استئناف الأحكام الصادرة عن محاكم الصلح بالنصاب النهائي وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني -تطبيقات قضائية-
بقلم: المستشار أمجد فضل زيدات - جامعة فلسطين التقنية - خضوري
تقديم
لقد حدد قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001 وتعديلاته إطارا قانونيا ومرجعا يرتبط بقواعد استئناف الأحكام ، حيث أن الأصل العام هو قابلية الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى للطعن بالإستئناف أي بسلوك طرق الطعن العادية ، بحيث تكون الأحكام الصادرة بصورة نهائية عن محاكم الصلح قابلة الاستئناف أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية وتكون الأحكام الصادرة عن محكمة البداية قابلة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف، وبشأن الاستثناءات الواردة في النصوص ( 202 و203 و204) من ذات القانون أجابت على ذلك عدة قرارات للمحاكم الفلسطينية بالخصوص حيث جاء في قرار محكمة النقض قولها (بإنزال أحكام القانون ترى هذه المحكمة أنه لما كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز الألف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا ً، فإن الحكم الصادر وفقا ً لصريح المادة 39/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية النافذ والتي اعتبرت الحكم نهائيا ً لا يجوز استئنافه إلا في الأحوال التي نصت عليها المواد (202)، (203 و(204) من نفس القانون المذكور والتي تتحصل في أنه إذا كان هذا الحكم صادرا ً في المواد المستعجلة أو بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو إذا شابه بطلان بعيب ذاتي فيه أو لعيب في الإجراءات أثر فيه أو إذا كان صادرا ً على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي فيه، إذا اتحدا في الخصوم والسبب والموضوع.) ولكن يثور التساءل ببحث مدى خضوع هذه الأحكام لذات المواعيد المنصوص عليها في القانون كأصل عام (أولا) ومن ثم ما مدى إمكانية الطعن بها بالنقض مباشرة ( ثانيا) .
أولا:- مواعيد الاستئناف للأحكام الصادرة عن محاكم الصلح بالنصاب النهائي
لقد حددت المادة (205) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية مواعيد الطعن بالاستئناف للأحكام بشكل قاطع حيث نصت (...يكون ميعاد الطعن بالاستئناف ثلاثين يوماً ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ويكون ميعاد الاستئناف في المواد المستعجلة خمسة عشرة يوماً.) وهنا لا بد من الإشارة الى أن خضوع الأحكام الصلحية تخضع لقواعد الاستئناف العامة التي حددتها الفقرة (1) من المادة ( 201) حيث نصت على (...تستأنف الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم الصلح إلى محكمة البداية الواقعة في دائرتها بصفتها الاستئنافية.) وبالتالي فان مواعيد استئناف الأحكام الصلحية الصادرة بالنصاب النهائي متى تحققت أسباب جواز خضوعها للاستئناف بموجب أحكام المواد (202و203و204) تسري عليها أحكام مواعيد الاستئناف وفقا لنص المادة(205) بحيث تكون الأحكام الصادرة بالنصاب النهائي قابلة للاستئناف خلال 30يوما وفي المواد المستعجلة خلال 15 يوما، وذلك لعدم وجود نص في القانون يخالف ذلك (أي بمعنى عدم وجود نص خاص يقيد الأصل العام ) وهذا على عكس ما هو عليه الواقع التشريعي في التشريع الأردني حيث اخرج قانون محاكم الصلح الأردني رقم (23) لسنة 2017 في المادة (8) حيث حددت المدة التي يكون الحكم الصلحي صالحا للاستئناف به خلال عشر أيام إذا كان وجاهيا أو وجاهيا اعتباريا، وكذلك الأمر في استئناف القرارات التي تصدر عن قاضي الأمور المستعجلة، وبهذا النص يقيد أحكام مواعيد الاستئناف في الأحكام المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24/ 1988 وتعديلاته في الفقرة (1) من المادة (178) منه، التي حددت مواعيد الطعن بالاستئناف ب(ثلاثون يوما) ما لم ينص القانون على مواعيد أخرى.
وبرأينا فإن الواقع التشريعي الفلسطيني اوجد نصوصا قانونية يتحدد بها الخروج عن الأصل العام بعدم قابلية أحكام محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي للاستئناف إلا في الأحوال المبينة بالقانون، ولم يحدد نصوصا خاصة لمواعيد تقديم الطعون لهذه الأحكام الأمر الذي يكون معه سكوت المشرع إعمالا للأصل العام في القانون بخضوعها للمواعيد التي نصت عليها المادة ( 205) من قانون الأصول المدنية، كما أننا نجد أن حكم النص القانوني بالتراتب جاء بعد تقرير التشريع لجواز استئناف الأحكام الصلحية الصادرة بالنصاب النهائي فلو اتجهت نية المشرع تقرير مواعيد قانونية أخرى لفعل في نص القانون، ودون ذلك فإننا لا نجد ما يقطع بالنص أنها تخضع لمدد غير التي حددها القانون.
ثانياً:- الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محكمة الصلح بالنصاب النهائي
لما كان الأصل وفق المُحدد قانوناً بموجب أحكام نص المادة (203) أنه يجوز استئناف الأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي إذا ما كانت تلك الأحكام صادرة بمقتضى يخالف قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وفقا لمنطوق النص، وبدلالة المادة ( 226) لا سيما الفقرة (1) من ذات المادة التي أجازت بسلوك طرق الطعن غير العادية بالنقض بالأحكام إذا ما طال الحكم بطلان أو بطلان في الإجراءات نالت من الحكم وأثرت به ، وأرى أن مبتغى المشرع هنا هو تحقيق النصفة والعدالة للمتقاضين حتى لا تكون أحكام القضاء في النصاب النهائي الصادرة عن محكمة الصلح سيفا مسلطا على المتخاصمين الذين تنال الأحكام من حقوقهم حتى لو كانت في حدود النصاب النهائي التي وفقا للأصل العام انه متى كانت الإجراءات متوافقة والأصول القانونية لا تقبل الطعن بأي طريقة من طرق وتكون نهائية، وبذات الوقت اعتبر المشرع أن بطلان الإجراءات ومخالفة قواعد الاختصاص وبطلان الحكم وفقا لأوجه البطلان تعتبر مسوغا قانونيا للطعن فيها بداية بالاستئناف ومن ثم بالنقض أي بمعنى أن تراتب النصوص التشريعة بخصوص هذه المسألة يستفاد منها وبشكل قاطع أنه لا يجوز الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي قبل الولوج للطعن فيها بالاستئناف أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية حيث أن توفر عناصر خضوع الحكم الصادر بالنصاب النهائي عن محكمة الصلح للاستئناف هو مسوغ قانوني يزيل المانع القانوني لقابليته للاستئناف وقد أنبأت عن ذلك محكمة النقض بحكمها (... تقرر المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق لمحكمة البداية بصفتها الاستئنافية لبحث السببين الأول والثاني من أسباب الاستئناف، ومن ثم اتخاذ المقتضى القانوني....) معللة الحكم بالاسباب التالية (....قد أسس على ما يصلح سببا ً للطعن بالاستئناف استثناء ً وفق نص المادة 203 المذكورة ذلك أن البطلان هو مخالفة العمل القانوني لنموذجه الذي نص عليه، مخالفة تؤدي إلى عدم إنتاج الآثار التي يرتبها عليه القانون ومن أمثلة الأحكام المبنية على إجراءات باطلة، بطلان تبليغ المدعى عليه (المستأنف) الذي تقرر إجراء محاكمته حضوريا ً اعتباريا ً، إذ أن أمرا ً كهذا فيما إذا كان قد وقع يرتب عدم انعقاد الخصومة بين طرفيها، ذلك أن الخصومة تنعقد من تاريخ تبليغ المدعى عليه لائحة الدعوى وفق صريح نص المادة 55/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.وعليه ولما كان الأمر كذلك فإن الحكم المطعون فيه قد جاء معتلا ً مستوجبا ً النقض...).
ومن واقع تعاطي المحاكم الفلسطينية في بعض القضايا المعروضة عليها بشأن كيفية الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي نجد ما يؤسس لرأينا بعدم إمكانية الطعن بالنقض مباشرة دون الولوج للطعن بهذه الأحكام أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية، حيث جاء في قرار محكمة النقض بعد قبوله شكلا أي انه مقدم ضمن المدة القانونية (...للطعن بالحكم الصادر عن محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية في الاستئناف المدني رقم 490/2015 بتاريخ 19/04/2016 والقاضي بالحكم برد الاستئناف موضوعا ً وتصديق الحكم المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومائة دينار أردنيا ً أتعاب محاماة لوكيل المستأنف ضده...) وكذلك الأمر في حكم محكمة النقض للطعن بالنقض في (...نقض الحكم الصادر عن محكمة بداية الخليل بصفتها الاستئنافية بتاريخ 15/04/2019 في الاستئناف المدني رقم 107/2019 القاضي برد الاستئناف شكلا ً .)
الاستنتاج:-
بحدود علمي واطلاعي لم أجد ما يؤسس لقبول الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي مباشرة دون إخضاع الحكم للاستئناف بها أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية، وارى أن ذلك يتوافق مع المنطق القانوني الذي اوجبته نص المادة (203) الفقرة الثانية التي أزالت المانع القانوني بإخضاع أحكام هذه المحاكم للاستئناف بها استثناءا إذا ما توفرت أسباب خضوعها للاستئناف وعليه فمن باب أولى أن تمر هذه الأحكام لمحاكم البداية بصفتها الاستئنافية ومن ثم تكون قابلة للطعن فيها بالنقض إذا لم تعالج محكمة الدرجة الثانية الأسباب القانونية التي تستوجب استئنافها.
بقلم: المستشار أمجد فضل زيدات - جامعة فلسطين التقنية - خضوري
تقديم
لقد حدد قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني رقم (2) لسنة 2001 وتعديلاته إطارا قانونيا ومرجعا يرتبط بقواعد استئناف الأحكام ، حيث أن الأصل العام هو قابلية الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى للطعن بالإستئناف أي بسلوك طرق الطعن العادية ، بحيث تكون الأحكام الصادرة بصورة نهائية عن محاكم الصلح قابلة الاستئناف أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية وتكون الأحكام الصادرة عن محكمة البداية قابلة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف، وبشأن الاستثناءات الواردة في النصوص ( 202 و203 و204) من ذات القانون أجابت على ذلك عدة قرارات للمحاكم الفلسطينية بالخصوص حيث جاء في قرار محكمة النقض قولها (بإنزال أحكام القانون ترى هذه المحكمة أنه لما كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز الألف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا ً، فإن الحكم الصادر وفقا ً لصريح المادة 39/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية النافذ والتي اعتبرت الحكم نهائيا ً لا يجوز استئنافه إلا في الأحوال التي نصت عليها المواد (202)، (203 و(204) من نفس القانون المذكور والتي تتحصل في أنه إذا كان هذا الحكم صادرا ً في المواد المستعجلة أو بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو إذا شابه بطلان بعيب ذاتي فيه أو لعيب في الإجراءات أثر فيه أو إذا كان صادرا ً على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي فيه، إذا اتحدا في الخصوم والسبب والموضوع.) ولكن يثور التساءل ببحث مدى خضوع هذه الأحكام لذات المواعيد المنصوص عليها في القانون كأصل عام (أولا) ومن ثم ما مدى إمكانية الطعن بها بالنقض مباشرة ( ثانيا) .
أولا:- مواعيد الاستئناف للأحكام الصادرة عن محاكم الصلح بالنصاب النهائي
لقد حددت المادة (205) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية مواعيد الطعن بالاستئناف للأحكام بشكل قاطع حيث نصت (...يكون ميعاد الطعن بالاستئناف ثلاثين يوماً ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ويكون ميعاد الاستئناف في المواد المستعجلة خمسة عشرة يوماً.) وهنا لا بد من الإشارة الى أن خضوع الأحكام الصلحية تخضع لقواعد الاستئناف العامة التي حددتها الفقرة (1) من المادة ( 201) حيث نصت على (...تستأنف الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم الصلح إلى محكمة البداية الواقعة في دائرتها بصفتها الاستئنافية.) وبالتالي فان مواعيد استئناف الأحكام الصلحية الصادرة بالنصاب النهائي متى تحققت أسباب جواز خضوعها للاستئناف بموجب أحكام المواد (202و203و204) تسري عليها أحكام مواعيد الاستئناف وفقا لنص المادة(205) بحيث تكون الأحكام الصادرة بالنصاب النهائي قابلة للاستئناف خلال 30يوما وفي المواد المستعجلة خلال 15 يوما، وذلك لعدم وجود نص في القانون يخالف ذلك (أي بمعنى عدم وجود نص خاص يقيد الأصل العام ) وهذا على عكس ما هو عليه الواقع التشريعي في التشريع الأردني حيث اخرج قانون محاكم الصلح الأردني رقم (23) لسنة 2017 في المادة (8) حيث حددت المدة التي يكون الحكم الصلحي صالحا للاستئناف به خلال عشر أيام إذا كان وجاهيا أو وجاهيا اعتباريا، وكذلك الأمر في استئناف القرارات التي تصدر عن قاضي الأمور المستعجلة، وبهذا النص يقيد أحكام مواعيد الاستئناف في الأحكام المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24/ 1988 وتعديلاته في الفقرة (1) من المادة (178) منه، التي حددت مواعيد الطعن بالاستئناف ب(ثلاثون يوما) ما لم ينص القانون على مواعيد أخرى.
وبرأينا فإن الواقع التشريعي الفلسطيني اوجد نصوصا قانونية يتحدد بها الخروج عن الأصل العام بعدم قابلية أحكام محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي للاستئناف إلا في الأحوال المبينة بالقانون، ولم يحدد نصوصا خاصة لمواعيد تقديم الطعون لهذه الأحكام الأمر الذي يكون معه سكوت المشرع إعمالا للأصل العام في القانون بخضوعها للمواعيد التي نصت عليها المادة ( 205) من قانون الأصول المدنية، كما أننا نجد أن حكم النص القانوني بالتراتب جاء بعد تقرير التشريع لجواز استئناف الأحكام الصلحية الصادرة بالنصاب النهائي فلو اتجهت نية المشرع تقرير مواعيد قانونية أخرى لفعل في نص القانون، ودون ذلك فإننا لا نجد ما يقطع بالنص أنها تخضع لمدد غير التي حددها القانون.
ثانياً:- الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محكمة الصلح بالنصاب النهائي
لما كان الأصل وفق المُحدد قانوناً بموجب أحكام نص المادة (203) أنه يجوز استئناف الأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي إذا ما كانت تلك الأحكام صادرة بمقتضى يخالف قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وفقا لمنطوق النص، وبدلالة المادة ( 226) لا سيما الفقرة (1) من ذات المادة التي أجازت بسلوك طرق الطعن غير العادية بالنقض بالأحكام إذا ما طال الحكم بطلان أو بطلان في الإجراءات نالت من الحكم وأثرت به ، وأرى أن مبتغى المشرع هنا هو تحقيق النصفة والعدالة للمتقاضين حتى لا تكون أحكام القضاء في النصاب النهائي الصادرة عن محكمة الصلح سيفا مسلطا على المتخاصمين الذين تنال الأحكام من حقوقهم حتى لو كانت في حدود النصاب النهائي التي وفقا للأصل العام انه متى كانت الإجراءات متوافقة والأصول القانونية لا تقبل الطعن بأي طريقة من طرق وتكون نهائية، وبذات الوقت اعتبر المشرع أن بطلان الإجراءات ومخالفة قواعد الاختصاص وبطلان الحكم وفقا لأوجه البطلان تعتبر مسوغا قانونيا للطعن فيها بداية بالاستئناف ومن ثم بالنقض أي بمعنى أن تراتب النصوص التشريعة بخصوص هذه المسألة يستفاد منها وبشكل قاطع أنه لا يجوز الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي قبل الولوج للطعن فيها بالاستئناف أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية حيث أن توفر عناصر خضوع الحكم الصادر بالنصاب النهائي عن محكمة الصلح للاستئناف هو مسوغ قانوني يزيل المانع القانوني لقابليته للاستئناف وقد أنبأت عن ذلك محكمة النقض بحكمها (... تقرر المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق لمحكمة البداية بصفتها الاستئنافية لبحث السببين الأول والثاني من أسباب الاستئناف، ومن ثم اتخاذ المقتضى القانوني....) معللة الحكم بالاسباب التالية (....قد أسس على ما يصلح سببا ً للطعن بالاستئناف استثناء ً وفق نص المادة 203 المذكورة ذلك أن البطلان هو مخالفة العمل القانوني لنموذجه الذي نص عليه، مخالفة تؤدي إلى عدم إنتاج الآثار التي يرتبها عليه القانون ومن أمثلة الأحكام المبنية على إجراءات باطلة، بطلان تبليغ المدعى عليه (المستأنف) الذي تقرر إجراء محاكمته حضوريا ً اعتباريا ً، إذ أن أمرا ً كهذا فيما إذا كان قد وقع يرتب عدم انعقاد الخصومة بين طرفيها، ذلك أن الخصومة تنعقد من تاريخ تبليغ المدعى عليه لائحة الدعوى وفق صريح نص المادة 55/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.وعليه ولما كان الأمر كذلك فإن الحكم المطعون فيه قد جاء معتلا ً مستوجبا ً النقض...).
ومن واقع تعاطي المحاكم الفلسطينية في بعض القضايا المعروضة عليها بشأن كيفية الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي نجد ما يؤسس لرأينا بعدم إمكانية الطعن بالنقض مباشرة دون الولوج للطعن بهذه الأحكام أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية، حيث جاء في قرار محكمة النقض بعد قبوله شكلا أي انه مقدم ضمن المدة القانونية (...للطعن بالحكم الصادر عن محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية في الاستئناف المدني رقم 490/2015 بتاريخ 19/04/2016 والقاضي بالحكم برد الاستئناف موضوعا ً وتصديق الحكم المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومائة دينار أردنيا ً أتعاب محاماة لوكيل المستأنف ضده...) وكذلك الأمر في حكم محكمة النقض للطعن بالنقض في (...نقض الحكم الصادر عن محكمة بداية الخليل بصفتها الاستئنافية بتاريخ 15/04/2019 في الاستئناف المدني رقم 107/2019 القاضي برد الاستئناف شكلا ً .)
الاستنتاج:-
بحدود علمي واطلاعي لم أجد ما يؤسس لقبول الطعن بالنقض بالأحكام الصادرة عن محاكم الصلح الصادرة بالنصاب النهائي مباشرة دون إخضاع الحكم للاستئناف بها أمام محكمة البداية بصفتها الاستئنافية، وارى أن ذلك يتوافق مع المنطق القانوني الذي اوجبته نص المادة (203) الفقرة الثانية التي أزالت المانع القانوني بإخضاع أحكام هذه المحاكم للاستئناف بها استثناءا إذا ما توفرت أسباب خضوعها للاستئناف وعليه فمن باب أولى أن تمر هذه الأحكام لمحاكم البداية بصفتها الاستئنافية ومن ثم تكون قابلة للطعن فيها بالنقض إذا لم تعالج محكمة الدرجة الثانية الأسباب القانونية التي تستوجب استئنافها.