الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الهندسة والنافذة الخلفية!

تاريخ النشر : 2023-07-17
الهندسة والنافذة الخلفية!

بكر أبو بكر

الهندسة والنافذة الخلفية! 

بقلم: بكر أبو بكر

في بعض المراحل وجدت أنني أسير على درب لم أرسمه بنفسي فوصلت فيه الى مداه، وحاولت في داخل مسار الرحلة أو المرحلة أن أخالط المسار بتغيير يعبر عن حقيقة ذاتي. فلقد درست الهندسة المدنية وإن كانت قد أعجبتني هذه الدراسة لاحقًا، فهي لم تكن خياري الأول إنما كان الطبيب الجراح الذي يقوم بالتشريح هدفي الأسبق له.

والآن عندما أفكر بهذا الأمر وأنا في الستين من العمر لا أدرى أكنت نجحت لو أصبحت طبيبًا جراحًا؟ أم كان يتوجب بالأصل أن أدرس لأكون نجارًا فأنا أحب الخشب ومنحوتاته وصنعة الفن فيه، أم كان يجب أن أدرس العلوم السياسية والتنظيمية والفكرية منذ البداية؟ وهي شغفي اللاحق.

ولما سارت الأمور باتجاه الهندسة المدنية وجدت فيها من الزخم العقلاني والتفكير العلمي التجريبي ما جعل من "فكرة التشريح المرتبطة بأمنية أو حلم الطبيب الجراح" في عقلي تستند لقوانين أظنني برعت بها في سياق التغييرالحاصل أو الكامن أي في بطن المسار الأصلي، وبالحقيقة الى جواره.

أي كان المسار الأصلي هو دراسة الهندسة لأصبح مهندسًا، وأنا في الحقيقة أثناء ذلك أقوم بانشاء نافذة خلفية أو مسارًا جانبيًا باتجاه الفكر السياسي والتحليل أو"التشريح" الانساني النفسي، والمنطق والعلوم الاجتماعية بما كثفته من قراءات متعددة وعميقة في هذه الأمور، لأنني شُغلت بالعمل الوطني والعقلي والعمل الجماهيري الطلابي والتنظيمي الثوري فكان هذا المسار الجانبي يتصارع بوضوح مع المسار المهني الهندسي الى أن تغلب عليه.

 فكانت النقلة الأولى أو التغيير الأول في حياتي هي الانتقال من مهندس الى مناضل سياسي.

كانت الأمور شائكة لأن تحقيق التوازن ضمن المرجعية الثابتة، وفي مرحلة الشباب تحتاج لصلابة ومتانة وعمق إيمان لاسيما وتقاتل الأفكار القومية في مواجهة الشيوعية والاسلاموية وكل منها تقدم ميشيل عفلق أو زكي الأرسوزي أوأنطون سعادة أوأكرم الحوراني، أوبالاتجاه المعاكس حسن البنا، أوماركس وأنجلز ولينين كرُسل الحضارة أو التقدم ضمن ألوان مختلفة متحاربة لا تتآلف.

في خضم الدراسة الجامعية كانت تتجاور بين يدي وفي قراءاتي الكثيرة الكتب الدراسية العلمية مع الكتب الفكرية والسياسية مع ذات الدراسة والنضال الطلابي اليومي، بحيث تجد علي شريعتي يناقش محمد عمارة في عقلي، وتجد كارل ماركس في حوار مطول مع سيد قطب، وتجد خالد الحسن في صراع أزمة مع تقي الدين النبهاني لآخذ من صراعهما الأزموي مفاهيم جديدة، وتجد محمد باقر الصدر يتجلى فوق عرش لينين وستالين.

تجد في ذات المسار الجانبي وعبر النافذة الخلفية مجموعة من المفكرين والسياسيين والعلماء يتناقشون(في عقلي) بعيدًا عن كتب الهندسة، فلا صلة لهم بهذا العلم الذي أبدع فيه أجدادنا القدماء ثم ألقوه لاحقًا على قارعة القضايا.

كان من الطبيعي أن أتواصل مع كل معارض الكتاب لأنتقي واشتري وأقرأ بنهم، وكان من الطبيعي أن أحمل كتاب الدولة الاسلامية للخميني الى جانب كتاب معالم بالطريق لسيد قطب ومع كتاب تيارات الفكر الإسلامي لمحمد عمارة، وأيضًا الى جانب مقتطفات من أقوال الرئيس ما وتسي تونغ أو ما سمي الكتاب الاحمر، وفي نفس الحمولة من الكتب أعتقد أنني هضمت أدبيات حركة فتح كلها من تلك الإدارية والجلسات الحركية ال12 وإن كان يشتم فيها رائحة الاشتراكية، كما الحال مع تجارب الشعوب الثورية والقضايا القيمية والاخلاقية الهامة في قواعد المسلكية الثورية بالاتجاهات الخمسة.

عندما كان النقاش في الجامعة يبدأ كانت الأعلام ترفع ما بين الاخضر والاحمر والأسود أي ما بين القوميين والشيوعيين والاسلامويين، وكان الفكر الوسطي المتزن هو ما لربما اكتسبته من متانة المرجعية الدينية والنضالية المستمدة من والدي محمود علي أبوبكر ابن حيفا المناضل الشرس رحمه الله، ولاحقًا من سيل التجارب والقراءات التي كات مرجعيتها بلا شك هي الدينية الممزوجة بالوطنية.

ما حصل هنا هو أن التغيير كان كامنًا، ولربما هو الحقيقة الأصيلة حينها المختفية تحت السطح، وكان هذا التغيير يسير حثيثًا الى جانب المسار الأصلي، وما حصل هنا أنني بإرادة مني اخترت النقلة أو الانعطافة بعيدًا عن الهندسة إثر تخرجي، فحققت التغيير الذاتي، مع تحقيقي للاستفادة الكاملة من المسار الأصلي وذاك الجانبي ذو النافذة المفتوحة. وسنواصل.

  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف