الأخبار
ترمب: يوجد أفكار أخرى غير حل الدولتينكاتس يوعز لجيشه بمواصلة احتلال جبل الشيخ بسوريا طيلة أشهر الشتاء33 شهيداً في مجزرة إسرائيلية مروعة بالنصيراتالسفير دبور يستقبل القائم بأعمال سفارة دولة الكويت في لبنانأبو عبيدة يدعو لتكثيف العمليات ضد قوات الاحتلال في الضفةإعلان مهم لطلبة غزة الصف الحادي عشر بالعام الدراسي الماضيسوليفان: سأذهب للدوحة والقاهرة لسد الثغرات النهائية بشأن صفقة غزةجيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء لمناطق في حيي الرمال والصبرةبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن أسرى من قطاع غزةتفاصيل لقاء نتنياهو بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان"حماس" ترحب بقرار الأمم المتحدة المطالب بوقف فوري لإطلاق النار بغزةبالصور: آخر ما تركه الرئيس السوري السابق بشار الأسد على مكتبه قبل المغادرة"التعليم": التجهيزات قائمة لعقد اختبار الثانوية العامة لطلبة قطاع غزةمستشفى العودة بجباليا: استشهاد الدكتور سعيد جودة طبيب العظام الوحيد شمال القطاعبلينكن يصل الأردن لبحث التطورات في سوريا
2024/12/13
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في المجموعة القصصية (أجنحة الخوف) للقاصة نجوى غانم

تاريخ النشر : 2023-09-26
قراءة في المجموعة القصصية (أجنحة الخوف) للقاصة نجوى غانم
قراءة في المجموعة القصصية (أجنحة الخوف) للقاصة نجوى غانم 

 بقلم: باسمة صواف

حينما يتناول الكاتب الواقع أو الزمن الراهن بنصوصه يدخلنا في علاقة "الواقع الروائي الممكن، والواقع الحقيقي الكائن"، كما فعلت القاصة الغزّية نجوى غانم في مجموعتها القصصية التي تناولت فيها (37) قصة قصيرة.

تقوم المجموعات القصصية على ثيمات بأبعاد متناقضة، مثل الفقد بدل الحلم، القصف بدل الجمال، وغيرها.. بسبب الاحتلال.
صدرت المجموعة القصصية عن دار فضاءات للنشر والتوزيع عام 2022 الطبعة الثانية.

الهوية.. الذات.. المرأة:
تلامس المجموعة القصصية الواقع الذي يعيشه الإنسان الفلسطيني خاصة في منطقة غزة، مع أن الكاتبة لم تحدد الفضاء المكاني، بل جعلته مفتوحا، إلا أن هناك بعض الإشارات الممتدة عن القصف والبحر والدمار تدلل عليه.

اعتمدت القاصة على الصوت الأنثوي الذي ظهر جليا في نصوصها، ما أظهر خيطا يربط القصص كافة، ألا وهو معاناة المرأة، واثبات هويتها كإنسان له حق في الحياة والاختيار، فالكاتبة بالإضافة إلى رسم أوضاع القصف والخراب في غزة استطاعت أن تنبش في الحياة الاجتماعية والمعاناة التي تعانيها المرأة في مواضع كثيرة، ما جعلها تلامس أسئلة هاربة محلقة في فضاء المرأة.

ما يلاحظ أن المرأة في هذه المجموعة القصصية قد انفللت من الصفحات لتتحدث عن ذاتها بضمير الأنا، أو الضمير الغائب، وأحيانا يكون التناوب بين الضميرين في نص واحد ما يعطي النص بعدا نفسيا دلاليا، يغوص في أعماق المرأة وألمها وقدرتها على إعطاء الحياة معنى على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها، والكاتبة هنا تعيد صياغة الواقع الثقافي الإنساني، من خلال التغلغل في أعماق المرأة كما في قصة (أسقطت قلبها)، وقصة (تخرج سرا) وقصة (أسوار).

الغلاف والعنوان:
إن ما يشدّ القارئ منذ الوهلة الأولى هو الغلاف الذي يتكون من صورة (لوجه امرأة) من جهة واحدة، بألوان متداخلة وكأنه يخترق سماء مليئة بالطيور المحلقة، دون أي محددات ما يشير إلى حالة التوق للانفلات والتحرر من القيود سواء أكانت اجتماعية أم سياسية، بعينين مغمضتين تدل على عمق الحلم والحزن على الرغم من تعدد الألوان خاصة اللون الأزرق الذي يدل من المنظور السيميائي "على الصدق والحكمة والأمل، وقد يحمل دلالات مناقضة فيدل على روح اليأس وأحيانا الموت"، كما نلاحظ وجود اللون الأخضر بمساحات متفرقة ما يدل على "تجدّد الطاقة المستنفذة"، أما اللون الأصفر المائل إلى البني فيشير إلى "الحنين إلى الماضي"؛ لما له علاقة بلون الأرض، واللافت للانتباه منطقة الأنف والتي توحي بحجارة صغير تدل على الدمار، أما الفم فقد امتلا بلون أحمر قانٍ، ما يحمل دلالة القوة إلا أنه يحمل أيضا "دلالة الهروب".

ما يلاحظ أن الألوان تقوم على التناقضات، ما ينسجم مع الوضع النفسي للمرأة حسب التموضع الزماني والمكاني وما يرافقهما من أحداث، يمسك بلحظة بصرية تخييلية قابلة للتأويل.

أما العنوان (أجنحة الخوف) فقد جاء موائما للغلاف، منسجما مع دلالة الألوان، وفضاءاته، محلقا معه في الحلم والحزن، والخوف الناتج عن الدمار والفقد والتشرد، والتمرد على التقاليد والعادات.
واختارت القاصة أن يكون العنوان جملة اسمية، خبرها محذوف ما يجعله ينفتح على "مدلول عميق في بنية النص، وعلى معاني ايحائية".

المتن القصصي:
بما أن العمل القصصي "وعاء تنصهر في بوتقته العديد من الثيمات التي تستمد بنيانها مما هو اجتماعي وسياسي وثقافي ورؤيوي" فقد تناولت القاصة قضيتين تلامسان الواقع المعيش: المرأة والرجل، والإنسان الرهينة لظروفه وما يرافقه من أحداث بخطاب سردي بمحمولات عدة في فضاء مكاني مسكون بالحلم بلغة جميلة دلالية ايحائية، تجعل المتلقي يتماهى مع الشخصية ويعيش هواجسها وعالمها الداخلي والخارجي، على الرغم من اعتماد القاصة القصة القصيرة، لكنها استطاعت أن توقع المتلقي في فخ الحدث، ومتعة السرد، ودهشة القفلة بأسلوب بلاغي.
تنوعت المواضيع التي تناولتها القاصة عدا المرأة هناك الفقر، والحرب، والدمار، وأحلام الطفولة المستلبة، وأيضا تناولت موضوع الغربة.

أفردت القاصة قصة بعنوان (هو هي)، تناولت فيها قضية الإهانة من المنظور الأنثوي، والاستفزاز والاستعباد من المنظور الذكوري، الذي يمارس من جانبه من خلال الإهمال والالتفات حول الذات على حساب المرأة.

لكن المرأة (هي) في قصتها تذهب إلى الصمت، وتكبح مشاعرها وإهانتها وتلجأ إلى الكتابة لتبث فيها حزنها "تسرع إلى قلمها، تخبر مذكراتها كم هي حزينة تعيسة" وكأن المذكرات هي الوعاء الذي تلجأ إليه من أجل تفريغ همها وصمتها، وبعد ذلك "تجمع صغارها تشعل لهم شمعة بعد شمعة وتروي لهم قصة إثر أخرة ينامون وتأوي إلى فراشها، لتستيقظ وتذهب إلى عملها"
وهنا القاصة أيضا تستشعر حالة داخلية للمرأة، بعيدا عن الصراخ، تجد ملاذها في الكتابة لتفرغ حزنها، وتضيء الشموع وتحكي الحكايات، وبعد ذلك تطوي كل ذلك وتذهب إلى عملها، لتجيب ضمنيا وبشكل خفي بين السطور بما يتعلق بقدرة المرأة وقوتها لتكون (هي).

إن القاصة بأسلوبها السردي الأنثوي أخذتنا معها إلى "منعطف جمالي"، فيه صورة تكوينية عن الإنسان سواء أكان امرأة أم رجل، على مستوى السرد القصصي أو الاندماج بالأمكنة، حيث استطاعت أن تجمع قضايا عدة متعلقة بالمشاعر والهواجس والأحلام والخوف والحزن والقلق والغربة والخذلان والفقد بطريقة إبداعية دون شعورنا بفجوات سردية على مستوى القص، ما عمل على إنتاج المعنى بلغة ايحائية، وتأويلية أيضا، أعطى النصوص القصصية قوة بلاغية، خاصة حينما جسدت صراع المرأة مع ذاتها للخروج من حالة الحصار الاجتماعي الذي تعيش فيه، وأيضا الصراع على المكان الذي يسبب الحرب والدمار، وصراع الإنسان الفلسطيني ليحافظ على المكان، ومحاربة الفقر والجوع والفقد.

استطاعت القاصة أن تصوغ بأسلوبها السردي بعدا جماليا يحقق الدهشة ومتعة القراءة للمتلقي، لامست المفارقات والتناقضات في المجتمع، بولوجها بطريقة ذكية تنمّ عن فهمها لهذه التناقضات.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف