
عبد معروف
عبثية السلاح الفلسطيني داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان!
بقلم: عبد معروف
حين حمل الشعب الفلسطيني السلاح في لبنان، خاصة بعد العام 1968، وانخرط في مشروع الثورة الفلسطينية المعاصرة، بهدف القتال وتنفيذ عمليات فدائية ضد العدو الاسرائيلي والمشاركة في التصدي لعدوانه المتواصل على لبنان، وتحرير الأرض الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وأراضيهم وممتلكاتهم، بالإضافة إلى رفع حالات الظلم والقهر والتنكيل التي كانت تتعرض له المخيمات الفلسطينية في لبنان، على أيدي الأجهزة الأمنية اللبنانية في ذلك الوقت.
وبعد هذه السنوات العجاف، وبعد التضحيات الجسام، لم يتمكن الفلسطينيون في لبنان، من العودة إلى وطنهم وديارهم وممتلكاتهم، ولم يتمكن الفلسطينيون من نيل حقوقهم المدنية والاجتماعية، وأصبح اللاجئ الفلسطيني يعيش اليوم في وضع ربما يكون أصعب وأسوء مما كان عليه قبل حمله السلاح عام 1968.
لماذا؟
ليس لأن وكالة (الأونروا) تراجعت عن خدماتها فحسب، وليس لأنها عملت على تخفيض دعمها ومساعداتها، وليس لأن الدولة اللبنانية عملت على استعادة سلطتها وسيطرتها وشددت من تطبيق القوانين المرعية استنادا لمؤتمر الطائف 1989، بل أيضا لأن الحركة الوطنية الفلسطينية تعرضت لضربات قاسية وانتكاسات خطيرة وانقسامات وتشرذم، أضعف مكانتها وقدراتها على فرض حقوق شعبها المشروعة والتي من أجلها انطلقت الثورة الفلسطينية وحمل اللاجئون الفلسطينيون السلاح في سبيل تحقيقها.
وأمام هذا الواقع المأساوي، ومع تفاقم حالات اليأس والاحباط، انتشرت آفة المخدرات وتراجع المستوى التربوي والصحي، وعمت الفوضى وسماسرة الهجرة غير الشرعية في قوارب الموت، وبعد أن كان السلاح الفلسطيني داخل المخيمات سلاح الثورة في مواجهة العدو وحماية المخيمات، أصبح اليوم، سلاح إما تحت وصاية الدولة اللبنانية لمحاربة الارهاب وتجار المخدرات والخارجين عن القانون، دون مقابل ودون نيل الحقوق المدنية، وإما سلاح الارهاب والتطرف (نهر البارد، عين الحلوة) خارج نسيج العمل الفصائلي الفلسطيني، وإما سلاحا متفلتا بيد عناصر غير منضبطة وغير ملتزمة، وفي كثير منها تجار مخدرات.
وهذا نتيجة طبيعية ليس لحجم العدوان وتراجع الخدمات وتشديد الحصار، إنه نتيجة تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية وتراجع قوتها ووعيها وتنظيمها وقدراتها.
ولم يتمكن أحد من الاعلان بشكل رسمي وصريح، ما هي أهداف وأسباب وجود السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان، بعد أن أكدت القيادات الرسمية الفلسطينية أكثر من مرة، وأعلنت الفصائل، خاصة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بأن هذا السلاح هو بأمر الدولة اللبنانية، ولكن لماذا لم يسلم هذا السلاح حتى الآن، ولماذا ترفض الدولة اللبنانية تلبية دعوة القيادة الرسمية الفلسطينية استعدادها لتسليم السلاح؟، خاصة بعد توقيع اتفاقيات التسوية بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحكومات العدو الاسرائيلي المتعاقبة، وبالتالي أصبح من غير المتوقع قيام جيش العدو الاسرائيلي بأي عدوان واسع أو خاطف يستهدف المخيمات الفلسطينية في لبنان، وإذا ما حصل هذا العدوان ( لأنه عدو لا يؤتمن)، فإن السلاح المتواضع وغير المنظم لا يسد حاجة القتال، وأن مهمة الرد على العدوان الاسرائيلي في حال وقع، هي مهمة الجيش اللبناني ومقاومة اللبنانيين.
كذلك، فإن المصالحة التي تمت بين الفصائل الفلسطينية وجميع الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، وبين الفصائل الفلسطينية والطوائف في لبنان، تؤكد بأن لا احتمالات متوقعة لأي اعتداء مليشياوي لبناني ضد المخيمات الفلسطينية، وأن الأحزاب اللبنانية لا تملك من القدرات والامكانيات ولا تملك الغطاء السياسي لأي اعتداء يستهدف المخيمات الفلسطينية، كما جرى من اعتداءات استهدفت المخيمات منذ العام 1968، والاعتداءات وضرب المخيمات (1973)، وخلال الحرب الأهلية (1975-1990)، ومجازر صبرا وشاتيلا، وحرب المخيمات.
كما أن الوضع الفلسطيني واللبناني المهترئ، لا يحتمل حروبا فلسطينية – لبنانية، والعامل الفلسطيني لا يشكل خطرا على الدولة اللبنانية، ولا يشكل مصدر قلق للبنانيين، وإذا كان الخطر الذي شهدته المخيمات الفلسطينية نتيجة انتشار القوى والتيارات الارهابية والمتطرفة، فإن مكافحة هذه التيارات هي مسؤولية الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية صاحبة السيادة على أرضها، وليس بإمكانيات الفصائل الفلسطينية محاربة الارهاب، ومثلما تمكن الجيش من تصفية الارهاب في جرود عرسال ونهر البارد وغيرها من المناطق اللبنانية، فإن بإمكانه في حال تسلم الأمن في المخيمات أن يكون في مقدوره تصفية الأطراف المعادية له سواء أكانت قوى إرهاب، أو تجار مخدرات، أو عناصر فارة من وجه العدالة.
ونظرا لأن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، لم يعد سلاحا في إطار المشروع الثوري الفلسطيني، ولم يعد قادرا ومنظما وموحدا، وليس باستطاعته المشاركة في قتال العدو الاسرائيلي وتحرير الأرض واستعادة الحقوق انطلاقا من لبنان، وأصبح مصدر قلق وتوتر واقتتال في كثير من الأحيان، فقد بات من الضروري الاسراع في بحث مستقبل انتشار هذا السلاح داخل المخيمات وإيجاد معالجات عاجلة لوجوده (تنظيمه، تسليمه، ضبطه).
حماية المخيمات الفلسطينية في لبنان، هي مهمة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، والتصدي لأي خطر ربما تتعرض له المخيمات، هو من مسؤوليات الدولة اللبنانية صاحبة القرار النهائي في حماية أرضها وسيادتها وقوانينها من أي خطر داهم على أية بقعة من أرضها.
وإذا كانت الحماية الأمنية للمخيمات الفلسطينية في لبنان، هي مسؤولية الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية، وقواتها العسكرية، لابد من التأكيد على أن من يتحمل مسؤولية ما وصل إليه اللاجئ الفلسطيني من عذابات وقهر وتشرد هو أولا العدو الصهيوني، الذي احتل الأرض، وشرد الشعب الفلسطيني من وطنه، ومارس بحقه كل عمليات القتل والمجازر والتدمير والتنكيل، ولا إمكانية لمعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات عامة وفي لبنان خاصة، إلا من خلال قتال ودحر هذا الاحتلال وتحرير الأرض، وبانتظار ذلك، فإن تأمين الحماية الاجتماعية والسياسية والانسانية، وإبعاد حالات اليأس والاحباط والفقر والعوز هي مسؤولية المجتمع الدولي، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والدوائر الحكومية اللبنانية.
بقلم: عبد معروف
حين حمل الشعب الفلسطيني السلاح في لبنان، خاصة بعد العام 1968، وانخرط في مشروع الثورة الفلسطينية المعاصرة، بهدف القتال وتنفيذ عمليات فدائية ضد العدو الاسرائيلي والمشاركة في التصدي لعدوانه المتواصل على لبنان، وتحرير الأرض الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وأراضيهم وممتلكاتهم، بالإضافة إلى رفع حالات الظلم والقهر والتنكيل التي كانت تتعرض له المخيمات الفلسطينية في لبنان، على أيدي الأجهزة الأمنية اللبنانية في ذلك الوقت.
وبعد هذه السنوات العجاف، وبعد التضحيات الجسام، لم يتمكن الفلسطينيون في لبنان، من العودة إلى وطنهم وديارهم وممتلكاتهم، ولم يتمكن الفلسطينيون من نيل حقوقهم المدنية والاجتماعية، وأصبح اللاجئ الفلسطيني يعيش اليوم في وضع ربما يكون أصعب وأسوء مما كان عليه قبل حمله السلاح عام 1968.
لماذا؟
ليس لأن وكالة (الأونروا) تراجعت عن خدماتها فحسب، وليس لأنها عملت على تخفيض دعمها ومساعداتها، وليس لأن الدولة اللبنانية عملت على استعادة سلطتها وسيطرتها وشددت من تطبيق القوانين المرعية استنادا لمؤتمر الطائف 1989، بل أيضا لأن الحركة الوطنية الفلسطينية تعرضت لضربات قاسية وانتكاسات خطيرة وانقسامات وتشرذم، أضعف مكانتها وقدراتها على فرض حقوق شعبها المشروعة والتي من أجلها انطلقت الثورة الفلسطينية وحمل اللاجئون الفلسطينيون السلاح في سبيل تحقيقها.
وأمام هذا الواقع المأساوي، ومع تفاقم حالات اليأس والاحباط، انتشرت آفة المخدرات وتراجع المستوى التربوي والصحي، وعمت الفوضى وسماسرة الهجرة غير الشرعية في قوارب الموت، وبعد أن كان السلاح الفلسطيني داخل المخيمات سلاح الثورة في مواجهة العدو وحماية المخيمات، أصبح اليوم، سلاح إما تحت وصاية الدولة اللبنانية لمحاربة الارهاب وتجار المخدرات والخارجين عن القانون، دون مقابل ودون نيل الحقوق المدنية، وإما سلاح الارهاب والتطرف (نهر البارد، عين الحلوة) خارج نسيج العمل الفصائلي الفلسطيني، وإما سلاحا متفلتا بيد عناصر غير منضبطة وغير ملتزمة، وفي كثير منها تجار مخدرات.
وهذا نتيجة طبيعية ليس لحجم العدوان وتراجع الخدمات وتشديد الحصار، إنه نتيجة تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية وتراجع قوتها ووعيها وتنظيمها وقدراتها.
ولم يتمكن أحد من الاعلان بشكل رسمي وصريح، ما هي أهداف وأسباب وجود السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان، بعد أن أكدت القيادات الرسمية الفلسطينية أكثر من مرة، وأعلنت الفصائل، خاصة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بأن هذا السلاح هو بأمر الدولة اللبنانية، ولكن لماذا لم يسلم هذا السلاح حتى الآن، ولماذا ترفض الدولة اللبنانية تلبية دعوة القيادة الرسمية الفلسطينية استعدادها لتسليم السلاح؟، خاصة بعد توقيع اتفاقيات التسوية بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحكومات العدو الاسرائيلي المتعاقبة، وبالتالي أصبح من غير المتوقع قيام جيش العدو الاسرائيلي بأي عدوان واسع أو خاطف يستهدف المخيمات الفلسطينية في لبنان، وإذا ما حصل هذا العدوان ( لأنه عدو لا يؤتمن)، فإن السلاح المتواضع وغير المنظم لا يسد حاجة القتال، وأن مهمة الرد على العدوان الاسرائيلي في حال وقع، هي مهمة الجيش اللبناني ومقاومة اللبنانيين.
كذلك، فإن المصالحة التي تمت بين الفصائل الفلسطينية وجميع الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، وبين الفصائل الفلسطينية والطوائف في لبنان، تؤكد بأن لا احتمالات متوقعة لأي اعتداء مليشياوي لبناني ضد المخيمات الفلسطينية، وأن الأحزاب اللبنانية لا تملك من القدرات والامكانيات ولا تملك الغطاء السياسي لأي اعتداء يستهدف المخيمات الفلسطينية، كما جرى من اعتداءات استهدفت المخيمات منذ العام 1968، والاعتداءات وضرب المخيمات (1973)، وخلال الحرب الأهلية (1975-1990)، ومجازر صبرا وشاتيلا، وحرب المخيمات.
كما أن الوضع الفلسطيني واللبناني المهترئ، لا يحتمل حروبا فلسطينية – لبنانية، والعامل الفلسطيني لا يشكل خطرا على الدولة اللبنانية، ولا يشكل مصدر قلق للبنانيين، وإذا كان الخطر الذي شهدته المخيمات الفلسطينية نتيجة انتشار القوى والتيارات الارهابية والمتطرفة، فإن مكافحة هذه التيارات هي مسؤولية الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية صاحبة السيادة على أرضها، وليس بإمكانيات الفصائل الفلسطينية محاربة الارهاب، ومثلما تمكن الجيش من تصفية الارهاب في جرود عرسال ونهر البارد وغيرها من المناطق اللبنانية، فإن بإمكانه في حال تسلم الأمن في المخيمات أن يكون في مقدوره تصفية الأطراف المعادية له سواء أكانت قوى إرهاب، أو تجار مخدرات، أو عناصر فارة من وجه العدالة.
ونظرا لأن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، لم يعد سلاحا في إطار المشروع الثوري الفلسطيني، ولم يعد قادرا ومنظما وموحدا، وليس باستطاعته المشاركة في قتال العدو الاسرائيلي وتحرير الأرض واستعادة الحقوق انطلاقا من لبنان، وأصبح مصدر قلق وتوتر واقتتال في كثير من الأحيان، فقد بات من الضروري الاسراع في بحث مستقبل انتشار هذا السلاح داخل المخيمات وإيجاد معالجات عاجلة لوجوده (تنظيمه، تسليمه، ضبطه).
حماية المخيمات الفلسطينية في لبنان، هي مهمة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، والتصدي لأي خطر ربما تتعرض له المخيمات، هو من مسؤوليات الدولة اللبنانية صاحبة القرار النهائي في حماية أرضها وسيادتها وقوانينها من أي خطر داهم على أية بقعة من أرضها.
وإذا كانت الحماية الأمنية للمخيمات الفلسطينية في لبنان، هي مسؤولية الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية، وقواتها العسكرية، لابد من التأكيد على أن من يتحمل مسؤولية ما وصل إليه اللاجئ الفلسطيني من عذابات وقهر وتشرد هو أولا العدو الصهيوني، الذي احتل الأرض، وشرد الشعب الفلسطيني من وطنه، ومارس بحقه كل عمليات القتل والمجازر والتدمير والتنكيل، ولا إمكانية لمعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات عامة وفي لبنان خاصة، إلا من خلال قتال ودحر هذا الاحتلال وتحرير الأرض، وبانتظار ذلك، فإن تأمين الحماية الاجتماعية والسياسية والانسانية، وإبعاد حالات اليأس والاحباط والفقر والعوز هي مسؤولية المجتمع الدولي، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والدوائر الحكومية اللبنانية.