
فرج بوذيان
نقطة استفهام وسط الزحام؟
بقلم: الأديب الجزائري فرج بوذيان
في هذا الصباح كان الضباب كثيفاً والجو باردا، بعث فيها قشعريرة سرت في كل خلية من جسمها، خرجت كعادتها متثاقلة، ومحتفظة، بنفس اللباس وعلامة الاستفهام الكبيرة التي خيطت على صدرها، وكأنها تلخص قصتها مع هذه الحياة للتي قذفتها وسط الزحام المتلاطم كأمواج البحر الهادر، هائمة على وجهها لا تدري إلى أين وجهتها ولا كيف سيكون مصيرها؟ وكل ما تعرفه أنها تملك هاتفا جوالا قديما تقلبه في حلها وترحالها.
في هذا الصباح كان الضباب كثيفاً والجو باردا، بعث فيها قشعريرة سرت في كل خلية من جسمها، خرجت كعادتها متثاقلة، ومحتفظة، بنفس اللباس وعلامة الاستفهام الكبيرة التي خيطت على صدرها، وكأنها تلخص قصتها مع هذه الحياة للتي قذفتها وسط الزحام المتلاطم كأمواج البحر الهادر، هائمة على وجهها لا تدري إلى أين وجهتها ولا كيف سيكون مصيرها؟ وكل ما تعرفه أنها تملك هاتفا جوالا قديما تقلبه في حلها وترحالها.
فجأة اصطدمت بشيء ما فرفعت عينيها عن الهاتف لتجد نفسها قد صدمت عمود الإنارة؛ حيث استند شاب شاحب اللون منشغل هو الآخر بتقليب هاتفه، وتبدو على وجهه نقطة استفهام أكبر من التي تحملها على صدرها، نظر إليها الشاب وقد علت شفتيه ابتسامة باهتة، ولكن نظرته كانت عميقة وكأنه يقول لها لا عليك فكلنا هائمون، وإن كنا لا نحمل على صدورنا نقاط استفهام، فإننا نحملها في أعماق صدورنا.
عاد الشاب إلى هاتفه من جديد، وقد بدا له أنه ملاذه هو أيضا، مثلها تماماً في ذلك مثل الكثيرون من الشباب الذين يعيشون بأحلامهم، في أمريكا وفي فرنسا وفي اليابان وفي كل بلدان العالم المتقدمة، حيث الحرية والمتعة والرفاهية والمسرات والخيرات، وعندما يصحون من نشوتهم، يستيقظون على حسرة تغلفها حسرات! من معاناتهم المتجددة، فقر مدقع، وبطالة متفشية، وفساد أخذ معه الأخضر واليابس في معظم المواقع والمحطات التي ينتظرون بها الأمل بالإجابة.
ابتسمت الفتاة هي الأخرى وواصلت طريقها لتضيع وسط الزحام وفي نفسها حلم يؤرقها.. متى ستجد الإجابة عن نقطة الاستفهام التي تتوشح ملامحها؟