الأخبار
ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة خلال أيام(هيئة البث الإسرائيلية): التعديلات المقترحة في رد حماس تشكّل تحدياً لقادة إسرائيلشهداء وجرحى في سلسلة غارات للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المشجع السري "الحاقد"

تاريخ النشر : 2023-07-10
المشجع السري "الحاقد"

بقلم: محمد شحاتة حسين آل عمار الشريف - جمهورية مصر العربية - محافظة أسيوط

يقلده، كلما عرف عنه أي شيء قلده، وكأنه ينافسه.
هكذا كان يفكر فيه كلما فاجأه بأنه يحاول أن يتماهي في كل اهتماماته وهواياته.

وكان همه الشاغل، تُرى هل يفعل ذلك حبا فيه، أم حقدا عليه، أم أنه يرى نفسه أهلا ليكون هو من يهتم بهذه الأمور.
وكالعادة في كل هؤلاء الشخوص، فهم يجيدون استطلاع أخبار الهدف، من كل من حوله، مع محاولة الإبقاء على خيوط مرنة تصل بينهم وبين ضحاياهم.

لكن كان لموسى عدة هوايات لا يمكن أن يهتم لها إلا من بالفعل لديه القدرة الذهنية اللائقة بها. كاهتمامه بالفيزياء والرياضيات والفلك. فحينها كان يسفه من تلك الاهتمامات ولا يرى لها أي فائدة
فما يستطيع فعله يحاول أن يقلده، وما لا يستطعه يحاول أن يدمره.

وفي النهاية فإن مجمل ما يفعله هو محاولة استنساخ الضحية وتدميرها في نفس الوقت. فهو معجب بالسمات حاقد على حاملها.
أما عن بقية الهوايات فكان من السهل تقليدها. أو مغايرتها .
فالمهم أن يحشر أحمد أنفه في كل ما يخص موسى من اهتمامات وقضايا.

فلم يكن لأحمد أي اهتمام بالسياسة وفجأة صار سياسيا، كذا لعبة كرة القدم، وممارسة الكتابة والشعر، وغيرها الكثير مما كان يبدو لموسى جليا أن هناك خطب ما بخصوص أحمد.
وقرر أن ينتبه، نعم فقد عرف أكثر من شخص في حياته لديه هذه الطريقة المميزة في اصطياد شخصيات من حوله، وكأنها شخصيته، ويتماهى معها وكأنها أصيلة فيه، في تحد مبهر وسرعة لا يجيدها إلا ممثل محترف.

وعادة لا يمكن لهذا المسخ أن يقلد إلا من هم حوله، فذاكرته سمعية بصرية، ولا قدرة لديه على اي تخيل أو تصور جيد. فغالبية ضحايا هؤلاء يكونون من أقاربهم وأصحابهم.
" نعم، ممثلون محترفون بلا أي دافع حقيقي سوى الغيرة ريما، إن هذا هو الوصف الملائم لمثل هؤلاء الناس.."
كان موسى قد تأكد أن كل ما يقوم به أحمد هو محاولة لجعل نفسه نسخة منه، وكان ذلك ليسعده كثيرا، أن يكون قدوة لأحدهم، لكن ما لم يجعل لهذه السعادة أن تكون، هي أن أحمد لم يعترف ولو لمرة بفضل موسى عليه، إلا في أمور تافهة، لديه دقة كبيرة في تخيرها ألا تكون مدعاة لأي فخر حقيقي عند موسى.

فالأمر يشبه كمن أصلح سيارة أحدهم المعطلة على طريق مهجور تحت الشمس، من ثم طلب منه منديل فأعطاه إياه فشكره على حسن صنيعه، لقد شكره على المنديل الذي جفف به عرقه، ولم يشكره على إصلاح سيارته.

إن مثل هؤلاء عادة، لديهم شعور بالنقص حاد، وشعور مستمر بالإضطراب، ولديهم نظرة مراقبة لكل من حولهم بشكل مذهل، يستطيعون معه إلتقاط أدق التفاصيل. لقد قرأ موسى صدفة عن هؤلاء في بعض كتب علم النفس. لكن العجيب أنهم كثيرون، كثيرون إلى حد جعله يتفهم أن أحمد ليس هكذا وحده، إنما هو شخص عادي مثله مثل ملايين المصابين بهذا المرض الغريب.
وعادة فإن أمثال هؤلاء قد يقضون فترات طويلة، قد تصل إلى سنين دون أن يكشفهم أحد، فهم حريصون جدا على إخفاء كل أساليبهم إلا مع ضحاياهم، لأن السمة الغالبة على مثل هؤلاء المرضى هي الشجع، الذي عادة ما يصل بهم إلى الشره المباشر، إلى نوع غامض من الغباء.

لكن من لا يعرف هذا النوع فسيسقط في حباله دون أن يعي كيف حدث ذلك، بل ودون أن يعرف أن هناك مؤامرة به لانتحال شخصيته.

إن أهم ما يميز هؤلاء السفلة هو أن لديهم استراتيجية ثابتة لا تتغير. فهو يقوم بتقليد واستنساخ كل ما يمكنه في شخصية الضحية، وفي نفس الوقت يحاول جاهدا صرف الضحية عن أي تميز أو سمة أو فعل لا يمكنه تقليدها واستنساخها. فإذا ما فشل في تقليد ضحيته وتدميرها، لجأ إلى إظهار خيبته وفشله بشكل علني، لكن بشكل عام لا يفتضح من خلاله أن الأمر يخص الضحية، فهو يحاول امتصاص أكبر قدر ممكن من عواطف ومشاعر من حوله وأن يظهر بمظهر المهموم الحزين المغلوب على أمره.. حتى إذا استعاد عافيته عاد أشد شراسة من ذي قبل.
كان موسى يعرف الحل الوحيد لكل هذه المشكلة، الإبتعاد أو المواجهة. ولكل منهما وقته وظروفه.

فالابتعاد يصلح حين يمكننا أن نكون بعيدين حقا عن هؤلاء المسوخ، فحينها سيضطرب المسخ ولا يعرف ما الذي حدث، وسيظل عقله المتكبر يحاول إيجاد أسباب منطقية لإبتعاد ضحيته، وحينها يجب على الضحية أن يبتعد بطريقة تبدو منطقية قدر الإمكان، لا يظهر فيها أي عداء مع المسخ. حينها يتحول المسخ إلى ضحية أخرى يقتات عليها ويقلدها محاولا أن يملأ الهوة السوداء السحيقة في نفسه المسعورة. أما المواجهة فهي تأتي في المرتبة الثانية بعد الإبتعاد، حيث لا يمكن للضحية أن يبتعد أو يغادر، وحينها يجب عليه مواجهة هذا الصراع المرير مع مسخ مريض، وسيتفاجأ الضحية بكل ما يحمله المسخ من أسلحة متنوعة ضد الضحية، بداية من الإستهزاء مما يقول حتى مبادلة الأدوار وأنه هو الضحية وأن لديه الكثير من الأدلة، وصولا إلى ما يمكن توقعه من أفعال وأقوال مسخ جريح.

ويفضل في المواجهة أن تكون علانية، وفي وسط حضور كان يهم المسخ أن يظهر أمامهم بمظهر البريء الوديع، لأن هؤلاء المسوخ لديهم ميزة غريبة ألا وهي أنهم يحاولون حصار الضحية وقطع علاقته عن بعض من حوله ووصله بآخرين، في حسابات معقدة يكون فيها المسخ هو السيد، ضامنا ولاء من حوله ومساندتهم له في حال ما قرر الضحية الإفلات منه.

إن ما أصاب أحمد من مرض رهيب، لا يمكن وصفه، فهؤلاء المسوخ يعيشون حالة حزن ورهاب عميقين، وعقولهم لا تتوقف عن التفكير إلا من خلال الضحية، الذي هو بطبيعة الحال قد لا يكون في دائرته السمعية والبصرية على الدوام.



 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف