
نحو استغلال غاز مارين.. هل سيتغير حال الغزيين؟
بقلم: الكاتب والباحث في الشأن السياسي طه خالد منصور
غاز "غزة مارين"، أحد المشاريع الدفينة التي لم ترى النور بعد مرور أكثر من 20 سنة على اكتشافها، ان ذاك ظن الفلسطينيون أنهم أمام فرصة ذهبية للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب بسبب الاحتلال الذي يسيطر على الاقتصاد الفلسطيني، لكن الأحلام تبخرت واختلج الإحباط واليأس نفوس الفلسطينيين بعد تماطل في استغلال الحقل، لكن ومع عودة المفاوضات حول إمكانية استغلال حقل غزة مارين الذي يقع على بعد لا يزيد عن 23 ميلا بحريا من قطاع غزة عاد الأمل من جديد في الاستفادة من هذا المورد الطبيعي الذي لا يزال حبيس الأرض ممنوعا من رؤية النور، بقرار من الاحتلال الإسرائيلي، رغم وجود اتفاقية تعطي الفلسطينيين حق الانتفاع منه حيث حالت السياسات والتدخلات الإسرائيلية، من قيام دولة فلسطين باستخراج الغاز من باطن الحقل والاستفادة من موارده، وهو ما يشير إلى سعي الاحتلال نحو تبعية فلسطين لها في مجال الطاقة وعدم استقلالها.
تفاؤل حذر من الفلسطينيين إزاء المفاوضات التي بدأت بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" التي لم تكن بجديدة فخلال السنوات القليلة الماضية جمعت طاولة المفاوضات الأطراف المذكورة سابقا لكن قرارات تلك المفاوضات لم تنفد ولم تأت بجديد، تلك المفاوضات التي لعبت مصر فيها دورا رئيسيا في التوسط في اتفاقات نحو إيجاد مخرج لحل أزمة حقول الغاز في غزة، يأتي ذلك بالتزامن مع تغير توجهات دولة الاحتلال، وتفكيرها في إمكانية السماح ببيع غاز القطاع المحاصر لأسباب مختلفة.
ورغم ذلك، ظل الاحتلال الإسرائيلي عائقًا أمام تطوير حقل غزة مارين بذرائع أمنية، فمع تصاعد أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000، رفض رئيس وزراء "إسرائيل"، أرئيل شارون -حينذاك- شراء غاز حقل "غزة مارين"، ثم حدثت تدخلات أميركية، ولكنها في نهاية الأمر آلت بالفشل بحجّة إسرائيلية، مفادها: منع تمويل الإرهاب.
من جهتها، أجرت حركة حماس عدة محاولات للوصول إلى حقول الغاز البحري واستخراجه، وذلك فور وصولها لحكم قطاع غزة لكن بإمكانيات متواضعة وبخبرات محلية، لكن تلك المحاولات جميعها باءت بالفشل بسبب عدم مقدرة الحركة على تطوير آلياتها ومعداتها جراء الحصار الإسرائيلي والذي يمنعها من استيراد ما قد تحتاجه في هذا المجال.
بين كل هذه المحاولات ينتظر الفلسطينيون الفرج ببداية استغلال هذا الحقل الذي ينظر إليه على أنه فرصة ذهبية أمام السلطة الفلسطينية التي تعاني شحا في السيولة المالية للانضمام إلى المستفيدين من طفرة الغاز في البحر المتوسط، وهو ما يوفر لها مصدرا رئيسيا للدخل لتقليص اعتمادها على المساعدات الأجنبية.
غاز غزة وما يمثله من كنز دفين للقطاع المحاصر والذي يفتقد أياً من الموارد، يعد طوق النجاة والحلقة الأولى من حلقات الانفكاك الاقتصادي المنشود عن الاحتلال. فحقل غزة (مارين) يحتوي على ترليون قدم مكعب، بحجم إنتاج يقدر بحوالي 1.6 مليار متر مكعب سنويًا (حوالي 57 مليار قدم مكعب). فيما وُصِفَ هذا الغاز بأنه نقي، مما يسهل بيعه، وقريب من الشاطئ، ما يسهل عملية استخراجه بأقل التكاليف كما أنه يمثل أولى الخطوات نحو استقلال الطاقة الفلسطينية والاستغناء عن الإنفاق على الكهرباء والوقود المنزلي الذي يستوردونه من دولة الاحتلال، فالكمية المتوقعة تكفي لتلبية احتياجاتهم لمدة 15 سنة، مع وجود إمكانية لتصدير فائض الغاز، والاستفادة من العائدات المادية لذلك.
وحسبما أفاد صندوق الاستثمار الفلسطيني في تقرير له أن ما يمكن الاستفادة منه من غاز غزة سيوفر الحقل أكثر من 560 مليون دولار سنويًا في فاتورة الطاقة للسلطة الفلسطينية، وعائدات مباشرة تقارب 2.5 مليار دولار (ما يعادل 45% من موازنة السلطة السنوية) على مدى عمر المشروع الذي يصل إلى 20 عامًا للحقل، إلى جانب توقع فرص استثمار ضخمة في قطاع الطاقة لشركات توليد الطاقة المستقلة.
أرقام ضخمة تعطيها التقارير الأولية عن الحقل الغازي لكن لا يمكن إنكار أن العديد من الغزيين متشائمين حيال هذا المشروع لعدة اعتبارات قد يكون إحداها حالة التعود الذي سيطرت على نفوس الغزيين والذين لا يثقون في سياسة الاحتلال تجاه الاتفاق المزعم ابرامه ومنهم من يرى أن عائدات هذا الحقل ستتحول إلى غايات أخرى وليس التنمية والنهوض بالقطاع وبين سبب وأخر ضاعت أحلام الغزيين في الخروج من مستنقع الفقر والمعاناة الذي يعيشون فيه منذ سنوات طويلة.
رغم ذلك تبقى أمال بعض الغزيين معلقة إلى أجل غير معلوم للحصول على حقهم في غاز وجد على أرضهم وهم أولى به، فمن المفترض أن يحقق استغلال حقول غاز غزة نهضة حقيقية في كافة مناحي الحياة في الأراضي الفلسطينية وخصوصاً في قطاع غزة؛ من خلال تحقيق عوائد مالية ضخمة تسهم في حلّ الأزمات المالية والاقتصادية لكن ذلك لم يحدث لحد الآن ومعاناة الغزيين لا تزال مستمرة.
بقلم: الكاتب والباحث في الشأن السياسي طه خالد منصور
غاز "غزة مارين"، أحد المشاريع الدفينة التي لم ترى النور بعد مرور أكثر من 20 سنة على اكتشافها، ان ذاك ظن الفلسطينيون أنهم أمام فرصة ذهبية للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب بسبب الاحتلال الذي يسيطر على الاقتصاد الفلسطيني، لكن الأحلام تبخرت واختلج الإحباط واليأس نفوس الفلسطينيين بعد تماطل في استغلال الحقل، لكن ومع عودة المفاوضات حول إمكانية استغلال حقل غزة مارين الذي يقع على بعد لا يزيد عن 23 ميلا بحريا من قطاع غزة عاد الأمل من جديد في الاستفادة من هذا المورد الطبيعي الذي لا يزال حبيس الأرض ممنوعا من رؤية النور، بقرار من الاحتلال الإسرائيلي، رغم وجود اتفاقية تعطي الفلسطينيين حق الانتفاع منه حيث حالت السياسات والتدخلات الإسرائيلية، من قيام دولة فلسطين باستخراج الغاز من باطن الحقل والاستفادة من موارده، وهو ما يشير إلى سعي الاحتلال نحو تبعية فلسطين لها في مجال الطاقة وعدم استقلالها.
تفاؤل حذر من الفلسطينيين إزاء المفاوضات التي بدأت بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" التي لم تكن بجديدة فخلال السنوات القليلة الماضية جمعت طاولة المفاوضات الأطراف المذكورة سابقا لكن قرارات تلك المفاوضات لم تنفد ولم تأت بجديد، تلك المفاوضات التي لعبت مصر فيها دورا رئيسيا في التوسط في اتفاقات نحو إيجاد مخرج لحل أزمة حقول الغاز في غزة، يأتي ذلك بالتزامن مع تغير توجهات دولة الاحتلال، وتفكيرها في إمكانية السماح ببيع غاز القطاع المحاصر لأسباب مختلفة.
ورغم ذلك، ظل الاحتلال الإسرائيلي عائقًا أمام تطوير حقل غزة مارين بذرائع أمنية، فمع تصاعد أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000، رفض رئيس وزراء "إسرائيل"، أرئيل شارون -حينذاك- شراء غاز حقل "غزة مارين"، ثم حدثت تدخلات أميركية، ولكنها في نهاية الأمر آلت بالفشل بحجّة إسرائيلية، مفادها: منع تمويل الإرهاب.
من جهتها، أجرت حركة حماس عدة محاولات للوصول إلى حقول الغاز البحري واستخراجه، وذلك فور وصولها لحكم قطاع غزة لكن بإمكانيات متواضعة وبخبرات محلية، لكن تلك المحاولات جميعها باءت بالفشل بسبب عدم مقدرة الحركة على تطوير آلياتها ومعداتها جراء الحصار الإسرائيلي والذي يمنعها من استيراد ما قد تحتاجه في هذا المجال.
بين كل هذه المحاولات ينتظر الفلسطينيون الفرج ببداية استغلال هذا الحقل الذي ينظر إليه على أنه فرصة ذهبية أمام السلطة الفلسطينية التي تعاني شحا في السيولة المالية للانضمام إلى المستفيدين من طفرة الغاز في البحر المتوسط، وهو ما يوفر لها مصدرا رئيسيا للدخل لتقليص اعتمادها على المساعدات الأجنبية.
غاز غزة وما يمثله من كنز دفين للقطاع المحاصر والذي يفتقد أياً من الموارد، يعد طوق النجاة والحلقة الأولى من حلقات الانفكاك الاقتصادي المنشود عن الاحتلال. فحقل غزة (مارين) يحتوي على ترليون قدم مكعب، بحجم إنتاج يقدر بحوالي 1.6 مليار متر مكعب سنويًا (حوالي 57 مليار قدم مكعب). فيما وُصِفَ هذا الغاز بأنه نقي، مما يسهل بيعه، وقريب من الشاطئ، ما يسهل عملية استخراجه بأقل التكاليف كما أنه يمثل أولى الخطوات نحو استقلال الطاقة الفلسطينية والاستغناء عن الإنفاق على الكهرباء والوقود المنزلي الذي يستوردونه من دولة الاحتلال، فالكمية المتوقعة تكفي لتلبية احتياجاتهم لمدة 15 سنة، مع وجود إمكانية لتصدير فائض الغاز، والاستفادة من العائدات المادية لذلك.
وحسبما أفاد صندوق الاستثمار الفلسطيني في تقرير له أن ما يمكن الاستفادة منه من غاز غزة سيوفر الحقل أكثر من 560 مليون دولار سنويًا في فاتورة الطاقة للسلطة الفلسطينية، وعائدات مباشرة تقارب 2.5 مليار دولار (ما يعادل 45% من موازنة السلطة السنوية) على مدى عمر المشروع الذي يصل إلى 20 عامًا للحقل، إلى جانب توقع فرص استثمار ضخمة في قطاع الطاقة لشركات توليد الطاقة المستقلة.
أرقام ضخمة تعطيها التقارير الأولية عن الحقل الغازي لكن لا يمكن إنكار أن العديد من الغزيين متشائمين حيال هذا المشروع لعدة اعتبارات قد يكون إحداها حالة التعود الذي سيطرت على نفوس الغزيين والذين لا يثقون في سياسة الاحتلال تجاه الاتفاق المزعم ابرامه ومنهم من يرى أن عائدات هذا الحقل ستتحول إلى غايات أخرى وليس التنمية والنهوض بالقطاع وبين سبب وأخر ضاعت أحلام الغزيين في الخروج من مستنقع الفقر والمعاناة الذي يعيشون فيه منذ سنوات طويلة.
رغم ذلك تبقى أمال بعض الغزيين معلقة إلى أجل غير معلوم للحصول على حقهم في غاز وجد على أرضهم وهم أولى به، فمن المفترض أن يحقق استغلال حقول غاز غزة نهضة حقيقية في كافة مناحي الحياة في الأراضي الفلسطينية وخصوصاً في قطاع غزة؛ من خلال تحقيق عوائد مالية ضخمة تسهم في حلّ الأزمات المالية والاقتصادية لكن ذلك لم يحدث لحد الآن ومعاناة الغزيين لا تزال مستمرة.