريا نحو ذلك بالنسبة إليها.
ولعل السعودية دأبت في السنوات والأشهر والأيام القليلة الماضية على اعادة تموضعها وكذلك ترتيب أوراقها سواء أكان ذلك على المستوى الداخلي أو على مستوى المنطقة والاقليم والعالم أجمع، وكان ذلك واضحا وجليا في تغير سياساتها الخارجية التي انتقلت من سياسة النأي بالنفس والتوازن السياسي والدبلوماسي وعدم الاكتراث إلى سياسة المتابعة والتدخل المباشر والمبادرة في بعض الأحايين، وهذا جاء، ربما، نتيجة تغير الدور الوظيفي الذي كان مناط بها سابقاً، ومن الأمثلة على ذلك إنهاء الأزمة الخليجية مع قطر أوائل عام 2021، وكذلك التقارب الكبير والمفاجئ مع إيران أوائل مارس/آذار الماضي وتسريع وتيرة إعادة العلاقات مع طهران، مروراً بالتهدئة ووقف الحرب في اليمن، إلى التحرك الأخير بتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد وإعادة دمجه في المنظومة العربية، فضلاً عن تحولات العلاقة مع القوى الكبرى كأميركا والصين وروسيا وموضوع التطبيع مع اسرائيل وتعيين سفير لها في فلسطين واستئناف الدعم المالي لها، ورفع يدها عن لبنان، والعلاقة الباهتة مع مصر وانهاء التوتر مع تركيا بعد حادثة مقتل خاشقجي وغيرها من الامثلة.
ومن هنا، فإن الاعتقاد السائد أن التحولات الراهنة في السياسة الخارجية السعودية هي تحولات جوهرية واستراتيجية يمكن أن تكون طويلة الأمد في حال استمرارها، وهي أشبه بما يبدو أنها صحوة سعودية في السياسة الخارجية تسعى لاستدراك ما فات من العقود التي لم تستفد فيها المملكة العربية السعودية من إمكاناتها الاقتصادية والمالية والجيوإستراتيجية والدينية من أجل تحقيق مصالحها، وهو ما يعكسه الحضور السعودي الملحوظ على الساحات المختلفة العربية والإقليمية والدولية.
بقلم: د. محمود الفروخ
لا شك أن التغييرات المختلفة التي شهدتها السعودية داخليا والخليجية والعربية والاقليمية والدولية على الصعد كافة ألقت بظلالها على دور المملكة العربية السعودية مؤخرا، إذ تغير هذا الدور الوظيفي الذي لازم المملكة على مدى عشرات السنين الماضية وتحول لدور ريادي؛ أي بمعنى أصبح بميدان اللعب السياسي من خط الدفاع والوسط إلى خط الهجوم كرأس حربة ليس في المنطقة العربية فحسب وإنما في الشرق الأوسط والعالم أيضاً.
إن السعودية بما تملك من ثروة نفطية هائلة أي " المال "، ومكانة دينية عالية أي زعامة العالم السني لوجود بيت الله الحرام فيها أي "الدين"، والسطوة السياسية والاقتصادية على الخليج والوطن العربي أي " النفوذ"، وموقعها الجغرافي المميز أي "الموقع الاستراتيجي"، كل ذلك يخولها ويؤهلها لأن تقود المنطقة في حال توافرت النية لدى قيادتها الشابة الجديدة والمتحمسة في زيادة نزعة القومية العربية وحجم المغامرة السياسية مع المحافظة على منسوب الحكمة ورفع نسبة التمرد عندها على الأعراف السياسية التقليدية الدولية التي تريد من السعودية دولة تابعة لا قائدة تطيع وتنفذ الأوامر والارادات الدولية التي تخدم سياسات ومصالح منظومة القطب الواحد لا دولة حره تتحكم في سيرها ومصيرها، وبالتالي فإن هناك فرصة تاريخية ربما لن تتكرر في المستقبل، وعلى المملكة العربية السعودية التقاطها وهي استغلال واستخدام مكامن قوتها اّنفة الذكر من ناحية والظرف العربي والاقليمي والدولي المتغير، والذي باعتقادي هو في صالحها لتسديد أهدافها ورفعتها من الناحية الأخرى.
ولربما يُشكل تطبيع العلاقات بين السعودية واسرائيل المزمع توقيعه خلال الايام أو الأشهر المقبلة بغض النظر عن الجدل الدائر حوله عنصر قوة بالنسبة للملكة العربية السعودية في حال كان تفكيرها بهذا الاتجاه أي قيادة الإقليم، فالسعودية تهدف و تسعى برأيي من هذه الاتفاقية مع إسرائيل لأن يكون لديها برنامج ومفاعل نووي مدني وطائرات حربية من نوع اف 35 وتحالف دفاعي استراتيجي وعسكري مع الولايات المتحدة الامريكية ومع جيرانها وحلفائها بالمنطقة وتطور تكنولوجي عسكري " الهايتك" الاسرائيلي، وذلك لمواجهة تغول ايران بالمنطقة من جهة ولتقوية ترسانتها العسكرية وجيشها ومنظومتها الدفاعية من الجهة الأخرى كدولة قوية لا يستطيع أحد الاستهانة بها، ولعل تطبيع العلاقة مع اسرائيل سيكون ممرا اجباريا نحو ذلك بالنسبة إليها.
ولعل السعودية دأبت في السنوات والأشهر والأيام القليلة الماضية على اعادة تموضعها وكذلك ترتيب أوراقها سواء أكان ذلك على المستوى الداخلي أو على مستوى المنطقة والاقليم والعالم أجمع، وكان ذلك واضحا وجليا في تغير سياساتها الخارجية التي انتقلت من سياسة النأي بالنفس والتوازن السياسي والدبلوماسي وعدم الاكتراث إلى سياسة المتابعة والتدخل المباشر والمبادرة في بعض الأحايين، وهذا جاء، ربما، نتيجة تغير الدور الوظيفي الذي كان مناط بها سابقاً، ومن الأمثلة على ذلك إنهاء الأزمة الخليجية مع قطر أوائل عام 2021، وكذلك التقارب الكبير والمفاجئ مع إيران أوائل مارس/آذار الماضي وتسريع وتيرة إعادة العلاقات مع طهران، مروراً بالتهدئة ووقف الحرب في اليمن، إلى التحرك الأخير بتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد وإعادة دمجه في المنظومة العربية، فضلاً عن تحولات العلاقة مع القوى الكبرى كأميركا والصين وروسيا وموضوع التطبيع مع اسرائيل وتعيين سفير لها في فلسطين واستئناف الدعم المالي لها، ورفع يدها عن لبنان، والعلاقة الباهتة مع مصر وانهاء التوتر مع تركيا بعد حادثة مقتل خاشقجي وغيرها من الامثلة.
ومن هنا، فإن الاعتقاد السائد أن التحولات الراهنة في السياسة الخارجية السعودية هي تحولات جوهرية واستراتيجية يمكن أن تكون طويلة الأمد في حال استمرارها، وهي أشبه بما يبدو أنها صحوة سعودية في السياسة الخارجية تسعى لاستدراك ما فات من العقود التي لم تستفد فيها المملكة العربية السعودية من إمكاناتها الاقتصادية والمالية والجيوإستراتيجية والدينية من أجل تحقيق مصالحها، وهو ما يعكسه الحضور السعودي الملحوظ على الساحات المختلفة العربية والإقليمية والدولية.